عاشق الشهادة..
ابو محمد الذهبي
ابو محمد الذهبي
كان علي طالباً مجتهداً ومؤدباً، يحمل صفات حسينية، جعلت منه أنموذجاً فريداً في كلية الهندسة، حتى بلغ المرحلة الرابعة فيها.. ولطالما شغف بقصص أبطال الحشد الشعبي وبطولاتهم، ويستثمر إجازة أخيه المقاتل في الحشد المقدس في الاستماع الى قصص الأبطال، ومعاركهم في الجبهة.
ومن خلال كلام أخيه، علم بأن هناك نقصاً في الكوادر الهندسية؛ بسبب اتساع مساحة المعركة، واستشهاد أبطال من الهندسة العسكرية، وكثرة المعارك..
فأطرق علي، وهو يحدث نفسه: إن الفتوى كفائية اذا تحقق العدد المطلوب، ولكن يوجد نقص، ولم تتحقق الكفائية، ولذا فمن الضروري أن يلتحق بصفوف المقاتلين..
فسأل أخاه: هل يمكن ان اكون من المتطوعين في صفوفكم؟
أجاب أخوه: نعم ونرحب بالكوادر الهندسية.
شعر علي بالفرح، وبادر بأخذ اجازة من الكلية، وعند وصوله الى ساحة الجهاد التقى بالمسؤول عن الفوج الذي التحق به، وأعطاه توجيهات وملاحظات حول الوضع الميداني وكيفية التحرك، وكيفية التعامل مع السيارات المفخخة المصفحة والبيوت الملغمة.
أصبحت لدى عليٍّ فكرة عامة عن الوضع الميداني، وتمكن من حفظ واستيعاب المعلومات المهمة، وبدء يتذكر علي الاكبر(عليه السلام) هو اول شهيد قدمه الحسين(عليه السلام) بين يديه، وكيف ضحى من اجل رفع راية الاسلام المحمدي والدفاع عن قضية الاصلاح، وبدأ عليٌّ عمله في ساحة المعركة، متذكراً كربلاء.. وزاد عزمه وأصبح كالأسد في المعركة، يقتدي بحامل اللواء أبي الفضل(عليه السلام) وشجاعته.
أصبح علي لا يهاب الموت، وهو يتعامل مع العبوات، وتعرّف على حيل الاعداء في نصب العبوات والبيوت المفخخة.
ونتيجة لتفانيه في علمه هذا، وشجاعته الفائقة في فتح الطرق امام المقاتلين، والمسح الميداني الذي يقوم به، نال تكريم قادته وثنائهم عليه.. ولكنه ابى إلا أن يكون التكريم الحقيقي الشهادة مع الحسين(عليه السلام).
وفي يوم ممطر بارد، توجهت سيارة مدرعة مفخخة من العدو نحو الفوج، وبدأ الجنود بالتصدي بأسلحتهم للسيارة، وحاول القناص ان يصيبها ولكن بلا فائدة، الى ان اقتربت السيارة من مقر الفوج.
هنا لم يفكر علي طويلاً، اذ اسرع راكضا باتجاه احدى السيارات فركبها، وتوجه بها نحو السيارة المفخخة، وصدم السيارة بالمفخخة وانفجرت..
وذهب عليّ شهيداً في معركة الفداء والتضحية من اجل رفع راية الحسين(عليه السلام) ليخط على لوحة الخلود.. إن الموت لنا عادة.. وكرامتنا من الله الشهادة.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat