فوائد لغوية ألقاب العباس بن علي عليهما السلام الصابر (ح2)
الشيخ حمزه ابو العرب
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
الشيخ حمزه ابو العرب

وفي الحديث الشريف للصبر ذكر جميل نقتطف منه قوله صلى الله عليه وآله وسلم:- ((الصبر كنز من كنوز الجنة)) المحجة البيضاء في تهذيب الأحياء:- 7/ 107 ومنه عن أبي عبد الله عليه السلام:- ((من أبتلي من المؤمنين ببلاء فصبر عليه كان له مثل أجر الف شهيد)) المصدر السابق: 108 وفي نهج البلاغة قال أميرالمؤمنين علي عليه السلام: ((إن صبرت جرى عليك القدر وأنت مأجور، وإن جزعت جرى عليك القدر وأنت مأزور)).
ونخلص من كل ما مر إلى أن الصبر في حقيقته اللغوية هو حبس النفس عن الجزع، وملازمة الهدوء، لاسيما في حالة الحرب، إذا ما اشتد إوارها وحمي وطيسها؛ حيث تجيش النفس خوفا من اشتباك الأسنة، وتحاول أن تنفلت مما حولها من الأهوال... ولنستمع إلى شاعر الأنصار في الجاهلية ابن الأطنابة كيف يهدئ نفسه المضطربة يوم غلت غليانا، ويخاطبها بقوله:
وقولي كلما جشأت وجاشت *** مكانكِ تُحمدي أو تستريحي
أما العباس عليه السلام فقد قال - والحرب قائمة على قدم وساق -:
إني أنا العباس أغدو بالسقا *** ولا أهابُ الموتَ عند الملتقى
كان عليه السلام مصداقا واضحا لكل تلك المعاني التي وردت في الصبر؛ فقد كان صابرا في الحرب لم ترهبْه تلك الحشود براياتها الخفاقة؛ حيث قابلها برباطة جأش، وعزيمة لا تهزها رياح القتال العاتية، بل كان مثالا رائعا لأبيه أميرالمؤمنين عليه السلام الذي يقول:
((والله لو تظاهرت العرب على قتالي، لما وليت عنها))
وفي حدود فهمي لشخصية العباس عليه السلام؛ إنه لم يكن حابسا نفسه بالمفهوم اللغوي الذي مر بنا؛ بل كانت نفسه مطمئنة راضية بما تلاقي في رضا الله، لأن رضا الله رضاهم كما قال الحسين عليه السلام: (رضا الله رضانا أهل البيت، نصبر على بلائه ويوفينا أجور الصابرين)
ولا يمكن أن نخرج العباس عليه السلام عن أهل البيت عليهم السلام لإستعدادهم الطبيعي للتضحية لأنه عليه السلام جزء منهم وهو ابن علي عليه السلام الذي لازم الحق منذ نعومة أظفاره حتى سقط شهيدا في محرابه!!
فالمفهوم اللغوي للصبر لا ينطبق على أهل البيت عليهم السلام لأنهم خلقوا مؤهلين تأهيلا طبيعيا للصبر على المحن والإبتلاء بها، مستعدين للدفاع عن الحق؟ وتاريخ حياتهم صورة ناصعة تنطق بذلك؟؟
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat