لمن لا يعرف الأتراك
شاكر عبد موسى الساعدي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
شاكر عبد موسى الساعدي

الترك : هم مجموعة بشرية نشأت في الأصل بمنطقة آسيا الوسطى، التي تضم اليوم كازاخستان، أوزبكستان، تركمانستان، قرغيزستان، وإقليم شينجيانغ المعروف أيضًا بتركستان الشرقية شمال غرب الصين.
يُعتقد أن الترك ينتمون إلى أصل عرقي واحد ويتكونون تاريخيًا من عدّة قبائل، ويرى البعض أن مفهوم القبيلة وتسلسل النسب كان محصورًا بالعرب، إلا أن هذا الاعتقاد غير صحيح, فكل الشعوب كانت ذات طابع قبلي في الماضي. ومع التحولات الزمنية وقيام الدول والإمبراطوريات، بدأ دور القبيلة يتلاشى تدريجيًا.
يمتلك الترك لغتهم الخاصة وثقافتهم وتقاليدهم المتميزة، ولكن بسبب تنقلهم المستمر وسعيهم لاستيطان المناطق ذات السهول الخصبة، اختلطوا مع شعوب وأعراق أخرى.
هذا التزاوج أفضى إلى إدخال أجناس جديدة إلى الترك، حيث أصبحت هذه الشعوب تتحدث باللغة التركية وتتبع ثقافة الترك حتى وإن لم تكن ذات أصل عرقي تركي.
الامتداد الجغرافي الواسع الذي حققته شعوب الترك من آسيا الوسطى ليغطي شمال ووسط وغرب أوراسيا أدى إلى ظهور اختلافات بينهم. ومع تأثرهم بثقافات وشعوب أخرى، بدأت اللغة التركية بالتفرع إلى لهجات متعددة تطوّرت لاحقًا إلى لغات تركية قائمة على جذر لغوي مشترك.
على مر التاريخ، يكاد المراقب لعصور الخلفاء العباسيين أن يلحظ مدى تأثير القوى الفاعلة في تشكيل الأحداث وصناعة التحولات الكبرى. ولعل قصة أبناء هارون الرشيد الثلاثة ترسم بداية واضحة لهذه المراحل.
حينما انقسموا بناءً على تحالفات ودعم القوى الإقليمية: اعتمد الأمين على العرب، بينما وجد المأمون دعمه القوي في الفرس، في حين استند المعتصم إلى نفوذ الأتراك.
وبعد فترة الخلافة المعتصمية، تعاظم نفوذ الأتراك بشكل لافت، ليصبحوا قوة محورية في المشهد السياسي العباسي. وصلت هذه الهيمنة إلى ذروتها عندما قُتل الخليفة المتوكل على الله مع وزيره الفتح بن خاقان على أيدي الأتراك، تلت ذلك سلسلة من الاغتيالات والإقصاءات التي طالت الخلفاء، بدءاً بالمنتصر بالله الذي قُتل مسموماً، ثم المستعين بالله الذي مات في السجن، والمعتز بالله الذي قضى تحت وطأة التعذيب، وأخيراً المهتدي بالله الذي لفظ أنفاسه الأخيرة في حبسه.
ومع كل هذه الحوادث المؤلمة، كان الخليفة المعتمد على الله استثناءً واضحاً في مواجهة السيطرة التركية. تمكن من تقليص نفوذهم عبر تسليم قيادة الجيش والتصدي للثورات إلى أحد أمراء البيت العباسي، مما أعطاه هامشاً من الاستقرار والهيمنة على الأمور السياسية.
لكن هذه الاستراتيجية لم تكن كافية لإلغاء تأثيرهم نهائياً، إذ عاد نفوذهم بقوة خلال عهد المقتدر بالله. الغريب أن المقتدر حكم لمدة 25 عاماً رغم اغتياله على يد خادمه التركي مؤنس الخادم.
وواصل الأتراك ممارساتهم حتى عهد المتقي بالله، حيث قام زعيمهم توزون بخلعه دون أن يقتله، لتسجل هذه الحادثة المحطة الأخيرة في تاريخ تدخلاتهم السياسية المباشرة.
وبنهاية قرن كامل من الهيمنة التركية، بدأ عهد جديد مع ظهور البويهيين والسلاجقة، ليشكل ذلك صفحة جديدة في التاريخ العباسي وتحدياته المستمرة تحت السقف السياسي المتغير.
هذه الفترات تحمل لنا دروساً عميقة عن لعبة القوى والتحالفات التي لا تتوقف عند أسماء أو شعوب، بل تبقى رهناً بمن يملك القوة ويعرف كيف يُديرها.
وعادوا مرة أخرى تحت مسمى( العثمانيين) ليحكموا العالم العربي والأسلامي ما يقرب من 623 عام.. تأسست عام 1299م واستمرت حتى عام 1922م
واليوم لهم دور مؤثر في المنطقة العربية بعد أسقاط نظام بشار الأسد ووصول الجولاني وجماعته المتطرفة لدفة الحكم في سوريا.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat