صفحة الكاتب : حيدر الحد راوي

تاملات في القران الكريم ح142 سورة يونس الشريفة
حيدر الحد راوي
بسم الله الرحمن الرحيم
 
وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَن تُؤْمِنَ إِلاَّ بِإِذْنِ اللّهِ وَيَجْعَلُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لاَ يَعْقِلُونَ{100}
نستقرأ الاية الكريمة في موضعين : 
1- ( وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَن تُؤْمِنَ إِلاَّ بِإِذْنِ اللّهِ ) : يشير النص المبارك الى انه لا ايمان لنفس الا بأذن الله تعالى , فيجب على كل نفس ان طلبت الايمان ان تطلبه في مواضعه , وتبحث عنه بين اهله , بصدق النية واخلاص العمل , وما يكون من الله تعالى الا الاذن والتوفيق والتسديد .
2- ( وَيَجْعَلُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لاَ يَعْقِلُونَ ) :  هناك قولان في الرجس , وكلاهما ينطبق مع ما اشار اليه النص المبارك : 
أ‌) الرجس = العذاب . "مصحف الخيرة / علي عاشور العاملي , تفسير الجلالين للسيوطي " . 
ب‌) الرجس = الشك . "تفسير البرهان ج3/السيد هاشم الحسيني البحراني ".   
 
قُلِ انظُرُواْ مَاذَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا تُغْنِي الآيَاتُ وَالنُّذُرُ عَن قَوْمٍ لاَّ يُؤْمِنُونَ{101}
نستقرأ الاية الكريمة في موردين : 
1- ( قُلِ انظُرُواْ مَاذَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ ) : النص المبارك يخاطب اهل مكة كما يرى السيوطي في تفسير الجلالين بشكل خاص , لكن الخطاب يعمم الى جميع الناس .
2- ( وَمَا تُغْنِي الآيَاتُ وَالنُّذُرُ عَن قَوْمٍ لاَّ يُؤْمِنُونَ ) :  يشير النص المبارك الى ان ايات الله تعالى ودلائل ربوبيته وبراهين الوهيته وقدرته ونذره ( الرسل والانبياء"ع") لا تنفع قوما لا يؤمنون به جل وعلا . 
 
فَهَلْ يَنتَظِرُونَ إِلاَّ مِثْلَ أَيَّامِ الَّذِينَ خَلَوْاْ مِن قَبْلِهِمْ قُلْ فَانتَظِرُواْ إِنِّي مَعَكُم مِّنَ الْمُنتَظِرِينَ{102}
نستقرأ الاية الكريمة في موقفين : 
1- ( فَهَلْ يَنتَظِرُونَ إِلاَّ مِثْلَ أَيَّامِ الَّذِينَ خَلَوْاْ مِن قَبْلِهِمْ ) : مثل ما وقع بهم من الهلاك والعذاب , وهو جل ما يستحقونه بظلمهم وكفرهم وطغيانهم . 
2- ( قُلْ فَانتَظِرُواْ إِنِّي مَعَكُم مِّنَ الْمُنتَظِرِينَ ) : هناك طرفان : 
أ‌) الطرف الاول : ينتظر حلول الفرج وهم المؤمنون . 
ب‌) الطرف الثاني : ينتظر حلول العذاب وهم الكافرون والمشركون .    
 
ثُمَّ نُنَجِّي رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُواْ كَذَلِكَ حَقّاً عَلَيْنَا نُنجِ الْمُؤْمِنِينَ{103}
نتأمل الاية الكريمة في موردين : 
1- ( ثُمَّ نُنَجِّي رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُواْ ) : يشير النص المبارك الى الطرف الاول اعلاه , فينجيهم الله تعالى ويوافيهم الفرج والنجاة من العذاب .
2- ( كَذَلِكَ حَقّاً عَلَيْنَا نُنجِ الْمُؤْمِنِينَ ) : نستقرأ النص المبارك في موقفين : 
أ‌) كما انجى الله تعالى رسله وانبياءه والمؤمنين من العذاب الذي وقع على اممهم , كذلك سينجي نبيه الكريم محمد (ص واله) ومن امن معه من العذاب الذي سيحل بالمشركين .
ب‌) تضمن النص المبارك وعدا الهيا بنجاة المؤمنين , وذلك يشمل كل زمان ومكان , ولا يقتصر على زمان ومكان محددين .  
 
قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِن كُنتُمْ فِي شَكٍّ مِّن دِينِي فَلاَ أَعْبُدُ الَّذِينَ تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللّهِ وَلَـكِنْ أَعْبُدُ اللّهَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ{104} 
توجه الاية الكريمة النبي الكريم محمد (ص واله) ليخاطب الناس قائلا : 
1- ( قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِن كُنتُمْ فِي شَكٍّ مِّن دِينِي ) : ان كنتم في شك وريب من صحة وسلامة الدين الذي جئتكم به , فأعرضتم عنه , ولم تؤمنوا به .  
2- ( فَلاَ أَعْبُدُ الَّذِينَ تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللّهِ ) : فلا اعبد ما تعبدون من الاصنام وغيرها .
3- ( وَلَـكِنْ أَعْبُدُ اللّهَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ ) : لكني اعبد الله تعالى الخالق لكل شيء , والمقتدر على كل شيء , وخصت ( الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ ) للتهديد . "تفسير الصافي ج2 للفيض الكاشاني" .    
4- ( وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ) : من المصدقين بالتوحيد وكل ما جاء من عند الله تعالى .     
 
وَأَنْ أَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً وَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ{105} 
نطرح رأيين حول الاية الكريمة :  
1- انها تأمر النبي الكريم محمد (ص واله) ان يتوجه بكل جوارحه للاسلام , غير مائلا الى اليهودية او النصرانية وغيرها , والاية الكريمة وان خاطبت النبي الكريم محمد (ص واله) , الا ان المعني بها عموم المسلمين . 
2- أن محكية بصيغة الامر ، والمعنى أمرت بالاستقامة والسداد في الدين بأداء الفرائض والانتهاء عن القبايح . "تفسير الصافي ج2 للفيض الكاشاني , وذهب السيوطي في تفسير الجلالين الى مثلها" .    
 
وَلاَ تَدْعُ مِن دُونِ اللّهِ مَا لاَ يَنفَعُكَ وَلاَ يَضُرُّكَ فَإِن فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذاً مِّنَ الظَّالِمِينَ{106}
تستمر الاية الكريمة في موضوع سابقتها الكريمة , فتخاطب النبي الكريم محمد (ص واله) والمعني بها الناس , ( وَلاَ تَدْعُ مِن دُونِ اللّهِ مَا لاَ يَنفَعُكَ ) , ان عبدته , ( وَلاَ يَضُرُّكَ ) ان خذلته ولم تعبده , ( فَإِن فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذاً مِّنَ الظَّالِمِينَ ) .    
 
وَإِن يَمْسَسْكَ اللّهُ بِضُرٍّ فَلاَ كَاشِفَ لَهُ إِلاَّ هُوَ وَإِن يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلاَ رَآدَّ لِفَضْلِهِ يُصَيبُ بِهِ مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ{107} 
تبين الاية الكريمة (  وَإِن يَمْسَسْكَ اللّهُ بِضُرٍّ ) كالفقر والفاقة , المرض والبلاء وغيرها , (  فَلاَ كَاشِفَ لَهُ إِلاَّ هُوَ ) , لا يدفعه الا الله تعالى , (  وَإِن يُرِدْكَ بِخَيْرٍ ) , كل ما طاب وحلّ , (  فَلاَ رَآدَّ لِفَضْلِهِ ) , لا يمكن لاي احد مهما كانت قوته وجبروته من دفع فضله جل وعلا , (  يُصَيبُ بِهِ مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِه ) , بالخير , (  وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ) ,  يمكننا استقراء النص المبارك في موردين :       
1- أ) الغفور : الذي تكثر منه المغفرة أي يغفر الذنوب و يتجاوز عن العقوبة و اشتقاقه من الغفر و هو الستر و التغطية و سمي المغفر به لستره الرأس . "المقام الاسنى في تفسير الأسماء الحسنى لأبراهيم بن علي الكفعمي ".
ت‌) الرحيم : الرحيم اسم عام بصفة خاصة   . "المقام الاسنى في تفسير الأسماء الحسنى لأبراهيم بن علي الكفعمي ". 
2- يستفاد من النص المبارك ايضا انه يدعو الى عدم اليأس من طلب مغفرته ورحمته جل شأنه . 
 
قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءكُمُ الْحَقُّ مِن رَّبِّكُمْ فَمَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَن ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَمَا أَنَاْ عَلَيْكُم بِوَكِيلٍ{108}
توجه الاية الكريمة الرسول الكريم محمد (ص واله) ان يخاطب الناس عامة واهل مكة خاصة , وتضمنت اربعة مواقف للتأمل : 
1- ( قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءكُمُ الْحَقُّ مِن رَّبِّكُمْ ) : الحق الثابت البين , فلا يمكنكم معه الاعراض عنه وانكاره , فلزم ان تؤمنوا به . 
2- ( فَمَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ ) : يشير النص المبارك الى ان من اختار الهدى , الايمان والطاعة , فأن مرد ذلك عائد اليه بالنفع والخير والثواب . 
3- ( وَمَن ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا ) : يشير النص المبارك الى ان من اختار النقيض من الايمان , فأن مرد ذلك ووباله عليه . 
4- ( وَمَا أَنَاْ عَلَيْكُم بِوَكِيلٍ ) : بحفيظ موكول إلي أمركم ، وحملكم على ما أريد ، إنما أنا بشير ونذير . "تفسير الصافي ج2 للفيض الكاشاني" .        
 
وَاتَّبِعْ مَا يُوحَى إِلَيْكَ وَاصْبِرْ حَتَّىَ يَحْكُمَ اللّهُ وَهُوَ خَيْرُ الْحَاكِمِينَ{109}
تخاطب الاية الكريمة الرسول الكريم محمد (ص واله) , وتتضمن اربعة مواقف للتأمل : 
1- ( وَاتَّبِعْ مَا يُوحَى إِلَيْكَ ) : امتثالا لأوامره جل وعلا وتبليغا لها وتطبيقها .  
2- ( وَاصْبِرْ ) : على اذاهم وتهمهم ودعاويهم ... الخ . 
3- ( حَتَّىَ يَحْكُمَ اللّهُ ) : حتى يحكم الله تعالى لك بالغلبة لك عليهم .  
4- ( وَهُوَ خَيْرُ الْحَاكِمِينَ ) :  الله جل وعلا لا يحكم الا بالحق والعدل .         
وقد صبر حتى حكم على المشركين بالقتال وأهل الكتاب بالجزية . "تفسير الجلالين للسيوطي".

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


حيدر الحد راوي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2013/08/17



كتابة تعليق لموضوع : تاملات في القران الكريم ح142 سورة يونس الشريفة
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net