زواج النورين
الشيخ عبد الحافظ البغدادي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
الشيخ عبد الحافظ البغدادي

في تاريخ اهل البيت{ع} وتاريخ شيعتهم ومحبيهم محطات حزن وفرح نعيش معها في عزاء وبكاء . ومناسبات مكللة بالفرح والمسرات واظهار الفرح وصدق الانتماء, ومن تلك المحطات زواج النورين, سيدنا ومولانا امير المؤمنين علي بن ابي طالب{ع} من مولاتنا فاطمة الزهراء{ع} .
لا شك ان لهذه المناسبة صدى و اثر كبير في قلوب المسلمين عامة وقلوب المحبين خاصة , لأنها مناسبة فرح من اجلها النبي محمد {ص} لان عقد الزوجين كان من اختيار الله , ونفذه رسول الله{ص} في الارض,كان الحدث المبارك في غرة ذي الحجة السنة في الثانية للهجرة المباركة. وقضية الزواج سنة انسانية عامة يفرح المحبون والاهل لكلا الزوجين بهذا الاقتران يدعون الله ان يكون زواجا مباركا.
ولكن ان تتدخل السماء ويأمر الله تعالى الامين جبرائيل{ع} بالنزول الى الارض في بيت النبي{ص} ليبشر الرسول بأمر ابرم في السماء ان يجري العقد الشرعي بين علي وفاطمة عليهما السلام بالنص الملزم{ يا رسول الله ان الله يقرئك السلام ويقول زوج النور من النور في الارض فاني زوجتهما في السماء} والاسلام اقر الزواج للبكر ان يقوم ابوها او وليها بالموافقة على زواجها , وذلك شرط لصحة اتمام العقد , الا فاطمة الزهراء {ع} كان شرفها وعلو منزلتها ودورها في خدمة رسالة ربها ان رسول ربنا جبرائيل{ع} يخبر النبي {ص} ان اتمام صحة عقد الزواج لفاطمة ابرم في السماء , وان الله وليها { جعل المشيئة ان تكون زوجا لعلي بن ابي طالب {ع} وتم العقد في السماء قبل ان يتخذ اهل الارض أي اجراء.
لماذا هذا السمو والامتياز والعظمة والشرف الرفيع لهذا الزواج ..؟ الجواب لان الله تعالى اراد ان يبين قضية تتعلق بالامتداد الشرعي بين النبوة والامامة بعد فترة الرسالة. هذه المسؤولية لا يمكن ان تتم الا عن طريق علي وفاطمة عليهما السلام ,فكان الاختيار.. كما اختار الله انبياءه من بين الناس ليبلغوا رسالاته للناس { إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَىٰ آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِن بَعْضٍ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ *إِذْ قَالَتِ امْرَأَتُ عِمْرَانَ رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّرًا فَتَقَبَّلْ مِنِّي إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ* فَلَمَّا وَضَعَتْهَا قَالَتْ رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُهَا أُنثَىٰ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا وَضَعَتْ وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنثَىٰ وَإِنِّي سَمَّيْتُهَا مَرْيَمَ وَإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ* فَتَقَبَّلَهَا رَبُّهَا بِقَبُولٍ حَسَنٍ وَأَنبَتَهَا نَبَاتًا حَسَنًا وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِندَهَا رِزْقًا قَالَ يَا مَرْيَمُ أَنَّىٰ لَكِ هذا قَالَتْ هُوَ مِنْ عِندِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَرْزُقُ مَن يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ} ال عمران 37
فهذا الزواج اكتسب ميزة خاصة وهو الجمع بين النبوة و الامامة حيث ان فاطمة الزهراء(ع) جمعت بين نور النبوّة ونور الإمامة، وأنّها المرأة الوحيدة التي شرفها الله بهذه المكانة العظيمة , لما خلقها جعلها في تشريعه الذي اراد له ان يكون ناموسا للناس فجعلها سيدة نساء العالمين من الاولين والاخرين ولها منزلة تباهي بها الانبياء لما شرفها وجعلها (ان الله يرضى لرضاها ويغضب لغضبها) , وفوق هذا كله انها الوحيدة من نساء الارض ونساء الجنة يطلق عليها جبرائيل تسمية النور ..!!لنعيش هذه اللحظات مع فرحة رسول الله{ص}قالت أمّ سلمة: رأيت وجه النبيّ(ص) يَتَهَلَّلُ فرحاً ويبتسم في وجه علي(ع) ثم دخل على فاطمة(ع)، وقال لها: (إنّ عليّاً قد ذكر عن أمرك شيئاً، وإنّي سألت رَبِّي أن يزوّجكِ خيرَ خلقه فما ترين)؟، فَسَكَتَتْ. فخرج وهو يقول: (اللهُ أَكبر، سُكوتُها إِقرَارُها). ثم أمر رسول الله(ص) أَنَسَ بن مالك أن يجمع الصحابة، لِيُعلِن نبأ تزويج فاطمة لعلي(ع). فقال لهم: (إنّ الله تعالى أمرني أن أُزَوِّج فاطمة بنت خديجة، من علي بن أبي طالب).كان ذلك في اليوم الأول من شهر ذي الحجة من السنة الثانية للهجرة. اللهم اجعلنا من التابعين لهم في الدنيا والاخرة .نفرح لفرحهم ونحزن لحزنهم , والحمد لله على نعمة الولاية .
الاول من ذي الحجة 1446هـ 31/5/2025
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat