السياسي والإعلام (2)
رائد عبد الحسين السوداني
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
رائد عبد الحسين السوداني

بعد خروج تظاهرات يوم 31/8/2013والمطالبة بإلغاء الرواتب التقاعدية للمسؤولين الاتحاديين والمحليين والتي شهدتها أغلب محافظات العراق وبالتحديد بعد الساعة التاسعة من نفس هذا اليوم ومن على قناة البغدادية وعلى لسان المذيع السابق (لقناة العراق الفضائية إبان حكم صدام حسين) صدر شيء خطير للغاية على لسان هذا المذيع الذي تبنى الدعوة وعلى مدى أشهر للخروج احتجاجا على الرواتب هذه ،والحقيقة إن البغدادية كانت القناة الوحيدة التي تابعت التظاهرات في هذا اليوم إذ بثت الأناشيد الحماسية وكأننا أمام عدوان خارجي علينا القيام بصده أو أن الشعب سائر بتصادم مع قوى عدوة فيجب تأجيج المشاعر الحماسية وليس أمام حق دستوري وقانوني مكفول وإن لم يأخذ مداه في عراق ما بعد 2003لكن على أية حال هناك حالة متطورة جدا عما قبل 2003وأيضا حالة متطورة جدا عن باقي البلدان العربية.وهنا لا أريد أن أناقش أحقية المطلب من عدمه فالناس أحرار فيما تطلب ما دام الطلب ضمن القانون والدستور و لا أريد أن أتسائل كما تسائل المرجع الشيخ اليعقوبي عمّن مول وحرك هذه الحملة على الرغم من مشروعيتها كما ذكر في بيانه ،وهو محق فيما ذهب إليه إذ نلاحظ اللافتات والإعلانات الموحدة واللجان التنسيقية الموحدة وهذه كلها بحاجة إلى أموال محركة (وهنا لا أشكك أبداً فيمن خرج من الشباب والمثقفين والكتاب والفنانين ولا أشكك فيمن تفاعل مع الحملة بالكتابة وبالصورة ولا في نواياهم الوطنية الطيبة) ،فمن أين يا ترى جاءت هذه الأموال؟ وأعتقد أن السؤال يحمل من المشروعية نسبة كبيرة إن لم تكن مطلقة لاسيما بعد أن نعرف ما صدر عن أنور الحمداني إذ ذكر أن النائبة عالية نصيف وهي إحدى أبطال برنامجه السياسي (ستوديو التاسعة) قد اتصلت بالبغدادية في التاسعة صباحا في 31/8/2013عارضة عليها مقترحا من السيد رئيس الوزراء (نوري المالكي) يفيد أنه مع مطالب المتظاهرين طالبا من البغدادية عرض خبرا عاجلا بهذا الخصوص وبالتالي لا حاجة للتظاهر ،والسؤال هنا إن صح الخبر وأعتقد إنه صحيح لعدم ورود نفي لا من النائبة ولا من رئاسة الوزراء ،لماذا لم يعلن السيد المالكي موقفه من القناة العراقية الرسمية أو من قناته الخاصة (آفاق) فهل للسيد المالكي معلومات بأن البغدادية هي قائدة الحملة هذه وبالتالي توجه إليها مباشرة ،أم أن السيد المالكي يعرف من وراء حملة البغدادية وأراد إيصال الخبر إليهم عبر القناة هذه والتي حولت نفسها من إعلام مهني إلى طرف سياسي في هذه القضية ومن خلال قول الحمداني نفسه عندما قال أن البغدادية رفضت عرض السيد المالكي ،وقد صعدت من مطالبها بالطلب إلى النائبة في إخبار رئيس الوزراء في وجوب الدعوة العاجلة لعقد جلسة لإلغاء الرواتب ،وهذا بحد يعد مطلب سياسي كما ذكرنا أعلاه وكأننا أمام مسؤول حزبي أو سياسي له مطالب ويفاوض عليها وعندما وجد ضعفا من خصمه صعد من سقف مطالبه ،وأنا أدعو وأحذر استناداً على تاريخ البغدادية وما تقدمه من مادة إعلامية في أغلبها مضادة لكل ماأسس بعد 2003وأن سياسيي العهد الجديد وبلا استثناء يتسمون بالفساد وعليه أن تحذيري يكون على الشكل الآتي لو تمت الاستجابة لما عدته هذه القناة أحد أبرز أهدافها(وهذا ما حصل بالفعل) سنشهد تصاعدا في أهداف الحمداني ومن ورائه أو خلفه وصولا إلى أهداف قد تصل إلى إرجاع حقوق قادة حزب البعث من أعضاء القيادة القطرية،بعد أن انتزعت من أغلب سياسيي العهد الجديد ،ومن هنا أدعو أبناء الحزب الشيوعي العراقي المعروف عنهم وطنييتهم ونضالهم الطويل الحذر من أفكار مسمومة تقودها جهات خفية واجهتها البغدادية ،كما أدعو الشباب الناهض أن يكونوا على قد كبير من المسوؤلية وأن يتفحصوا كل دعوة وكل مفردة تصدر من جهات معروفة بتوجهاتها وأهدافها. وهنا لابد من ملاحظة مهمة يجب إيصالها للمهتمين بهذا الشأن وهي أن كل المجتمعات تعطي للمؤسسين حظوة خاصة ومكانة مرموقة وأسبابا للعيش الكريم فكيف إذا كان الوضع في العراق الملتهب والمرتهن لعمليات البعث والمجاميع المسلحة وأن كل من ساهم في خلق العملية السياسية يعد هدف لهذه المجاميع فالكثير قد اغتيلوا فعلى سبيل المثال تم اغتيال عقيلة الهاشمي عضوة مجلس الحكم وعز الدين سليم رئيس المجلس في حينه ،وأيضا الكثير من أعضاء مجالس المحافظات والمجالس المحلية الذين ساهموا بالمحافظة على السلم الاجتماعي بتصديهم للمسؤولية عند بداية التغيير وقد عانوا الأمرّين ،عانوا مرارة التعامل مع الأمريكي لنتزعوا منه الصلاحيات وعانوا مرارة النظرات المستهجنة والمتهمة لهم من المجتمع لتصديهم للمسؤولية ،فهل ياترى يجازيهم المجتمع بوضعهم على قارعة الطريق بعد نهاية مدتهم ويجب ملاحظة قضية مهمة عن المجالس المحلية التي بدأ عملها بعد 9/4/2003وهي مستمرة لحد الآن عدا المجالس المحلية في محافظة واسط التي حلت مجالسه المحلية في 2005وأجريت انتخابات برعاية مجلس المحافظة وهو مستمر لحد الآن أي من ثمان سنوات ،فهل يصح أن نقول لهؤلاء أذهبوا لبيوتكم بارك الله فيكم وهم معرضون للتهديدات ،وأغرب ما سمعت اليوم وهو يدخل ضمن عالم الغرائب للساسة العراقيين ما سمعته من مدير هيئة التقاعد العامة وكالة عندما سألته مذيعة الحرة – عراق عن قرار لجنة الشهرستاني بإلغاء قوانين التقاعد الخاصة والتي عدّها أنور الحمداني الخطوة الأولى على مسار العملية السياسية وهذا ما ذكرناه أعلاه بأن أنور الحمداني ومن ورائه سيصعدون من مطالبهم ،إذ قال مدير الهيئة أن الوزير يستطيع العودة إلى وظيفته السابقة (وهي أقل من وزير بطبيعة الحال) أو يجمع خدمته ويمنح تقاعدا بموجبها والسؤال كيف لوزير أو نائب أو عضو مجلس محافظة أن يعود إلى وظيفته بعد أن تخاصم وحاسب وعاقب وأثاب وعين ونصب وأقال ،فكيف العودة إلى وظيفة سابقة ،والحقيقة أن البغدادية لا تريد إلا عملية اجتثاث لمن تصدى في البدء انتصاراً للبعثيين الذين تتباكى الأصوات عليهم مطالبة بعودة حقوقهم .وهل من المعقول وحسب قرار لجنة الشهرستاني يوم 1/9/2013أن يجتث أعضاء المحكمة الجنائية والتي حاكمت صدام ورموز البعث وأعضاء المفوضية الذين نظموا الانتخابات في أصعب الظروف ،وكما دعوت الشباب الناهض للحذر من المتربصين وأيضا أبناء الحزب الشيوعي والذي بين قادتهم بأنهم من تسيد التظاهرات مدار البحث في أن ينزلقوا في ألاعيب البعث أدعو الحكومة إلى عدم التسرع في اتخاذ مثل هكذا قرارات اجتثاثية لبناة العراق الجدد من ساسة وقضاة ورجال مفوضية وغيرهم وبالتالي الانزلاق نحو انهيار تريده البغدادية ولاشك في ذلك .
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat