صفحة الكاتب : د . رعد هادي جبارة

المذموم هو: الإنكباب على المال وتحصيله من الحرام
د . رعد هادي جبارة

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 ﷽

{وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلَا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَ أَحْسِن كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ وَ لَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ} (القصص: 77)
1️⃣المال بين النعمة والفتنة
في مقالين سابقين؛ تطرقنا إلى مساوئ حب المال المفرط وسلبيات الانكباب على جمعه، ومثالب التعلق الزائد والحرص الشديد على الملك والتملك والسعي الأعمى لتحصيله واكتناز الذهب والفضة و العقارات والنقود.
🔹ولا شك أن حب المال في حد ذاته ليس مرضاً، بل هو رغبة طبيعية لدى البشر. لكن الهوس بالمال والتعلق المفرط به قد يتحول إلى اضطراب نفسي خطير، يطلق عليه بعض المختصين اسم "رهاب المال" 
(Chrometophobia)
 أو "اضطراب المال"
 ويتجلى في قلق شديد واضطراب في التعامل مع الأموال، مما يؤدي إلى سلوكيات مدمرة مثل البخل المفرط، أو الجشع، أو حتى إنفاق المال بشكل قهري.
2️⃣المال وسيلةخيرلاالشر
إذن؛ ليس المال بحد ذاته مذموماً، بل هو وسيلة عظيمة يمكن أن تكون سبباً في نيل رضا اللهﷻ:
#يجهزبه المدافعون عن الإسلام.
#وتوفربه فرص العمل للعمال وتشغّل المصانع 
#وتُزوج به النساء.
#وتُطبع به المصاحف والتفاسير والكتب الإسلامية.
#وتُشَق به الطرق وتُبنى البيوت.
#وتؤسس المدارس والجامعات والمساجد ودور تحفيظ القرآن.
#وتُعطى به جوائز المسابقات الدولية.
#ويُشترى ويُصنع به السلاح الذي يدافع به المسلمون عن كيان الإسلام.
🔹القرآن والجهادبالمال
فماعدا سورةالتوبة التي قدم فيها ذكرالجهاد بالنفس ثم المال:
{إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنْ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ}
نجد أن تسع آيات قدَّمت ذكر الجهاد بالأموال على الجهاد بالأنفس،انظر:
1- (لا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ عَلَى الْقَاعِدِينَ دَرَجَةً وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى وَفَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى الْقَاعِدِينَ أَجْرًا عَظِيمًا).
2- (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهَ وَالَّذِينَ آوَوا وَنَصَرُوا أُوْلَئِكَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْض).
3- (الَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ أَعْظَمُ دَرَجَةً عِنْدَ اللَّهِ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَائِزُون).
4- (انفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالاً وَجَاهِدُوا بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنتُم تعلمون).
5- (لا يَسْتَأْذِنُكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ أَنْ يُجَاهِدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ وَاللَّه عَلِيمٌ بِالْمُتَّقِين).
6- (فَرِحَ الْمُخَلَّفُونَ بِمَقْعَدِهِمْ خِلافَ رَسُولِ اللهَ وَكَرِهُوا أَنْ يُجَاهِدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّه).
7- (لَكِنَّ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ جَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ وَأُوْلَئِكَ لَهُمُ الْخَيْرَاتُ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُون).
8- (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُوْلَئِكَ هُمُ الصَّادِقُون).
9- (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيم☆  *تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنتُمْ تَعْلَمُون)[الصف]
3️⃣قديشغل المال عن الله
المذموم ليس المال في ذاته، وإنما وجوه الانحراف في جمعه أو صرفه:
🔹جمعه من حرام وأكله بباطل
قال تعالى:
{وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُم بَيْنَكُم بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقًا مِّنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْإِثْمِ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ} (البقرة: 188).

🔹ترك العبادة والانشغال به
{وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انْفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِمًا ۚ قُلْ مَا عِندَ اللَّهِ خَيْرٌ مِّنَ اللَّهْوِ وَمِنَ التِّجَارَةِ ۚ وَاللَّهُ خَيْرُ الرَّازِقِينَ} (الجمعة:11).

🔹شغل القلب عن ذكرالله
{سَيَقُولُ لَكَ الْمُخَلَّفُونَ مِنَ الْأَعْرَابِ شَغَلَتْنَا أَمْوَالُنَا وَأَهْلُونَا فَاسْتَغْفِرْ لَنَا ۚ يَقُولُونَ بِأَلْسِنَتِهِم مَّا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ ۚ قُلْ فَمَن يَمْلِكُ لَكُم مِّنَ اللَّهِ شَيْئًا إِنْ أَرَادَ بِكُمْ ضَرًّا أَوْ أَرَادَ بِكُمْ نَفْعًا ۚ بَلْ كَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا} (الفتح: 11).

4️⃣عبرةمن قصة"ثعلبة"
ولنا في قصة ثعلبة بن أبي حاطب الأنصاري عظة بالغة ودرس بليغ. فقد تعاظمت ثروته ببركة دعاء الرسول ﷺوآله، لكنه حين كثرت غنمه ترك الحضور في مسجد النبي ﷺوآله، للصلوات اليومية، ثم اقتصر على صلاة الجمعة فقط. ومع ازدياد أنعامه قرر ترك الجمعة أيضاً!!
فلما أرسل النبي ﷺوآله من يجبي زكاة أمواله أخذ يتهرب من دفعها، حتى امتنع عنها وقال متجاسراً: «إنما هي مثل الجزية، وهذه أخت الجزية»!
فقال النبي ﷺ وآله: (يا ويح ثعلبة) ثلاثاً. وسُلبت البركة من أنعامه، وأنزل الله ﷻ  فيه:
{وَمِنْهُم مَّنْ عَاهَدَ اللَّهَ لَئِنْ آتَانَا مِن فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكُونَنَّ مِنَ الصَّالِحِينَ (75) فَلَمَّا آتَاهُم مِّن فَضْلِهِ بَخِلُوا بِهِ وَتَوَلَّوْا وَهُم مُّعْرِضُونَ (76) فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقًا فِي قُلُوبِهِمْ إِلَىٰ يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ بِمَا أَخْلَفُوا اللَّهَ مَا وَعَدُوهُ وَبِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ (77)} (التوبة: 75-77).

{فَاعْتَبِرُوا يَاأُولِي الْأَبْصَارِ}

🔹خاتمة:
🔻المال إذن نعمة واختبار:
🔻فمن جعله وسيلة للخير والإنفاق في سبيل اللهﷻ، بارك الله له فيه.
🔻ومن انشغل به عن طاعة الله ﷻأو جمعه من طرق الحرام، صارت النعمة فتنة، وكان مآله الخسران والنفاق.
🔻فالميزان القرآني دقيق: المال في يد المؤمن وسيلة، لكنه في قلب الغافل فتنة.
🔹🔹🔹🔹🔹

✍🏼 عبارات مقترحة :

📝المال بين النعمة والفتنة

📝حيناً؛ يشغل المال عن اللهﷻ

📝المذموم ليس المال بل إساءة استعماله


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


د . رعد هادي جبارة
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2025/09/12



كتابة تعليق لموضوع : المذموم هو: الإنكباب على المال وتحصيله من الحرام
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net