الأستقرار في سوريا ، وأنهاء العنف المسلح فيها ، يخدم الاستقرار في دول المنطقة حتى تلك الدول التي تشعل نار الحرب الداخلية في سوريا ، العربية منها والأجنبية ، والمستفيد الوحيد من العنف في سوريا ، هو أسرائيل فقط ، فهي صاحبة المصلحة في الأقتتال الداخلي في سوريا ، أو في أي دولة من الدول العربية .
سمعنا قبل أيام دعوات غريبة تدعو لتزويد المسلحين في سوريا بالسلاح ، وكأن المسلحين في سوريا يقاتلون ويفجرون ويحتلون مدنا وقرى ويستولون على ممتلكات عامة وهم من غير سلاح ، أو الذي أدخلهم الى سوريا من الدول لم يعطهم سلاحا والمسلحون في سوريا ليس بالضرورة هم من السوريين ، بل هناك مسلحون داخل سوريا من جنسيات عديدة عربية وأجنبية ، وقد تأكد ذلك من خلال أسر العديد من هؤلاء المقاتلين ، أو العثور على جثثهم ، وتوضحت الصورة أكثر في معركة القصير بعد تحريرها من فلول التكفيريين ، كما أكد ذلك بعض المسؤولين من دول أجنبية ، أذ صرح بعض المسؤولين القرقيز ، أن الكثير من شبابهم يأتون الى تركيا بحجة الدراسة الدينية ، ومن تركيا يُجنَدون للذهاب الى سوريا للقتال تحت لافتة الجهاد ، وهناك مقاتلون من جنسيات باكستانية وأفغانية وعربية وجنسيات أخرى ، كلهم يجاهدون لتدمير سوريا وقتل المسلمين ، خدمة لأسرائيل وهذا هو الجهاد التكفيري الذي يقوده شيوخ وسلاطين الوهابية ، فأي جهاد لا يخدم المصالح اليهودية في أسرائيل أو خارج أسرائيل لا يعتبر جهادا ، وهذه النتيجة ليست قرارا يتخذ ، بل واقع الفعل هو من يحقق هذه النتيجة .
المال السعودي القطري ، والدعم اللوجستي التركي هما من يحركان الأحداث في سوريا ، ولمحور الشر الثلاثي هذا ، خادم الصهيونية العالمية الدور في عمليات القتل في داخل العراق أيضا ، وقد صرح وزير ألأمن الأسرائيلي بذلك وأعترف به ، أذ قال – أن يدنا ليست بعيدة عن العراق – والكل يعرف مستوى التنسيق بين محور الشر ( تركيا وقطر والسعودية ) وبين أسرائيل .
بعد الأنتصارات التي حققها الجيش السوري على الأرهابيين في القصير وغيرها من المناطق ، بدأنا نسمع دعوات غريبة تحث على تزويد المعارضة المسلحة بالسلاح ، والمراقب وهو يسمع هذه الدعوات يستغرب ، ويتساءل أن المسلحين التكفيريين تحت أي عنوان كانوا ، القاعدة أو جبهة النصرة ، او الجيش السوري الحر ، كلهم يتحركون بالمال السعودي والقطري والدعم اللوجستي التركي ، ومن ورائهم أمريكا وأسرائيل ، هؤلاء يستلمون سلاحهم أصلا من هذه الجهات الداعمة لهم ، أذن ماذا وراء هذه الدعوات الغريبة ؟
أرى أن هذه الدعوات التي صدرت من أطراف غربية عديدة منها دعوة جون ماكين السنتور الأمريكي ، عندما دعى لتزويد المعارضة المسلحة في سوريا بالسلاح الثقيل وجاءت دعوته هذه بعد أن زار مواقع المسلحين في سورريا سرّا ، قبل هزيمتهم في القصير ، وهذه هي أخلاق المسؤولين الأمريكان وسلوكياتهم ، يخترقون الأعراف الدولية ، واللياقات الدبلوماسية ، ماكين يدخل سوريا سرّا مخترقا الحدود عبر تركيا ليزور الأرهابيين في سوريا ، وماكين يعتبر مسؤولا أمريكيا ، وليس مواطنا عاديا حتى يتسلل عبر الحدود سرأ ، بحماية الحكومة التركية والمخابرات الأسرائيلية ، وبحماية الأرهابيين التكفيريين في سوريا ، هذه هي هوية المسؤولين الأمريكان ، تجرد من الأخلاق ، وضرب للقانون الدولي عرض الحائط عندما يتعلق الأمر بمصلحتهم ، ومصلحة أسرائيل ، فيتحول الأرهاب حينئذ الى جهاد وثورة .
وصدرت أيضا دعوة غريبة من الحكومة البريطانية ، وكذلك دعوة من فرنسا جاءت على لسان سفيرها شوفالييه في مؤتمر ( أصدقاء سوريا ) المنعقد في تركيا ، أذ دعت بريطانيا وفرنسا لتقديم السلاح الى المعارضة السورية ، أما كاترين أشتون النائب الأول لرئيس المفوضية الأوربية ، والممثل السامي للأتحاد الأوربي للشؤون السياسية الخارجية والأمن ، فقد دعت لتقديم ألسلاح الى المعارضة في سوريا لغرض الدفاع عن المدنيين حسب أدعائها ، وكأنّ أشتون لا تعلم أن المتضرر الوحيد من تزويد المعارضة بالسلاح هم المدنيون ، المعروف أنّ مَن يريد الحفاظ على أرواح المدنيين لا يلجأ الى اعطاء السلاح الى الأرهابيين ، ولا يلجأ الى الحلول العسكرية ، بل الى الحلول السلمية ، ويحجب السلاح عن ألأطراف المتنازعة ، لكن دعوة أشتون دعوة مبطنة بالباطل والانحياز الى معسكر الشر ، الذي يصب في النهاية في مصلحة أسرائيل ، أنّ الميول الصهيونية عند كاترين أشتون وعند الآخرين من أصحاب الدعوات الغريبة هذه ، هي من يدفع لطلب السلاح الى التكفيريين الأرهابيين ، لكن بما أن هذا الأرهاب نتائجه تخدم أسرائيل ، فهو مرحب به عند أشتون وأمثالها من السياسيين الغربيين الآخرين .
نعود الى أصل السؤال لماذا الدعوة لتزويد المعارضة بالسلاح في وسائل الأعلام هذه المرة ؟ مع العلم أن تزويدهم بالسلاح هو واقع وحاصل فعلا وواقعا ، أذن وراء هذه الدعوات نوايا سيئة ، وهي تدفع بأتجاه مواقف جديدة للدول الداعمة للمسلحين في سوريا ، بعد التغييرعلى الأرض الذي سجل هزيمة المسلحين على يد الجيش السوري ، والمقاومة الشعبية التي تؤازره ، الأمر الذي دفع البعض من هذه الدول لأصدار مثل هذه الدعوات الغريبة ، التي تتحرك مواقفها بناء على المصلحة الصهيونية التي تريد تصفية محور المقاومة للعدو الصهيوني .
بسبب الأنتصار الذي حققه الجيش السوري على الأرهابيين المدعومين من سلاطين الجور والظلم العرب ، ومن المعسكر الامريكي الصهيوني ، دفع أسرائيل لشن عدوانها على سوريا لتخفيف الضغط على المسلحين ، وقد أقرت جبهة النصرة بذلك ، وكذلك أعترفت أسرائيل بهذه الحقيقة ، الأنتصار للجيش السوري على الأرض ، دفع أعداء سوريا والمقاومة للأدعاء أن الجيش السوري أستخدم غاز السارين السام في القتال ، عسى أن يحصلوا على قرار من مجلس الأمن يخدم المسلحين في سوريا ، لكن الواقع على الأرض أفشل هذا الأدعاء ، أذ أثبتت الوقائع أن المسلحين هم من أستخدم هذا الغاز السام ، عندما أشار الى هذه الحقائق بعض مراقبي الأمم المتحدة المحايدين ، لكن المعسكر المعادي لسوريا يصّمون آذانهم لهذه الأصوات التي تؤكد أستخدام المسلحين للغاز ، ويريدون رمي التهمة على الجيش السوري ، علما أن الجيش السوري أمسك عبوات غاز السارين عند بعض المسلحين المنهزمين في المعارك الأخيرة ، كذلك الحكومة التركية القت القبض على بعض أفراد جبهة النصرة ، ومعهم كميات من هذا الغاز السام ، كل هذه الدلائل لا يلتفتون اليها ، لأنهم يسيرون على قاعدة ( تريد أسود خذ أسود ، تريد أبيض خذ أسود ) .
أرى أنّ أدعاءاتهم الباطلة بأستخدام سوريا للغاز السام ، جاءت كرد فعل للهزيمة التي تكبدها الأرهابيون التكفيريون ، مما أفقد الأمل في نفوس المعسكر المعادي لجبهة المقاومة ضد أسرائيل ، في تفكيك معسكرالمقاومة ، أو محاولة النيل منها ، الامر الذي دفع أطراف خدام أسرائيل للهوس الأعلامي ، وأصدار دعوات غريبة ، تكون موضع أستهجان واستنكار من الشعوب .
أولى علامات الأستنكار جاءت من الشعب التركي المسلم الذي خرج في أسطنبول وفي مدن تركية أخرى أحتجاجا على سياسة أردوغان المغرور ، التي أحرجت الشعب التركي بسبب تدخلات أردوغان اللامشروعة في شؤون الدول الاخرى ، ووقوعه في أحضان الفكر السلفي الوهابي التكفيري المعادي لكل ما هو أنساني ، أرى أن آثارا أخرى ستظهر بسبب هذه التدخلات التي جاءت لخدمة أهداف الصهيونية ، ستظهر في تركيا ، وفي الدول الأخرى الداعمة للفكر التكفيري المتخلف .