صفحة الكاتب : علي حسين الخباز

في مثل هذا اليوم منذ ‏٧‏ سنوات "ما بك يا ولدي سعيد؟
علي حسين الخباز

عرسك المهيب ما زال على مقربة من المهد، وفرحة الأهل والجيران لم تسكت بعد، وبعدها المودة تستحم بالتهاني، مبارك عليك العرس يا أم سعيد. ماذا أجيب؟ وأنا أرى الحزن الساكن في صحو عينيك يا ولدي، الصمت الشقي يقتلني، فمن اطفأ الكلام في قناديل هذه الدار؟، والزوجة المسكينة على هدأة من رؤى الروح، تحث الخطى لتغسل قدميك بماء الحنين، وتعبر جسر الدموع اليك. ما بك يا ولدي سعيد؟ قلت: عويل - يا أم - يصحو عطشا في روحي، والصرخة تنزف دما، في العين دم، وفي القلب دم، أتعبت الريح العتية غصون عمري فتيبست اوراق الفرح. لأي عرس بعد هذا يباركون؟ وهذا الجرح الراعف يسكت كل مديات اللهفة، حين ولجت دار (ماريا بنت منقذ العبدي) أمس، رأيت بعيني كروم النداء، وهي تتدلى حتى تلامس وجع التواريخ كلها. المرأة كانت في بيتها تصيح:- من يعبث بذاكرة الوقت فهو خسران، إياكم إياكم ان يعطش، والرواء نهضة يقظة تخشى على المسير اليه، ومولاي الحسين (عليه السلام) على اطراف مكة، وغيمة التضرع تكبر بين يديه لتلد نبوءة كربلاء، والله ان لم ينهض ضمير العالم اليوم لنصرته، فلا صدق سينجو بعد هذا الرحيل. أي عرس - يا أم - يهدئ هذا الصوت الهادر في رأسي، اسمع كل الأشياء التي حولي تناديه: لبيك يا حسين. أدمة الأرض وزرقة السماء تناديه: لبيك.. الشمس.. القمر.. انصتي لحفيف الشجر.. النخيل.. ستسمعينها تنادي: لبيك يا حسين.. وأنا العالق بين ضواحي حلم مغلول، والوقت أخرس. أيعقل يا أماه أن أترك مولاي ابن الزهراء بلا نصير، وأتمتع أنا بمد بهجة يفسدها الجزر، لا يا أم سأذهب اليه.. وأنا؟ باغتني سؤال الزوجة فأجبتها.. أنا ماض اليه، ذلك الافق المضمخ بالنور، ابن الغد الذي لا يموت، الى سيدي ومولاي الحسين، صاحت حينها أمي، انا التي حملتك موتا كي تعيش انت، دخلت الأحلام صاحية كي تنام، فلهذا من حقي أن أوصيك اذا قابلت مولاي ابن فاطمة (سلام الله عليها) قبّل لي يديه، وحمله السلام أمانة لمولاتي سيدة نساء العالمين سلام الله الشامخ زهوا، واطلب لي الشفاعة يوم اللقاء. وهكذا سرت اليه، ودعاء امي يلوي عنان التعب، وكانت الصحراء مطواعة معي بفضل هذا الدعاء، فكنت اقيم على شرف المسافات مأدبة احلام تستثمر اللقاء، ولا أعرف اين هو مولاي فألتقيه.. سلام الله عليكم... أيها الرحل رجاء، هل رأيتم في دربكم ركب النور الحسيني، وهو يحمل زنابق الامنيات المؤمنة. سلام الله عليكم... اوقف الرحل نبض السؤال بتياه يشنج عصب الطريق، فأخبرني ايها الرحل رجاء؛ كي لا ينكسر عضد النصرة فيندلق النداء فنضيع... الى اين اقصد الوثوق وعلى خصر السؤال كثرت طعنات الحيرة، وعقارب الوقت تلدغ اليقظة كل حين، وإذا ظل كوخ يحفر في جسد الارض قامته. سلام الله عليك يا امرأة... وقالت: كأنك جئت تبحث عن الحسين (عليه السلام)؟ سار الى هناك، وسارت الاحلام باسقة بين يديه، سر اليه وحين ترى النخل منحنيا لهيبته فاعلم انها كربلاء. سرت رافعا رأسي الى السماء، اقرع باب الصحراء خطوة خطوة... قيل لي: إن الحرب نزفت اوجها ومرايا اقلقها الغياب، كان الحسين بانتظارك يا سعيد، وإذا بمولاي الحسين يوقد شمع وجودي: أهلا بسعيد بن مرة... هذا يعني ان مرايا الغيب توقدت بين يديه، او أن لديه علماً استوثق خارطة الاسماء نبضا نبضا... قلت: سيدي، ها انا المزهو بهذا اللقاء، وإذا بي ارى بقربي قلب أمي يطالبني بأداء الامانة. قلت: مولاي، أمي المجبولة من محبة وحنين الطيبة والسلام، حمّلتني السلام اليك، خذ مولاي بكائي ذاكرة تنبيك بثقل ما احمله من شوق لأوصل سلام أمي الى امك الطاهرة الزهراء (سلام الله عليها). فأجابني: وأمي (صلوات الله عليها) حملت وداعة السلام لقاء ينتظر القدوم. بسم الله اقف امام فضاءات يقظتي، سلاما يطرزه اليقين، رايات الكلام ترفرف عند باب الخيام:- السلام عليكم يا آل بيت رسول الله، اني خادمكم سعيد بن مرة التميمي، انساب نصرة مؤمنة لمولاي الحسين، غبطة فيّ ترفع الرأس تاريخا لا يموت. سيدتي زينب الفضيلة والرؤى والبصيرة... تبلغني السلام..! يا لحظي.. يا لسعادتي..! وانا سعيد، لم يبق بيني وبين ولادتي سوى خطوة اشيع بهذي الروح موتا كلما يغزوها عطش تصير مطرا لا ينام. اكتب رسالة...
 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


علي حسين الخباز
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2025/09/21



كتابة تعليق لموضوع : في مثل هذا اليوم منذ ‏٧‏ سنوات "ما بك يا ولدي سعيد؟
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net