صفحة الكاتب : علي جابر الفتلاوي

سوريا والدعوات الغريبة
علي جابر الفتلاوي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
الأستقرار في سوريا ، وأنهاء العنف المسلح فيها ، يخدم الاستقرار في دول المنطقة  حتى تلك الدول التي تشعل نار الحرب الداخلية في سوريا ، العربية منها والأجنبية ، والمستفيد الوحيد من العنف في سوريا ، هو أسرائيل فقط ، فهي صاحبة المصلحة في الأقتتال الداخلي في سوريا ، أو في أي دولة من الدول العربية .
سمعنا قبل أيام دعوات غريبة تدعو لتزويد المسلحين في سوريا بالسلاح ، وكأن المسلحين في سوريا يقاتلون ويفجرون ويحتلون مدنا وقرى ويستولون على ممتلكات عامة وهم من غير سلاح ، أو الذي أدخلهم الى سوريا من الدول لم يعطهم سلاحا  والمسلحون في سوريا ليس بالضرورة هم من السوريين ، بل هناك مسلحون داخل سوريا من جنسيات عديدة عربية وأجنبية ، وقد تأكد ذلك من خلال أسر العديد من هؤلاء المقاتلين ، أو العثور على جثثهم ، وتوضحت الصورة أكثر في معركة القصير بعد تحريرها من فلول التكفيريين ،  كما أكد ذلك بعض المسؤولين من دول أجنبية ، أذ صرح بعض المسؤولين القرقيز ، أن الكثير من شبابهم يأتون الى تركيا بحجة الدراسة الدينية ، ومن تركيا يُجنَدون للذهاب الى سوريا للقتال تحت لافتة الجهاد ، وهناك مقاتلون من جنسيات باكستانية وأفغانية وعربية وجنسيات أخرى ، كلهم يجاهدون لتدمير سوريا وقتل المسلمين ، خدمة لأسرائيل وهذا هو الجهاد التكفيري الذي يقوده شيوخ وسلاطين الوهابية ، فأي جهاد لا يخدم المصالح اليهودية في أسرائيل أو خارج أسرائيل لا يعتبر جهادا ، وهذه النتيجة ليست قرارا يتخذ ، بل واقع الفعل هو من يحقق هذه النتيجة .
المال السعودي القطري ، والدعم اللوجستي التركي هما من يحركان الأحداث في سوريا ، ولمحور الشر الثلاثي هذا ، خادم الصهيونية العالمية الدور في عمليات القتل في داخل العراق أيضا ، وقد صرح وزير ألأمن الأسرائيلي بذلك وأعترف به ، أذ قال – أن يدنا ليست بعيدة عن العراق – والكل يعرف مستوى التنسيق بين محور الشر ( تركيا وقطر والسعودية ) وبين أسرائيل .
بعد الأنتصارات التي حققها الجيش السوري على الأرهابيين في القصير وغيرها من المناطق ، بدأنا نسمع دعوات غريبة تحث على تزويد المعارضة المسلحة بالسلاح ، والمراقب وهو يسمع هذه الدعوات يستغرب ، ويتساءل أن المسلحين التكفيريين تحت أي عنوان كانوا ، القاعدة أو جبهة النصرة ، او الجيش السوري الحر ، كلهم  يتحركون بالمال السعودي والقطري والدعم اللوجستي التركي ، ومن ورائهم أمريكا وأسرائيل ، هؤلاء يستلمون سلاحهم أصلا من هذه الجهات الداعمة لهم ، أذن ماذا وراء هذه الدعوات الغريبة ؟
أرى أن هذه الدعوات التي صدرت من أطراف غربية عديدة منها دعوة جون ماكين السنتور الأمريكي ، عندما دعى لتزويد المعارضة المسلحة في سوريا بالسلاح الثقيل  وجاءت دعوته هذه بعد أن زار مواقع المسلحين في سورريا سرّا ، قبل هزيمتهم في القصير ، وهذه هي أخلاق المسؤولين الأمريكان وسلوكياتهم ، يخترقون الأعراف الدولية ، واللياقات الدبلوماسية ، ماكين يدخل سوريا سرّا مخترقا الحدود عبر تركيا  ليزور الأرهابيين في سوريا ، وماكين يعتبر مسؤولا أمريكيا ، وليس مواطنا عاديا حتى يتسلل عبر الحدود سرأ ، بحماية الحكومة التركية والمخابرات الأسرائيلية ، وبحماية الأرهابيين التكفيريين في سوريا ، هذه هي هوية المسؤولين الأمريكان ، تجرد من الأخلاق ، وضرب للقانون الدولي عرض الحائط عندما يتعلق الأمر بمصلحتهم ، ومصلحة أسرائيل ، فيتحول الأرهاب حينئذ الى جهاد وثورة . 
وصدرت أيضا دعوة غريبة من الحكومة البريطانية ، وكذلك دعوة من فرنسا جاءت على لسان سفيرها شوفالييه في مؤتمر ( أصدقاء سوريا ) المنعقد في تركيا ، أذ دعت بريطانيا وفرنسا لتقديم السلاح الى المعارضة السورية ، أما كاترين أشتون النائب الأول لرئيس المفوضية الأوربية ، والممثل السامي للأتحاد الأوربي للشؤون السياسية الخارجية والأمن ،  فقد دعت  لتقديم ألسلاح الى المعارضة في سوريا  لغرض الدفاع عن المدنيين حسب أدعائها ، وكأنّ أشتون لا تعلم أن المتضرر الوحيد من تزويد المعارضة بالسلاح هم المدنيون ،  المعروف أنّ مَن يريد الحفاظ على أرواح المدنيين لا يلجأ الى اعطاء السلاح الى الأرهابيين ، ولا يلجأ الى الحلول العسكرية ، بل الى الحلول السلمية ، ويحجب السلاح عن ألأطراف المتنازعة ، لكن دعوة أشتون دعوة مبطنة بالباطل والانحياز الى معسكر الشر ، الذي يصب في النهاية في مصلحة أسرائيل ، أنّ الميول الصهيونية عند كاترين أشتون وعند  الآخرين من أصحاب الدعوات الغريبة هذه ، هي من يدفع لطلب السلاح الى التكفيريين الأرهابيين ، لكن بما أن هذا الأرهاب نتائجه تخدم أسرائيل ، فهو مرحب به عند أشتون وأمثالها من السياسيين الغربيين الآخرين .
نعود الى أصل السؤال لماذا الدعوة لتزويد المعارضة  بالسلاح في وسائل الأعلام هذه المرة ؟ مع العلم أن تزويدهم بالسلاح هو واقع وحاصل فعلا وواقعا ، أذن وراء هذه الدعوات نوايا سيئة ، وهي تدفع بأتجاه مواقف جديدة للدول الداعمة للمسلحين في سوريا ، بعد التغييرعلى الأرض الذي سجل هزيمة المسلحين على يد الجيش السوري ، والمقاومة الشعبية التي تؤازره ، الأمر الذي دفع البعض من هذه الدول لأصدار مثل هذه الدعوات الغريبة ، التي تتحرك مواقفها بناء على المصلحة الصهيونية التي تريد تصفية محور المقاومة للعدو الصهيوني  .
بسبب الأنتصار الذي حققه الجيش السوري على الأرهابيين المدعومين من سلاطين الجور والظلم العرب ، ومن المعسكر الامريكي الصهيوني ، دفع أسرائيل لشن عدوانها على سوريا  لتخفيف الضغط على المسلحين ، وقد  أقرت جبهة النصرة بذلك ، وكذلك أعترفت أسرائيل بهذه الحقيقة ، الأنتصار للجيش السوري على الأرض ، دفع أعداء سوريا والمقاومة للأدعاء أن الجيش السوري أستخدم غاز السارين السام في القتال ، عسى أن يحصلوا على قرار من مجلس الأمن يخدم المسلحين في سوريا ،  لكن الواقع على الأرض أفشل هذا الأدعاء ، أذ أثبتت الوقائع أن المسلحين هم من أستخدم هذا الغاز السام ، عندما أشار الى هذه الحقائق بعض مراقبي الأمم المتحدة المحايدين ، لكن المعسكر المعادي لسوريا يصّمون آذانهم لهذه الأصوات التي تؤكد أستخدام المسلحين للغاز ، ويريدون رمي التهمة على الجيش السوري ، علما أن الجيش السوري أمسك عبوات غاز السارين عند بعض المسلحين المنهزمين في المعارك الأخيرة ، كذلك الحكومة التركية القت القبض على بعض أفراد جبهة النصرة ، ومعهم كميات من هذا الغاز السام ، كل هذه الدلائل لا يلتفتون اليها ، لأنهم يسيرون على قاعدة ( تريد أسود خذ أسود ، تريد أبيض خذ أسود ) .
أرى أنّ أدعاءاتهم الباطلة بأستخدام سوريا للغاز السام ، جاءت كرد فعل للهزيمة التي تكبدها الأرهابيون التكفيريون ، مما أفقد الأمل في نفوس المعسكر المعادي لجبهة المقاومة ضد أسرائيل ، في تفكيك معسكرالمقاومة ، أو محاولة النيل منها ، الامر الذي دفع أطراف خدام أسرائيل للهوس الأعلامي ، وأصدار دعوات غريبة ، تكون موضع أستهجان واستنكار من الشعوب .
 أولى علامات الأستنكار جاءت من الشعب التركي المسلم الذي خرج في أسطنبول وفي مدن تركية أخرى أحتجاجا على سياسة أردوغان المغرور ، التي أحرجت الشعب التركي بسبب تدخلات  أردوغان اللامشروعة في شؤون الدول الاخرى ، ووقوعه في أحضان الفكر السلفي الوهابي التكفيري المعادي لكل ما هو أنساني ، أرى أن آثارا أخرى ستظهر بسبب هذه التدخلات التي جاءت لخدمة أهداف الصهيونية ، ستظهر في تركيا ، وفي الدول الأخرى الداعمة للفكر التكفيري المتخلف .

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


علي جابر الفتلاوي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2013/06/07



كتابة تعليق لموضوع : سوريا والدعوات الغريبة
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net