كتاب المباهلة للشيخ السبيتي والقرآن الكريم (ح 2)
د . فاضل حسن شريف
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
د . فاضل حسن شريف

جاء في كتابة المباهلة للشيخ عبد الله السبيتي: السيد المسيح عليه السلام: إن للمسيح طبيعتين متميزتين الطبيعة اللاهوتية والطبيعة الناسوتية إلى غير ذلك من الفرق، وقد أشار القرآن المجيد ورد عليها فقال:"لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ ۖ وَقَالَ الْمَسِيحُ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ ۖ إِنَّهُ مَن يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ ۖ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ * لَّقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ ۘ وَمَا مِنْ إِلَٰهٍ إِلَّا إِلَٰهٌ وَاحِدٌ ۚ وَإِن لَّمْ يَنتَهُوا عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ" (المائدة 72-73)."لَّقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ ۚ قُلْ فَمَن يَمْلِكُ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا إِنْ أَرَادَ أَن يُهْلِكَ الْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ وَمَن فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا ۗ وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا ۚ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ ۚ وَاللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ" (المائدة 17) والمسيح نفسه نفى ما ينسب إليه من ادعاء الألوهية كما نص على ذلك الكتاب المجيد "وَإِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَٰهَيْنِ مِن دُونِ اللَّهِ ۖ قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ ۚ إِن كُنتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ ۚ تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلَا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ ۚ إِنَّكَ أَنتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ (116) مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلَّا مَا أَمَرْتَنِي بِهِ أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ ۚ وَكُنتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَّا دُمْتُ فِيهِمْ ۖ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنتَ أَنتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ ۚ وَأَنتَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ (117)" (المائدة 116-117) (ويلوح ان فكرة التثليث لم تكن قبل القرن الثالث للميلاد وان أول من نشر فكرة التثليث هو راهب مصري اسمه انناسيوس كان البابا العشرين الكنيسة الإسكندرية من سنة 326 - 373) والذي يظهر ان الذي عبر إلى الجزيرة العربية من هذه العقائد عقيدتان: العقيدة النسطورية والعقيدة اليعقوبية وانتشرت النسطورية في الحيرة واليعقوبية عند الغسانيين وسائر بلاد الشام، ويظن بعضهم ان نجران ان كانت على مذهب اليعاقبة. وقد انتشرت التعاليم المسيحية بين العرب ووجد فيهم من يميل إلى الرهبنة، وبناء الأديرة، واشتهر منهم قس بن ساعدة وذكروا انه"كان يتقفز القفار، ولا تكنه دار، يتحسى الطعام ويأنس بالوحش والهوام"وذكروا ان قسا هذا كان أسقف نجران، وكذلك اشتهر منهم أمية بن السلط وورقة بن نوفل.
ويستطرد الشيخ عبد الله السبيتي عن السيد المسيح عليه السلام قائلا: وقد كان عيسى أخي كما قلتم يحي الموتى ويبرئ الأكمه والأبرص ويخبر قومه بما في نفوسهم وبما يدخرون في بيوتهم، وكل ذلك بإذن الله عز وجل وهو عبد الله.. غير مستنكف، فقد كان لحما ودما وشعرا وعظما وعصبا وأمشاجا يأكل الطعام ويظمأ وينصب والله باريه وربه الاحد الحق الذي ليس كمثله شئ وليس له ند " -: "فأرنا مثله جاء من غير فحل ولا أب -: "هذا آدم عليه السلام أعجب منه خلقا من غير أب ولا أم، وليس شئ من الخلق بأهون على الله عز وجل في قدرته من شئ ولا أصعب وإنما امره ان أراد شيئا ان يقول له كن فيكون. "ان مثل عيسى عند الله كمثل آدم خلقه من تراب ثم قال له كن فيكون" (آل عمران 59). فقالوا: "فما نزداد منك في أمر صاحبنا الا تبينا، وهذا الامر الذي لا نقره لك فهلم فلنلاعنك أينا أولى بالحق ونجعل على الكاذبين فإنها مثله وآية معجلة ""فغشيه الوحي ونزل عليه قوله تعالى "فمن حاجك فيه من بعد ما جاءك من العلم فقل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم ثم نبتهل فنجعل لعنة الله على الكاذبين" (آل عمران 61) وتلا عليهم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ما نزل في ذلك عليه من القرآن وقال: "ان الله امرني ان أصير إلى ملتمسكم وأمرني بمباهلتكم ان أقمتم وأصررتم على قولكم " - ذلك آية ما بيننا وبينك وإذا كان الغد باهلناك. ثم انصرفوا إلى أماكنهم "تذوق الرجال العارفون من الوفد حلاوة ما قرأ عليهم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من آي القرآن الحكيم وادركوا صدق الحديث وادركوا شدة الخطر الذي يحوطهم فيما إذا باهلوا، ولقد توفرت لدى بعضهم الامارات الدالة على صدق رسول الله صلى الله عليه وآله وصحة رسالته وإن كان الجهل والتعصب كانا يسيطران على بعض ذوي الشأن منهم فكان يعتز بالحول والطول.
يقول الشيخ السبيتي في كتابه عن المباهلة: المباهلة هي القول الفصل في نهاية الجدل وقد اختارها الله لنبيه واختار له الاشخاص الذين يؤمنون على دعائه. وبعد فالعقل لا يصل إلى صورة ارفع من هذه الصورة والى اشخاص في رتبة هؤلاء أو ارفع لئلا يقع من العليم الحكيم الترجيح بدون مرجح في المرحلة الحاسمة.. ولان العقل لا يساند الاختيار الا إذا وقع على الأمثل الأمثل من المثل العليا. وليس في مكنون علم الله سبحانه أمثل من هؤلاء. فالله "عالم الغيب والشهادة" (التغابن 18). "ولا يعزب عنه مثقال ذرة" (سبأ 3) "أمر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بشجرتين ففصدتا وكسح ما بينهما حتى إذا كان الغد أمر بكساء اسود رقيق فنشر على الشجرتين "على هيئة المخيم. "وخرج السيد والعاقب بولديهما وعليهما من الحلي واحلل ما يلفت الانظار ومعهم نصارى نجران وفرسان بني الحرث على خيولهم، وهم على أحسن هيئة كأنهم ليوث غاب "واجتمع الناس من أهل المدينة ومن حولها من الاعراب وأهل الألوية يرقبون الحادث لا يعرفون ما هو مقبل عليهم، عندهم ثقة تامة ولكن يرتادهم شك، ولهم ايمان راسخ ولكن يراوده قلق، وقد ضرب الاضطراب عليهم نطاقه والقلق مد روافه، فهذه وجوه عليها غبرة ترهقها قترة، وهذه وجوه مسفرة ضاحكة مستبشرة.. الشمس تسير بأفقها مضطربة كاضطراب هذه القلوب هذه الرياح تهب من حول الناس بألوان مختلفة تارة مهيبا وأخرى رهيبا. الناس جمود يتحركون صامتون يتكلمون آمنون وجلون.. حيارى وما هم بحيارى، وأوشك الناس يتبينوا ان الانقلاب العظيم، فخذلتهم عقولهم وخانهم صلب ايمانهم. "وخرج رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم محتضنا الحسين وبيده الحسن ومن خلفه فاطمة الزهراء ومن خلفها علي.. فتقدموا إلى أن وقفوا تحت ذلك الكساء على الهيئة التي خرج عليها "يقول لهم: "إذا دعوت امنوا - قولوا آمين - وأرسل إلى السيد والعاقب يدعوهما إلى المباهلة. تقول السيدة عائشة: "خرج رسول الله وعليه مرط مرجل من شعر اسود فجاء الحسن فادخله ثم جاء الحسين فادخله ثم فاطمة ثم علي ثم قال: "إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت" (الأحزاب 33) ماذا بقي بعد هذا ما يحمل القلوب على الالتفاف حول أهل البيت وأي شئ بعد الطهر والنقاء من كل رجس يحمل الناس على التهافت إلى حضيرتهم السامية؟.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat