أيلونْ ماسكٍ العراقي وتصدير النفط العراقي
د . محمد خضير الانباري
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
د . محمد خضير الانباري

يتفاجأَ العالمُ يوميا، بما يقومُ بهِ المليونيرُ الأمريكيُ (أيلونْ ماسك) بمنجزٍ علميٍ منْ خلالِ شركاتهِ ومصانعهِ المتعددة؛ إذ؛ يمتلكُ أسهما كبيرةً في بعضِ الشركاتِ أمثال، إكسْ ونيورالينك، وذا بورينا كومباني، سبيسْ إكس، مصانع تيسلا موتورز، سولارُ سيتي، ويعملَ حاليا إلى تجسيدِ فكرةِ نظامِ النقلِ فائقٍ السرعةِ المسمى بالهايبرلوب، والأبحاثُ في الطاقةِ النظيفة، وعالمَ الاتصالات، والذكاءُ الصناعي، وبكادرها المتنوع منْ كلِ جنسياتِ العالم، ولمْ يتطرقْ هذا المتخلفِ مطلقا، أوْ يقلبُ أوراقَ الماضي في التاريخِ والدينِ والعشيرةِ والمجتمعِ. لقد تجاوزتْ ملكيتهُ الى مبلغ (315) مليارَ دولارٍ في العامِ 2025. والذي سبقَ وأنْ عينهُ الرئيسُ الأمريكيُ (دونالدْ ترامب) مستشارا لهُ في الشؤونِ الماليةِ والاقتصاديةِ منْ أجلِ رفعِ مستوى الاقتصادِ الأمريكي، قبلُ أنْ يستقيل، ويتفرغَ إلى شركاتهِ الخاصة.
لقدْ أخذنا اسمٌ (أيلونْ ماسك) في موضوعِ مقالتنا، للاستفادةِ منهُ في أفكاره الاقتصادية التي تتعلق بقوتنا اليومي ( النفط العراقي)، التي سنوجزها، وفق ما يلي.
-1 أعلنتْ تركيا مؤخراً، أنَ اتفاقيةَ خطِ أنابيبِ النفطِ الخامِ بينَ تركيا والعراق، التي وقعتْ بينَ البلدينِ في العامِ 1973، ودخلتْ حيزَ التنفيذِ في العامِ 1975، ستتوقفُ ابتداءً منْ 27 يوليو/ تموزُ 2026، وتروم في عقدِ اتفاقيةٍ جديدة، تضمنَ مصالحها الاقتصادية، وحسبَ تعبيرها، تريدُ مرحلةً جديدةً وحيويةً بما يعودُ بالنفعِ على الطرفينِ والمنطقة.
2- خلالَ مؤتمرِ القمةِ العربيِ الذي عقدَ في بغدادَ في 17/5/ 2025، بدورتهِ الرابعةِ والثلاثينَ لمجلسِ جامعةِ الدولِ العربية. وقدْ حضرهُ بعضُ القادةِ العرب، وبضمنهِ الرئيسُ الصوماليُ (حسنْ شيخِ محمودْ ) ، الذي فاجأ، رئيسُ الوزراءِ العراقيِ السيدِ (محمدْ شياعْ السودانيِ ) ، بوجودِ مصفى عراقيِ- صومالي مشترك في العاصمة مقديشو بنيَ في العامِ 1974 منْ قبلُ الشركةِ العامةِ للمشاريعِ النفطيةِ في وزارةِ النفطِ العراقية، وترغبَ الحكومةُ الصوماليةُ في مساعدةِ العراقِ في إعادةِ تأهيله، بهدفَ عودتهِ إلى العملِ مجددا. قامَ أحدُ السادةِ النوابِ المحترمين، وعبرَ مواقعَ التواصلِ الاجتماعيِ بالاستهزاء، بطرحِ الرئيسِ الصومالي، أمامَ رئيسِ الحكومةِ العراقية، حولَ وجودِ المصفى النفطيِ في الصومال، وعذرا له، لأنَ المصفى انشيءْ في العامِ 1974، وهوَ لمْ يكنْ مولودا في حينه، فليس عنده علم الغيب.
3- يذكرني هذا الموضوع، بحادثةٍ رواها لي أحدِ الدبلوماسيينَ العراقيين، عندَ مرافقتهِ لأحدِ السادةِ وزراءَ النفطِ العراقيِ بعدَ العامِ 2005 في زيارتهِ إلى سنغافوراة، حيثُ اختصرَ المسؤولُ السنغافوريُ كلامهُ معَ الوزيرِ العراقي، بعدُ الترحيبِ به، بالقول: نحنُ دولةٌ صغيرةٌ استثمارية، لا نحتاج الى علاقاتٍ دبلوماسية وفتح سفارات بين البلدين، بالإمكانِ أنْ نخدمكمْ فقطْ في تصفيةٍ وتكريرٍ نفط الخام العراقيِ ، عبرَ شركاتنا المتعددةِ لتصفيةِ البترول، ونحولهُ إلى مشتقاتٍ نفطيةٍ متعددة، ونسوقهُ عالميا، وفق اتفاق بين البلدين. إذ؛ تعدْ سنغافورة؛ واحدةً منْ أكبرَ (3) مراكز تكريرٍ النفطِ للتصديرِ في العالم، حيثُ تعتبرُ جزيرةً (جورونا) مقرا لأكثرَ منْ (100) شركةٍ عالميةٍ للبترولِ والبتروكيماوياتِ والكيماويات، ورائدةٌ في تصنيعِ وتشغيلِ وحداتِ الإنتاجِ والتخزينِ والتفريغِ العائمةِ المتطورةِ ومنصاتُ الحفرِ البحريةِ ذاتيةً التشغيلِ والمثبتةِ على البوارج.
4- يعد العراق من البلدان النفطية الكبيرة ، وذات احتياطي كبير لهذا المنتج، وتكثر في بلدنا فيه شركات الاستخراج الوطنية والدولية، وممكنٌ في السنواتِ المقبلة، يزدادُ كميات النفط المستخرجة، ويصلَ إلى أكثرَ منْ الحصصِ المقررةِ لنا للتصديرِ وفقِ منظمةِ أوبك.
ماذا لوْ درسنا طلبُ الرئيسِ الصوماليِ بحكمةٍ وتعقل! وأسهمنا بتأهيلٍ المصفى النفطيِ العراقيِ – الصوماليِ المشترك، وتزويدهُ بالنفطِ الخامِ العراقي، وتسويقهُ مباشرةً منْ المواني الصوماليةِ إلى المواني العالمية، لنزيدُ مواردنا المالية، أوْ نستفادٍ منْ العرضِ السنغافوري، ونصدرُ لهُ النفطُ الخام، ويقومَ بتكريرهِ وتسويقهِ عالميا لصالحنا. ونستفاد منْ تجربة الدول النفطية المجاورة لنا التي سبقتنا في الاستثمار الخارجي، وامتلاكها حق تشغيل بعض المواني الدولية، أوْ محطاتِ الغازِ والبنزينِ لمختلف دول العالم، أوْ حتى في كرةِ القدمِ والأنديةِ التابعةِ لها، فهذه الاستثمارات، كلها، ترفدُ الخزينة الماليةُ بالأموال النقدية، منْ غيرِ تصديرِ النفطِ الخام.
وبالمناسبة ، لدينا استثمارٌ واحدٌ في مزارعِ الشايِ في فيتنام منذُ ثمانينياتِ القرنِ الماضي، وفي كلِ دورةٍ انتخابية، وبدلاً من أن نزيده، بستيقظْ أحدَ نوابنا المحترمون من الصباح الباكر، ويتقدم ، بسؤالٌ برلمانيٌ إلى وزيرِ التجارة،. هلْ الشايُ العراقيُ المنتج عبر مزارع فيتنام ، يحملُ علامةَ شايِ أحمدْ أوْ محمود...... !
5- بعدُ الحربِ الإيرانيةِ – الصهيونية، التي استمرتْ لمدةِ أسبوعين، كانتْ الأخبارُ المتناقلة، تشيرَ إلى احتمال غلقِ مضيقِ هرمزَ في أيةِ وقت، في ضوءِ تطورِ الحرب، ويعرفَ الجميعُ أنَ طريقنا البحري الوحيد لتصديرِ النفطِ العراقي عبرَ هذا المضيق. فلو أغلقَ لا سامحْ الله، يتوقفَ العراقَ عنْ تصديرِ النفطِ إلى دولِ العالم، وتفلس الخزينة، وماكو رواتب، ولا جيكسارات للحمايات و.....! . أنَ كلَ منْ يتحدثُ عنْ مواردَ ماليةٍ أخرى ترفدُ الخزينة، فهيَ للمجاملة والإعلام فقط، عدا أموال الضريبةِ والمواني والكوارك، وهذهِ بحدِ ذاتها، لا تكفي، رواتب موظفي هذه المؤسسات
6- يتطلبَ العمل وبجدية، في إيجادِ البدائلِ الأخرى لتصديرِ النفطِ العراقي، في ظلِ الإنذارِ التركيِ الأخير في إنهاءِ اتفاقيةِ تصدير النفط العراقي عبر ميناءِ جيهان في العامِ 2026، منْ خلالِ قيامِ وزارةِ النفطِ العراقيةِ بالتحركِ وفقِ السياقاتِ الفنيةِ والقانونية، لتنفيذِ خططها ودراساتها السابقةِ والمركونةِ في دواليبها، وتفعيلها، في دراسةِ تنويعِ مصادرِ تصديرِ النفطِ العراقيِ عبرَ المواني المختلفةِ في الدول المحيطة بالعراق: سوريا، لبنان، الأردن، السعودية، وتركيا، لتخفيفِ اعتمادنا على طريقِ الخليجِ العربي، في ظلٍ لتهديدِ المتكررِ لغلقِ مضيقِ هرمزَ البحري، الذي نعتمدُ عليهِ في تصديرِ نفطنا، وهذا يتطلب؛ التعاقدُ السريعُ معَ شركاتٍ استثماريةٍ عالميةٍ لإحياءِ شبكةِ أنابيبِ التصديرِ العراقيةِ القديمةِ إلى ميناءيْ طرطوس في سوريا، وطرابلس في لبنان، وكذلكَ إعادةُ أنبوبِ التصديرِ عبرَ ميناءٍ ينبعُ السعوديُ الذي توقفَ خلالَ حربِ الخليجِ الثانية، ثمَ تفعيلِ المقترحِ الاستثماري، الذي تناولتهُ الأخبارُ في العامُ الماضي لبناءِ أنبوبِ نفطِ منْ العراقِ إلى ميناءِ العقبةِ الأردني، وإيجادَ منفذٍ جديدٍ لتصديرِ النفطِ العراقي إلى تركيا عبرَ مدينةِ الموصلِ مباشرة، ثمَ عنْ طريقِ سوريا إلى المواني التركيةِ في البحرِ المتوسط، يضاف إلى موجودٍ منْ أنابيبِ تصديرِ نفطِ عبرَ إقليمِ كردستان.
لقدْ قدمَ لنا (أيلونْ مساكَ ) في نهاية النقاش معه : مقترحٌا صعبٌا نوعا ما، الذي سوفَ يحزنُ الكثير، منْ المنظرين، والمتفلسفين، والمحللينَ في القنواتِ الفضائية، وروادَ المقاهي والمنتدياتِ الفكريةِ والأدبيةِ ، بأنْ تتخصصَ مراكزُ الأبحاثِ حصراً التي تنشأها الدولةُ في قضايا الطب، والطاقةُ والاتصالات، والذكاءُ الصناعي، والكهرباء، والماءُ والإليكترونيات، وليسَ مراكزَ أبحاثٍ لبحثِ اختلافاتِ الفقهاء والفلاسفة في القرونِ الماضيةِ في التاريخِ والدينِ والفلسفةِ والاجتماع، والقيلُ والقال، والتي بالامكان مناقشتها عبرَ منتدياتٍ شخصيةٍ في البيوتِ والنوادي الثقافية، و وعدم تدخلُ الدولةُ في النقاشات التي تتعلق في سببِ بناءِ الجنائنِ المعلقةِ في بابلَ في إرضاءِ الملكةِ أميتيس، زوجُة الملكِ نبوخذْ نصرْ الثاني، التي كانتْ تشتاقُ إلى تلالِ ومناظرِ بلادِ فارس، موطنها الأصلي، ولا بتحكمِ الست زبيدة بزوجها هارونْ الرشيدْ، وخلافهما حولَ أغنيةٍ (مسيطرةً ) ولا في طلاقِ هندْ منْ الحجاجْ بنْ يوسفْ الثقفي، ثم، التشفي منه، بزواجها الثاني منْ خليفتهِ وولي أمره المروانْ بنْ الحكم.
في بعضِ الأحيان، يثيرَ النقاشِ الأدبيِ والتاريخيِ والدينيِ والفلسفي بين الحضور الى ما يسمى بحماسةٌ شعبوية لدى أحدِ الطرفين، ويشتعلَ الجوُ النقاشي، ويتحولَ إلى الجانبِ التطبيقيِ في المناوشاتِ البسيطة، مستخدمونَ فيها بعضُ قناني الماءِ الموجودةِ على الطبلات الصغيرة، أوْ بعضِ منفضات السكائر، تؤدي أحيانا إلى بعضِ الإصاباتِ البسيطة، وهذا يقودُ أطرافَ النقاش إلى مراكزِ الشرطةِ القريبة، ليستقبلكَ أصحاب السوابقِ في غرفة توقيفهمْ الملونةَ، وبالأوشام االموسومة على زنودهم، بالترحابِ الكبير، وبكلمةٍ جميلةٍ على القلبِ (عشانا اليوم عليك يا طويل العمر) ، وحصراً، أنْ يكونَ العشاءُ منْ مطاعمَ ( زرزورٌ ، أوْ حجيْ محمد، أوْ بابِ الأغا )، وإلا....! ، ثمَ في الصباح، تعرضَ الأوراقَ التحقيقية على القاضي المختصِ، لينهيَ الشكوى بالتراضي بعدَ التنازلِ المشترك، ثم، يتبعها الفصلُ العشائري، بحضور بعض أجاويدْ القوم، لينتهيَ النقاشُ في التنازلِ عنْ مبلغِ الفصلِ العشائريِ لخاطرِ فلانٍ وفلانِ والباقي تحتَ الفراش. . .، ليتعانقوا المتخاصمين، وينتهي الخصام، بالصلاةِ على محمدْ وآلَ محمد.
وإلى لقاءات، وأفكار أخرى معَ ( أيلون ماسكٍ) العراقي.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat