صفحة الكاتب : همام طه

لماذا نقرأ القرآن بانتقائية
همام طه

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 دائماً عندما نسترجع قصة ابنَي آدم، هابيل وقابيل، نحتفي بالابن هابيل (المجني عليه) ونعتبره رمزاً للطيبة والنقاء والرحمة، بينما يمثّل قابيل (الجاني) بالنسبة لنا القسوة والظلم والغدر.

وكثيراً ما نستحضر كلمات هابيل: "لئن بسطت إليّ يدك لتقتلني ما أنا بباسط يدي إليك لأقتلك إني أخاف الله رب العالمين" بوصفها عبارات خالدة تدلّ على التسامح وحب السلام والأخوّة الحقّة.

لكننا نتغافل عن الآية التالية حيث يكمل هابيل كلامه فيقول لأخيه وبلغة هجومية مُستفِزة: "إني أريد أن تبوء بإثمي وإثمك فتكون من أصحاب النار وذلك جزاء الظالمين"!

ألم يكن الأجدر بهابيل في تلك اللحظة أن يستعطف أخاه الحاسد والغاضب والناقم (قابيل) ويذكّره بالرابطة الإنسانية والأسرية والأخوية بينهما فيقول له:

(إني "أخاف عليك" أن تبوء بإثمي وإثمك) بدلاً من (إني "أريد" أن تبوء بإثمك وإثمي)؟!

هل من المناسب أن يقول إنسان لأخيه الذي يريد قتله: إني أريد لك أن يتعاظم ذنبك وأن تكون من أصحاب الجحيم فأنت من الأشرار الظالمين؟!

هل يُفترض بهذه اللحظة أن تكون لحظة استفزاز وإساءة وتهييج للغضب أم لحظة استعطاف واسترحام واستدرار للرأفة والحنان الأخوي؟!

ألا يعتبر هابيل (الضحية) مسؤولاً بشكل ما عن الجريمة من خلال كلماته العدوانية والاستفزازية التي استثارت غضب أخيه قابيل (القاتل)؟!

ألا يمكن أن تدخل كلمات هابيل تحت مفهوم "الاستفزاز الخطير"، والذي يُعرّف في القانون الجنائي بأنه: "سلوك مقصود يهدف إلى إثارة غضب شخص ما أو إزعاجه بشكل كبير، وغالباً ما يؤدي إلى رد فعل عنيف أو غير متوقع. وهو يعتبر ظرفاً مخففاً في القانون الجنائي في بعض الحالات"؟!

فبعد أن صدرت تلك الكلمات من هابيل مباشرةً، ارتكب قابيل جريمته وقتل هابيل: "فطوّعت له نفسه قتل أخيه فقتله فأصبح من الخاسرين".

ثم ندم على فعلته: "قال يا ويلتا أعجزت أن أكون مثل هذا الغراب فأواري سوأة أخي فأصبح من النادمين".

لاحظ أن ندمه وورود كلمة "أخي" على لسانه بعد ارتكاب الجريمة يدلّان على أنه لم يكن شريراً خالصاً، ولم يكن حالة ميؤوساً منها، بل كانت هنالك احتمالية وقابلية لردّه عن جريمته وإصلاحه لو أن هابيل تعامل معه برحمة أخوية وذكاء إنساني ومنطق أخلاقي.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


همام طه
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2025/08/02



كتابة تعليق لموضوع : لماذا نقرأ القرآن بانتقائية
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net