تأملات كونية في فضاءات مطلقة) 24
تفكر في اصل هذه النار؛ كيف تنبثق عن الشر ر الذي ينقدح بالاحتكاك وقد جعلها المصمم كذلك لتكون بيد الانسان متى ارادها اقتدحها فأوجدها واستعان بإشعالها على مآربه من استنارة او استدفاء او انضاج او اذابة وصناعة ونحو ذلك مما لولاها لما استقامت للإنسان الحياة ولما تطورت (١)
وفي هذا التقدير من الخالق في ايجاد النار رحمة وحسن تدبير اذ لا ضرورة تلجئ الانسان الى اجتزاء جزء منها ليحمله في اسفاره والانتقال بها من مكان الى اخر ولو كان الامر كذلك لتعذر عليه التحفظ بجدوتها عن الخمود والانطفاء اضافة الى ان في نقلها وهي متقده من الخطورة ما لا يخفى ولكن المصمم جعلها سببا بيد الانسان اينما كان فمتى اراد اقتدحها فاوجدها بلا حاجة الى حملها في متاعه او نقلها في اسفاره كالماء (٢)
اي ثم ان ماهية هذه النار واحدة الا ان درجاتها متفاوتة جدا فالنار المنقذة للإنارة غير نار الاذابة والنار الموقدة للاستدفاء غيرها لتطويع الحديد في حدتها وشدتها (٣) وقد اوجد الخالق لهذه النار وقودها وماده تأكلها كالخشب والزيوت والغاز والنفط بكافه مشتقاته والقطن ونحو ذلك ولو كان الشرر لا يعلق بشيء من هذه المواد، لانتفت فائدة اقتداحه ولكن الخالق جعل ان النار وقودا تعلق به ،ويبقيها متقدة ما وضع لها ما يذكيها حتى اذا استهلكته خمدت جدوتها فانطفأت، فالذي اقدر الانسان على ايقاد النار اقدره على ابقائها مشتعلة واقدره على اخمادها بقطع مادتها او منع الاكسجين عنها، او سب الماء عليها ونحو ذلك ان اصل ايجاد عامل في الطبيعة له منافع كثيرة ودرجات متفاوتة تستخدم الدرجات العالية منه في تطويع الاشياء للصناعة والاقل منه لما هو اقل من ذلك كالطبخ والانضاج والاستنارة والاستدفاء مع امكانية الابقاء عليه او التقليل منه او انهائه ومعه بالكلية حسب الحاجة لهو من لطيف الصنع
_------++++++-----+++--
1) أَفَرَءَيۡتُمُ ٱلنَّارَ ٱلَّتِي تُورُونَ (71) ءَأَنتُمۡ أَنشَأۡتُمۡ شَجَرَتَهَآ أَمۡ نَحۡنُ ٱلۡمُنشِـُٔونَ (72) نَحۡنُ جَعَلۡنَٰهَا تَذۡكِرَةٗ وَمَتَٰعٗا لِّلۡمُقۡوِينَ (73) فَسَبِّحۡ بِٱسۡمِ رَبِّكَ ٱلۡعَظِيمِ (74)
(والذي جعل لكم من الشجر الاخضر نارا فاذا انتم منه توقدون) ياس 80
(٢) (هو خلق كل شيء فقدره تقديرا) الفرقان 2
(٣) (ويريكم آياته فأي آيات الله تنكرون) ظافر 81

التعليقات
لا توجد تعليقات على هذا المقال بعد. كن أول من يعلق!