صفحة الكاتب : صدى الروضتين

حوار مع السيد محمد باقر الفالي(رحمه الله) ح1
صدى الروضتين

  إن الرؤية المقتضبة والعاجزة عن مقاربة الرسالة الاسلامية بطريقة تحمل المعرفة الشمولية بعيدا عن مجموع المتغيرات الدينية والدنيوية التي شكلت المصدر الأساس لأي عملية استقراء منطقي رسمت ملامح التغييب المتعمد للأحداث المهمة في مسيرة الاسلام؛ فكما قال (محمد أرگون): (ان غياب الفرق بين العقل القرآني أو الايماني والفعل الاسلامي هو الذي جرّ الويلات على الدين الاسلامي...) وهو اساس المصدر الثري الذي تتغذى عليه اليوم بعض العقليات الدينية العربية مستمدة منه خطابها السائد والتحريضي ضد باقي المذاهب، ولكن لو لاحظنا ودققنا النظر في داخل الفعل القرآني بربانية مصدره لوجدناه رحب الآفاق مما يشكل ساحة مفتوحة ورحبة للفرد من اجل الحركة داخل محدداته، وهذا يمكّننا من استلهام قدسيته من قدرته على احتواء كل الأفعال الإنسانية في حركاته التاريخية، وهذا الفعل القرآني الثابت والمتحرك في الوقت نفسه هو ما خلق للاسلام ديمومته من خلال مواكبته لكل زمن وعصر، وهو ما اسس الحضارة الاسلامية وهذه المرونة في التعامل داخل النص القرآني هي ما جعلته اساسا للتقارب والتواصل بين الأمم لأن استيعاب هذا المصطلح استيعابا كاملا مكّن المنبر الحسيني من احتواء الشارع العربي بكافة مستوياته من خلال عدة خطباء استطاعوا ارتقاء هذا المنبر ومنهم سماحة الخطيب الحسيني السيد محمد باقر الفالي الذي كان لنا معه هذا الحوار: 
 بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله الطيبين الطاهرين ولعنة الله على اعدائهم اجمعين الى قيام يوم الدين... في الواقع الحالة التي أوجدها النظام البعثي كانت حالة من الخداع فنحن نذكر سنة 1968م اعطوا كامل الحريات للشعب العراقي في السنة الاولى لاستلامهم الحكم فأصبحت المواكب والهيئات منتشرة، وجاء الرئيس في ذلك الوقت (أحمد حسن البكر) بوجه طيب وحاول ان يستخدم بعض العناصر التي كانت تتصف بالطيبة في المحافظات مثل محافظة كربلاء حيث كان عندنا (عبد الصاحب القره غولي) رجل طيب والناس راضون عنه، وبعث (البكر) آنذاك من طرف مجلس قيادة الثورة وفدا الى علماء كربلاء ووفدا الى علماء النجف لتُعرض عليهم خدمات حكومة البعث!! كل ذلك من اجل خلق نوع من أنواع التمويه للشعب العراقي وللمرجعية المباركة مبيّنين من خلال هذه الأعمال وطنيتهم ومحبتهم الزائفة للشعب حتى انهم كانوا يستخدمون عبارة (بسم الله وبسم الشعب) في بداية كل خطبة تصدر عن حزب البعث إلى سنة 1969م تغيّرت طبيعة المعاملة للشعب، وبدأوا بمنع المواكب الحسينية، وزج كبار الشخصيات في العراق من العلماء وغيرهم من الشخصيات من امثال عبد الحسين كمونه، وامثال حسين دلال، وامثال هؤلاء من الشخصيات البارزة في البلاد، وفي كل المدن في البصرة والعمارة والناصرية وكربلاء .......الخ زجوهم في السجن، وحولت القضية إلى قضية امبريالية، وتجسس امريكي، والتعاون مع الصهاينة، مدعين ان هؤلاء كانوا عمالا وجواسيس، وبدأت الاعدامات، ووصلوا الى درجة اتهام المرحوم السيد حسن الشيرازي (قدس سره)، والسيد مهدي الحكيم (قدس سره) بالتجسس لصالح أمريكا، وبدأت الوحشية البعثية بالعمل على القضاء على كل الشخصيات التي تقف بوجه البعث، كما قاموا بنسب العديد من عمليات الاعمار التي كانت تتم في صحن الامام الحسين "عليه السلام" إلى رؤساء النظام العفلقي؛ فانا أذكر اللافتة التي كُتبت على حرم الامام الحسين (عليه السلام) والتي كان نصها: (بتوجيهات من سيادة الرئيس احمد حسن البكر.....الخ) مع العلم أن عملية البناء تمّت من قبل سماحة المرجع الديني الكبير السيد محسن الحكيم (قدس سره) وبمساهمة الشيعة المؤمنين الذين دفعوا هذه الأموال لبناء الايوان الجديد، ولكن بعد أن تمّ بناء الايوان نصب البعثيون لافتة على باب قبلة الامام الحسين "عليه السلام" تقول والعياذ بالله:- 
آمنت بالبعث رباً لا شريك له   وبميشيل نبياً ماله ثاني
 وقد حدثت صدمة على كافة مستويات الشارع العراقي وبالأخص بين اروقة الحوزة الشريفة، فنحن الان بمواجهة رجل يقول: (ان حزب البعث رب لا شريك له)، وعلى مدخل أقدس المقدسات، ويكتبون أن الكافر (ميشيل عفلق) نبي ليس له ثاني!! ففي تلك المرحلة اصبحت المواجهة علنية، فقد اعلنوا كفرهم وبكل صراحة امام العالم... إذن فما المتوقع من هؤلاء في تلك الفترة؟ فبدأت حملة الاعتقالات وحملة السجون والاتهامات؛ ففي إحدى المرات قرأ احد الاخوة في الحوزة الشريفة سورة "تبت يدا ابي لهب وتب" أعتقل ورحل إلى القاضي البعثي فسأله:- لماذا انت تسب العرب؟ فأجاب: انني لم اسب العرب، فسأله:- ابو لهب عربي أم أعجمي؟ فأجابه: ابو لهب عربي فضربه وقال له: انت تسب العرب فلا تقرأ مثل هذا الكلام مرة أخرى!
إذن من هذه الحالة نتبيّن مستوى الدعاية المغرضة التي استخدمها البعثيون من خلال العزف على أوتار القومية، فأي شخص اليوم تقول له: ان هناك شخصا يسب العرب فبالتأكيد سوف تتضايق من هذه الحالة، ولكن اذا قالوا لك: انه يقرأ القرآن، فليس هناك مبرر (للزعل) على كل حال فقد أعدموا هذا الشيخ لأنه سبّ العرب وصدر مرسوم من ذلك اليوم إلى الاذاعة ممنوع قراءة سورة المسد في الاذاعة يعني القضية بدأت بحمله عشوائية ضد الدين مثل ما يحدث اليوم فنحن عندما نتعرض لأي قضية في النهضة الحسينية كما حدث في بعض الدول العربية عند كلامي عن معاوية اتُهِمْت بسب الصحابة مع العلم اني لم اتكلم عن الصحابة بسوء، ولكني تكلمت على معاوية، ولكن معاوية يعني الصحابة، وابو لهب يعني العرب... 
  نجد ان هذا نفس المنطق الذي اتبعه البعثيون والى درجة أنهم منعوا زيارة ابي عبد الله الحسين (سلام الله عليه) وحتى قطعة زيارة وارث التي كانت موجودة فوق ضريح الامام الحسين (عليه السلام) قاموا بإنزالها, فالقضية صارت عربية قومية، وأبعدوا الناس عن الدين، وبدأت الاعتقالات على رجال الدين، والضغط على الخطباء، بالنتيجة أن الخطباء الجيدين خرجوا إلى الخارج؛ فالخطابة الدينية ضاعت في العراق وبعض من الشعب العراقي ضيّع هويته من خلال عملية غسل الدماغ التي كانت تُستخدم في المدارس في ذلك الوقت فأنا أذكر في سنة 1968م خرجت مظاهرة من اعدادية كربلاء، وكان شعارها: (إن تسألون عني فهذا نسبي... انا بعثي اشتراكي عربي... وحدة وحرية واشتراكية صارم حزبنه واحنه بعثيه!!!). 
   اطفال بهذا الشكل تتم عملية تعليمهم فأنشأوا جيلا من المسابح المختلطة ومن المدارس المختلطة من الفساد ليصل بهم الحد إلى اعدام الرموز الدينية، وفتح قسم في جميع المخافر في بغداد، وفي كربلاء، والمحافظات قسم مكافحة (الرجعية الدينية) ويقصدون بها المرجعية ومن يتمسك بها!!!
  انا اذكرعندما سُجن المرحوم سماحة العلامة السيد كاظم القزويني (رحمه الله) في (قصر النهاية)، وقد كان من كبار خطباء كربلاء، ذهب والدي لزيارته؛ فالشرطي الواقف في الباب شاهد والدي رجلا معمما سأله: سيد جئت لزيارة منْ؟ قال له والدي: جئت لأزور السيد القزويني... فقال له: وما تهمته؟ قال والدي: لأنه يقول إن الله موجود... وتلك اصبحت تهمة.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


صدى الروضتين
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2025/07/06



كتابة تعليق لموضوع : حوار مع السيد محمد باقر الفالي(رحمه الله) ح1
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net