مسرحية ( عندما تثور الرايات ) 
عدنان النجم 

 الزمان  : من   60 هـ   الى    1443 هـ  
المكان   : بلاد المسلمين 
شخصيات المسرحية : 
-  الرجل الوقور 
-  شخصية الامام الحسين (ع) 
-  شخصية يزيد 
-  وآخرون 
انوار المسرح خافتة . رجل وقور بثياب بيض  يظهره ضوء مسلط  يتوجه يمين المسرح كانه يبحث عن شخص ما ... ثم يعود الى يسار المسرح الضوء يتبعه .. في الحالتين يتساءل : 
-  اين الحسين ؟ ( يكرر)  .. 
يعود الى منتصف المسرح .. كأنه آيس من العثور الى الحسين ( ع ) يتوجه نحو الجمهور قائلا : 
-  سيدي أبا عبد الله .. تكبر الفتن فينا وتهرم .. وتولد غيرها .. كم بنا من الحاجة اليك .. الى ثورتك .. الى دمك .. اسقيتنا حبك وشربناه حتى ادمنّا وجودك .. وبعد ان ايقنوا وجودك حتى في ارواحنا .. يريدون تحريف الثورة .. يريدون تغيير مسار الاصلاح .. فراحوا يرسمون الممرات الوهمية لجر ركبك نحو الهاوية .. منذ بدأناك الى اليوم .. انت في كل الاماكن .. بينما وضع اعداءك اغشية الوهم لحجب النور .. لحجب الثورة .. نريد ان نرى حسين الحياة .. حسين الحق .. نريد ان نرى حسين الحياة .. حسين الحق .. 

ثم يعود الى يمين المسرح يتوقف..  المسرح ظلام ..  يختفي الرجل الوقور .. على يسار المسرح يظهر رجال مجردين يرتدون ثيابا بيض يشكلون حلقة يحيطهم رجال اخرون مسلحون بالسيوف والرماح .. الرماح موجهة بانتظام باتجاه الرجال المجردين الذين يبدو عليهم الاسر والاستكانة والاستسلام .. 
موسيقى حذر .. يرفع احد الرجال المجردين يده نحو الاعلى وهو جاث كأقرانه وينادي باعلى صوته : 
 ( يا حسين .. اغثنا .. انجدنا )
 يلتفت المسلحون يمينا وشمالا خوفا .. كأنهم يدركون ان المجيب قادم  .. يرفع رجل اخر من المجردين يده وينادي :
 ( يا حسين ... اغثنا .. انجدنا ) .. 
يلتفت المسلحون يمينا وشمالا بمزيد من الخوف والوجل .. يرفع  رجل ثالث يده ويتكرر المشهد حتى اخر رجل من المجردين .. تتولد لديهم الجرأة ليهتفوا جميعا : 
( يا حسين .. اغثنا .. انجدنا ) مرات عدة .. 
في هذا الاثناء .. مازالت موسيقى الحذر .. صوت الطبول ناتج من قرع خفيف .. ضوء في الجهة اليسرى من المسرح يسلط على على رجل يمثل شخص الامام الحسين ( ع ) يتقلد سيفا  كأنه يسمع النداءات المتكررة .. يضع يده على مقبض سيفه يريد  التأهب للاستجابة يلتفت يمينا .. يستدير شمالا .. يبحث عن مصدر الصوت .. يظهر الرجل الوقور من جهة الامام الحسين ع مجيبا الامام وهو يقول : 
 ( النداء من الكوفة ياسيدي ) : 
 يقف الامام متوجها صوب النداء .. يوقفه الرجل قائلا : 
( انهم اهل الكوفة ياسيدي ؟؟ ) :
 يحاول الامام ازاحته لينطلق باتجاه النداء فيتقدم الرجل امامه ليوقفه متوسلا ومحذرا : 
( ولكنهم اهل الكوفة ياسيدي .. غدروا بأبيك .. قتلوا .. اخاك .. ) 
يضع الحسين يده على كتف الرجل فيقول : 
 ( ولكنه نداء .. واستغاثة .. ولابد من الاستجابة )  
يتراجع الرجل الى الوراء .. ويقول  : 
( ولكنها الكوفة .. ؟؟ ) 
يقاطعه الامام  : 
( نعم  كان اهل الكوفة جريئين فأطلقوا النداء .. ولعل الظلم في كل بقاع الارض .. غير ان بعضهم يمنعه الخوف والرعب والاستكانة  .. وكان اهل الكوفة الحجة عليّ في ان استجيب .. ليس لاجلهم فقط .. بل لسواهم من المظلومين في بلاد الله )  .... 
يعود النداء من جديد :  ( ياحسين ... يا حسين .. يا حسين ) 
يزيح الامام الرجل جانبا وينطلق باتجاه النداء .. 
   في هذا الحال يضاء المسرح بالكامل .. ينسحب الرجل الوقور الى الوراء ويختفي .. بينما يتقدم الامام الحسين باتجاه النداء لينقذ الرجال المأسورين .. يجرد سيفه باتجاه الرجال المسلحين فيفرقهم .. فيجتمع حوله اصحاب النداء يحيطونه بود وحين يأمن الحسين نجاتهم يعيد سيفه الى غمده .. 
تنطفيء اضواء المسرح سوى الضوء المسلط على الامام الحسين والرجال المجردين حوله .. وعبر الظلام يندفع رجال اخرون .. مسلحون بالسيوف والرماح .. اكثر عددا .. يصوبون رماحهم باتجاه المجموعة .. 
يضاء المسرح فيظهر عدد غفير من الرجال المسلحين .. يحملون الرماح نحو الاعلى تبدو الرماح كغابات القصب .. تتجه الرماح بحركة واحدة نحو المجموعة . يدب الرعب فيها .. يهرب رجل منهم الى الجهة الاخرى من المسرح .. ويهرب اخر باتجاه الجمهور .. وينصرف الاخرون باتجاه الجيش القادم واضعين ايديهم على رؤوسهم دلالة الاستسلام فيدخلون وسط المسلحين يتناولون رماحا كحال القادمين  ..
الحسين في هذا الحال يحاول اقناع الهاربين .. ولكنهم يتفرقون .. فيبقى  وحيدا .. يحيطه المسلحون .. يصيح في الجيش القادم  .. يقطع عرض المسرح جيئة وذهابا .. ورماح الجيش تتبعه .. ثم يقف متوجها نحوهم قائلا : 
( انا الحسين بن علي ... انا ابن فاطمة بنت رسول الله ... انا من يريد انقاذكم .. ويحكم انتم من طلبتم نجدتي .. )
لا احد يجيبه سوى حركة الرماح بين ارتفاع وانخفاض .. يتقدمون نحوه .. يحيطونه .. يصيح مرة اخرى : 
( اما من مغيث يغيثنا .. اما من مجير يجير يجيرنا ... اما من ناصر ينصرنا )
 يظهر الرجل الوقور من جهة المسرح اليسرى .. قائلا : 
( انه النداء .. اما من مجيب .. الاستجابة واجبة .. ) يكرر القول .. 
يخيم الصمت على المسرح .. تكاد الرماح تنخفض كأنها استجابة ..
 يبرز رجل اخر يمثل ( يزيد )  من اقصى المسرح بثياب حمراء تشبه الدم يخترق صفوف الجيش بحركة يستحثهم قائلا :
( حذار .. حذار .. حذار .. لا يخدعنكم الحسين .. لا يخدعنكم !!  ستموتون .. ستعاقبون .. سنقتل اطفالكم .. سنسبي نسائكم .. سنهدم دياركم .. حذار .. حذار ... ) 
ينسحب يزيد خارج المسرح عندما يتأكد ان  الرماح تعود الى الارتفاع ..
 يتقدم الرجال باتجاه الحسين .. يحيطونه .. تتوحد الرماح .. تتشابك .. يضيع بينها الامام الحسين .. وهو يتلوى لكثرة الطعن .. يسقط الى الارض .. سوى سيفه مايزال مرتفعا بين الرماح ثم ينزل السيف رويدا رويدا بحركة بطيئة فيختفي بين الرجال والرماح .. 
موسيقى حزن .. ترافق المشهد .. 
تنطفيء اضواء المسرح الموسيقى مازالت مستمرة .. 
تعود الاضواء .. مازال الرجال المسلحون متجمعين كدائرة .. ينفضون الى الوراء بحركة بطيئة ، يتوقع الجمهور ظهور الحسين بينهم مقتولا ، فيبدو رجل بثوب ابيض ممدد على الارض يعدل هيئته في الوقت الذي يتحرك الجيش منفضا .. يستخرج راية سوداء يلوح بها الرجل مكتوب عليها ( لبيك يا حسين ) .. يلوح بها .. يتهامس الجيش .. ينزلون الرماح المرفوعة .. كأنهم مذهولين من مشهد الرجل صاحب الراية .. 
في هذا الحال يظهر يزيد بنفس الظهور الاول .. يشق صفوف الجيش قائلا مترجيا : 
 ( الم تقتلوا حسينا ؟؟ الم تقتلوا حسينا ؟ من هذا ؟  اقتلوه .. اقتلوه .. ) 
يظهر في الجهة اليسرى من المسرح الرجل الوقور مقاطعا متوجها الى الجيش قائلا : 
( لم تقتلوا حسينا ؟ ففي كل زمان حسين .. طالما هناك يزيد !! ) يكرر 
موسيقى .. يخرج الرجل الوقور من المسرح .. بينما مازال صاحب الراية يلوح بها بشموخ 
يستحث يزيدٌ الجيش بالتقدم نحو صاحب الراية وقتله  ..فكلما تقدموا لوح لهم برايته  .. يتراجعون الى الوراء .. يتكرر المشهد .. ترافقه موسيقى .. طبول .. يتسارع الضرب على الطبول متزامنا مع حركة الرجال يعلو كلما تقدموا نحوه .. وينخفض حين يتراجعون . 
 يحثهم يزيد بالتقدم نحوه وقتله .. يصيح بهم : ( تقدموا ... اقتلوه .. ) 
يتقدمون والرجل مازال يلوح برايته .. يصمد امامهم يتكاثرون عليه .. يمدون رمحاهم باتجاه الرجل .. يطعنونه .. يتلوى .. يتألم .. يصيح : 
( اما من مغيث ... اما من ناصر .. ) يكرر  القول 
يظهر الرجل الوقور في الجهة الاخرى من المسرح ... يصيح : 
( انه النداء .. اين الاستجابة ...) يخاطب الجمهور .. يكرر الخطاب .. 
مازال المسلحون يحيطون بالرجل صاحب الراية .. يطعنونه .. يسقط الى الارض .. الراية مازالت مرتفعة .. رويدا رويدا .. تختفي بين الرماح والرجال ..  تنطفيء الانوار .. ثم يضاء المسرح .. 
بينما ينفض الرجال المسلحون الى الوراء يظهر على الارض رجلان ممددان بثياب بيضاء متشابهين بالهيئة .. ينهضان ببطء بينما يعود المسلحون الى الوراء بين الدهشة والوجل .. 
ينهض الرجلان .. كل منهما يحمل راية مكتوب عليها ( يا لثارات الحسين ) .. يلوحان برايتيهما .. يتراجع المسلحون الى الوراء .. يصيبهم الهلع .. 
يظهر يزيد من اقصى المسرح  .. يحمل سوطا .. يضرب به الرجال المسلحون وهو يقول .. 
-  الم تقتلوه ؟ .. كيف يظهر بصحبته اخر ؟ 
يظهر الرجل الوقور .. مقاطعا يزيد : 
-  لايمكن قتل الحسين ع .. ان قتلتموه جسدا فروحه في كل زمان .. ان تقتلوا واحد سيظهر اثنان .. ان تقتلوا اثنين سيظهر اربعة ... سيزدادون .. سيزدادون 
يقاطعه يزيد : 
-  اقلتوا كل من يرتدي ثوبا ابيض .. اقتلوا كل من يحمل راية .. اقتلوا كل حسين ..
    يضرب رجاله بالسوط .. يحثهم على قتل صاحبي الرايات .. رجاله بين الهلع والخوف .. يتقدمون نحو الرجلين .. يمدون رماحهم .. تبدأ موسيقى الحذر .. صوت الطبول .. بين ارتفاع وانخفاض .. يجتمع الجيش يحيطون بالرجلين .. يضيع الرجلان بين زحام الرجال والرماح .. 
   تنطفيء اضواء المسرح .. تسكت الطبول .. موسيقى حذر .. 
يضاء المسرح يظهر الجيش منسحبا الى الوراء .. هذه المرة يظهر ثلاث رجال .. بثياب بيض يحملون رايات مكتوب عليها ( يالثارات الحسين ) .. يصيب الجيش هلع واضح .. يهربون الى الوراء .. الرجال بالرايات مازالوا يلوحون  بها .. 
يظهر يزيد مرة اخرى .. يحمل سوطا .. يهزه امام الجيش .. يهتف فيهم : 
-  ارسلتكم لتقتلوا رجلين .. جئتم هاربين وخلفكم ثلاثة ؟؟ 
يرد عليه رجل من الجيش .. لقد قتلناهم ياسيدي .. لا ندري من اين جاء هؤلاء الثلاثة ..كلما قلتنا رجلا منهم كأنه ينشطر الى رجلين !!
يظهر الرجل الوقور .. 
-  لن تقتلوا احدا .. سيكثرون .. يزدادون .. سيصبحون امة ..
يشق الرجل الوقور صف الجيش وهو يكرر : 
-  لن تقتلوا احد .. سيكثرون .. يزدادون .. سيصبحون امة .. 
يعترضه رجل من الجيش متوسلا .. ماذا نفعل ياسيدي .. سئمنا القتل .. سئمنا الحروب .. 
يبتسم الرجل الوقور .. يخاطب الرجل قائلا : 
-  طالما هناك يزيد .. سيكون هناك حسين .. طالما هناك ظلم .. ستكون هناك ثورة .. طالما هناك فساد .. سيظهر مصلحون .. 
يصيح رجل منهم : 
-  وما الحل  ؟ 
يصيح الجميع : 
-  وما الحل ؟ 
 يشير لهم الرجل الوقور بالسكوت .. يتمشى بينهم .. يزيحهم عن ترتيبهم .. ثم ينبري بعيدا عنهم .. ويقول : 
-  تريدون حلا ؟ 
يتهامسون .. يكثر فيهم اللغط .. والهمهمة 
يطلب منهم السكوت .. ثم يقول : 
-  الحل بأيديكم .. انتم من يملك الحل !! .. ( يلتفت الرجال بعضهم الى بعض ) .. ان كنتم تريدون الوئام والسلام والحرية .. اقتلوا اعداء الوئام والسلام والحرية .. ان كنتم تريدون الحل ... اقتلوا يزيد ( هنا يشير الرجل الوقور بيده نحو يزيد الواقف في اقصى المسرح ) 
يتداخل الرجال بعضهم ببعضهم .. يرمي بعضهم رمحه .. ويهز يده اخر .. واخر يصيبه الخوف .. يندفع يزيد باتجاه الجيش المهتز .. يحمل بيده سوطا .. وبالاخرى اكياس من المال او الدراهم .. يناول بعض افراد الجيش اكياسا من المال ... ويضرب اخرين بالسوط .. يمر بين صفوفهم .. يضرب بالسوط .. ويهب المال .. رويدا رويدا .. ينتظم الجيش .. يصطفون كما كانوا .. ثم ينبري يزيد امامهم يخطب فيهم : 
-  هل تريدون حلا ..؟؟ الامر سهل جدا .. ويسير .. ( يقهقه ) ... سينتهي بلا حرب .. بلا قتال .. ( يقهقه مرة اخرى ) ثم يصمت .. ويعبس بوجه الجيش .. ثم يخاطب الرجل الوقور .. :
-  سترى كيف سينتهي امر اصحاب الرايات .. ينتهي امر الثائرين ( باستهجان ) .. سترى .. ( محذرا ) .. 
تنطفيء اضواء المسرح .. الا من ضوء على يمين المسرح يظهر فيه الرجال الثلاثة ( اصحاب الرايات ) وضوء في يسار المسرح يظهر فيه يزيد وجيشه .. وهو يدخل بينهم .. يهمس فيهم .. يلتفون كحلقة .. يظهر بينهم رجل بثياب بيض يحمل نفس الراية مكتوب عليها ( يا لثارات الحسين ) بنفس الهيئة والشكل والحركة .. يأمره يزيد من خلال اشارات يديه بالالتفاف حول المسرح والالتحاق بالرجال اصحاب الرايات في الجهة الاخرى من المسرح .. يظهر رجل اخر بثياب بيضاء يأمره يزيد ايضا من خلال اشارات يده بالالتحاق من الجهة الاخرى من المسرح ..
اضواء المسرح بين انطفاء واشتعال .. موسيقى حذر وترقب .. وضرب سريع على الطبول .. تنطفيء اضواء المسرح .. صمت .. موسيقى حذر .. 
يضاء المسرح بالكامل يظهر في الجهة اليمنى منه رجال كثيرون بثياب بيضاء يحملون الرايات مكتوب عليها ( يا لثارات الحسين ) .. يلوحون براياتهم .. 
من الجهة الاخرى من المسرح يظهر يزيد ومعه بعض الرجال .. يخاطب اصحابه : 
-  انظروا ( يقهقه ) .. كم اصبح العدد كبيرا ( يقهقه ) .. الان اختلط الامر .. لا احد سيميز بين رجالنا ورجالهم ..  ( يقهقه  ) .. 
يظهر الرجل الوقور .. يتوجه نحو اصحاب الرايات .. يتخلل صفوفهم .. يتطلع نحو الوجوه .. قائلا : 
-  ( من فيكم حسين ؟ ... أما فيكم حسين ... ) يكرر .. بلهفة ..
-   ( من فيكم حسين ؟ ... أما فيكم حسين ... ) . . يكررها .. يكررها .. يكررها .. حتى يبين فيه اللهاث والتعب .. الجميع صامتون .. لا أحد يتكلم .. الرايات مازالت تتحرك .. تتمايل .. اصحاب الرايات .. بثيابهم البيض .. بوقفتهم .. لايكاد تمييز احدهم عن الاخر .. 
بعد ان يأس الرجل الوقور ... يعود الى الوراء .. حتى يصير قبالة اصحاب الرايات .. يخاطبهم 
-  ليس فيكم حسين .. ليس فيكم حسين 
يتقدم نحوه احدهم قائلا : 
-  مابك ايها الشيخ ؟ اما ترانا اليوم اكثر عددا .. فكلنا حسين .. 
الرجل الوقور يهز يده منكرا عليه قائلا : 
-  كلا .. ليست فيكم سيماء الحسين .. انتم تخادعون الناس وتخدعون انفسكم .. 
يرد الرجل : 
-  ما بك يا شيخنا .. الا ترى لقد كثرنا ... منذ مئات السنين ونحن نزداد .. كنا واحدا .. وصرنا اثنين .. وثلاثة .. ورغم القتل والبطش والظلم والتنكيل .. صرنا بهذا العدد .. بهذه العدة .. ادعو لنا ياشيخ .. ادعو لنا .. 
-  كلا .. لا اصدق فيكم تلك الرايات .. لا أصدق فيكم هذا الحماس .. لا أصدق .. 
يلتفت الرجال بعضهم الى بعض متعجبين من انكار الرجل .. يتهامسون .. الرجل الوقور يطأطأ رأسه .. يروح ويجيء .. متفكرا .. ثم يعود الى حيث كان وكانه اكتشف امر ما : 
-  حسنا .. حسنا .. كي اصدق ان فيكم حسين .. سأطلب امرا .. 
ينتبه اصحاب الرايات .. ينصتون اليه .. 
-   ( اقتلوا انفسكم ان كنتم صادقين ) [ الاية ] 
يرد احدهم متعجبا : 
-  ماذا تقول ياشيخ ؟ 
يرد الشيخ الوقور : 
-  ( اقتلوا انفسكم ان كنتم صادقين ) .. 
يهز احدهم يده هازئا .. يلتفت الى الاخرين .. يجدهم بين هازئ ومذهول ومنكر .. ينتفض احدهم قائلا : 
-  ماذا تقول يا شيخ .. وهل يريد منا الحسين ان نقتل انفسنا ؟؟
وحينما يدرك الرجل الوقور .. صعوبة الاختبار .. يرفع يده مشيرا الى اصحاب الرايات ..متراجعا عن طلبه قائلا : 
-  حسنا .. حسنا .. يبدو ان الامر صعب عليكم .. هناك امر اخر ايسر واسهل .. لعله هو غاية الحسين وهدفه .. 
-  اقتلوا يزيد اذن !! 
ينبري احدهم قائلا ومتسائلا : 
-  وانى لنا ان نعرف اين يزيد الان .. 
يرد الشيخ مجيبا : 
-  حسنا .. يزيد هو كل ظالم .. كل فاسد .. يزيد هو عدم العدالة واللامساواة .. يزيد هو رأس الفتنة .. يزيد هو من يسفك الدماء .. 
يصمت قليلا .. ثم يكمل : 
-  اليس هذا هو شعار الحسين .. الاصلاح ؟ .. اصلحوا اذا .. 
يصمت الرجال .. يتهامسون .. بعضهم يهز رأسه علامة رضا واستحسان .. وبعضهم يبدو انه غير مقتنع بما يقول .. 
يعود الشيخ الى الوراء حتى يخرج من المسرح .. اصحاب الرايات .. كانهم رضوا بطلب الشيخ .. وكناية عن ذلك بدءوا يلوحون بالرايات .. ويهتفون ( يا لثارات الحسين ) 
في هذا الحال .. يظهر يزيد .. ومعه بعض رجاله .. يشاهده اصحاب الرايات .. يتقدمون نحوه خطوتين .. يتقدم اصحاب يزيد امامه لحمايته .. يزيح هو اصحابه ... كأنه يقول لهم دعوهم يتقدمون .. دعوهم .. 
يتقدم نحوهم يزيد .. يخفضون راياتهم باتجاه يزيد .. يطلب منهم مشيرا بيده ان يخاطبهم قائلا : 
-  اهلا بكم .. بوركت جهودكم .. انتم الحسينيون الصادقون .. انتم من سيغير .. ولكن ( يتوقف كانه يتذكر .. ) .. ولكنكم بحاجة ماسة للدعم .. الا ترون ان راياتكم اصبحت بالية وقديمة .. جددوا قماشها من حسابي .. وسندفع مبلغا من المال لكل من يحمل راية .. سنخصص لكم زادا وشرابا .. 
يلتفت اصحاب الرايات بعضهم الى بعض .. متعجبين .. بعضهم يشعر بالرضا .. واخرون يشعرون بالحذر والخوف والترقب .. 
يعود يزيد مستدركا خطابه : 
-  ثم انكم بحاجة لقائد يخطط لكم .. ويسير بكم .. بحاجة لمن يوجهكم .. 
يقترب من احدهم .. 
-  انك أكبرهم سنا .. لتكن انت القائد .. 
يضع يديه على كتف الرجل .. ويشير الى احد رجاله فيجيئه مهرولا يعيطه كيسا من المال .. يأخذ يزيد الكيس يناوله للرجل القائد .. 
-  خذ .. انتم بحاجة للمال .. وان احتجت الكثير .. فلدينا المزيد .. ( يقولها بمكر ) 
يربت على كتف الرجل مرة اخرى .. الرجل ممسك بكيس المال 
يقترب منهم يزيد بعد ان احس بالامان .. يقترب من احدهم .. يمسك برايته ... قائلا : 
-  دعني اشارككم .. ( يهز يزيد بالراية ) 
ثم يناولها للرجل .. ويعود الى الرواء قائلا : 
-  لنستمر برفع الرايات .. لا تتوقفوا .. لا تتوقفوا ... لا تتوقفوا ( يعود يزيد الى الوراء حتى يخرج من المسرح ) 
يتقدم احد اصحاب الرايات .. يصيح باصحابه .. : 
-  لا يخدعنكم .. انه يزيد .. انه يزيد .. 
يظهر الرجل القائد معترضا :
-  ماذا تقول انت .. الا ترى الرجل يهب المال ويدعمنا .. كيف ليزيد ان يقيم معنا شعيرة او يساهم في التغيير .. 
يرد الرجل الاول : 
-  انها خدعة .. كان يجب ان نقتله .. كان يجب ان تخلص منه .. 
يرد القائد : 
-  انها بدعة .. انها بدعة .. كيف سنقتله ؟ كيف ؟ من ياترى سيبدل لنا الرايات .. من سيقدم لنا الزاد .. من ياترى سيحمينا ؟ انها بدعة .. انها بدعة .. 
يرد الاخر بعصبية : 
-  سنقتله لانها خدعة .. 
الاخر بعصبية : 
-  لا بل ان قتله بدعة .. 
-  خدعة 
-  بدعة 
يلتحم اصحاب الرايات فيما بينهم .. يقتل بعضهم بعضا .. تسقط رايات .. ترتفع اخرى .. موسيقى حرب .. طبول .. دقات متسارعة .. انوار المسرح تشتعل .. تنطفيء .. في هذا الاثناء .. يظهر يزيد .. ( يقهقه ) .. ( يقهقه ) ... ( يقهقه ) .... حتى تنطفئ الانوار .. 
يضاء المسرح .. خال من اصحاب الرايات .. سوى الشيخ الوقور .. يحمل عصا يتوكأ عليها .. ظهره محدودب .. يسير بخطى يائسة .. يتخطى عرض المسرح .. يروح ويجيء .. يدخل رجل من اصحاب الرايات .. ثوبه الابيض ممزق .. رايته ممزقة .. يدخل المسرح باحثا عن الشيخ الوقور .. يحصل عليه .. يتوجه نحوه يعترضه .. يوقفه قائلا : 
-  انت ايها الحق .. لماذا تتخلى عنا .. ؟ نحن بأمس الحاجة لوجودك .. لوقفتك .. لنصحك ..استعد ثقتك بنا ارجوك .. 
يتوقف الشيخ الوقور عن الرواح والمجيء .. يتأمله .. ثم يقول : 
-  أقرأ باطنك ايها الرجل .. توخى سطور الروح .. هل تجد فيها حسينا ؟ حينذاك سأخبرك ما ستفعل .. ومايجب العمل به .. 
موسيقى .. الرجل صاحب الراية يطأطأ هامته .. نظره عند صدره .. كأنه يبحث عن شيء ما في قلبه .. يجثو على ركبتيه ووجه نحو المسرح .. يخاطب نفسه بصوت مسموع ( يا ألهي كيف لنفسي ان تعي انتمائها الزائف من الصادق ؟ اغثنا يارب .. اهداء سسراطك القويم ) 
يقترب منه الرجل الوقور .. يخاطبه قائلا : 
-  هل تريد ان تعي نوع الانتماء فيك ؟ 
ينتبه الرجل صاحب الراية .. وفي نفسه شوق للمعرفة .. بينما يستدرك الرجل قائلا :
-  تخلّ عن طموح نفسك في القيادة .. والظهور .. وابراز الحسنات .. اجعل منها راغبة بالاصلاح .. وان اصلحت فلا تفسد الصلاح بخراب الاخرين .. اقرأ سطور روحك علنا .. لا تخبأ سطرا وتظهر آخر .. ابعد نفسك عن جملة النفاق .. عن الظلام .. سر دائما في النور .. في الطرقات الواضحة .. 
ينهض الرجل صاحب الراية .. يسير بتجاه يمين المسرح .. ثم يعود متذكرا متسائلا : 
-  وان دس فينا يزيد اعوانه واقرانه ؟ 
-  دعه يصنع ما يشاء .. وانت ازرع فيهم من نفسك .. من روحك .. من غاياتك .. ولا تجعل من نفسك خصبة ليزرعوا فيك غاياتهم .. وتحدّ نزواتهم بتهذيب حالك ..
يقاطعه قائلا .. 
ولكنهم اعداء ..اختلطوا فينا لتشتيت وحدتنا وتفتيت هدفنا 
يرد الرجل الوقور قائلا متوجها نحو الجمهور : 
-  هنا تكمن لحظة الانتصار .. لحظة الغلبة .. ولحظة التحدي .. فمن يراكم لا يكاد يميز بينكم وبينهم سيروا بالاتجاه الذي تريدون وسيتبعونكم .. لان غايتهم ان يتبعونكم .. اعملوا الخير ..وسيعملونه مثلكم لانهم لايريدون تمييز انفسهم فينكشفوا .. اقرءوا الحسين ع بكل تفاصيله .. سيرددون معكم ذات المعاني .. لا نهم لا يريدون الشذوذ فتبدوا عورتهم امام الملأ .. رويدا رويدا ويوما بعد اخر .. سيحققون هدف الحسين ع دون ان يعلموا .. اقرءوا نشيد الحسين للصغار .. لا بنائكم .. لابنائهم .. سيورث فيهم الحب ..والايمان .. ستمتلأ قلوبهم بالعقيدة وستنتصرون .. 
موسيقى .. تنطفيء اضواء المسرح .. يخرج الرجلان .. وبعد الاضاءة يخرج الرجل صاحب الراية .. يلوح برايته ... يتوسط المسرح ما يزال ملوحا .. المسرح في ظلام ماعدا بقعة الضوء التي يظهر فيها الرجل ... يدخل رجل اخر يصطف الى جانب الاول يلوحان برايتيهما .. تزداد بقعة الضوء اتساعا .. يظهر ثالث يصطف معهم .. وتزداد بقعة الضوء .. يتكاثرون .. اربعة .. وخمسة ... وستة ... وكلما كثروا اتسع الضوء .. حتى يشمل جميع المسرح ... 
الجميع يهتفون لبيك يا أبا عبد الله .. 
ستار 

عدنان النجم 
ذي قار 
الثامن عشر من شهر صفر / 1435 هـ


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


عدنان النجم 

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2025/10/10



كتابة تعليق لموضوع : مسرحية ( عندما تثور الرايات ) 
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net