عالمية الخطاب الإسلامي
عبد الحمزه المشهداني
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
عبد الحمزه المشهداني

من مظاهر علل الخطاب الإسلامي المعاصر، عجزه عن فرز الآخر، والتوجه لكل واحد من هذا (الآخر) بالخطاب الذي يناسبه، وهذا ليس غريبا لسببين:
الأول: حالة الشعور بالتهديد الذي يريد اجتثاث الجذور و(إلغاء الهوية) و(إذابة الشخصية)، إذ عندها ينكفئ الخطاب على نفسه، ويبقى في حالة انتظار لما سيقال ليرد عليه، إما بالرفض المطلق والسلبية، وإما بردات الفعل. وهذا موقف طبيعي قد نعذر عليه لدرجة معينة، لأن الشعور بالتهديد يفقد الإنسان التوازن في تمييز مستويات الآخر.
الثاني: حالة العجز الفكري الذي يمر به أصحاب هذا الخطاب المتمثلة في عدم القدرة على التمييز (التفريق) بين المختلفات، فضلا عن التفريق بين المتماثلات. إن أرقى حالات العقل (الفقه) قدرته على إيجاد الفروق بين ما حقه الجمع بادي الرأي. وهو ما موجود في فقه اهل البيت (ع)، اما الاخر فالدوائر لديه متداخلة ومتشابهة؛ الأصدقاء دائرة واحدة، والأعداء كذلك.
وفي خضم انشغالنا في الدفاع عن النفس، وعدم قدرتنا على التفريق، فقدَ الخطابُ عالميته، وصار مغرقا في المحلية، ولم يعد ينتبه إلى مسؤوليته في خطاب الآخر والتمدد نحوه، لا ليدافع عن نفسه، ولا ليسوغ مواقفه لديه وحسب، بل ليعرفه ابتداء بما لديه وليشركه وليتشارك معه في الهم الواحد، والظلم النازل على الجميع دون تمييز.
ولذلك نجد ان الخطاب الديني الصادر من درسة اهل البيت (ع) قد اتخذ مداه الواسع، بعد أن استطاع ان يحتوي الاخر بكل اشكالاته وخلافاته ووعيه، كل حسب عقيدته وانتمائه من جميع المذاهب والأديان.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat