نعم انها سامراء ولست متشائما براي هذا بل متالما على مدينة لها ثقلها التاريخي والاجتماعي والتي اخذت اهميتها ليس من المعتصم العباسي بل من مرقد العسكريين عليهما السلام والتي بقيت زاخرة وعامرة حتى بعد سنة (279هـ) انتقال الخلافة العباسية الى بغداد ، فقد ذكر الدكتور صالح احمد العلي في كتابه ( سامراء دراسة في النشاة والبنية السكانية ) في ص 57" فلما انتقلوا منها ـ الخلافة العباسية ـ تدهورت احوالها بسرعة" ...... الى ان يقول " وترجع بعض اسباب المكانة المتواضعة التي احتفظت بها الى انه كان فيها مدفنا علي الهادي والحسن العسكري ـ عليهما السلام ـ اللذين لهما مكانة عند الشيعة " وفي ص 69 " ويذكر ان سامراء خربت حتى لم يبق فيها الا موضع المشهد " ، طبعا خراب سامراء هو قيام هدم بعض العمارات التي بناها الخلفاء العباسيون ونقل احجارها الى بغداد لبناء قصور فيها .
وان كان راي الدكتور العلي فيه بعض المغالطة بخصوص خراب سامراء ولربما الخراب الذي يقصده هو هجرة الاتراك ومن يتملق للخلفاء من اجل العطايا ، اما من حيث العمارة فان وجود مشهد العسكريين عليهما السلام شامخا يدل على ان هنالك من يرعاه ومن يزوره ، واما من حيث الحركة العلمية فهنالك علماء ورواة نزلوا في سامراء وماتوا بعد سنة (279هـ) فيها مما يدل على الحركة العلمية الرائعة ومنهم: ابراهيم بن عبد الصمد ( ت325هـ) ، الحسن بن علي ابن عليل ( ت290هـ) ، ابو بكر محمد بن يحيى (ت 335هـ) ، ابو الحسن علي بن احمد السامري (ت 402هـ) ، وغيرهم ( المصدر راقدون عند العسكريين / تاليف سامي جواد المنذري / انتشارات المكتبة الحيدرية).
ولكن سامراء بعد 2003 عاشت محنة تختلف عن المحن التي كان العثمانيون والطاغية يختلقونها في هذه المدينة حيث يريدون تسننها وغيرهما يريد تشيعها وهذه الطائفية بعينها ، وحدثت الكارثة بتفجير الروضة العسكرية من قبل الارهابيين ، وتلاحقت الاعمال الارهابية يقابلها جهاد المقاتلين في حمايتها وانتهى بها الحال بطرد الارهابيين .
لكن المشكلة في سكان المدينة بعد تهجير العوائل الشيعية وهروب العوائل السنية بعد دخول القوات الامنية ومعهم المتطوعين لمحاربة الدواعش لانعدام الامن .
بدات الحكومات المتعاقبة على اعمار المرقد وقد رافق هذه الاعمال بعض العوائق لا حاجة لنا للبحث فيها لكن حال سامراء الان هو الذي اراه ساء من راى .
الاعمار بالنسبة للمرقد يكاد يكون مشتت وافضل عمل فيه هو اعمار السرداب بشكل رائع لوجود مكتبة فيه وقاعة للصلاة بخلاف ما كان سابقا ، وعملية استملاك العقارات التي حول المرقد لغرض التوسعة من المؤكد اعترضتها مشاكل ، بعضها تم هدمه وبعضها لا زالت حيث استغلت كمكاتب ادارية للعتبة العسكرية .
حقيقة من يزور سامراء هي فقط الحملات التي تاتي من المدن الشيعية سواء بالمناسبات او الايام الاعتيادية ، اما سكان اهالي سامراء فانها خالية حتى عندما تسال عن اسواق او مطاعم او مقاهي وغيرها يقولون لك لا يوجد ، وبعد عودة الزائرين الى محافظاتهم تصبح سامراء مدينة اشباح ، لا يوجد أي حركة اعمار للمدينة من قبل الحكومة المحلية ، كما وان كثرة الصور الخاصة برموز الشيعة بشكل كثيف لربما يثير حفيظة من لا يرغب لها من قبل اهاليها وهذا امر لا يمكن انكاره ، وهذا بالنتيجة لا ترى أي حركة بشر في المدينة وهذا امر يجعل عدم وجود أي مركز ترفيهي في المدينة ، يوجد فقط محلات قليلة لتصليح السيارات قرب حي متواضع ، توجد اسواق سوبر ماركت تابع للعتبة داخل مساحة العتبة.
هنالك محلات مكدسة امامها ادوات شبه مستهلكة حديد وكراسي وغيرها كتب على المحلات اسماء مواكب لا تدل على أي شكل نظامي وحضاري ، واما حكاية مركز تراث سامراء فقد توقفت عندها كثيرا ، فبالرغم من جهوده الكبيرة لكن صدمت عندما علمت ان مقر المركز هو النجف الاشرف بسبب وجود المحققين والباحثين في النجف ، ولا اعلم اليس المفروض ان يكون في سامراء ويمنح امتيازات لمن يسكن سامراء كما كان سابقا ، المفروض ان يكون المركز في سامراء وفرعه في النجف ، وسالت واما معرض الكتاب الدائم فلا وجود له ، كما وان اغلب المنتسبين في العتبة هم من محافظات خارج سامراء اضافة الى شركة ايرانية للاعمار .
من حق سامراء ان تعيش الالفة والمحبة ومن المؤكد هنالك عوائل وعشائر لهم تاريخ في المدينة ، فالطائفية لا ترحم الجميع ، حديثي هذا عن العتبة وما حول العتبة ولا اعلم باطراف سامراء وحتى مرقد سيد محمد عليه السلام في بلد لا تختلف معاناته في ذلك .
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat