ثورة الكفن تعيد ترتيب الوعي
القاضي منير حداد
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
القاضي منير حداد

التوقيت الارعن الذي غال خلاله الطاغية صدام حسين، آية الله محمد محمد صادق الصدر، اسهم في لملمة الثورة الشيعية.. بل الثورة الاسلامية والعراقية قاطبة؛ بعد ان تمكن من وئدها، بقوة القمع الفظيع الذي مارسه على الشعب العراقي منذ 17 تموز 1968، بالغا ذروته في مواجهة الانتفاضة الشعبانية العام 1991 إثر اندحاره بعد غزو الشعب الكويتي الشقيق.
ظن صدام حسين ان ولاء العراقيين حسم له، تحت سطوة الآلة القمعية التي استخدم فيها بسطال علي كيمياوي مع الجنوب، والكيمياوي نفسه مع الشمال، وصواريخ الـ (ارض ارض) وزعها بالتساوي على كليهما، الا انه فوجئ بعصا آية الله محمد الصدر، تنغز محمد حمزة الزبيدي، موفد صدام حسين الى سماحة الامام (قدس سره الطاهر) في محاولة لفتح حوار بالترغيب والترهيب؛ فقطع الصدر على صدام طريقة الحوار التي افلحت مع الجميع.. داخليا وخارجيا، الا الصدر!
خاض الشهيد ثورة الكفن وهو يؤدي صلاة الجمعة، كرها لصدام، ومنها يبث طروحات الثورة الاسلامية التي حركت العراق من اقصاه الى اقصاه، ولم تفلح وسائل صدام حسين في السيطرة عليها؛ ما اثبت ان لجام العراقيين لن يسلس قياده للأمن العامة.
المسافة الآمنة التي افترضها سوط صدام حسين، بينه والعراقيين، اختزلها آية الله محمد الصدر، بقطعة كفن، وزنت العراق ورجحت كفة الثورة على بطش (امن) صدام العامة.
وظل ابو مؤمل (تقدس سراهما الطاهران) يديم تأليب الثورة، من قبره.. يقود العبيد المهانين الى جنائن الحرية المعززة؛ اذ احال صدام حسين عراقية المواطن الى إهانة.. ان تكون عراقيا فانت بلا معنى، لا معنى انسانيا للعراقي.. متهم من دون فرصة لاثبات براءته.
الا ان الصدر اعاد الثورة الى كامل نصابها الشعبي؛ اذ دال عدد من مواطني (جمهورية) ثورة الكفن، اقلق صدام، وداهم حكمه الذي ظنه استتب بتفريغ الشعب من اخر نبضة مقاومة في عروق اطفأ تدفق الدماء فيها؛ بحكم ما اخضعهم له من عقوبات امنية تبدأ بالاعدام ولا تنتهِ به وحروب وحصار شغلتهما بالتمسك بالحياة ولقمة العيش وظن انها انشغالات تلهيهم عنه.
لكنهم لم يلتهوا عنه، اذ اعاد الصدر بكفنه خلال اداء صلاة الجمعة، روح الثورة الى الوجدان العراقي، فادرك صدام ان العراقيين شعب لا يوضع في (العب) شعب لا يحتوى.
وهذا ما عرفوا به.. تلاحقا.. منذ ما قبل ثورة العشرين الى هذه اللحظة.
ذكرى الصدر لا تستحضر في يوم استشهاده من كل عام، انما هي حاضرة في كل بادرة انتفاض تلمسها القوى المعادية للعراقيين، فتعيد بناء خططها المحدقة بالعراق، من دون ان تجرؤ على التفكير بمداهمته.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat