تترجم الملامح سمو اللحظة لترسم حكاية في تراث مدينة طالما كانت زاخرة بالحرف و الصناعات الشعبية ذات دلالات معنوية عميقة لدى سكانها الذين أبدعوا وتفننوا في خلقها ومن هذه المهن مهنة النجارة أيادٍ الفت النقوش فطرزت أرواحها خشبا يجسد أدق تفاصيل تاريخ مدينتها العريقة لتصير جزءا منه ومنها أيادي الحاج خليل حسن الملقب بـ(خليل الأسود) الذي راح يروي لنا تاريخ هذه الحرفة.
صدى الروضتين : بدايتك مع المهنة ؟
أنا من مواليد 1927وقد بدأت بمزاولة المهنة منذ منتصف الأربعينات مع والدي الذي هو أستاذي في هذه المهنة، وصاحب الفضل الأكبر في اتقاني لها، لأعمل بعد ذلك في عدد من الشركات الانكليزية والعربية كنجار... وقد وصل إنتاجنا إلى عديد من الدول مثل الكويت والسعودية... وذلك بسبب تميزنا في عملنا من ناحية الدقة والجمالية والمتانة وانتقاء النوعيات المناسبة من الخشب، ولكن بعد دخول الاستيراد إلى العراق أثر ذلك على المهنة وبشكل ملحوظ لينحسر عملنا على داخل المحافظة فقط وحسب الطلب، وكذلك كان للحروب التي خاضها العراق تأثيرا كبيرا من حيث قلة الأيدي العاملة وكذلك صعوبة استيراد الخشب من الدول المصدرة وهذا ساهم في ارتفاع أسعار المنتوج.
صدى الروضتين : المهنة بين الماضي والحاضر؟
هناك الكثير من الذكريات الجميلة التي عشتها أثناء عملي في مهنة النجارة، ولكن المهنة اليوم اختلفت كثيرا وذلك بدخول التكنولوجيا إليها من مناشير وأدوات تخريم وثقب أصبحت كلها كهربائية والكترونية... فأنا قد وعيت على والدي وهو يقطع بلوكات الخشب بمنشار يتعاون علية اثنان... ومن ناحية التصميم فقد تطورت كثيرا بسبب دخول الموديلات الحديثة لغرف النوم والموبيليات. وأما النجارون فقد ازدادوا اليوم بسبب التوسع السكاني حيث كان عدد النجارين قليلا بحيث كانوا معروفين بالنسبة لأبناء المدينة ومتميزين عن بعضهم البعض، فمنهم من هو مختص في نواحٍ معينة من النجارة مثل الموبيليات، ومنهم من يختص بالأبواب والشبابيك... والنجار المحترف هو الذي يتقن كل انواع النجارة. وكما اذكر إن سعر طبقة المعاكس قديما كان يبلغ 400فلس في الستينات فكانت غرفة النوم تكلف 3دنانير تقريبا أما اليوم فيبلغ سعرها مليون ونصف صعودا... وأما أفضل أنواع الأخشاب التي كنا نستخدمها ولحد الآن فهي (الصاج البورمي، ثم يليه الصاج الاندنوسي، ثم الجاوي ومن ثم الجام) لينتهي اللقاء دون أن تنتهي قصص تلك العوالم التي عاشها الحاج خليل في مدينته المقدسة....
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat