من أهم علامات الركود الاقتصادي وفساده هو التأثير المؤثر على حركة النشاط الخاص على وجه التحديد، فانتشار البطالة وعدم وجود فرص عمل لليد العاملة يعني المزيد من القلق العام، مما يكون احدى مسببات الكساد الاقتصادي العام مثلما للكساد الاقتصادي سبب رئيسي في ايجاد البطالة ويسهم في دور معين في عملية ارباك التنمية ليس في هذه المرحلة فحسب بل سيعم تأثيرها على المراحل اللاحقة، الامر الذي يتطلب المزيد من الوضوح في هذه المعضلة الجماهيرية، إذ بلغت البطالة نسبة 70% من القوى العاملة وهذا بطبيعته سينعكس سلبا على الواقع العام والخاص أي المعاشي للفرد العراقي بسبب ضعف دخل العائلة العراقية، إذ يؤثر في نضوج النشاط الاقتصادي، والذي سيحرم الوطن من عوائد مجزية ويعرض البلد لمشاكل ادارية وفنية، حيث ان الاستقرار الاقتصادي يتمثل في مطاوعة التشريعات المعبرة عن سياسة الدولة وتوجهاتها الاقتصادية، وتعتبر جمود الحركة العاملة أي البطالة من مبررات فوضى سير النشاط الاقتصادي، وارباك عام لكل مفاصل المجتمع العراقي، بما فيها الجوانب الخلقية والاخلاقية، ومن تأثيراتها المهمة انها تضع العوائل العاطلة في فقر مدقع يخلق لهم تصورات وحالات من القلق والتشوش الذهني وعدم الاطمئنان ويحدد حجم النشاطات السوقية بحيث تقتصر على المجالات ذات الصرف الآني من احتياجات ضرورية فقط، وحتى ان الاهتمام سيفقد معناه من النوعي الى الكمي ورغم الانفتاح الكبير على التفاؤل العام خاصة بعد ان عم الهدوء الامني والقضاء على العصابات الارهابية وانفتاح البلد على وعود عمرانية مع بوادر قضاء على ظاهرة اجتماعية امتدت جذورها الى فترة التسعينات حيث اغلقت الكثير من المعامل الصناعية في عدد من المحافظات بسبب لعبة الحصار الاقتصادي التي فرضها النظام السلطوي على الشعب مما أدى الى زيادة عدد العاطلين عن العمل، وتفاقمت هذه المشكلة اكثر على مدى السنوات التي تلتها دون ايجاد الحل المناسب لها لتصبح معضلة في العراق بسبب تفشي ظاهرة الفساد التي استشرت بشكل مذهل وتفاقمت بعد هذا الانفتاح الحالم... تؤكد معظم الخطوات الآنية ضرورة بذل الجهود المكثفة لاستيعاب اليد العاملة وابعاد شبح البطالة عن هذه العوائل وفقا لأساليب عقلانية وعلمية تحقق بعض التكافل الاجتماعي فثمة امور كثيرة تتطلبها المرحلة الحالية التي تتطلب الالتزام الوطني في اعتبار البطالة هم وطني كبير وخاصة ان اقتصادنا العراقي على ابواب مرحلة نهوض بدأت ملامحها تتبلور لتتضح فلابد من اهتمام الحكومة في هذا الشريان النازف في كل الظروف مثلا لابد من افتتاح معامل انتاجية تستوعب اعداد العاطلين وتوفر لهم زاد عيشهم بكرامة، وتبعد عنهم شبح الجوع. والمعرفة الكلية المحيطة بالعملية الانتاجية الموضوعية منها والذاتية وربط هذه القدرات باستيعاب المضامين الاساسية لمنهاج الدولة وتؤدي من خلال افتتاح مشاريع لتوظيف الاعداد الهائلة وخلق تفاعل شعبي مع حركة تطوير الانتاجية التي تحتاج الى اطلاق المنح للمشاريع الصغيرة بما يضمن حركة اقتصادية للسوق فضلا عن استيعابها للايدي العاملة، وقد مال الطموح لدى الانسان العراقي عاملا مهما في دخول الدولة في اتفاقيات مع الدول التي بحاجة الى الايدي العاملة ومحاولة تشغيلهم لضمان حقوقهم وتدفق العملة الصعبة للبلد ويكون للدولة الدور المهم والاساسي لمثل هذه الاتفاقيات مثلما فعلت مصر في الثمانينات من القرن المنصرم عندما اتفقت مع الحكومة العراقية الساقطة وتدفقت الايدي العاملة المصرية على العراق مثل هذا المسعى سيخفف بالتأكيد من نسب العاطلين وفتح مجالات العمل امامهم فيما يحفظ لهم حقوقهم، ولكننا نجد على المدى المطمئن انه لابد من فتح باب الاستثمارات وتوفير فرص جديدة للتوظيف وزيادة معدلات التنمية شريطة ان تكون بأيدي عراقية عاملة ولتكن باستثمارات اجنبية ورفع مستوى المعيشة، ومثل هذه الفرص الاستثمارية حفظ رؤوس الاموال وتشجع لإقامة مشاريع ضخمة تعالج بصورة طبيعية تدريجية مشكلة البطالة بشكل تام...
لقد كان طموح الشعب العراقي من انبثاق حركة سريعة لتنشيط المشاريع الصناعية التي عطلت معظم مفاصلها التقنية إذ حولت السلطة الساقطة اغلب المشاريع الوطنية الى قطاعات خاصة بيعت لبعض المسؤولين وساهمت بشلل حقوق العمال وتركت فجوة عميقة بين فاعلية الانتاج ونمو الدخل الاقتصادي للعائلة العراقية مع ما تعرضت اليه من تدمير او شلل تام لعدم استيراد المواد الاولية افرزت التغييرات في العراق كنتيجة طبيعية لحل الجيش الالزامي واغلاق الكثير من المؤسسات العسكرية ومنها الصناعية مع وجود واقع أمني غير مستقر ساهم في زرع مخاوف كثيرة، إذ تعرض الكثير من العاملين في القطاعات المختلفة الى القتل والذبح ثم تبلورت بهجرة عامة الى بعض المحافظات الآمنة مثل كربلاء، رغم الهدوء الذي حصل لاحت بوادر التغيير وعادت اغلب تلك العوائل الهجرة إلا انه مايزال بعض تلك العوائل تبحث عن عمل يساهم في استقرارها ولابد من تنفيذ مشاريع ذات طابع وطني مثلا اقامة المشاريع الزراعية والصناعية والتجارية وشبكة مواصلات وانشاء المتنزهات واصلاح الاراضي الصحراوية، مما يؤدي الى استيعاب اكبر عدد ممكن من العاطلين في هذه المشاريع الوطنية، وثمة اجراءات آنية لابد ان تتخذها الدولة بخطوات عمل آني للقضاء على الجوع والبطالة مثلا إنشاء بطالة مقنعة من خلال تشغيل اليد العاملة الفائضة من اجل شمول المشاركة في العمل وصرف اجور للعاطلين بنسب مخفضة للحفاظ على المستوى الادنى من المعيشة للفرد، ونجد انه لابد من تفعيل شبكة الحماية وتطهيرها من سلبية الخطوات العشوائية التي صاحبت النشأة وتطهيرها من الفساد الاداري الذي استفحل في الآونة الاخيرة، وتفعيل دور النقابات المهنية لتأخذ دورها الصحيح في ايواء هذه المجاميع لضمان حقوقها، فالبطالة واقع مرير لابد ان تتجه الانظار حول سبل علاجها للقضاء عليها لان ذلك العلاج سيكون صمام امان لبلد مازالت انظار العاطلين تتجه الى اليد المنقذة.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat