صفحة الكاتب : يوسف السعدي

ضمير الأمة ودرعها الحصين عبر التاريخ
يوسف السعدي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 في زمن تشتد فيه التحديات، وتتزاحم فيه الأزمات، تظل المرجعية الدينية العليا، صمّام أمان للشعوب، وضميرًا حيًّا يصدح بالحق، ويُرشد الناس إلى سواء السبيل، هذا الدور الجوهري لم يكن وليد اليوم، بل هو امتداد لتاريخ طويل، من المواقف الخالدة، والمبادرات التي حفظت للأمة دينها وكرامتها ووحدتها.

لم تكن المرجعية الدينية العليا، مجرد موقع فقهي أو ديني، بل مثلت دومًا قيادة روحية، ذات بُعد إنساني ومجتمعي، تفاعلت مع قضايا الناس، ووقفت في وجه الظلم والاستبداد، سواء في عصر الاحتلال العثماني أو البريطاني أو في المراحل التي عصفت بها الحروب والانقلابات.

يكفي أن نستذكر فتوى الجهاد ضد الاحتلال البريطاني في ثورة العشرين، التي أطلقها الميرزا محمد تقي الشيرازي (قدس سره)، وكيف تحولت الفتوى إلى شرارة انتفاضة وطنية شاملة جمعت أطياف الشعب العراقي بمختلف مكوناته، وكان للمرجعية يومها دور القيادة والتوجيه بعيدًا عن المكاسب السياسية.

في عصرنا الحالي، تتجلى المواقف العظيمة لسماحة المرجع الأعلى السيد علي الحسيني السيستاني (دام ظله) ،  في لحظات مفصلية من تاريخ العراق، فعندما داهم الإرهاب أرض العراق، وكانت الموصل قد سقطت، خرج صوت المرجعية بفتوى الجهاد الكفائي في حزيران 2014، فهبّ عشرات الآلاف من أبناء الشعب لتلبية النداء، وانبثق الحشد الشعبي كقوة وطنية حافظت على العراق من التمزق والانهيار.

كما كانت المرجعية سبّاقة في الدفاع عن وحدة العراق، ورفض الطائفية، ودعت إلى الإصلاح ومحاربة الفساد، وأكدت على حقوق المواطنين، وحثت على اختيار الكفاءات في الانتخابات، ولم تسعَ يومًا إلى السلطة أو النفوذ، بل اكتفت بتقديم النصيحة والموقف الصادق.

إن استذكار هذه المواقف لا ينبغي أن يكون مجرد لحظة عاطفية أو طقساً احتفاليًا، بل هو مسؤولية وطنية وتاريخية لترسيخ الوعي العام، ولتعريف الأجيال الجديدة بالدور المفصلي الذي لعبته المرجعية في إنقاذ العراق وصيانة سيادته.

وعلينا اليوم، كمثقفين وإعلاميين وناشطين، أن نؤسس لذاكرة وطنية تحفظ هذه المواقف، وأن نُفرد لها مساحاتها في المناهج التعليمية، وفي الفعاليات الوطنية، وفي وسائل الإعلام، لتبقى المرجعية العليا رمزًا حيًّا في وجدان الأمة.

المرجعية الدينية العليا ليست فقط حاضنة للدين والعقيدة، بل هي مدرسة في الموقف، وثقافة في القيادة، وحصن للشعب عند المحن. استذكار مواقفها هو وفاء ووعي، وترسيخها هو درع لمستقبل الوطن.

 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


يوسف السعدي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2025/08/06



كتابة تعليق لموضوع : ضمير الأمة ودرعها الحصين عبر التاريخ
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net