فوائد لغوية ألقاب أبي الفضل العباس عليه السلام (المحتسب)
الشيخ حمزه ابو العرب
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
الشيخ حمزه ابو العرب

خاطب الإمام الصادق عليه السلام عمّه العباس عليه السلام في زيارته بقوله: (فجزاك اللهُ عن رسوله، وعن أمير المؤمنين، وعن الحسن والحسين أفضل الجزاء بما صبرت، واحتسبت، وأعنت فنعم عقبى الدار...) (المزار للمشهدي).
فوصف الإمام الصادق عليه السلام عمه العباس- في هذه الزيارة - بالمحتسب، وأن هذا الإحتساب؛ أوجب له عقبى الدار التي نالت مدح الإمام عليه السلام؛ حيث صدّرها بكلمة (نِعْم)، وهي موضوعة في اللغة للمدح. فعقباه عليه السلام ممدوحة مُثنى عليها من قبل إمام معصوم.
ولنلتفت بعد هذا التقديم إلى ما لكلمة المحتسِب من معان لغوية:
قال الفيّومي في (المصباح المنير): (احتسبَ فلانٌ الأجرَ على الله): ادخره عنده، لا يرجو ثواب الدنيا.
وفي القاموس المحيط؛ (احتسب بكذا أجرا عند الله: اعتده؛ ينوي به وجه الله تبارك وتعالى...).
وفي لسان العرب: (الإحتساب: طلب الأجر، والحِسبة – بكسر الحاء – الأجر. الحِسبة: اسم من الإحتساب كالعدة من الإعتداد. والإحتساب في الأعمال الصالحات... هو البدار إلى طلب الأجر، وتحصيله بالتسليم والصبر).
فالمحتسب اسم فاعل من الفعل المضارع: (يحتسب) ولما كان الفعل خماسيا فطريقة أخذ اسم الفاعل منه: هو أن نحذف حرف المضارعة منه ونبدله بميم مضمومة، ونكسر آخر الفعل؛ فيكون اسم الفاعل (محتسبا) وهذه قاعدة تطّرد في كل فعل زاد على ثلاثة أحرف.
اما معناه – وفقا لما مر بنا من النصوص اللغوية – فهو:- احتساب الإنسان عمله – أي عدّه – عملا عباديا؛ يطلب من وراء ادخاره ثواب الله، وأجره الذي لا يحصل إلا بالتسليم لله تعالى؛ بما رسم له في عالم الغيب من الإبتلاءات التي تحتاج إلى صبر مرتكز على التقوى وصلابة الإيمان...
فالعباس عليه السلام؛ احتسب ما جرى عليه؛ بعد أن أعدّ نفسه لتحمل هاتيك المصاعب من أمهات المصائب التي لا يطيق تحملها إلا ذو صبر جميل...
فالإمام الصادق عليه السلام يشير – في هذه الزيارة – إلى عطاء الله المتميز وجزائه الفريد الذي جازى به العباس عليه السلام، وقد وصفه الإمام عليه السلام بأفضل جزاء يجازي به المحتسبين من أنبيائه وأوليائه الذين ابتلاهم بما لم يبتلِ به غيرهم فكانوا نِعْم الصابرين على ذلك بعد أن احتسبوه عملا له ما بعده من جزاء الله وفضله الذي ينعم به المحتسبون...
ولم يكن العباس عليه السلام محتسبا نفسه فقط بل احتسب معها من كان يعز عليه فراقهم من اخوته من أمه وهم: عبد الله، وجعفر، وعثمان، أولاد أم البنين.
وقد ضحى بهم جميعا في ذلك اليوم الخالد من أيام الإسلام يوم قال لهم – وقد رأى كثرة القتلى في أهله-: (يابني أمي تقدموا حتى أراكم قد نصحتم لله ولرسوله... والتفت إلى أخيه (عبد الله) – وكان أكبر من أخويه عثمان وجعفر – وقال له: (تقدّم يا أخي حتى أراك قتيلا وأحتسبك...)
كان ذلك اعتدادا من العباس عليه السلام، اعتد به عند الله تعالى واحتسابا احتسبه لعقبى الدار وبذلك كان مصداقا لما أشار إليه الإمام االصادق عليه السلام في زيارته !!؟؟
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat