عبارة الدكتور الشمهداني والتخريجة القانونية لها
د . محمد خضير الانباري
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
د . محمد خضير الانباري

لدى أحدِ الأصدقاءِ الأعزاءِ منْ محامي مدينةِ الموصلِ القدماء، أرسلَ لي مقالٌ لحدِ الأشخاصِ متعرضا جدا لمقولةِ الدكتورِ محمودْ المشهداني بتلفظِ عبارةٍ (أشيخُ على أبي العراق) بعدَ اللقاءِ الأخيرِ لإحدى القنواتِ الفضائيةِ ، فقدْ وردتْ تلكَ الكلمةِ المسيئة، نتيجةُ عصبتهِ واستفزازهِ وكبر سنه، باستخدامِ التلفظِ المذكورِ بقصدِ أوْ دونَ قصد، اللهُ يعلم!
تعددتْ الآراءُ والكلامُ والأقاويلُ والمطالبُ وردودُ الأفعالِ عنْ هذهِ المفردة، منْ تأويلِ وتفاسيرَ كثيرةٍ أعدتها بكونها إساءةً للعراقِ وتأريخه.
لوْ رجعنا إلى لغتنا العربية، فنجدُ معنى (شخت) التي وردتْ في معجمِ المعاني الجامعِ تحملَ العديدِ منْ المعاني المختلفة، فنتركها جانبا، وما يهمنا ( شختُ البولُ ) ، ما قصدهُ السيدُ المشهداني في لقائه يعني: الشخ: صوتُ البول، وشخ الولد، بال، تغوط، وشخ الولدُ ببوله، أرسلهُ بصوت.
هذا يذكرني بعبارةٍ (أنعلُ أبو الأمن) ، حيثُ عملتْ مدةً في المحاماةِ في تسعينياتِ القرنِ الماضي، فحدثني البعضُ منْ المحامين، إنَ أحدَ المحامينَ صارَ عصبيا على ضابطِ أمنٍ سابق، لكونهِ لديهِ مواطنٌ موقوفٌ لدى مركزِ الأمن، بتهمةٍ بسيطةٍ ، لفقَ الكثيرَ عنها، وهيَ قولهُ بعصبيةٍ خلالَ معاملةٍ لديهِ في إحدى الدوائرِ، كانَ أحدُ أطرافها قسمَ الأمنِ في المنطقة، بتلفظهِ على موظفِ الأمنِ الذي لديهِ معاملتهُ ( أنعلُ أبو الأمنَ ) . فتمَ توقيفُ المواطنِ بتهمةِ الإساءةِ إلى الأمن.
ففكرَ كثيرا، في كيفيةِ إخراجِ موكلهِ منْ هذهِ المصيبة، ووجدَ مخرجا لها، عسى أنْ ينجحَ ، بأنَ قدمَ طلبا إلى قاضي التحقيقِ المختص، ورما نصه : أنَ توقيفَ موكلهِ كانَ تهمةً باطلةً ولا يوجدُ نصٌ قانونيٌ يحكمُ بموجبها. فقالَ القاضي: كيفَ وقدْ تعدى على جهازِ الأمنِ بالكلامِ غيرِ اللائقِ والمقبول.
قالَ المحامي: هلْ يوجدُ آبَ إلى أبو الأمن؟ فهوَ لمْ يسئْ إلى الأمن، ويطلبَ إلغاءُ التهمةِ عنْ موكله. سكتَ القاضي برهةً منْ الوقت، وقالَ إلى ضابطِ الأمنِ المشتكي، منْ هوَ أبو الأمن، قالَ سيادةَ القاضي لا يوجد، فقال: إذنٌ لاتوجد تهمة، هوَ لمْ يتعرضْ إلى سلكِ الأمنِ بالإساءة. وقررَ الإفراجُ عنْ الموقوف. لعدمِ وجودِ تهمةٍ تستحقُ العقاب.
هنا نعودُ إلى الدكتورِ المشهداني، فالرجلُ تلفظَ بالقول: (أشيخُ على أبو العراقَ ) ، فالعراقُ الحديثُ ليسَ لهُ أب، ولدَ بعد معاهدةٍ (سايكسْ بيكو) بعدَ العامِ 1916 وكانَ سابقا تابع للدولةِ العثمانيةِ في أقاليمها الثلاثةِ (بغداد، الموصل، البصرةُ ) ، فممكنٌ أنَ نعتبرَ الدولةُ العثمانيةُ أبو العراق ، وهذا يتطلبُ منْ السفارةِ التركيةِ في بغدادَ، أنْ تقيمَ دعواها على السيدِ المشهداني للإساءةِ لها كونَ الدولةَ العثمانيةَ هيَ أبو العراق، ونرجعُ لــــــ (شخ البول) فيجبُ أنْ يكونَ لهُ صوتٌ قوي، واعتقدَ الرجل كبيرُ السن، لا تسمحُ لهُ صحتهِ بالتبولِ بإصدارِ الشخِ أيْ معَ الصوت، فقطْ الإدرارَ على شكلِ قطرات، وهذا ممكنٌ تثبيتهُ بتقريرِ لجنةٍ طبية، إنَ تطلبَ الأمر، وتبعدَ عنهُ الشكوى عنْ المشكوِ منه.
في بعضِ الأحيان، يتلفظَ الأبُ في البيت، وخاصةَ كبار السن، عندما لا يقتنعُ بشيء، والأمورُ تسيرُ عكسَ ما هوَ يخططُ لها، ويراها غيرَ صحيحةٍ وفي المسارِ الخطأ، بأنْ يصبحَ عصبيا، ويتلفظَ بألفاظٍ غيرِ مقصودة، ، وهذا ما نلاحظهُ عندَ آبائنا ، عندَ يقولُ إلى أولاده: (انعلْ أبوكمْ لابو لخلفكم) أيْ يسبُ نفسهُ دونَ قصدَ منه.
ونختمها بمقولةٍ قانونيةٍ (لا جريمةً ولا عقوبةً إلا بنصٍ ) . والليُ فينا كافينا!
اعتقد: تخريجهُ دبلوماسية، بحاجةِ إلى اعتذارِ منْ الختيارْ للجمهور!
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat