الوجود العسكري التركي باقٍ ويتمدد رغم تفكك العمال الكردستاني

كتابات في الميزان / بينما يشهد العراق لحظة مفصلية مع تسليم أولى مجموعات حزب العمال الكردستاني أسلحتها في السليمانية، يتجاهل الوجود العسكري التركي هذا التحول، ويواصل ترسيخ مواقعه شمالًا، مثيرًا تساؤلات جادة عن النوايا الحقيقية لأنقرة، وما إذا كانت تملك خطة فعلية للانسحاب من الأراضي العراقية.

بينما تبدأ أولى مجموعات حزب العمال الكردستاني تسليم أسلحتها رسميًا يوم الجمعة في مدينة السليمانية، في خطوة وصفت بالتاريخية، تواصل تركيا تعزيز وجودها العسكري في شمال العراق، دون أي مؤشرات على الانسحاب أو حتى تقليص عدد قواعدها.

وهذا التناقض بين التقدم في مسار الحل السياسي وركود الموقف التركي، يفتح الباب لتساؤلات جدية، فيما إذا كانت أنقرة صادقة حين قالت إن تواجدها العسكري مبرره الوحيد هو “الخطر الكردي»، خاصةً وأنها لم تبدأ حتى الآن بإخلاء ولو موقع واحد، رغم زوال الذريعة الرئيسية لوجودها.

وكان حزب العمال الكردستاني قد أعلن في 12 أيار/مايو الماضي حلّ نفسه بشكل رسمي، وإنهاء العمل المسلح، استجابةً لنداء عبد الله أوجلان من معتقله في جزيرة إيمرالي، وتحت غطاء سياسي من “تحالف الشعب» الحاكم في تركيا، الذي يتبنّى شعار “تركيا خالية من الإرهاب».

وتعد مراسم تسليم السلاح المقررة هذا الأسبوع، والتي تتضمن 40 مقاتلًا من الحزب، أول تطبيق ميداني لهذا التحول، وسط اهتمام دبلوماسي يفترض أن يفتح الباب لمرحلة جديدة من العلاقات بين أنقرة وبغداد، وكذلك بين تركيا ومواطنيها الأكراد.

تفعيل القنوات الدبلوماسية

بدوره، أكد عضو مجلس النواب محما خليل أن “الحكومة العراقية تتحمّل المسؤولية الكاملة في حماية السيادة الوطنية»، مشيرًا إلى “وجود قنوات دبلوماسية فاعلة تدار بحذر ومرونة مع الجانب التركي».

وقال خليل “إن الحكومة تمتلك أدوات التفاوض السياسي والدبلوماسي، وهي تتعامل مع ملف التواجد التركي بحذر ومسؤولية»، مضيفًا “أن انسحاب حزب العمال يجب أن يكون مقدمة منطقية لانسحاب القوات التركية، إذ لا مبرر لبقاء تلك القوات بعد زوال الحجة الأمنية التي طالما تمسكت بها أنقرة».

وأشار إلى “أن العراق، بجميع مكوناته ومؤسساته، يرفض أي تدخل أجنبي على أراضيه، سواء أكان من تركيا أو غيرها»، كاشفًا عن “وجود مفاوضات متقدمة مع الجانب التركي، عبر وفد برلماني عراقي زار أنقرة مؤخرًا في إطار هذه الجهود لتأمين انسحاب تركي شامل ومنظّم، يحترم السيادة العراقية ويعيد ضبط العلاقات على أسس واضحة».

لكن على الأرض، لا يبدو أن أنقرة تتحرك باتجاه الانسحاب، فالتقارير الواردة من شمال العراق تشير إلى توسّع مستمر في القواعد العسكرية التركية، التي يزيد عددها اليوم على 40 موقعًا، تتوزع على عمق يتراوح بين10 و 40 كيلومترًا داخل أراضي إقليم كردستان، وتشمل قواعد ثابتة كـ «بامرني» و»سيريي»، ومواقع أخرى متقدمة في شيلادزي، وزاخو، والعمادية، ومتينا، ومناطق وعرة أخرى.

كما اقام الجيش التركي طرقًا عسكرية خاصة، وثبّت أبراج مراقبة ومنصات مدفعية، في تكتيك يبدو أقرب إلى التمركز الدائم منه إلى انتشار مؤقت مرتبط بعمليات مطاردة.

هيمنة أوسع

وبالرغم من مضي أكثر من شهرين على إعلان “العمال الكردستاني” حلّ نفسه، لم تعلن وزارة الدفاع التركية عن أي انسحاب أو إغلاق لقواعد، كما لم تسجل تحركات لوجستية توحي بتراجع عسكري تدريجي.

في هذا السياق، اعتبر الخبير الأمني فاضل أبو رغيف أن “تركيا غير معنية فعليًا بالانسحاب من شمال العراق، بل تحاول لتثبيت وجود طويل الأمد، تحت غطاء الحرب على الإرهاب، لكنه يخدم مشروعًا توسعيًا أوسع نطاقًا».

وقال أبو رغيف  إن “تركيا تحاول الدخول إلى معادلة الهيمنة الإقليمية، على غرار ما تقوم به إيران في سوريا والعراق، أو روسيا في أوكرانيا، وهي تريد أن تكون قوة فاعلة في هندسة خرائط المنطقة».

وأضاف أن “ما يقال عن الانسحاب التركي هو مجرد وهم، لأن أنقرة لا ترى في حل حزب العمال نهاية لمشكلتها، بل بداية مرحلة جديدة من تثبيت نفوذها، وفرض حضورها العسكري والسياسي في شمال العراق».


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2025/07/10



كتابة تعليق لموضوع : الوجود العسكري التركي باقٍ ويتمدد رغم تفكك العمال الكردستاني
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net