حَدِيثُ خَارِجِ اَلْمَأْلُوفِ
د . محمد خضير الانباري
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
د . محمد خضير الانباري

في زمنٍ تتسارعُ فيهِ التحولاتُ الفكريةُ والاجتماعية، التي تتكاثرُ فيهِ الخطاباتُ الجاهزة، يصبح الحديثُ المختلفُ والخارجُ عنْ المألوف، شبهٌ مستحيلٍ أو- على الأقل- مغامرةٌ محفوفةٌ بسوءِ الفهم، إذ؛ تتشابكُ فيهِ الأسئلةُ الكبرى معَ التفاصيلِ اليوميةِ للحياة، منْ هنا، تبرزَ الحاجةُ إلى صوت، وكاتب وفكر جديد، يمتلكَ رؤيةً متزنة، وفكرا نقديا رصينا، وقلما صادقا لا يهانُ.
أنَ هذا المصطلحِ ( خارجَ المألوفِ ) ؛ هو تعبيرٌ يدلُ على الحوارِ الذي يخرجُ عنْ الأطرِ التقليديةِ أوْ المتوقعةِ خلالَ النقاش، يتجاوزُ الأحاديثَ المكررة ، ليغوصَ في موضوعاتٍ عميقةٍ أوْ غيرِ اعتيادية، وغالبا ما يرتبطُ بالخروجِ عنْ المألوفِ في السلوكِ أوْ التفكير، وليسَ بالضرورةِ أنْ يكونَ حديثا غيرَ مهذب، بلْ قدْ يشيرُ إلى أسلوبِ تفكيرٍ مبتكر، أوْ نقاشٍ يهدفُ إلى تجاوزِ السائدِ والخروجِ منه، ويبتعدَ عنْ التكرارِ المملِ لدى القارئ، أو التمجيدُ والتطبيلُ في قضايا عفا عنها الزمن، تتحدثَ عنْ بطولاتِ زائفةِ ، في القيلِ والقالِ، وكنا وكان.
لمْ يعدْ يكفي إنتاجَ ما قبلَ أوْ أنْ نعيدَ صياغةُ ما أقرَ سلفا، لأنَ الزمنَ – بكلِ ما فيهِ منْ تحولاتٍ – لمْ يعدْ ينتظرُ التأكيد، بلْ باتَ يطالبُ بالتساؤل، ويبحثَ عنْ الخروجِ منْ النسقِ لا الغوصُ فيه، والبحث عن التجديد ، ومواكبة ما يحصل من تغيرات متعددة في كوكبنا الأرضي .
لقدْ كتبتْ العديدَ منْ المقالاتِ المتنوعةِ ما بينَ السياسةِ والقانونِ والمجتمعِ والأدبِ والفلسفةِ والرياضة، ساعيا إلى التجديد، ولمْ يكنْ في هدفي إلى تقديمِ حقيقة، بلْ أطمحُ إلى إثارةِ العقلِ وتحفيزِ القارئِ على النظرِ منْ زوايا غيرِ مأهولة، والسيرُ في دروبٍ غيرِ ممهدة، لمنْ يملُ منْ التكرار، ويضيقَ بالقولية، ويبحثَ عنْ المعنى في الهامشِ وليسَ في المتن.
إنَ التفكيرَ خارجِ السياقِ ليسَ ترفا بلْ ضرورة، ربما تجتمعُ في جوهرها حولَ فكرةٍ واحدة، لتنتج بعضَ النصوصِ التي تشبهُ الاعترافات، أوْ سيجدُ تعارضٌ أوْ خلافا معَ المألوف، واشتباكا معَ المسكوتِ عنه، وطرحا لأسئلةِ لا تطمحُ لإجاباتٍ سريعة، بلْ لاستفزازٍ فكريٍ طويلٍ المدى.
أنَ (غيرَ المألوفِ) ليسَ مجردَ تجميعٍ عشوائيٍ للنصوص، بلْ هوَ محاولةٌ لتقديمِ قراءةٍ بانوراميةٍ لعقلِ كاتبٍ ومفكر، يجيدَ الإصغاءُ لصوتِ الزمن، كما يجيدُ محاورتهُ ومساءلته، ليجد مادةً غنيةً للحوارِ والتأملِ وأنْ يسهمَ في إعادةِ الاعتبارِ للكلمةِ الجادة، والفكرُ النزيه، في زمنٍ تهددُ فيهِ الضوضاءُ كلَ معنى، أوْ بما يختلفُ بعضُ الشيءِ معَ بعضِ الرؤى والأفكار.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat