صناعة الفكر الاسلامي تمتلك من الأدوات والأساليب ما يجعلها في مداخل ومفهوم أي صناعة معاصرة قائمة على المعالجة ثم الإنتاج، كما تحتاج الى الفهم والخبرة والتجديد؛ وصعوبتها تأتي من أن المادة الأولية لهذه الصناعة هي الإنسان ومنطقه في التفكير، وهي مادة متغيرة باختلاف الزمان والمكان والأشخاص والمؤثرات الخارجية..
إنّ صناعة الفكر الإسلامي واصلاحه وتطويره له الأولوّية في عالم اسلامي مليء بالمشاكل والتحدّيات. ولقد برهن الفكر الإسلامي بأصوله العقيدية الثابتة، مقدرته على إصلاح نفسه وتجديدها, في كثير من البلدان الإسلامية سواء القديمة في إسلاميتها أم الداخلة حديثاً فيه، فما الذي يمنع انتشاره في بقية البلدان؟
إن سبب التأخر في إصلاح الفكر الإسلامي وتكيفه مع العالم اليوم، هو نقص الشجاعة السياسية، شجاعة النخب التي تملك رؤية واضحة للمستقبل الذي تقود إليه شعوبها بعزم, كما أن إصلاح الفكر الإسلامي لا يحتاج إلى نص، بل إلى إجماع صنّاع القرار على أنه ضرورة ومصلحة، يمكن بواسطة منظومته المتكاملة إصلاح الأعطاب الموجودة في كل الأنظمة والدساتير الوضعية التي يدب فيها النقص.
إن تطوير الفكر الاسلامي هو أولويّة الأولويّات؛ لأنّ الشروع في إصلاحه، يتوقّف عليه نجاح التطوير وصناعته في الأقسام الاخرى، كصناعة وتطوير واصلاح الفكر الاقتصادي مثلا, بالاضافة الى أن بداية صناعة الفكر الإسلامي، لا تتنافى مع بداية عملية الاصلاح في أقسام الفكر الأخرى، بل تتكامل معه وتقتضيها. كما ان صناعة الإصلاح السياسي والاجتماعي والتربوي… جزء لا ينفصل من صناعة وتطوير الفكر الإسلامي.
إن تكييف وإصلاح الفكر الإسلامي مع عصره وتطويره، يعطيه الحق والمشروعية من أجل الوقوف وقطع الطريق على مخاطر النهايات المأساوية للحضارة الانسانية، ومن ثم الاتجاه الى السيناريو المتفائل في إنشاء حضارة بشرية واحدة تتعرّف على هويتها في القيم الإنسانية الكونية المشتركة، وفي الضوابط الأساسية للعيش معاً في عالم تشابكت فيه مصائر البشرية في السرّاء والضراء..
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat