الكذب عند الأطفال: فهم الدوافع وطرق المعالجة
اميرة كاظم شاكر
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
اميرة كاظم شاكر

يُعد الكذب أحد السلوكيات التي قد تُثير قلق الوالدين والمربين حين يظهر في سلوك الأطفال، خاصة إذا بدأ يتكرر أو يظهر في مواقف غير متوقعة.
لكن، هل تساءلنا يومًا: لماذا يكذب الأطفال؟ وهل دائمًا يكون الكذب مؤشرًا سلبيًا؟ وهل يمكن للبيئة المحيطة أن تكون سببًا في ظهور هذا السلوك؟
في الحقيقة، الإجابة عن هذه الأسئلة تقودنا إلى فهم أعمق لنفسيّة الطفل، وإلى إدراك أن الكذب ليس دائمًا فعلاً خبيثًا أو متعمدًا، بل قد يكون تعبيرًا عن حاجة داخلية، أو ردّة فعل تجاه ما يواجهه من مواقف.
فيما يلي أبرز الأسباب التي تدفع الأطفال إلى الكذب، مع شرح مبسط لطرق معالجتها:
---
1. الخيال الواسع
في سنوات الطفولة المبكرة، يختلط الواقع بالخيال في عقل الطفل، فيبتكر قصصًا وشخصيات قد لا يكون هدفه منها الكذب، بل استكشاف العالم أو التعبير عن أفكاره.
الحل: علينا توعية الطفل بلطف حول الفرق بين الخيال والحقيقة، مع تشجيعه على التعبير الإبداعي في مكانه المناسب مثل الرسم أو الحكاية.
---
2. الخوف من العقاب
عندما يخطئ الطفل، ويشعر بأن الصدق سيقوده إلى العقاب، فإنه غالبًا ما يلجأ للكذب دفاعًا عن نفسه.
الحل: من المهم أن نُشعر الطفل بالأمان عند الخطأ، وأن نُعلّمه أن الاعتراف بالخطأ شجاعة، وأن الصدق لا يعني دائمًا العقوبة بل قد يكون بداية للتفاهم.
---
3. طلبًا للانتباه أو الإعجاب
قد يلجأ الطفل لاختلاق القصص لجذب انتباه من حوله أو ليظهر بصورة مميزة.
الحل: يحتاج الطفل إلى إشعار دائم بقيمته ومكانته داخل العائلة، عبر تشجيعه ومشاركته في نشاطاته، وتعزيز ثقته بنفسه.
---
4. تجنب الإحراج
أحيانًا يكذب الطفل لتجنّب موقف محرج أو إخفاء أمر يشعر أنه يقلل من شأنه أمام الآخرين.
الحل: نحتاج إلى تربية الطفل على تقبّل الخطأ والضعف كجزء من النمو، وتوضيح أن الاحترام لا يرتبط بالمثالية بل بالصدق والنزاهة.
---
5. تقليد الكبار
الأطفال مقلّدون بارعون، ويتعلمون من السلوك أكثر مما يتعلمون من الكلام. فإذا رأوا الكذب يُمارس أمامهم، فإنهم سيتبنّونه.
الحل: علينا أن نكون قدوة لهم في الصدق، فالكلمة الصادقة في مواقف بسيطة قد تبني داخل الطفل مبدأً يدوم مدى الحياة.
---
6. اختبار الحدود
بعض الأطفال يستخدمون الكذب لاختبار ردود فعل البالغين، أو لمعرفة ما يمكنهم فعله دون اكتشافهم.
الحل: هؤلاء الأطفال غالبًا أذكياء، ويحتاجون إلى احتواء لا إلى قمع. علينا فتح باب الحوار معهم وتوضيح النتائج الحقيقية لكل سلوك.
---
ختامًا...
الطفل مرآة بيئته، وسلوكياته انعكاس لما يعيشه في محيطه.
وإذا كان الكذب عند الأطفال سلوكًا مقلقًا، فإن علاجه لا يبدأ بالعقاب، بل بالفهم والحوار وبناء الثقة.
حين نصغي إليهم بصدق، ونقودهم بالحب، سنجدهم يسلكون درب الصدق بثقة وأمان.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat