مافيا الأراضي في بلدية سوق الشيوخ... فساد يلتهم حقوق المواطنين
راجي سلطان الزهيري
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
راجي سلطان الزهيري

هذه ليست المرة الأولى التي أكتب فيها عن الفساد المستشري في بلدية سوق الشيوخ، وربما لن تكون الأخيرة، لكن ما جرى مؤخرًا يثبت بما لا يقبل الشك أن البلدية تحوّلت إلى مرتع للمافيات والصفقات المشبوهة التي تضيع حقوق الناس بلا حسيب ولا رقيب.
فبعد أن تحدثنا سابقًا عن سوء الخدمات، وتراكم النفايات، والواسطات التي تتحكم بكل صغيرة وكبيرة، جاءت هذه المرة قصة أخطر بكثير: ملف قطع الأراضي السكنية، وهو الملف الذي كان يفترض أن يكون بابًا للعدالة الاجتماعية، فإذا به يتحول إلى وسيلة للابتزاز وسرقة حقوق المواطنين.
تجربتي مع بلدية سوق الشيوخ
في عام 2018، قدمت معاملة رسمية للحصول على قطعة أرض حالياً، أسوة بغيري من أبناء المدينة. وبعد انتظار ثلاث سنوات، راجعت البلدية فكان جواب الموظف أن "الملف قد تَلف بعد الحريق الذي طال مبنى البلدية".
طُلب مني أن أقدم معاملة جديدة مع وصل الاستلام القديم لإضافة النقاط السابقة، ففعلت. لكن بعد مرور أربع سنوات أخرى، اكتشفت أن معاملتي ما زالت على حالها، وفيها نقطة واحدة فقط! وحين سألت الموظف عن السبب، أجاب بكل برود:
"يمكن الموظف نسى أن يضيف لك..."
سرقة علنية وتهديد للمواطنين
وأنا في أروقة البلدية التقيت بأحد المواطنين، كان قد قُبل اسمه ليستلم قطعة أرض. لكن عند مراجعته التسجيل العقاري، فوجئ بأن القطعة التي منحت له مسجّلة باسم شخص آخر!
المواطن روى لي بمرارة تفاصيل الإهمال والضياع، لكن الصدمة الأكبر كانت فيما قاله له أحد الموظفين بتهديد مباشر:
"إذا تحب تشتكي، فسوف أعرقل ملفك"
تهديد صريح يكشف حجم الاستهتار بمصائر الناس، ويؤكد أن الموظف يشعر أنه فوق القانون.
شهادة موظف حكومي متضرر
عبد الحكيم داخل عواد، وهو موظف في دائرة المجاري خدم 32 سنة، حيث قال :
"قدمت معاملة للحصول على قطعة أرض منذ عام 2019، وبعد حرق المعاملات قدمنا مرة ثانية في 2020. وبالفعل ظهرت أسماؤنا وإكملنا الإجراءات كاملة، لكن عند مراجعتنا للتسجيل العقاري وجدنا القطع مسجلة بأسماء غيرنا. نحن مجموعة من 25 شخصًا من مختلف الدوائر: مجاري، ماء، كهرباء، وحتى ضباط. المأساة أن القطع التي وزعوها علينا في 2022، أعيد توزيعها مجددًا في 2024 لغيرنا! والبلدية تقول: الخطأ من العقاري، والعقاري يقول: الخطأ من البلدية، وبين هذا وذاك ضاعت حقوقنا."
فساد منظم لا مجرد "أخطاء"
ما يجري لا يمكن وصفه بالأخطاء الإدارية أو الخلل الروتيني، بل هو فساد منظم تشترك فيه أطراف متعددة، هدفها التلاعب بملف الأراضي وتحويله إلى تجارة مربحة على حساب المستحقين الحقيقيين. فكيف تُسجّل أرض باسم شخص ثم تُمنح لآخر؟ وكيف تُوزع القطعة مرتين؟ وكيف يُهدد المواطن إن طالب بحقه؟
إلى متى يستمر العبث؟
ملف بلدية سوق الشيوخ يحتاج إلى وقفة حقيقية من الجهات الرقابية، من هيئة النزاهة إلى القضاء، لأنه يمس حياة آلاف العائلات التي تنتظر منذ سنوات الحصول على قطعة أرض لبناء بيت يحميها من غدر الأيام. أما بقاء الحال كما هو، فهو تكريس للظلم، وتعميق لفجوة الثقة بين المواطن والدولة.
ملاحظة
بعد الذي حصل معي في دائرة البلدية، توجهت إلى مدير البلدية، فكان متفهمًا جدًا وأرسل باستدعاء الموظف المعني للتوضيح. لكن رغم
ذلك، بقي الأمر كما هو ولم يتغير شيء حتى الآن.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat