صفحة الكاتب : ارشد الحلاق

حلبة الثيران مابين الرياضة والفنون المتعددة
ارشد الحلاق

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
 يقول محبّو مصارعة الثيران إنها أشبه برقصة باليه مع الموت، ففي أثناء المواجهة يتعين على المصارع أن يسيطر سيطرة كاملة على كل حركة من حركاته بإيقاعية بالغة الدقة. وإذا أخطأ راقص الباليه على الخشبة فان بإمكانه أن يصحح وان يواصل الرقص. أما في الحلبة فإذا أخطأ المصارع فذلك قد يعني موت نجم الدراما. وينبثق اللون الفني للمصارعة من براعة المصارع في جعل نفسه سيد العلاقة مع الثور بحيث لا يتمكّن الثور من السيطرة.
وسجل فنانون تشكيليون من أمثال الأسباني فرانسيسكو دا غويا مشاهد من مصارعة الثيران في لوحات خالدة. وكذلك فعل الفرنسي ادوارد مانيه والأسباني بابلو بيكاسو. وسجل كتاب روائيون مشاهد من مهرجانات المصارعة من أمثال الأسباني فينثيت بلا سكو ايبانيث في روايته (الدم والرمل) 1908.
وكتب الكاتب الأمريكي ارنست همنغواي كتابا كاملا عن مصارعة الثيران بعنوان "موت بعد الظهيرة"، قال انه مقدمة لفن مصارعة الثيران الحديث في أسبانيا ومحاولة لشرح هذا الفن من الجوانب العملية والعاطفية، مما يجعل الكتاب في رأي كثير من النقاد أفضل ما كتب عن مصارعة الثيران في أي لغة عالمية. ويشرح الكاتب الفصول الثلاثة المتتالية للمصارعة والأدوات المستعملة والحركات والأساليب المختلفة. ويلحق بالكتاب قائمة بالعبارات المستعملة في المصارعة.
ويقول همنغواي إن مصارعة الثيران هي الفن الوحيد الذي يتعرض فيه الفنان لخطر الموت، ويتوقف شرفه فيه على درجة الدقة والتوازن في الأداء. والمصارعة في نظر همنغواي ليست رياضة ولكنها في الواقع خبرة جمالية وعرض أشبه بطقوس المأساة والموت التي يتخلص المشاهد من خلالها من مشاعر الخوف والشفقة بالمعنى الذي رمى إليه أرسطو. ويقول الكاتب الأمريكي في كتابه هذا إنه ذهب إلى أسبانيا أول مرة ليشاهد مصارعة الثيران لان أسبانيا هي المكان الوحيد الذي يستطيع فيه بعد الحرب أن يدرس الموت، وهو الموضوع الذي يريد أن يكتب عنه أكثر من أي موضوع آخر.
يعتبر كثير من الأسبان مصارعة الثيران جزءا لا يتجزأ من الثقافة الوطنية لبلادهم. وهي قبل كل شيء عرض للبراعة والشجاعة من جانب كل المشاركين فيها بما في ذلك الثور. ومع أنه في العادة لا يشك أحد في أن المصارع سيتغلب على الثور وأن المصارعة ستنتهي بمقتل الثور إلا أن الثور لا يعتبر ضحية. بل ينظر إليه الجمهور في الحلبة على أنه مصارع هو الآخر يستحق الاحترام. وإذا كان المصارع ضعيفا فإن الجمهور لا يجد بأسا في منح تعاطفه للثور، بل إن الجمهور يصفق له ويشجعه. أما المصارع في هذه الحالة فيجد نفسه عرضة للتوبيخ والسخرية عند خروجه من الحلبة.
وينتظر الجمهور أن يقدم المصارع عرضا بأسلوب رفيع وشجاعة عالية وأن يتسم أداء الثور بالشراسة والتصميم والعناد. وإذا كان الهدف في أي رياضة هو الفوز فإن ذلك يعني أن الجمهور الرياضي يثار بما يسجله الرياضيون من نقاط. في مصارعة الثيران ليس هناك تسجيل نقاط، بل تكمن المتعة في ترقب الفوز المتوقع أو المرجو للحيلة البشرية على القوة الحيوانية الطاغية، ويصفق الجمهور عند مقتل الثور ليس لفوز المصارع، ولكن للأداء والرشاقة والبراعة التي أبداها المصارع في التغلب على الثور .
 

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


ارشد الحلاق
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2012/11/28


  أحدث مشاركات الكاتب :



كتابة تعليق لموضوع : حلبة الثيران مابين الرياضة والفنون المتعددة
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 

أحدث التعليقات إضافة (عدد : 1)


• (1) - كتب : حيدر علي حمزة ، في 2012/12/14 .

مقال رائع تسلم اناملك




حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net