صفحة الكاتب : علي البدري

مسرحية : الضوء
علي البدري

  قرية معتمة  ودنيا يرسمها المخرج من العتمات... تتوسع العتمة  تظهر على منصة العرض ، تاخذ بالزحف الى  القاعة ، يبرز ( علي ) وكانه يوقف العتمة  ثم يصرخ 
علي :، ثامر.. ...( يكرر الصوت ) ثامر ، ( برهة صمت ) اين انت يا ثامر ؟ صرت لااراك حتى حين اراك
الاب :ـ وكانه اختفى .. ( يبحث عنه ) ثامر 
الام :ـ ابني هناك  ( تؤمى الى العتمة ) 
علي :ـ ( بغضب ) ماذا يفعل هناك ،  العتمة غموض ولااحد  يقدر ان يرى الاشياء واضحة ، لكن في النور 
 الاب :ـ كل شيء في غاية الوضوح 
الام :ـ  سيأتي .. 
الأب :ـ انا اخشى ان  تأخذه العتمة  الى هاوية مميتة 
الام :ـ اسم الله على ولدي .. هو اكيد يدرس مع اصدقاءه .. هو اكيد في المكتبة ، في المقهى .. في... ( تحاول السيطرة على البكاء ) 
علي :ـ امور غريبة 
الاب :ـ  ماذا تعني ؟
علي :ـ  ان العتمات اتخذت من قريتنا  مستقرا  ..  
الام :ـ  ماذا به ولدي ؟ قل ماذا اصاب ابني ثامر ؟ تتحدث وكانك تعرف عنه شيء 
الاب :ـ والضوء الساطع في عناوين هويتنا ؟
علي :ـ العتمة مستوردة يا أبي
الاب :ـ ضد من ؟
علي :ـ يدعون انهم قدموا ليزيحوا العتمة عنا  ... العتمة لاتقدر ان تزيح العتمة
الاب :ـ  وهل من يريد ان يقاتل العتمة ، يعمي عين النور 
الام :ـ ولدي ثامر ... وما علاقة ابني العتمة والضوء ... هذا الكلام لايهمني .. اريد ابني ..( بصوت عالي )  ثامر  .. ( مع الاب والابن .. وكانها تذكرت شيئا ما) حدثني قبل ايام عن مثل هذه الاشياء ، تحدث عن العتمة والضوء .. انه يبحث عن الوء نعم بنه راح يبحث عن الضوء 
الاب :ـ ماذا اخبرك ؟ 
ثامر :ـ عن مجاميع ارتدت العتمة  كي تحاربها .. اشياء لاافهم مافيها ، كل الذي اعرفه اني ابحث عن ابني .(كانها تبحث عنه بين الاشياء .. الجمهور ) ابني 
الأب :ـ يا خيبتي .. يعني انه جند نفسه في احدى العتمات التي كثرت هذه الايام حتى  صرنا لانرى الا الغرباء .. ( مع الابن ) علي 
علي :ـ نعم ابي 
الاب :ـ الا ترى انه عاشر العتمة فهوى الغياب 
علي :ـ  لاضير لانسان ان يبحث عن النور تلك شريعة الله لكن .. ان يكوّن عتمة لينير ، تلك المسألة محيرة 
الاب :ـ  الضوء ادراك ضمير لابد لمن يبعث الضوء ان يعرفه ، يعرف مصدر الانبعاث 
الأم : ـ سيأتي  ثامر .. ولدي ... 
( برهة صمت تطرق الباب  يحاول المخرج ان يلف ثامر ببقعة من الاظلام ) .
الأب :ـ أين ؟
ثامر :ـ  ابحث عن الضوء 
الحاج :  كيف تبحث عنه ؟؟؟؟ ومع من ؟؟.
ثامر  : ـ ( بشيء من العصبية واللامبالاة بمكانة الاب ) الضوء هو الضوء من لايعرف كيف يبحث عنه ماذا نفعل معه ؟ اني ابعث عن الضوء كي انير به هذه القرى المظلمة .. وليس علينا ان نبرر لاحد كيف سنبحث عن الضوء ، ونحن على ابواب عتمات  مركزها  الغرباء 
الاب :ـ ومن معك اليسوا غرباء ؟ انتبه لهذا النور الذي يملأ بيتك وقرى ناسك واهلك  ، انه يكفي لندرك به ما نريد هذا الضوء لم نستورده يوما ما من بلد لاجار ولا غريب ،
ثامر :ـ ستدركون يا ابي ان ابنائكم ما سعوا الى لتجديد هوية الضوء  ...... العالم دس في ضوئنا الكثير من العتمات نحن نريد ان نطهر الضوء من شوائب العتمة 
الام :ـ الله يوفقك ولدي 
( يزداد صوت الرمي  .../برهة صمت /  يهرول علي بأرتباك  )
اصوات :ـ  قتلوه ..
علي :ـ ما الذي يجري ؟...
شخص1:ـ  لانعرف ما الامر سوى ما نسمعه .
شخص2:ـ همهمات لم ندرك منها المغزى 
 شخص 3:ـ  لقد سمعت بعض الناس يتحدثون عن جريمة قتل .
شخص1:ـ كذب ..نحن  قرية  صغيرة يعرف بعضهم بعضا ..
ثامر :ـ    وحش 
علي : ـ وحش...؟ ومتى كان لقريتنا وحوش ؟!!.
ثامر :ـ  وحش من الوحوش العابثة  داخل النفسنا 
علي: ـ  لهجة غريبة 
ثامر : ـ ( ببرود) مدير مركز الشرطة ,
علي :ـ ( باستغراب )  حقا .. ( بعصبية ) من قتله ؟
ثامر : لا علم لي  والذي اعرفه انه يستحق  القتل كونه عميلا للعتمة  ومساندا لها 
علي: عن من تتحدث انت ؟... أي عتمة  تتحدث عنها ؟... أنه احد رموز الضوء عندنا . ابن هويتنا  ومنطقتنا  نعرف الاصل والفصل  عنه ، رجل صاحب غيرة  رحمه الله 
الأب :ـ ( يدخل المشهد .. مسرعا ) 
 لا حول ولا قوة إلا بالله.... .
علي :ـ  المشكلة يا ابي  ان ثامر يبدولي سعيد  بما جرى 
الأب :  هل ثمة من يسعد بمقتل الضوء ؟ ؟! 
ثامر :ـ ( بسخرية )  لا... لا طبعاً ... أنه نور ساطع وكان مبعث النور لكل  من لايعشق الظلمة 
ولولاة لاصبحت قريتنا  بل جميع قرانا معتمة
علي :ـ  سخرية عجيبة وكلام ملوث ، .... يبدو أنك تعاني مرضاً عقلياً . 
( صوت من بعيد ) 
:ـ اخواني المؤمنين انقلوا اقدامكم  الى جامع القرية لتشييع جثمان الشهيد ابن الضوء 
( تنتقل الانارة الى طريق جانبي  ، فيه رجلان معتمان ملثمان ) 
علي :ـ  حين تبعثر العتمة اشياءها تكبر مساحات الوهم 
الاب :ـ ولذك كنا نضع عند هامة كل باب ضوء.. ليدلي السائرين الى مستقرهم دون ضياع
علي :ـ كنا نعتقد بعد سقوط الوهم اننا سنصحو على عالم من الضوء 
الاب :ـ  العتمة مستوردة يا بني ،  ودفعنا الكثير من التضحيات كي نطر الوهم من حياتنا كي نصحي عوالمنا باليقظة الدائمة ، لك عمام وخوال ساروا الى مضجع العتمة وارعبوها  كونهم حملوا الضوء مسرى للناس فقتلوهم 
علي : ما الذي فعلوه يا أبي ؟ 
الاب :ـ ارعبوا الضوء  وهذا ذنب كبير في عرف الليلين ، هم مهززون يا ابي يرتعشون مع كل جدحة نار فكيف بمن يحمل قبسا من النور ، فتراهم يطفئون الشموع والمصابيح وكل مصادر الضوء ، يحلمون كيف يطفئون الشمس يا بني 
علي :ـ وماذا ذنب الابناء 
الاب :ـ كانوا يحرقون اليابس والاخضر ، تصور انهم حين يشتبهون باسم يذبحون كل من يحمل هذا الاسم
اللهم يجنبنا حكام العتمة 
ثامر :ـ ( يباغت الجميع بدخوله .. معقبا ) 
لابد من القصاص 
الاب :ـ  القصاص الحقيقي ان نبعد كل عتمة عنا 
ثامر :ـ  القصاص الحقيقي ان نقصي العاطفة بعيدا وان لانتعامل مع هذه المواضيع بشعورية فارغة  
علي :ـ ومتى كانت المشاعر الانسانية انتقاصا 
ثامر "ـ عدنا نفرح بعرسك اولا .
الاب :ـ لاعرس مع الحداد  ستفرج ان شاء الله 
 ( صوت انفجار.. اطلاقات نارية .. يركض علي ليعرف الامر )
علي :ـ ( مع نفسه) ربما العتمة  التي رايتها  قبل قليل ( بصوت )
الله يستر . ( يحاول الخروج )
الاب :ـ عد يا بني 
عامر :ـ ( مع نفسه وبارتياح  ... ودون علمه تظهر بعض التمتمات المسموعة )  يبدو أن الشباب أنجزوا مهمة أخرى اليوم.
( تنتقل الانارة  الى احدى الزوايا الجانبية )
  علي :ـ ما الذي حدث ؟ 
  شخص 1:ـ انفجار في بيت الشيخ 
علي :ـ ( باسف ) ماذا ؟
ايعقل ان يقتلوا  ابن الضوء ...هذاالشيخ المصلح الطيب؟
 ( بر هة صمت ) ومن سيجرء على قتل هذا الرجل التقي الصالح ، انه لم يؤذ نملة ، وكله فضائل.
الأب :ـ ( يجيب من زاوية اخرى من زوايا المسرح )  يا ولدي إن هناك عتمة خبيثة تريد أن لا تجعل في هذه القرية ضوء نستنير به  .. من اجل ان تسيطرعلى شبابها وتعبث بمقدراتها ... 
علي : ومن هذه العتمة  يا أبي .؟
الأب:ـ  ذيول انظمة  لاتهجع بعدما انقطع سبيل رزقها الذي كان من دمنا 
علي : ـ ومن أين لهم هذه الأموال ؟
الأب:ـ الكثير من الدول المعتمة  التي تخشى ان يغشاها الضوء فتسقط هباءا منثورا ، 
علي :ـ الله يرحمك يا شيخ ويلعن كل ظالم .
( تنتقل الانارة الى مكتب صغير  يمثل محل الاب ) 
شاب :ـ سلام عليكم 
 الحاج :ـ وعليك 
الشاب :ـ هل هذا المحل ( يؤميء الى قريب ) محل ابو ثامر 
  علي علي ويسأله ( لماذا تسأل  ومن أنت وماذا تريد ) .
الشاب:ـ  أنا أسمي سيف وأنا صديق ثامر في المدرسة  وأردت استعارة كتابه فلدينا امتحان اليوم  وقد أضعت كتابي .
الأب : يا ولدي أن دارنا خلف مركز الشرطة أذهب إلى هناك ستجده ، يذهب الشاب  إلى البيت ليجد عامر ويبدأ علي بلوم والده .
علي : ـ لماذا أخبرته عن عنوان دارنا يا أبي من قال أنه زميل ثامر بحق ، ثم إنني لم أر هذا الشاب مطلقاً .
الأب :ـ من يسأل عن دار الحاج  فاضل هنالك ألف من يدله لماذا نخاف نحن لا مع الحكومة ولا مع المعارضة .
علي :ـ وهل كان الشيخ مع الحكومة أم مع المعارضة أبي الأوضاع في تأزم دائم ... أرجو أن ننتبه أكثر ...
/ على جانب من المسرح )
ثامر :ـ ( ينفاجىء ) سيف ...؟  ألم أخبرك بأن لا تأتي إلى بيتي ، ماذا جرى تكلم بسرعة وأذهب.
سيف : ـ أحد الشباب الذين نفذوا العملية ليلة أمس  مصاب ونحتاج إلى أدوية  ولا أعرف غيرك  يستطيع  أن يساعدني ، هيا بسرعة .
ثامر : ـ أذهب أنت وسأجلب ما نحتاجه معي هيا أذهب . 
( زاوية اخرى )
(يدخل ثامر مرتبك إلى المنزل)
الأم :ـ   ما بك يا ثامر ؟ وماذا تفعل بهذه الأدوية  ؟هل جرحت نفسك؟ .
عامر :ـ كلا كلا .. فنحن نحتاج إليه في صيدلية المدرسة وقد تبرعت بأن أجلب الأدوية معي ...
الأم : ـ ولم لم تشترعلبة جديدة في الأمس.... أترك هذه وسأشتري لك علبة جديدة اليوم ...وخذها غداً إلى المدرسة .
ثامر : ـ كلا يا أمي هذه ستفي بالغرض مع السلامة ،
 ( جانب من المسرح )
رجل 1: ـ والله يا حاج فاضل يعز علي أن أترك قريتي وأهلي ولكن ما في اليد من حيلة  وصلني تهديد كالتهديد الذي وصل إلى الشيخ  وقد رأيت ما فعلوه بالشيخ رحمه الله.
رجل 2 :ـ  أن قضية التهديدات باتت تؤرق الجميع فلا يسلم منها طبيب ولا رجل دين ولا محامي ولا مدير مدرسة يجب أن نجد لها حلاً .
رجل3 :ـ ان الغرباء  في المنطقة بدأوا يزدادون بشكل مخيف حتى أنني أخشى السلام عليهم إذ صادفني أحد ملهم ، فوجوههم كوجوه الشياطين انهم حقا مجرد عتمة .
الحاج فاضل :ـ دعونا ندفن الشيخ اليوم وسنعقد اجتماعا بعد أيام العزاء .
  شخص1:ـ وهل ستستمر أيام العزاء في القرية يوماً بعد أخر 
شخص 2:ـ قبل نهاية أيام العزاء على الشيخ تم خطف أبن التاجر وطلبوا فدية 
شخص 3:ـ وتم قتل الحلاق لأنه يزيل شعر الذقن لزبائنه ،
شخص1:ـ  قتل مجموعة من أصحاب السيارات ، وسرقة سياراتهم 
شخص 2:ـ كثر دخول القوات الأمريكية إلى القرية ....
شخص3:ـ ورداً على دخول هذه القوات وتفتيشها لإحدى  المدارس الابتدائية تم تهديم المدرسة الابتدائية  من قبل جنود الظلام , 
الأب:ـ ولم يعقد اجتماع وجهاء القرية أبداً ,
شخص 1:ـ  لأن التجمعات أصبحت مشبوهة  وتطاول الظلاميون فأخذوا يخرجون بسياراتهم المسروقة علناً وينصبون نقاطاً للتفتيش  فيقتلون كل شرطي 
شخص2:ـ بل كل من يعمل موظفاً لدى الحكومة ... 
شخص 3:ـ يقولون ان الحكومة من صنع الاحتلال الكافر...
شخص 1:ـ بدأت  الكثير من العائلات تهاجر تاركة بيوتها لتسلم على أرواح من بقي من أهلها .
( جلبة اصوات .. وزعيق .. الناس تجري .. تركض .. وهي تسأل عما يجري ) 
شخص 1:ـ يبدو ان احد ابناء القرية تشاجر مع الارهابين ...
شخص2:ـ ماذا جرى ؟
شخص 3:ـ تعرض احد الغرباء بفتاة  من اهل القرية  .. فثار ابن عمها وقتله .. 
شخص :ـ وهل عرفوه ؟
شخص 3:ـ تبين ان المقتول  من المجاميع الارهابية...
شخص 2:ـ وهل عرفوا القاتل ؟
شخص 3:ـ هو ابن القرية 
( ما زالت الضجة قائمة ـ وفي جانب من جوانب المسرح ـ ) 
( يدخل الاب يبحث عن علي ) 
الأب :ـ علي .. اين أنت ؟
 علي :ـ نعم أبي 
الأب :ـ بغضب :ـ ألم أقل لك  أن تبقى بعيداً عن هؤلاء القتلة ... ألم أحذرك منهم مراراً وتكراراً لماذا فعلت هذا ؟
( لحظات صمت كبيرة ) 
الحاج :ـ ( بخشوع )  ألم أحذرك يا ولدي ... لا أريد أن أخسرك كما خسرت اخوك ... ذهب ذلك الغبي وأصبح عتمة من العتمات وأنت تريد أن تصبح مقتولاً ..( يبكي ) 
الأب : أهرب يا ولدي وأترك القرية وسنرى  ما ستجلبه لنا الايام ,
نعم أهرب .. إلى مكان بعيد وأسلم على حياتك  وحياتي  فأن جرى لك شيء سأموت قبلك بحسرتي... أمكتوبة علينا أيام الشقاء ... متى سنرتاح ياربي ...
علي : وأين سأذهب ؟ كيف أترككم هنا وحدكم ..
الأب : وماذا سيحدث لنا ... أسلم على نفسك  ولا تنشغل بنا .
( جانب من جوانب المسرح )
الأمير : من هذا الفتى الذي يريد أن يتحدانا ؟ .. إنه يتحدى قوتنا ويريد أن  يكسر هيبتنا أمام الناس  وأمام الداعمين لنا ... أذهبوا واعرفوا من هو هذا الصعلوك .... هيا أذهبوا ... 
( بهمس ) ودعوا ثامر ليأخذ دوره .. وليبحث نفسه عن القاتل .. وتصفيته .. اريد القاتل 
( في  زاوية اخرى من زوايا المسرح ) 
ثامر :ـ ( يصرخ بوجه الناس  ) اعترفوا باسم القاتل والا ...


( على جانب من جوانب المسرح )
.شخص1:ـ ان قضية التكتم على هوية علي أصبحت قضية مهمة في القرية وأن فرطنا بعلي معناه أننا نفرط بشرفنا ومن يدافع عنه وسوف لن يدافع أحد عن عرضه بعد اليوم .
شخص2:ـ أن هؤلاء الشياطين تمادوا كثيراً وحولوا حياتنا إلى جحيم يجب ان نقف بوجههم ونقاومهم .
شخص  3:ـ   مهلاً مهلاً ... صحيح أننا يجب ان نحافظ على علي  وعلى شبابنا وعلى بناتنا ،ولكن مسألة أن نقاومهم هذا شيء أخر ... بماذا نقاومهم ؟ أنهم مسلحون ومستعدون للتقاتل والقتل بدم بارد ، ونحن لا نملك السلاح وأعدادنا قليلة وأغلبنا من كبار السن 
شخص4:ـ يا جماعة .... نحن اليوم لا زلنا لم نفق من صدمة وهول ما جرى من أحداث متسارعة خلال السنة الماضية  أرى أن نركز على قضية المحافظة على علي وهذه أول خطوة في مقاومة هؤلاء  المجرمين . على بركة الله .
شخص1:ـ إذا سنذهب إلى الحاج فاضل ونطمئن عليه ويجب أن ندعمه في محنته هذه ويشعر إننا بجانبه . نعم بالتأكيد فهو صاحب واجب على الجميع ، ومواقفه مشرفة مع الجميع.
( في الجهة الاخرى من المسرح .. عامر يستجوب اسراه ) 
  ثامر :ـ ( بقسوة ) انا اعرف انك احد وجهاء قريتنا .. ولايمكن للوجيه ان لايعرف من هو الذي قاد عملية قتل المجاهد؟
وعلى علمي انك  كنت موجودا في مكان الحادث ،فمن ذلك الشاب الذي قتل معاون الأمير .
الرجل : لا أعرف .
ثامر :  ها ها ها ... (بغضب) أنت تعرف كل شخص في القرية فكيف لا تعرفه.
الرجل : في الفترة الأخيرة هنالك الكثير من الغرباء دخلوا القرية والكثير منهم مجرمون لا نعرف أصلهم ولا فصلهم .
ثامر : أنا أعرف ما تقصد ... أنك تلمح إلى وجود المجاهدين الأبطال وعلى رأسهم الأمير ( حفظه الله) ولكنك ستعترف حتى لو اضطررت إلى قلع عيون أبنك أمامك ... هل فهمت .
الرجل :ـ والله لو اقتلعت عيونه وقتلته  ألف مرة ثم قتلتني لما بحت لكم  بأسم الرجل.
ثامر : ـ إذاً أنت تعرفه وأنا سأعرفه منك أو من غيرك  ، سأجلد الجميع  حتى يأن أحدهم ويرضخ تحت التعذيب أو تحت وطأة صرخات نساءه ... ها ها ها .
الرجل :ـ ما بك يا ثامر أنت تعذب أهلك وهذه البنات التي تتحدث عنها أنما هن أخواتك أو بنات قريتك ... أين غيرتك يا أبن الحاج فاضل؟.
ثامر :ـ أن غيرتي على ديني وأرضي ، وهذه الغيرة تدعوني لأن أساند المجاهدين لنحرر الأرض .
الرجل :ـ عامر ... يا ولدي تريد أن تحرر الأرض  باستعباد الناس فما قيمة هذه الأرض ونحن نعيش عليها أذلة مهانين مسلوبي الإرادة والرأي .
ثامر: كفاك نصائح والآن هل تخبرني أم أجلب مجموعة من بنات القرية ليعذبن أمامك.
الرجل : لقد أقسمت ما بيني وبين الله  أن لا أبوح بأسمه 
ثامر :ـ اذن اجلبوا عددا من النساء ليعذبن امامه .. ولنرى حجمه حينها ؟
الرجل :ـ  حجمي الحقيقي في الحفاظ على أعراض الناس بنفس الوقت ... فسأخبرك بمن يستطيع أن يخبرك عن أسمه وسوف لن يمانع في أخبارك.
ثامر :ـ أحسنت الآن بدأت تفهم الامور، من سيخبرني؟
الرجل :ـ أتعدني أن لا تتعرض لأي من أهل القرية ثانياً ؟
ثامر :ـ أعدك ... هيا أنطق بالأسم  فلقد بدأ صبري ينفذ ...
الرجل :ـ  أذهب إلى الحاج فاضل وهو سيخبرك من يكون هذا الشخص .
ثامر : ماذا ... أبي وكيف يعرف ؟.....أنه لم يكن في مكان الحادث .
الرجل : أسألهُ وسترى ... أنه أحد كبار وجهاء القرية ...
( في احدى جوانب المسرح ) 
ثامر :ـ (يدخل مسرعاً إلى بيت والده الذي لم يزوره من شهر بعد أن طرده والده لتورطه في أعمال عنف ضد الأبرياء .. وانخراطه مع المجرمين .)
الأب : ماذا تريد ؟ ولم أتيت إلى هذا المنزل الطاهر؟ ، أخرج أيها المجرم .
ثامر:ـ أريد أن أرى أمي ... ما بك يا أبي ؟.
الأب : لا أم لك ، أن أمك هي الجريمة وأبوك الإرهاب  ثم لما لم تتذكر أمك  طوال الفترة الماضية .
ثامر :ـ ان الجهاد لايبعدني عن الام والاب  ، متى ستفهمون ، ألم تربينا أنت على  الجهاد والدفاع عن الحقوق ، ألم تعلمنا تقديس الجهاد  في سبيل الله ؟هل أنا أول مجاهد يجاهد في سبيل الله...
الأب :ـ وهل الجهاد يعني قتل الأبرياء وسرقة السيارات ثم تفجيرها على المواطنين ، أنكم مظللون تعبث بكم سياسات دول طائفية مريضة ... متى تصحوا من نومتكم ... أصحوا أيها الأغبياء .
ثامر :ـ أبي أنا لم آت لأتناقش في موضوع الجهاد وإنما قدمت لأمر آخر .
الأب :ـ  ماذا تريد تكلم بسرعة فلدي عمل .
ثامر : أريد أسم الشخص الذي قتل نائب الأمير ، وأعلم أنك تعرفه .
الأب :ـ إذن أنت لم تأت لترى أمك كما قلت ... ، تريد أن تتقرب إلى الأمير بدماء الناس.
ثامر : أبي أن هذا المجرم الذي قتل المجاهدين يجب أن ينال العقاب أنه عميل ومدسوس لمحاربة المجاهدين .
الأب : ـ هل تعرف كيف قتل هؤلاء الشرذمة .
ثامر : أنهم يجاهدون ولا أريد أن أسمع وصفاً آخر لهم ، أنه ظلم والله لا يحب الظالمين .
الأب : المشكلة أنكم تحفظون مجموعة مصطلحات لكن لا تعرفون متى تستخدم ، وما هو الظرف المناسب لها .
ثامر : ـ أبي دعنا من المصطلحات وأخبرني عن هذا المجرم .
الأب : أنا سأخبرك من هو ، لسبب واحد هل تعرفه ؟
ثامر : لأنني أبنك الذي تود أن يكون مجاهداً كبيرا في سبيل الله .
الأب : كلا ... بل لكي تكف آذاك عن الناس ولا تستجوب الناس وترمي بلائك عليهم.
ثامر :ـ أياً تكن الأسباب المهم أن تخبرني .
الأب : سأروي لك القصة كاملة :
  أن بنت خالتك نور كانت عائدة من المستشفى مع والدتها وقد أعترضها جنود العتمة وسحبوا عباءتها وأرادوا أن يأخذوها عنوة لتكون جارية لدى أميركم وزمرته العفنة، 
عامر : ـ ( مستغر با ممايسمع ) نور خطيبة علي ، وماذا حدث بعد ذلك ؟.
الأب : جاء من يخلصها من هؤلاء الشرذمة .
عامر : ومن هو ... ؟! .
الأب : إنه شاب من شباب قريتنا لم يكن مستعداً أن يرى عرضك يهان ويعتدى عليه ويبقى ساكتاً .
  ثامر :ـ (يضرب  بيده على جبهته ويجلس على الأريكة  لائماً نفسه ).
لماذا يحدث هذا ... ومع أحد ى بناتنا ، لابد ان هناك خطأ كبير .
الأب: وما الفرق بين بناتنا  وبنات الناس  فالعرض غالي على الجميع .
ثامر :ـ ( بانكسار ):ـ ومن هذا الشاب ... ؟
الأب :ـ وهل تريد أسمه فقط؟ أم تريد عنوانه ؟ لتذهب وتقدمه قرباناً لطموحاتك  المريضة.
ثامر ( بغضب) : أبي ... أريد أن أصل إليه قبل أن يصل إليه غيري لأنهم سوف يقتلوه شر قتلة .
الأب : ـ لا تخف ... فهو في مكان آمن .
ثامر:ـ ( يهم بالذهاب ) أبي حافظوا عليه كما حافظ على عرضنا .
الأب :ـ أنتظر ... ألا تريد أن تعرف من هو ...
ثامر :ـ لا ... لا أريد أن أعرف  الآن ... لكني سأعرف لاحقاً ...
الأم : ـ ثامر ... أبقى معنا يا ولدي ... أم نسيت أمك ( وتهم بالبكاء) .
ثامر :ـ أمي لا تبكي أنا أقوم بعمل مقدس فيه لله رضا وللناس صلاح وأريدك أن تفتخري بي .
الأب :ـ وهل أنت مقتنع بما تقول ... أنكم مجرمون قتلة مغرر بكم ، أنتم أدوات لسياسات خارجية يا أهبل .
ثامر : ـأمي إذا أردتي أن أبقى لبعض الوقت أطلبي منه أن لا يناقشني بهذه المواضيع فلكل منا قناعته التي لا يتنازل عنها .
الأم :ـ وما الذي جنيناه  من قناعاتكم تهدمت بيوتنا وتفرق أبناءنا  أتركونا اليوم من هذه الأحاديث أبقى نتعشى سوية اليوم .
ثامر :ـ صحيح أين علي اشتقت له أريد أن أراه .
الأب :ـ علي مسافر .... أرسلته البارحة إلى بغداد ليشتري لنا بضاعة  للعمل .
ثامر :ـ لكن شراء البضاعة لا يتطلب سوى بضع ساعات فلم  يبيت في بغداد .
الأب :ـ نظراً للظروف الأمنية  أصحاب أسواق الجملة  يغلقون محلاتهم بعد الظهر ... خشية على أرواحهم من بعض الناس .... ؟
( جانب آخر من جوانب البيت ) 
الأم : يا حاج ... أخشى عليه كثيراً .
الأب : علي الآن في كربلاء  عند صديقه  حسن،في مدينة الضوء والنور القويم ،  الحمد لله الذي تعرف على مثل هذا ال صديق في الكلية ...
الأم :ـ وأنا أيضاً أثق كثيراً بصديقه  (حسن) فهو من عائلة محترمة  وأصحاب غيرة وكرم ، ولكن الشوق يأسر فؤادي .
الأب :ـ سنزوره عما قريب ، أريد أن أرتب بعض الأمور لكي لا يكتشف أمره  ثم نذهب لنزوره  ، وهو بالتأكيد متلهف لسماع أخبارنا ، 
الأم :ـ ( تدعو ) يا راد يوسف على يعقوب رد على ولدي سالماً غانماً.
( زاويا اخرى من زوايا المسرح ـ الضوء معتم / صوت مفزع ) 
علي :ـ ( ينهض فزعا ) حسن .. حسن 
.حسن : خيراً يا علي ... أهدأ اهدأ ... أنها الأحلام ذاتها أليس كذلك .
علي :ـ (بصوت منهك)  يا الله ... يا الله ... يا الله ... وهل هذه هي احلام يا حسن ....أم  كوابيس عشناها في الواقع ؟وها هي تلاحقنا حتى في أحلامنا .
حسن :ـ أتكل على الله  وأستعذ من الشيطان وعد لنومك .
علي : وماذا نفعل لشياطين الأنس هل نتعوذ منهم وننام ؟ .
حسن : ـ أرتاح  الآن وغداً نكمل حديثنا ...
علي : أنا أخشى  أن أكون قد أزعجت أهلك في منتصف الليل .
ضاحكاً:ـ لا تقلق ... تعودوا على إزعاجك الليلي ...ها ها ها .
(والد حسن يطرق الباب وينادي بصوت منخفض ).
ابو حسن : ـ  ولدي هل استيقظت ؟....قرب وقت آذان الفجر .
حسن :ـ نعم يا أبي نحن مستيقظان تفضل ...
أبو حسن : السلام عليكم يا شباب أراكم مستيقضين .
علي :ـ والله يا عم الكوابيس تؤرقني أصحى من كابوس الليل  لأستقبل كابوس النهار ولا أدري متى الفرج .
أبو حسن :ـ الله كريم  يا ولدي ، أنها غمة وستنجلي أن شاء الله .
علي :ـ لا أعتقد أن هنالك نهاية لما نعيشه سوى نهايتنا نحن .
أبو حسن : ـ يا ولدي أنها اختبارات  تمحص الإنسان وتغربل البشر .
حسن :ـ وهل يؤجر الناس على هذه الاختبارات يا أبي ؟.
أبو حسن :ـ يقول الله تعالى في محكم كتابه العزيز (أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آَمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ) وقال ( تلك الأيام نداولها بين الناس) فهي اختبارات يدخل فيها الإنسان لتصقل نفسه وتقوي عزيمته لينال المراتب العليا ...
  ثم إنكم في كلية التربية الرياضية ماذا درستم؟ ... ألم تدرسوا أن اللاعب الذي تريدون أن تؤهلوه لبطولة  كبيرة تدربوه تدريبا مكثفا وتزيدون من تدريباته وتحددون عليه طعامه وراحته كل هذه الضغوطات عليه  ليتطور مستواه  ويصبح أكمل وأفضل .كذلك هي النفس  كلما أتعبتها في التدريبات كلما حققت انجازات أفضل .
علي :ـ أسمع أسمع يا حسن أن أباك يتحدث عن التربية الرياضية وكأنه مدرب محترف . .. ها ها ها .
حسن :ـ فعلاً يا علي عمر الراحة لم تخلق انجازاً وتصنع أنساناً وأعتقد إن ما نمر به اليوم هو لصقل نفوسنا وتهذيبها .
علي : ـ عمي أبو حسن إلى متى يستمر الحال؟ لقد تعبنا .
أبو حسن :ـ ولدي علي ليس المهم أن نتعب بل المهم أن نحصل على نتيجة بعد هذا التعب .
علي : ـ والله يا عمي  لا أعرف ما النتيجة  التي سنحصل عليها أنا ضائع ومشتت وعندما أنام  أتمنى أن لا استيقظ أبداً.
أبو حسن :ـ  أن الإمام السجاد  أبن الإمام الحسين بن علي بن أبي طالب ( عليه السلام) يقول ( سبحانك ما أضيق الطرق على من لم تكن دليله وما أوضح الحق عند من هديته سبيله) فأجعل الله دليلك وسلم له أمرك وهو يهديك إلى مافيه الصلاح .
علي :ـ  عمو انت تعرفني منذ سنوات  وأنا صديق حسن  ولم يبدر مني ما هو سيء وقد تركت الحرام منذ علمت أن الله لا يحب من يعتدي على حرماته .
أبو حسن : ـ أبني حسن أعطي كتاب الصحيفة السجادية إلى علي ليقرأ فيه بعض الأدعية وسيرتاح قلبه  فالدعاء طريق مجرب لتنفيس الكروب واستجلاب المرغوب.
( بعد برهة صمت / تسلط الانارة على حسن وهو يفترش سجادته وبيديه الصحيفة السجادية )
:ـ أ يعقل أن تكشف همومي  هذه الوريقات ؟... لا أعتقد ...
( ينهض .. ليضع الكتاب فيقرأ فيه ،  )
علي :ـ   إلهي لا تؤدبني بعقوبتك ولا تمكر بي في حيلتك ، من أين لي الخير يا ربي ولا يوجد إلا من عندك ،لا الذي حسن استغنى عن عونك ورحمتك ولا الذي أساء وأجترأ عليك خرج عن قدرتك،( يقلب الصفحات ويقرأ)
  :ـ  إلهي كسري لا يجبره إلا لطفك وحنانك، وفقري لا يغنيه إلا عطفك وإحسانك وروعتي لا يسكنها إلا أمانك،
( يقلب الصفحات مستغرباً ويقرأ )
:ـ  إلهي ما ألذ خواطر الإلهام  بذكرك على القلوب  ، وما أحلى المسير إليك  بالأوهام في مسالك الغيوب  وما أطيب طعم حبك وما أعذب  شرب قربك 
( يتصفح بسرعة أكبر وكأنه يريد أن يقرأ الكتاب  كله بسطر واحد فيقرأ )
:ـ  إلهي أذهلني  عن أقامة شكرك  تتابع طولك ، وأعجزني عن إحصاء ثناءك فيض فضلك  وشغلني عن ذكر محامدك ترادف عوائدك ) حسن :ـ ( يدخل فجأة )أراك لم تنم يا علي .
علي :ـ ما هذا الكنز يا حسن ؟ من أين لكم هذا ؟ والله ما سمعت بهكذا كلام طوال حياتي .. لمن هذه الكلمات..
حسن : ـ أنها أدعية الإمام السجاد زين العابدين (ع) أبن الإمام الحسين (ع).
علي :ـ حدثني عن هذا الرجل  يا حسن فقد أسرتني كلماته .
حسن : إنه أبن الأمام الحسين وجده الإمام علي بن أبي طالب (ع) وجده رسول الله (ص) في بيوتهم كان الوحي ينزل على النبي الأكرم وقد نهلوا علمهم من رسول الله (ص) حيث يقول الإمام علي (ع) ( علمني رسول الله ألف باب من العلم يفتح من كل باب الف باب)  يعني بحساباتنا اليوم مليون علم مثل الفيزياء والكيمياء والرياضيات  والفلك ... وأنظر مليون علم من الرسول (ص) .
علي : وهل أسمه السجاد أم لقبهُ ؟.
حسن : أن أسمه علي بن الحسين الشهيد بكربلاء .
علي : يعني أسمي يشبه أسمه عليه السلام ... ولم لقب بالسجاد ؟.
حسن :ـ  لكثرة سجوده الطويل حتى قيل إنه يسجد من صلاة الصبح حتى صلاة الظهر دون أن يرفع رأسه ويصلي الظهر بوضوء صلاة الصبح أي أنه لم ينم خلال فترة سجوده.
علي :ـ  سبحان الله ... غريب .
حسن :ـ طبعاً غريب ... أن الإسلام كله غريب عن هذه الدنيا  التي تحكمها المصالح والقوة  فيأتي هذا الدين ينشر المحبة  والتسامح وصلة الرحم ... أكيد سيكون غريب في عالم الوحوش هذا .
علي :ـ والله يا حسن أن الشرذمة التي جاءتنا  من بقية الدول والتي تدعي الانتماء للإسلام ... جعلتني في لحظة ما أكره كلمة .... استغفر الله  ...
حسن :ـ وهذا بالضبط ما يريده من يسيرهم  ، أن يشوه صورة الإسلام بمجموعة من المغرر بهم ... في ذهنية العامل .
علي :ـ أرجوك لا تأخذنا بعيداً عن السجاد  فأن كلماته تؤنس الروح ... قلت لي أنه أبن الإمام الحسين أليس كذلك ؟.
حسن :ـ نعم إنه أبنه وهو إمام معصوم .
علي : ـوالله لو لم يكن معصوما  وتلفظ بهكذا كلمات لمن الله عليهم بخير الدنيا والآخرة .
( برهة تفكير )لكن كيف تقول إنه  معصوم ، هل ان العصمة متاحة للجميع ؟...
وكيف يكون معصوم وكل أبن آدم خطاءون .
حسن: ـ إن الحديث في العصمة طويل وهنالك مباحث كثيرة مستمدة من القرآن والسنة المطهرة تثبت العصمة بالدليل القاطع لكن ببساطة نحن نعتقد بأن النبي (ص) معصوم عن الخطأ والخطيئة لأن الله تعالى يقول عنه في كتابه العزيز ( وما ينطق عن الهوى أن هو إلا وحي يوحى) أي أن كل قول وفعل النبي (ص) هو من الله بوحي وأمر إلهي والنبي (ص) يقول ( أدبني ربي فأحسن تأديبي) فكل قوله وفعله إلهي ، فهو معصوم عن الخطأ والخطيئة .
علي :ـ نعم وهذا ضروري  جداً فأن النبي جاء ليخبرنا عن الغيب وعن العوالم التي بعد الدنيا فإذا كان يحتمل الخطأ في ما يخبره فإن المنظومة  الإسلامية كلها ستكون محتملة الخطأ في كل أجزاءها .
حسن :ـ  أحسنت ، لذلك نجد أن الله تعالى يقول اليوم أكملت لكم دينكم وأتتمت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام ديناً، إذا فإن الله  يقر كل ما قدمه النبي إلى الناس وهو لم يقل أو يفعل أي خطأ .
علي :ـ  نعم ذلك من البديهي  ، لأنه لا يعقل أن يقوم النبي بفعل خاطئ وأنا وغيري لا نقوم بهذا الفعل ، فنصبح أفضل منه وهو سيد الخلق .
حسن :ـ  إذا نحن متفقون على مبدأ العصمة .
علي : نعم بالنسبة  للنبي طبعاً ، لكن هل لغيره تكون هذه العصمة أيضاً؟
حسن : ـ أنه مبحث آخر يسمى الإمامة إذا أحببت أطلعك عليه اليوم عندما نذهب إلى المكتبة  المجاورة لمحل والدي .
علي : والله ان الموضوع شيق  ولأجل التعرف على الإمام السجاد سأقرأ  عن الإمامة ولو أني لا أحب القراءة أصلاً ...  ها ها ها
حسن : ـ عد إلى النوم يا صاحب الدم الخفيف فلست وحدك لا تحب القراءة ، فالقراءة أيضاً لا تحبك ها ها ها .
( في زاويا من زوايا المسرح ) 
حسن :ـ  لماذا اغلقت مكتبة ابو صادق اليوم ؟
ابو حسن  :ـ لدية تعزية 
  علي : ـ  يعني ..  أبو صادق سيوزع الطعام  لوجه الله ويهدي ثوابه  إلى أحد الأئمة أليس كذلك .
أبو حسن :ـ  أحسنت يا علي أصبحت تعرف جميع مصطلحاتنا . ها ها ها  ، لكن لم تسألان عن أبي صادق .
علي : والله يا عمو أريد أن اقرأ عن الإمام السجاد (ع) فلقد لا مست كلماته روحي وأشعرتني  بأحاسيس  غريبة ولأول مرة  أشعر بالطمأنينة  منذ شهور  فلقد كانت وصفتك في محلها .
أبو حسن : ـ ماذا تريد أن تعرف عن الإمام السجاد (ع) .
علي : كل شيء عنه كيف استطاع أن يعبر بهذه الجمل الآلهية التي تعرج بنا إلى السماء ، في أي ظروف من الطمأنينة  والسكون كان يعيش ليستطيع أن يصف هذه الاختلاجات النفسية التي يعيشها البشر .
أبو حسن : ـ على العكس تماماً فإن الإمام السجاد (ع) عاش في ظروف عصيبة مملوءة بالآلام والأحزان ، لقد كان حاضراً مع والده الحسين (ع) في واقعة الطف وقد رأى أباه يذبح أمامه وأخوته يقطعون بالسيوف حتى ان أخاه الرضيع لم يسلم من تلك الوحوش البشرية  وقد رافق نساء النبي (ص) في رحلة الأحزان والسبي ، فقضى عمره يبكي مما أصاب ذويه من نكران وجحود وتقتيل وتشريد بعد ما أوصى الله بهم وبمودتهم .
علي :ـ وكيف أوصى الله بمودتهم ؟! 
أبو حسن : ( أن الله تعالى يقول في كتابه العزيز مخاطباً النبي (ص) ( قل لا اسئلكم عليه أجراً إلا المودة في القربى) .
علي :ـ هذا يعني أن أجر النبي هو مودة آل بيته 
أبو حسن :ـ أحسنت يا ولدي 
علي :ـ ومن آل البيت الذين أمرنا  الله بمودتهم هو الإمام السجاد (ع) .
ابو حسن  : ـ آل البيت منصوص عليهم من النبي الأكرم بعد أن أمره الله بهم وحددهم له وهم أثنا عشر إمام أولهم الإمام علي (ع) وآخرهم الإمام المهدي المنتظر (عجل الله فرجه) الذي هو أمامنا وقائدنا  اليوم وخليفة رسول الله (ص) في عصرنا هذا .
علي : ـ ماذا يا عم ؟ خليفة رسول الله (ص) ؟ في وقتنا هذا  خلافة ؟ !!
أبو حسن :ـ  أكيد يا علي خليفة رسول الله (ص) فالإسلام نظرية ونظام لكل الأزمان والأمكنة .
علي : لكن ألم تنته الخلافة .
أبو حسن : يا ولدي أن الله أنزل الكتاب وأرسل النبيين ليقوم الناس بالقسط وتسود العدالة بين الناس ويدحض الباطل ويدفع الظلم وقد قال في محكم كتابه العزيز أن الأرض  يرثها العباد الصالحون وأن في النهاية ستتحقق دولة العدل الآلهي على هذه الأرض فمن سيكون القائد برأيك  لهذه الدولة الإلهية ومن يطبق النظرية الإسلامية  على كل الأرض  حيث أن الله يقول عن الإسلام ( سيظهره على الدين كله) فمن سيتولى تمثيل هذا الدين  على الكرة الأرضية  ؟ هل هو شخص  قاصر مثلي ومثلك وأنت ترى حال الأمة  الإسلامية وقد أصبحت طوائف  وأحزاب  فلا بد أن يكون خليفة لرسول الله ومعصوم ومن صلبه وله تسديد إلهي  ليقود عملية التغيير  الأكبر في التاريخ الإنساني.
علي : ـ عمو أنا مذهول مما أسمع وكأنني أستمع لدين غير الدين  الذي عرفته.
حسن :ـ  بالضبط أن ما يطرح من ( أسلام) إنما هي مجموعة من التقاليد الاجتماعية والأعراف القبلية التي ورثوها من الأجيال التي سبقت وهي بعيدة كل البعد عن الإسلام  الذي جاء به النبي الأكرم (ص) .
علي :ـ   لكن من سفه هذه النظرية العظيمة وجعلها مفرغة من محتواها لنصل إلى هذه النتائج المخزية من واقعنا المعاصر  حيث أن الدول الإسلامية أكثر الدول تخلفاً وانتشارا للأمراض والفقر .
أبو حسن :ـ أنه الابتعاد عن الإمامة التي تمثل الاستمرارية  في التواصل مع القرآن .
علي : ـ وهل للإمامة هذا الدور الكبير ؟ .
أبو حسن : ولدي العزيز الإمامة هي قيادة الناس نحو الله وتطبيق أوامر القرآن في المجتمع فإذا كان الناس بلا قائد ووليّ عليهم زعماء مثل زعماءنا اليوم ، كيف نصل  إلى الله  لذا أدعوك لقراءة مبحث الإمامة لتفهم أكثر عن الموضوع ، أنه شيق وسيعيد لك الأمل في حياتك ومستقبلك .
حسن : ـ ولهذا سألنا اليوم عن الحاج أبو صادق ، أراد علي الإطلاع على مبحث الإمامة.
أبو حسن :ـ  أحسنتما يا شباب ، يجب أن تقرأوا لكن الأهم من القراءة أن تفكروا ،لأن التذكير هو الغربال الذي يصفي لكم الأفكار الرصينة من الأفكار المندسة والسطحية  التي ملئت عالمنا اليوم  واحتكما دائماً إلى العقل لأنه حجة الله عليكم .
علي : ماذا أفعل  لحظي العاثر  ، في اليوم الذي أقرر أن أدخل فيه إلى المكتبة كانت مقفلة .
أبو حسن :ـ  يا شباب أنتم في كربلاء  ، إذهبا إلى مكتبة الإمام الحسين ففيها عشرات الآلاف من الكتب  وكذلك مكتبة الأمام أبي الفضل العباس (ع) هذا غير المكتبات المنتشرة في كل مكان  أذهبا وسافرا عبر الزمان وأطلعا على مختلف الكتب ففيها الكثير من الدروس التي ستفيدكم في حياتكم .
حسن :ـ  كيف فاتتني مكتبة الإمام الحسين (ع) لقد نسيتها فعلاً هيا لنذهب إليها .
علي :ـ وهل هي داخل الحرم ، أم في مكان أخر .
حسن :ـ إنها داخل الحرم هيا لنذهب الأجواء الروحية  هناك ستوفر لك زخماً معنوياً كبيراً وتفتح لك أفاق جديدة هيا بنا ،
 ( زاويا اخرى من زوايا المسرح )
علي :ـ أشعر أنني ولدت اليوم من جديد لقد كنت أسمع وأقرأ في الأيام السابقة كلمات من هنا وهناك  لكنني اليوم استطعت أن أجمع هذه الكلمات وأكون فكرة مهمة أعتقد أنها ستغير حياتي .
حسن : وما هذه الفكرة .
علي : دعني أفكر هذه الليلة وسأخبرك  غداً إن شاء الله .
  ( في زاويا من زوايا المسرح ـ يفترش  علي سجادة صلاته ـ يسجد باكيا لله/ برهات صمت ينهض بعدها  ليبحث عن شيئ ما ) 
حسن :ـ تقبل الله أعمالكم ، عن ماذا تبحث ، هل أضعت شيء .
علي :ـ بل أنني وجدته ولن أضيعه بعد اليوم .
حسن :ـ ماذا فقدت وماذا وجدت ؟
علي :ـ لقد ضيعت أهلي وأرضي وخطيبتي وضيعت نفسي والآن وجدتني .
حسن :ـ ما بك يا علي لم تتحدث بالألغاز .
علي :ـ  كربلاء هي الحل 
حسن :ـ آه ، اشتقت لأهلك وستجلبهم إلى كربلاء ؟ 
علي :ـ بل سأخذ كربلاء إليهم .
علي :ـ عندما أتيت إلى هنا  كنت هارباً يبحث عن أي مكان يؤويه ، وقد جئت إلى كربلاء المكان ، لكنني تفاجئت بكربلاء النور و الموقف والمفهوم الأنساني في الأيام  التي سبقت كنت أدخل إلى الأمام الحسين (ع) كأي مكان أثري يملك عمقاً تاريخياً ، لكنني في الأيام الأخيرة كنت أدخل على استحياء لقد كنت الجندي الذي هرب من أرض المعركة  تاركاً أرضه  وعرضه بيد  الأرجاس ، ليسلم على بضعة أيام يعيشها في الظلام ،لقد تعلمت من الحسين أن أكون حاضراً  في المعركة  و أن داستني الخيول .
حسن : ـ علي انت لست هارباً وهذا ليس من طبعك ، لكنك كنت بحاجة إلى أعادة ترتيب أوراقك .
علي : ـ كربلاء قد ولدتني ، أنه العلاج لكل مشاكلنا ، سأعود إلى أرضي وأستمر في المواجهة ، حتى يحكم الله وهو خير الحاكمين .
حسن : ـ إذا سآتي معك .
علي : ـ كلا يا حسن أريدك أن تبقى هنا خزيناً استراتيجياً لي، كلما ضاقت بي الدنيا جئت إلى كربلاء لألتمس منها النور والضياء  .
لاتخشى علي فانا احمل هذه المرة سلاحا  لايمكن لهم ان يعثروا عليه ..
( تنتقل الانارة الى زاوية اخرى تمثل عودة علي الى القرية ... لافتات العزاء فوق بعضها  ومجاميع قبور )
(صوت حزين) 
بالرغم من كل الذين قتلوا ، لم يكن هنالك بارقة أمل لأن أصاباتهم كانت في الظهر وكربلاء تحتاج الصدور .
علي :ـ ابي  الحاج فاضل ,, اينك ؟ اين القرية والناس واطفالها  المحدقين اليوم وراء الابواب 
  اين مدينتنا وناسها وترحابها  .. 
(بصوت خافت حذر ) افتحي الباب يا امي انا علي 
(الأم تقف خلف الباب تهز السلسلة و القفل وتنظر الى الحاج الذي يبحث عن مجموعة كبيرة منها 
يدخل بسرعة ويغلق الباب ، ويعانق والديه بحرارة ولا يستطيع أحد أن يميز بين نواح الثلاثة )
الحاج فاضل :ـ لم أتيت يا ولدي فالأوضاع سيئة جداً هنا .
علي : ـ الحديث طويل جداً يا أبي حدثني  عن أوضاعكم ، وما هي اخباركم .
الحاج :ـ هربناك خشية عليك لأننا اعتقدنا أنك مهدد ، لكن تبين بعد ذلك أن الجميع كانوا مهددين ولم تكن هنالك حصانة لطفل أو امراة أو شيخ كبير لقد استبيحت الإنسانية والقادمون قد كفروا بالله وخلقه تحت إسم الإسلام .
علي : ـوما أخبار ثامر أين هو ؟
الاب :  ثامر ترك  كل شيء ،وتحول إلى إنسان أخر ربما لن تعرفه إذا رأيته كما عدنا لا نعرفه نحن .
علي : ـ ماذا حدث له يا أبي ، هل لا زال هومخدوع بهؤلاء المجرمين ؟  .
الأم:ـ  الحمد لله تركهم بعد أن تبين له أجرامهم وبعدهم عن خط الله ، إنهم قتلة مأجورين لعنة الله عليهم خدعوا أبناءنا .
الأب :ـ أن ثامر يعاني من صدمة قوية دفعت به إلى الاتجاه الخاطئ فبعد أن كان مولعاً بالجهاد في سبيل الله ونصرة الحق  صدم بهؤلاء القتلة فتركهم وترك حتى الصلاة أنه منعزل منذ عشرة أيام  لا يريد أن يرى  أحداً أو يكلم أحد .
علي :ـ وأين هو الآن؟ .
الأم : أنه في البستان يخرج فجراً و يعود ليلاً فهو على هذا الحال منذ سبعة أيام بعد أن حبس نفسه  في غرفته ثلاثة أيام وألح عليه والده بالخروج.
( في زاوية اخرى من زوايا المسرح ) 
علي :ـ  أراك اعتزلت الناس وفضلت العيش مع الحيوانات .
ثامر :ـ  والله يا أخي هذه الكلاب أشرف من الكثير ممن يعيشون بيننا أنها لا تقتل إلا للتخلص من ألم الجوع  فإذا شبعت أمنت بقية الحيوانات منها .
فأحذر من الحيوان إذا جاع ومن البشر إذا شبع .
علي : (هالله هالله)  لقد أصبحت فيلسوفا يا ثامر .
ثامر :ـ والله يا أخي هذه الدنيا مدرسة وتعلم دروس  قاسية وهي ليست  مجانية  بل بأثمان باهضة .
علي : ـوما الثمن الذي قدمته أنت ؟ مقابل الناس الذين فقدوا حياتهم  أو فقدوا أعزائهم .
ثامر :ـ أن من يفقد حياته أهون ممن يفقد آخرته .
علي :ـ إياك أن تكون قد تورطت بدم مسلم يا ثامر ، فدم المسلم أعظم من تهديم الكعبة .
ثامر : ـ لا أعوذ بالله ... لم أصل إلى هذه المرحلة  وإنما كنت أسهل أعمال هؤلاء الشرذمة ، لأنني أعتقدت أنهم مجاهدون في سبيل الله .
علي :ـ إذا لم  أنت يائس إلى هذه الدرجة ؟
ثامر : كنا نعيش في كذبة كبيرة ، تاجرنا فيها بأرواحنا أغلقت كل الأبواب في وجهي ووصلت إلى نهايات مسدودة فما من مخرج مما نحن فيه ( بعد فترة من الصمت) والناس هنا يائسون أيضاً لست وحدي أنها النهاية يا علي وستكون مأساوية .
علي :ـ وحد الله يارجل ، الله موجود وسيغير الأحوال  فدوام الحال من المحال وسيتغير كل شيء ويصبح  أفضل من السابق .( يضحك ثامر  ضحكة قوية جداً سرعان ما يقطعها مستدرك .)
ثامر :ـ لقد أضحكتني ضحكة حرمت منها منذ أشهر ، ما بك ياعلي ألا ترى حالنا  نحن في محرقة كبيرة  ونعيش داخل كابوس  مظلم وأنت مسترخيا  وتتحدث بهدوء ، من أين لك هذه الطمأنينة  في ظل هذا الجحيم .
علي : لقد وجدت كنزاً ثميناً .
عامر : ـ علي لا تستهزء  بي أرجوك فأعصابي تالفة ، لنغير الموضوع رجاءاً ، حدثني عن كربلاء كيف هي ....هل هي مدينة جميلة ، وكيف حال حسن ؟
علي :ـ  انا اتحدث بجد يا ثامر  لقد وجدت كنزاً في كربلاء هي النور الذي كنا نبحث عنه.
ثامر :ـ وهل ينفع الكنز في مثل هذه الأيام  ، أنه نقمة سيقتلونك ويأخذوه .
علي :ـ بل أن هذا الكنز سيحميني ويعيد لي الحياة والكرامة .
ثامر :ـ إذا كنت قد جلبت سلاحاً فهؤلاء لديهم أحدث الأسلحة وتدعمهم دول وأجهزة استخباراتية متقدمة ولديهم تمويل عالي وميزانية مفتوحة بأختصار أنهم يملكون كل شيء كل الدنيا بيدهم .
علي :ـ إذا كانت الدنيا بأيديهم فما أضعفهم وأسوء حالهم ، لأن الدنيا زائلة ومتبدلة في كل يوم في حال .
ثامر : ـ هل ستهاجر وتترك البلد .
علي :ـ نعم أنا أفكر بالهجرة لكنني لن أترك البلد .
ثامر : وكيف ذلك هل هي أحجية .
علي : أنها الهجرة  الداخلية يا ثامر  ، سأهجر خوفي وجفائي لله ، سأهجر الضعف والمهادنة  والتسليم كالخروف المغلوب على أمره .
ثامر :ـ وهل ستقف بوجههم ؟ هذا جنون .
علي :ـ وأن أجلس وأنتظر دوري للموت هو العقل برأيك؟ .
ثامر :ـ سيقتلونك بكل سهولة  يا علي .
علي :ـ أموت وأمنح الحرية للآخرين،  أفضل أن أموت وأنا أدافع عن شرفي وكرامتي .
ثامر :ـ وماذا  ستستفيد أنت ؟
علي :ـ لو فكركل واحد منا بفائدته الشخصية سنموت جميعاً كالخراف لكن لووقف أحدنا ومات عزيزاً ومنح الآخرين فرصة للحياة  ستنتهي المشكلة ، ولن يموت المزيد من الناس .
ثامر :ـ وهل يستحق الناس أن تضحي من أجلهم ؟
علي : أولاً أن المسلم لا يضحي من أجل الناس بل هو يضحي في سبيل الله ليحقق العدل ويقوم الناس بالقسط ، ألم يقل الله تعالى ( ومن أحياها كأنما أحيا الناس جميعاً) ومحاربة الظالمين واجب  شرعي  وإنساني .
ثامر :ـ أرى أن لا نتدخل في هذا الصراع  ونلزم الحياد ما داموا بعيدين عنا .
علي : يا ثامر  قال رسول الله (ص) ( من لم يهتم بأمور المسلمين فليس بمسلم) وقال الإمام الحسين (ع) ( من رأى منكم سلطاناً جائراً مستحلاً لحرمات الله فلم يغير عليه بقول أو فعل كان حقاً على الله  أن يدخله مدخله ) فهل تريد أن يحشرك الله مع هؤلاء المجرمين .
ثامر : ـ اعوذ بالله ، لقد تركتهم ولا أريد أن يجمعني الله بهم في الدنيا فضلاً عن الآخرة  ، والناس غير متعاونين معناً لنتخلص منهم .
علي :ـ أذن يا ثامر  فهناك طريق واحد للتخلص  من هؤلاء الشياطين وهو الطريق عبر كربلاء .
ثامر :ـ وما دخل كربلاء بما نحن فيه .
علي : إن كربلاء  ثورة مشابهة لظروفنا حيث كل الإمكانات المادية  مع الظالمين ، ولا إمكانات مادية كانت لكربلاء ، إن كربلاء تعطي كل مالديك دون أن تفكر بنصر آني وسريع أن تقدم نفسك وولدك إلى الميدان وان خذلك الناس وتركوك فإذا وقفت وحدك بين جحافل  الهموم والآلام ومات كل أنصارك  رفعت يدك إلى السماء مخاطباً ربك ... إلهي إن كان هذا يرضيك فخذ حتى ترضى .
ثامر : لكن يتم علينا ان نموت .
علي : ـأن الموت ليس غاية ، بل الحياة هي الغاية وأن تطلب الأمر ان نقاتل في سبيل حياتنا  وحياة أهلنا .
ثامر :ـ لكن من يتجنب الصدام يعيش ولن يموت.
علي : ـ ثامر ... وهل ان الذين قتلوا في قريتنا كانوا مقاتلين  أم أنهم غائبين عن ساحة القتال فبرز إليهم القتل إلى عقر دارهم ، ثم هل تعتقد انك حي الآن وأنت مختبئ بين الحيوانات ؟! أن كربلاء تقول ( الحياة في موتكم قاهرين والموت في عيشكم مقهورين).
ثامر : أراك متأثراً كثيراً بكربلاء .
علي : أنا أبحث عن نفسي وعن كرامتي وقد وجدتها في كربلاء .
ثامر : لكن من يقدّر هذه الجهود بعد أن تموت ربما ينساك  الناس أو لن يعلم أحد بتضحيتك .
علي : ـ ثامر أنت تتعامل مع الله الذي لا يضيع أجر عامل  فإذا كان عملك  في عين الله بالتأكيد سيجزيك عنه خيراً .
  ثم من قال إننا نريد  أن نموت يا أخي  أنا أقول لك نقاتل لندافع  عن حياتنا  نريد استعادة  كرامتنا  وكرامة  أهلنا  هل يعجبك وضع القرية اليوم .
ثامر : ـ يا أخي والله أني أموت في كل لحظة ، فحالنا  من سيء إلى أسوء .
علي :ـ الكل متفقون على أن الحال سيء لكن  قليلون هم الذين يعملون على تغييره.
ثامر : ـ وهل جئت  لتغير هذا الواقع  وحدك .
علي :ـ هكذا علمتني كربلاء أن لا أترك طريق الحق لقلة سالكيه  يقول الإمام علي (ع) ( والله لو لقيتهم فرداً وهم ملئ الأرض لما باليت ولا أستوحشت) .
ثامر : لا تقلق سوف لن تلقاهم فرداً  ، فأنا معك ها ها ها . يحتضن أخاه ويعودا إلى المنزل .
   
علي: ( يناول اخاه كتابا )أعلم إنك لا تحب القراءة ، لكن في هذه الكلمات شفاءك ستعرج بك إلى السماوات وتنفس كربك وتزيح عنك كل الهموم ،
ثامر :ـ ( يقلب في الصفحات ـ يقرأ ) 
 إلهي ألبستني الخطايا ثوب مذلتي ، وجللني التباعد  منك لباس مسكنتي وأمات قلبي عظيم جنايتي ، فأحبه بتوبة منك يا أملي  وبغيتي .. إلهي ظلل على ذنوبي غمام رحمتك وأرسل  على  عيوبي سحاب رأفتك ، إلهي أن كان قبح الذنب من عبدك فليحسُن العفو من عندك  
( تسلط الانارة الى احدى الزوايا ثامر يفترش سجادة الصلاة  وهو يقرأ في الصحيفة السجادية ـ وفي جانب آخر يظهر علي وهويرسم ملامح الثورة )
علي :ـ   لابد ان نتجاوز المحنة .. ونعرف ان الطريق يبدأ من خطوة مؤمنة نجمع بها الكلمة ، فلذلك نطلب من رجال القرية  العودة الى المسجد وترميمه واقامة الصلاة العامرة وسنكون كلنا خدمة هذا المسجد كي لايستهدف شخص بعينه ، لابد من تجميع الصفوف ومتابعة دقيقة لما يفعل المجرمون ، ولابد من معرفة مناطق القوة والضعف واماكن تواجدهم 
( تنتقل الانارة الى  الجانب الآخر / صوت تفجير )
 شخص 1:ـ احذروا التفجير ... 
شخص 2 :ـ تفجير 
شخص 3:ـ اختطفوا ثلاثة مصلين  وطالبوا بتعويضات تعجيزية 
ثامر:ـ ( مع اخيه علي ) لاتقلق ان تركك الناس ... نعاهدك ان نكون معك
علي :ـ ( بحزن ) لابد من تغيير هذا الواقع المر .. ها انا اهزم في اول خطوة .. انا لم اضف لهذه القرية سوى ارقام جديدة من المفقودين والمذبوحين الى قائمة  الشهداء 
الأب:ـ اراك وقد هزمت مبكرا ياعلي ، ما هذا فعل ايمان اين  الصبر والتصابر  
علي : انا أشعر بالذنب يا أبي .
الأب :ـ  يا ولدي أنت لم تشهد التفجيرات التي حدثت بعدك في القرية  ، لم تر بعينك الاجساد المقطعة ، كل يوم لنا مجموعة شهداء 
لم تكن السبب في مقتلهم ، لقد شجعتهم اليوم على السير في الاتجاه الصحيح . وإذا كان  قائدنا مهزوزا إلى هذا الحد فكيف بنا نحن الجنود .
علي : ـ  أبي  أنا لم أغير من موقفي ولكني لم أتعود على هذا الجو بعد فالناس حملوني كل شيء  وكأني انا الذي فجرت السيارة ألم تسمع لومهم لي ؟.
الأب:ـ عليك أن تبدأ من جديد ولا تستسلم من أول نكسة .
علي :ـ لا أعتقد أنهم سيستجيبوا إلي يا أبي فالتحدي كبير ، لكنني سأبدأ وحدي ، فهكذا أبتدأ الحسين (ع) ....أكون داعياً لهم بعملي لا بلساني  .
الأب : ولكن ما الذي تستطيع أن تفعله وحدك ؟!
علي : أن الله تعالى يقول ( أن تنصروا الله ينصركم) وانا خارج للجهاد في سبيل الله وناصراً للحق ، فالله هو المتكفل بنصري.
الأب :ـ بالرغم من أنني أتفق معك فيما تقول إلا إنني حزنت على كلمة ( الجهاد) لقد شوهوا مفاهيمنا ومصطلحاتنا ، لعنهم الله .
علي : ـ وهذا بالضبط ما يريده من يقف وراء هؤلاء الشرذمة ، ودورنا اليوم أن نعطي النموذج المشرق لكلمة الجهاد من خلال مقاومة هؤلاء المجرمين بالكلمة وبالفعل ، وإصلاح ذات البين . ونشر القيم الإسلامية التي ترتقي بالإنسان إلى مصاف الملائكة ،
( اصوات جلبة ـ يبحث الناس عن القضية ـ واذا عامر يقف منتصبا  وهو شارد الذهن)
الأب :ـ  ما بك يا ولدي ماذا حدث لك ، ماذا هناك .
...
علي :ـ اخبرنا مالامر ياعامر ؟.
  ثامر:ـ  الحمد لله --- الحمد لله ـ
.
الأب : ـ انفجار ؟
علي :ـ حادث قتل وذبح ؟هل رأيتهم يغتالون أحد أمامك ؟.
ثامر :ـ أرادوا أن يغتالوني ... .. أرادوا أن قتلي  ولا أعرف كيف استطعت أن أتخلص منهم .
الأب :ـ  من هؤلاء .... ولم ؟..... .
علي :ـ إنها تصفية حسابات ، أرادوا أن يقتلوه لكي لا يكشف أسرارهم بعد تركهم .
صوت الأم :ـ عليك أن تسافر وتترك القرية  الآن وأنا سأتي معك ... كلنا سنترك القرية ... لا أريد أن أخسر أحدكم  والله سأموت قبلكما أن مسكم ضر
الأب : ـ نعم سنترك القرية ونذهب إلى مكان أخر لا أريد أن أخسر اولادي. 
( علي يطرق برأسه  ثم يغادر الغرفة معلناً رفضه لما يقال ، ومراعياً لما هم فيه من حالة نفسية.)
الأم :ـ إلى أين أنت ذاهب يا علي ... سننام كلنا في غرفة واحدة هذا اليوم ... وكل يوم ، إلى أن نخرج من هذا الكابوس.
علي :ـ أمرك يا أمي سننام في غرفة واحدة لكن ليس هذا وقت النوم . فالليل طويل ، ونحن لم نتعش بعد .
الأب : ومن له شهية للأكل؟ .
علي :ـ  أنا سأعد الطعام   ولنرى من لا يستطيع الأكل .
ثامر :ـ ( مع علي ) أراك لم تتأثر بحادثة اليوم ؟! هل هان عليك أخاك
علي : ماهذا الكلام  يا ثامر ؟، أنت أخي  الوحيد وأنا أحبك ، ولكنني أردت أن أخفف من وقع الصدمة على أمي ألم تر كيف تأثرت لا أريد أن يصيبهم مكروه . ( برهة صمت ) وهؤلاء السفلة ، سآخذ لك حقك  منهم وأسحق رأس كل من فكر بأذيتك .
ثامر :ـ  نعم هذا هو  أخي علي الذي أعرفه .
علي :ـ لكنني اقرأ عملية اليوم بشكل  مختلف ، فهي ليست حادثة  عابرة يتعرض لها أي شخص .
ثامر : ماذا تقصد ؟
علي : أما أن تكون قد تسببت لهم بضرر أو تملك معلومات يخشون عليها .
عامر : أنالم أتسبب لهم بأي ضرر وحتى علاقتي معهم في الأيام الأخيرة كانت طيبة .
علي : ـكيف تركتهم ؟ بشكل مفاجئ أم برر ت لهم ذلك ؟
ثامر : أخبرتهم بأن صحة  والدتي متدهورة  ويجب أن ابقى  في المنزل لمساعدتها .
علي : إذا أنت تمتلك معلومات خطرة فبدأوا يخشون منك .
ثامر : ليس لدي أية معلومات خطيرة ... أعدادهم معروفة وأماكنهم كذلك.
علي : فكر من جديد وحاول أن تتذكر ، ركز يا ثامر أرجوك كل معلومة ممكن أن تفيد حتى لو كنت تعتبرها تافهة .
ثامر :ـ  لا  أتذكر  شيء ... فمعلوماتي عادية جداً والكل يعرفها ..
( الباب تطرق )
 (مجموعة من الرجال تأتي الى بيت علي)
شخص 1 :ـ انظر يا ولدي إن وجهاء القرية جاءوك يطمأنون عليك ويعلنون دعمهم لك ولمشروعك الذي يحييهم فأنا تلمست ذلك منهم في اجتماع عقدوه في الأمس في بيت المختار 
علي بعد أن سلم عليهم ورحب بهم :ـ 
يارجال ... ساروي لكم قصة كربلاء فهي القبس الذي به نستنير ، هي النور ، المخرج مما نحن فيه ... 
إن الرسالة واضحة جداً 
(وطّنوا على لقاء الله أنفسكم ،  وابذلوا في أهل بيته مهجكم ، وستبلغون فتح كربلاء )  
كربلاء  .. زوادة كل جهاد ، 
عطاء الصبر  والتصابر  والتضحيات  .. فتغدو كربلائكم  مثل كل الكربلاءات الفاتحة .. 
احملوها عبق ليتحرر كل شخص فيكم  من سجن العتمة . 
وشعارنا هو شعار الحسين ( هيهات منا الذلة )  
  اصوات الرجال :ـ
 هيهات منا الذلة ، هيهات منا الذلة
علي : إخوتي وسادتي الكرام 
(حافظوا على تواصلكم ) 
فالتحدي الحقيقي هو ( ان نبقى معا )  
ولنبقى معا  .. ونرفض كل ما يفرقنا .. 
الجميع : نعم لنبقى معاً  لنبقى معاً 
(يخرجون من المسرح وكل واحد منهم يمسك بيد صاحبه فيكونون كتلة بشرية واحدة ويهتفون )
:ـ هيهات منّا الذلة ، هيهات منّا الذلة


انتهت  بحمد الله وتوفيقه


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


علي البدري
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2025/10/10



كتابة تعليق لموضوع : مسرحية : الضوء
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net