مسرحية بعنوان : شهيد الكوفة 
الشهيد ابراهيم راضي العامري

 الفصل الأول

المشهد الأول  
 بعد هلاك معاوية وتمادي يزيد في طغيانه كتب شيعة العراق إلى الإمام الحسين (ع) يستنصرونه ويستعجلون قدومه عليهم .
المختار:  أين أنت يا سيدي؟ لقد ضاقت الصدور ... ونحنُ تائقون لإقامة حكم الله في الكوفة على يديك.
مسلم بن عوسجة : سيأتي يا مختار . أجل سيأتي ،وكيف لا ،وقد كاتبه جميع الأشراف من أهل الكوفة ؟
حبيب بن مظاهر : إيه ... لقد كان مضمون رسالة أحدهم: أقدم علينا إنما تقدم على جند لك مجندة.
مسلم بن عوسجة : لقد تكاثرت عليه الكتب إنه سيأتي حتماً.
المختار : أخشى عليه من نقض البيعة فهم طالما نكثوها مع أبيه أمير المؤمنين (ع) فضلاً عن أخيه الحسن (ع).
المشهد الثاني
سنان : يقولون إن الحسين قادم .
حجار : هه هه هه إنّ لديك من الأخبار قديمها يا سنان .
سنان : ماذا تعني يا حجار ؟
حجار : أعني أنّ الحسين بن علي قد اختار من يمثله وينوب عنه .
سنان : وهل عيّنه ؟
حجار : نعم يقولون إنه اختار ابن عمه مسلم بن عقيل ،وهو قادم في الطريق.
سنان : وماذا نفعل إذن ؟ هل نبقى على العهد ؟ وهل تظن أن ابن معاوية يترك الحسين وشأنه ؟ والله إنّ له شأناً في الكوفة ومطامع كثيرة فالعراق أرض السواد.
حجار : إذا كان عليّ ( قالها بتلكؤ وتلعثم ) فأنا لم أُعرف بأني من المبايعين والمكاتبين.
سنان : كيف تقول ذلك ،والناس يتناقلون تلك العبارات الرنانة ( أقدم علينا إنما تقدم على جند لك مجندة )؟
شبث بن ربعي : ماذا نفعل كلنا كاتبنا الحسين ،وعاهدناه بأننا سنبذل نفوسنا دونه ،وها هو مسلم بن عقيل قادم ،والناس كتبوا إلى يزيد بأنّ النعمان بن بشير ضعيف أو يتضاعف؟!
المشهد الثالث
المختار: أتدري يا ابن عوسجة بأن المرجفين وعشّاق الدنيا كتبوا إلى يزيد إذا كان لك شغلٌ في الكوفة فابعث إليها من تثق به فإن النعمان بن بشير ضعيف أو يتضاعف. 
 ابن عوسجة : أجل غدر وشجت عليه أصولهم.
حبيب بن مظاهر : إني قلق على مسلم بن عقيل فأهل الكوفة معروفون بالغدر والختل والمكر لاسيما وأن السلطة الأموية في دمشق قد انتابها القلق والفزع والهلع من وصول مسلم إلى الكوفة.
ابن عوسجة : وإني خَجِل من موقفهم من نصرة الحسين (ع).

المشهد الرابع
شريح القاضي : ماذا جرى لكم يا أبطال الكوفة أرى الحيرة على وجوهكم ،والخوف بادياً على قسماتها . من أي أمر تخافون ؟ ألم تكونوا ممن بايع علياً ،وبايع معاوية ؟ ألم تشهد لكم المواقف بالتقلب ؟
شبث : ماذا تعني يا شريح ؟وهل لك أن ترشدنا إلى طريق نفوز فيه بالحسنيين 
 شريح : أظنك لم تقرأ كتاب الله ،ولم تفقه ما يقول الله عزّ وجل في مثل هذه المواقف؟
سنان : أضفت إلى حيرتنا حيرة أيها القاضي ... يا شريح نحنُ نقتدي بك فدلّنا على الطريق بوضوح.   
 شريح : إنّ في فقهنا وجوب طاعة السلطان براً كان أو فاجراً تسلّط بالسيف أو باختيار الناس .
حجار : أتعني أن بإمكاننا أن ننقض العهد الذي قطعناه مع الحسين بن علي ،وإن الله سيغفر لنا ذلك.
شريح : ما لنا والدخول بين السلاطين .أيها الناس عليكم بصلاتكم وصيامكم وأيٌ يأتي إلى الحكم سواء أكان الحسين أم يزيد فنحنُ على دين ملوكنا.
شبث بن ربعي : أرى التناقض بادياً في ما أشرتم به ونصحتم 
شريح : ويحك يا ابن ربعي أتشك في الدين الذي مضى عليه الشيخان؟ هل منعكم معاوية يوماً عن الصلاة وكذلك ابنه يزيد؟ ارجعوا إلى أنفسكم وحاسبوها. ارجعوا إلى دياركم فانشغلوا بعبادتكم وإني أبرء إلى الله مما تأفكون.
 الفصل الثاني
المشهد الأول  
شبث : إني قلق على مصير الكوفة لاسيما وأن مسم بن عقيل قد كتب إلى الحسين بن علي إني وصلت الكوفة ،وقد بايعني من أهلها ثمانية عشر ألفاً فعجل القدوم حين ورود كتابي هذا ،والسلام.
سنان : لم أسمع بهذا من قبل ولكني علمت أن مسلماً اتخذ من مسجد الكوفة مقراً له وظننتُ أنه ينشغل بالعبادة .
حجار : ألا تعرف حنكة مسلم السياسية ،وقدرته على إدارة شؤون المدينة ثم كيف يعتمد الحسين على من لم يعلم بكفاءته.
شبث : إنّ للحسين ويزيد شغلاً في الكوفة ولا يتركها أحدهم للآخر ،وقلقي من الحرب التي ستقع بين الجيشين.
سنان : لدينا قاعدة ،وعلينا الاختيار.
حجار : صحيح المائدة مع معاوية أدسم ،والصلاة خلف علي أتم ،والوقوف على التل أسلم.
شريح : ها أنتم عدتم إلى صوابكم ،وتركتم هوى نفوسكم ،والاختيار الأخير هو الأسلم . ما لنا والدخول بين السلاطين.
المشهد الثاني
هاني : يا مختار يا مسلم بن عوسجة يا قوم أين أنتم لقد تعبتُ من البحث عنكم.
المختار : ماذا وراءك يا ابن عروة؟
هاني : وأنا قادم إليكم سمعتُ الناس يقولون : إن الحسين قادم.
ابن عوسجة : بشّرك الله يا ابن عروة.إن هذا اليوم هو أسعد أيام حياتي.
حبيب بن مظاهر : إنّ هذا اليوم الذي انتظرته طوال حياتي يا الله كم أنا توّاق إلى رؤية مولاي الحسين.
هاني : وأنا كذلك يا حبيب ،والله إنّ لقاءه عندي أغلى من روحي.
المختار : ولكني خجل جداً من موقف الناس وتقلب الأحوال.
( يدخل عليهم شريح منادياً ) :
شريح : أيها الناس هلموا إلى استقبال ابن بنت رسول الله فقد وصل مشارف الكوفة.
 المختار : عجباً من أمرك يا شريح ألم تضلل الناس ،وتشككهم بدينهم ؟ ألم تساو بين بيعة يزيد ،وبيعة الحسين.
شريح : لم أقل شيئاً بل الأمر سيّان ( ما لنا والدخول بين السلاطين ) ثمّ إن الحسين ويزيد ابنا عم ،ونحنُ مع الأقوى هيا اذهبوا واستقبلوه ،وأنا معكم.
المشهد الثالث
( يدخل عبيد الله بن زياد متنكراً بزي إعرابي من جهة البادية فيستقبله الناس حتى يصل إلى باب قصر الإمارة فيرفع صوته : يا نعمان تحصنت في قصرك ،وتركت أمرك، اخرج لا أم لك.
النعمان : إنه ابن مرجانة ، إنه عبيد الله بن زياد ما الذي أتى به من البصرة؟ 
( يفتح باب القصر ،ويلتقيان )
عبيد الله : هذا الكتاب يقضي بعزلك يا نعمان ،وتوليتي المصرين : البصرة والكوفة،وقد أمرني أمير المؤمنين يزيد أن آخذ البيعة من أهل الكوفة ( ثم رفع صوته بعدما استدار إلى الناس المجتمعين حول القصر ).
عبيد الله : أيها الناس لقد ولاني يزيد مصركم هذا ،وأمرني بإنصاف مظلومكم، والإحسان إليكم ،وأمرني بطلب مسلم بن عقيل طلب الخرزة.
المشهد الرابع 
المنظر الأول 
شريك الأعور : لماذا تأخرت يا سيدي يا ابن عقيل؟ ألم أقل لك إن فاتك هذه المرة لن تظفر به أبداً. أنا أعرف ابن زياد وقدرته على المراوغة.
مسلم : منعني من ذلك أمران الأول : خشيت أن يقتل في دار هاني ، والثاني : قول رسول الله (ص) : المؤمن قيد الفتك . 
هاني : فداك أمي وأبي وولدي وداري يا سيدي كنت أظن أنك ستصيب هذا اليوم ثأر المغيبين في السجون والذين قتلوا على يد هذا الطاغية فما إن تولى إمارة الكوفة حتى ضيق على كل الموالين . آه أين أنت يا مختار ؟ أين أنت يا رفاعة أين ... أين ... أين ... 
المنظر الثاني 
 معقل : يا غياث المستغيثين يا ناصر الضعفاء والمساكين اهدني إلى ضالتي ... ضالتي ... ضالتي ،(ويبكي). 
ابن عوسجة : ما بالك يا أخا العرب لقد قطعت نياط القلوب من أنت ؟وما هي ضالتك؟ 
معقل : لا شيء لا شيء دعني وشأني لا شيء ( ويجهش بالبكاء ).
ابن عوسجة : بالله عليك اخبرني لعلي أستطيع مساعدتك.
معقل : ماذا قلت ؟ أو تستطيع مساعدتي ؟!
ابن عوسجة : أجل يا أخي أستطيع إن شاء الله.
معقل : أتعاهدني بأنك لن تفشي السر؟
ابن عوسجة : أجل أقسم على ذلك.
معقل : إذن اسمعني ( ويتباكى ). أنا رجل غريب ،ولدي مبلغ من المال أريد تسليمه لسيدي ومولاي الحسين ،وسمعتُ أنّ سفيره مسلم بن عقيل في الكوفة فهل تعلم مكانه؟
المشهد الخامس
هاني بن عروة : لا تسحبني هكذا ويحك دعني وشأني.
عبيد الله : هه ماذا فعلتَ ينفسك يا هاني؟
هاني : لم أفعل شيئاً.
عبيد الله : تستضيف مسلماً في بيتك ،وتجمع له العدة والرجال.
هاني : لم أفعل. 
عبيد الله : لا بل فعلتَ ،وهو الآن في دارك.
هاني : قلتُ : إنه ليس في داري.
عبيد الله : معقل معقل تعال ليراك هاني.
هاني : تباً لك أكنت جاسوساً علينا يا معقل.
عبيد الله : والآن ماذا تقول يا هاني.
هاني : أقول : إن الرجل غريب استجار بي فأجرته واستضفته ،وأنت تعلم مكاني بين قومي.
عبيد الله : سلّمني مسلماً تسلمْ.
هاني : أنا لا أسلمك ضيفي.
عبيد الله : سأرغمك على ذلك.
 هاني :ترغمني؟! اسمع والله لو كانت يدي على رأس طفل من آل هاشم لن أرفعها حتى تُقطع.
 ( فجاذب شرطياً سيفه وهمّ بابن زياد إلا إن الأخير راغ عن الضربة ،ووقعت بالاسطوانة فأحاطوا به وأثقوه كتافاً ) .
الفصل الثالث
المشهد الأول
المنظر الأول 
شريح : أيها الناس يا مذحج لماذا أنتم هنا؟
رجل : نريد شيخنا... نريد زعيمنا نريد هاني بن عروة أخرجوه لنا ،وإلا اقتحمنا القصر.
شريح : أيها الناس أن هانياً بخير،وهو بجنب الأمير ،ولم يمسسه سوء ،هيا تفرقوا أنا رأيته بأم عيني... تفرقوا.
المنظر الثاني
مسلم بن عقيل : أيها الفتى أين الناس؟
الفتى : الناس؟! إنّ الذين كانوا يصلون خلفك أصبحوا عيوناً عليك.
مسلم : ماذا جرى ألم يسمعوا ندائي ( يا منصور أمت ) ؟ أينَ الذين عاهدوا بأموالهم وأنفسهم؟ 
الفتى : الخوف ،الطمع ،الإشاعة هذا ما جعلهم يتراجعون.
مسلم : لا بل هذا ضعف الإيمان ،وهشاشة العقيدة. بني هل لي بجرعة ماء؟
الفتى : الماء؟! إنّ الماء ممنوع عليكم أهل البيت . ألم تر أنهم تركوك وحيداً ،ولم يدلك أحد على الطريق.
المنظر الثالث
ابن طوعة : البشارة يا أمير.
عبيد الله : ماذا وراءك يا فتى ؟
ابن طوعة : هذه أمي تجير الأعداء.
عبيد الله : ويحك أيّ أعداء؟
ابن طوعة : مسلم بن عقيل في دارنا يا مولاي.
عبيد الله : يا ابن الأشعث خذ مئة من الفرسان واتبع هذا الفتى ،وائتني بابن عقيل حياً أو ميتاً.
ابن طوعة : والجائزة يا مولاي؟
عبيد الله : طوّقوه بعقد من ذهب.
المنظر الرابع
طوعة : سيدي لقد جاء القوم من حيث تحذر.
مسلم : لا عليكِ سأعيد الكرة بهم وسأريهم صولات علي.
طوعة : يا غريب الكوفة ليتني كنت رجلاً لأذود عنك كل هذا الجمع المتجحفل على رجل واحد.
مسلم : أقسمتُ لا أُقتل إلاّ حرّا              وإنْ رأيتُ الموتَ شيئاً نُكرا
         ويجعل الباردَ سُخناً مُرّا            رُدَّ شُعاعُ الشمسِ فاستقرّا
        كلُّ امرئ يوماً ملاق شرّا             أخافُ أن أُكذَبَ أو أُغَرّا
ابن الاشعث : لك الأمان لك الأمان يا مسلم ( بعدما أكثر القتل فيهم ).
مسلم : لا أمان لكم يا أهل الكوفة أين العهود والمواثيق؟ لقد بان ما انطوت عليه سرائركم.
المشهد الثاني
عبيد الله : إيه يا ابن عقيل أتيتَ الناس ،وأمرهم واحد  فشتّتَ كلمتهم ،وحملتَ بعضهم على بعض.
مسلم : إنما شتت كلمتهم أنت وأبوك ،ومن استعملك وأبوه ،لقد جئنا لإصلاح ما أفسدتم،أتينا للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
 عبيد الله ( غاضباً ): نحنُ نعمل فيهم بذلك ،وأنت في المدينة تشرب الخمر.
مسلم : إن من ولغ بدماء المسلمين أولى بشرب الخمر مني.
عبيد الله : لا عليك أنك مقتول لا محالة.
مسلم : أبالقتل تخوفني يا ابن مرجانة ؟ أما علمتَ أن القتل لنا عادة وكرامتنا من الله الشهادة.
عبيد الله : أراك تبكي يا مسلم.
مسلم : والله ما لنفسي بكيت ،ولكن أبكي لأهلي المقبلين أبكي حسيناً وآل حسين.
عبيد الله : اصعدوا به إلى أعلى القصر ،وفرقوا بين رأسه وجثته ،واقتلوا معه هاني بن عروة.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


الشهيد ابراهيم راضي العامري

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2025/09/17



كتابة تعليق لموضوع : مسرحية بعنوان : شهيد الكوفة 
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net