صفحة الكاتب : حسن عبدالهادي

فَلِنُحافظ على رصيدنا الحُسيني
حسن عبدالهادي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

  القرآن الكريم يُصوِر لَنا مشهداً يُضَمِّنهُ رسالة تربوية ويُنبه العاملين في بناء صَرح الصلاح الى الالتفات لهذه الصورة لما فيها من مُماثلة تُجسد واقعاً مشتركاً وسلوكاً سلبياً ينبغي الاقلاع عنه او تجنب الوقوع فيه، قال تعالى: ((وَلَا تَكُونُوا كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ أَنْكَاثًا)) [النحل: 92]، على الرغم من ان فضاء الآية الذي قِيل فيه هذا المثل ليس هو غَرضي بل مَضمونه الذي يَحتمل ما أودّ أن اوظف الكلام حوله، فالمثل يختزل صورا كلها تدور حول نقطة جوهرية ألا وهي حالة الهدم بعد عَناء البناء، وجانب السقوط بعد جُهد الصعود والوقوع في بِئر الفشل بعد تسلقٍ مُضني لِسُلمِ النجاح، والمَثل يُصور تلك المرأة التي تبذل وقتا وجهدا ومالا في الغَزل وبعد ان يكتمل ويَجهز تَهجم عليه لتفتله وتَحلهُ فيذهب الجُهد ادراج الرياح..!

 إن المُجتمع الحُسيني ضَرب مثلا في إحياء ذِكرى عاشوراء وعلى جميع الاصعدة، ومَظاهر زيارة الاربعين شاهداً على ما وَثقته شاشات الاعلام المرئي، وتناقلته المواقع، حتى عُرِف هذا المسير الولائي بتناسق وانسجام مُكوناته وتلاحم عناصره، فالزائر الذي جاء ماشياً او راكبا والباذل خدماته، والكوادر الطبية والأمنية والفنية.. شَكّلَت لَحمة رائعة من القيم الانسانية سَمتْ فيها الاجواء الى عالم النور، وتَرَقت فيها النفوس الى منازل الكرامة ثواباً من عند الله تعالى الذي عنده حُسن الثواب.
 وهذا يَعني أن تلك الاحجار من المُشاحنات التي كانت تشكل حاجزا وقاطعا عن انسيابية التواصل في العلاقات بين كل مكونات المجتمع قد تفتت وجسور المودة والمحبة ، وعادت القلوب مجتمعة تحت قُبة الخلود التي لا تحدها كربلاء فقط، ولا يوقفها زمان.. إنها قُبة عِشقُ الحُسين التي اتسعت دائرتها لتضم تحتها كل قلب ينبض بِحُب الحسين أينما كان ومتى كان... 
إن دوام واستمرارية سلامة جسور التواصل بين مكونات المجتمع وافراده هو ما ينبغي الحِفاظ عليه وعدم نقضه، وان لا نقع بمثل ما تفعله تلك المرأة من حالة الهدم والفشل والتراجع بعد هذا البذل في المال والجهد. 
وبعد ان نال كل فَرد رصيدا من النور والثواب والسمو النفسي.. 
فمُؤلِم حقاً الى حدّ الوجع ان ترى صُروح النور التي بُنيت كيف تُقوِّضها تلك الايدي التي آثرت الغُربة وتغيرات المُناخ عن مُدنها وبذلت كل ما بوسعها في خدمة الزائرين، وان ترى ذلك العَناء من المشي والصبر على تجاوز بعض المِحن يتبخر أمام شهوة من الحرام أو كلمات فُحش او تعدي الحدود الالهية بسرقة او كذب او غيبة او ظُلم للآخرين او تطاول على الجار والارحام.
 وكم هُو قبيح ان تُلوث صحائف الاعمال بعد ان صارت نقية وناصعة الجمال، وأي عمل صالح سيصمد ويدوم وهو يُحطَّم بمعاول المحرمات؟! وأي جسور ستبقى ممتدة وسامقة والانجرار خلف الحميّة والتعصب حالة لا يترفع منها البعض، فَتعود المقاطعات والمجافاة لأسباب تافهة بعد ان كان يرحب بعضهم ببعض، مُنادين: مرحباً بزوار الحسين..! 
 فبالحِفاظ على هذا الرصيد الحسيني ورعايته سيتضاعف ويزكو، سواءً على مستوى الفرد او المجتمع، ويُحقق وحدات مشتركة من التواصل والتعاون والتنسيق لِزيارات قادمة ومواسم جديدة وبإمكانيات مشتركة لتطوير أدائهم في خدمة الإمام الحسين وزائريه الكرام وانَّ يدَّ اللهِ مع الجماعة ما داموا على البرِّ والتقوى مجتمعين.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


حسن عبدالهادي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2025/08/18


  أحدث مشاركات الكاتب :



كتابة تعليق لموضوع : فَلِنُحافظ على رصيدنا الحُسيني
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net