صفحة الكاتب : د . سمير ايوب

رسالة ، لكل متصدر لصف امامي عام : التغيير حاجة وضرورة البدء بالنفس اولى
د . سمير ايوب

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

يؤشر المشهد العربي المعاصر إلى مرحلة حرجة من الحياة العربية . تتواصل فيها المفاجأت تتعدد وتتنوع . مما يؤكد اننا امام لحظات تاريخية لصناعة واقع جديد ، فالقديم لم يعد محصنا على الاطلاق . لحظات معاشة ، تستحق الوقوف أمامها اجلالا واحتراما،  توجها وخوفا وأملا . فهي لحظات غير مسبوقة ، في منطقة ابتليت بكل تلاوين الزوايا المظلمة. التي يعشعش فيها السكون والركود الذي استطال وفاق طاقة شعوبها وحاجتهم منه. في هذا الواقع، الذي فيه الحكمة مفتقده، والبصيرة مهمله والعقل محجور عليه ، بات التغيير القسري، متدحرجا في كل الاتجاهات، وعلى كل المستويات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية الرسمية وغير الرسمية وتوابعها بالفطرة والخلقة والدم والنسب.

المفارقة الرئيسة في كل ما يجري ان المشهد العربي، وما يعج به من حراكات وتداعيات وأحداث ضخمة، ما يزال ملتبسا على الكثيرين ، فثمة مسافة واسعة وكبيرة فاصلة بين اشواق الناس وحراكاتهم، وبين الكثير من تداعيات واتجاهات الامور التصدعات والتشققات في هذه الحراكات في كل مكان هي

فيه، لا يعلم الا الله والراسخون في جدل الحرية الحمراء والتأمر عليها قمعا او احتواءا أو تفريغا، أي مصير ينتظرنا، كأفراد وتجمعات، وجماعات و مجتمعات وجمعيات ومؤسسات ينتظم الناس في اطرها أو من حولها سياسيا ومهنيا واقتصاديا وإداريا ومنها وعلى رأسها النقابات المهنية، وغيرها من مؤسسات المجتمع المدني والمحلي، التي تعيش هي الاخرى حراكها الداخلي النشط الذي يشي بالكثير من المخاطر والآمال .

كلنا مشاركون بشكل ما في هذا الجمود المفتعل والتجميد المتعمد. اكوام من السلطات الرسمية وغير الرسمية متراكمة باطاراتها الملزمة أو الطوعية في حياتنا بحاجة هي الاخرى

كلها، كما هو الحال في منظومات العمل السياسي الى اعادة قاطراتها الى سكة السلامة، قبل لطم الخدود وشق الجنوب في سكك الندامة.

الكثير من مؤسسات المجتمع المدنى والمحلى تعيش قياداتها هي الاخرى متكلسة على ذاتها، في برازخ أو في صوامع او في فضاءات وهمية، تسولها لهم مصالحهم الانية الضيقة، بعيدا عن هموم واشواق من اختارهم تعيينا او انتخابا منقطعين بتعسف عن قواعدهم وعن شعاراتهم وعن برامجهم ما فهموا من التغيير ويفطه، الا اطارا خارجية يعملون من داخلها لازاحة من سبقهم، واحتلال الكراسي مكانهم بطريقة تمهد لمناخات لا تنتج الا ديكتاتوريات صغرى، وديكتاتوريين اصغر. يخلطون بتعمد شيطاني، ما بين المال والسياسة والنفوذ. وبالطبع هم لا يعدمون وسيلة من نص في قانون أو في نظام او عرف او برامج شكلية، أو في لي عنق ذاك النص والتلاعب به وفق شعارات واسباب متوهمة خدمة لذوات تنتفخ كبالونات الهواء، والتلاعب تحت جنح ظلام من نوع ما، بمقدرات مواقعهم، والقفز من شبابيك تلك المواقع. في ظل تفشي سرطان المال والفساد وتردي الاخلاق الى هناك. المشكلة ليست محصورة كلها في السياسي فقط، أو مع

هذا أو ذاك. وليست بين الآني والضروري في حياتنا، أو بين الاستراتيجي الملزم والدليل الملهم. المشكلة هي مع أولئك المستعجلين لقطف الثمار. حراكهم لا ينبع الا من مصالحهم الفردية الضيقة في تقاسم الغنائم، وهي مع أولئك الذين بعد ان احتلوا كراسيهم عن طريق الاحتيال الانتخابي، يحتكرون لا نفسهم وهم الصواب شواهد ورموز كثيرة، تؤكد أن المشكلة هي في هؤلاء، وأولئك الذين لا يجيدون سوى الرقص في الجراحالنازفة، بصخب وباثارة، تحجب بغيارها المصطنع، خباياهم المستفزة للكثير من القلق.

المشكلة هي في هؤلاء الذين بقي شوق التغيير، فقط على السنتهم ولم يصل الى عقولهم تماما، بقيت مصالحهم حتى الشكلي منها، هي الحاكمة عند التعاطي ( فعلا وردود فعل)، مع القضايا اليومية، وحتى مع المفصلي منها، بعيدا عن مقتضيات ما احتلوه من مواقع كقادة لكل الاطياف في قطاعهم، والحاجة لابتكار منظومة من القيم لانفتاح جدي طويل النفس، يجعل المصلحة العامة هي المرجعية فكرا وممارسة، بعيدا عن حبس النفس في اطر ضيقة، وبعيدا عن تقنيات الاتجار بالتغيير، وبعيدا عن عقلية المحاصصة ومن لم يكن معنا فهو بالضرورة ليس منا.

بالتأكيد تتعثر كثير من الأطر المدنية الرسمية وغير الرسمية، ويتردى الأداء فيها وتتبخر البرامج، ودواعي ومبررات وصول قياداتها الى اعتلاء الكراسي في مواقعهم على اشلاء مؤسساتهم، وعودهم قبل اختيارهم تتداعى امام اعينهم، وأعين غيرهم من محازبين أو منافسين، فهم يبنون رملا على رمل.

 

الوطن العربي برمته بكل قواه الحية متعطش للتغيير الشمولي المتراكم افقيا وعاموديا، بكل جوانبه وبكل ابجدياته. فالتغيير هو السمة الابرز لهذا الكون ساكنه وسكانه حجره وبشره ظواهره وآياته منذ بدء الخلق والكون محكوم بتعاقب حي نشط وسلس، مدير ومحكم...

والخلل لا يقع، الا عندما يتعقب احدهم هذه المنظومة المتسقة المنسقة من التعاقب ليوقف عجلاتها عن الدوران، أو حرفها بتعسف غبي، عن مساراتها المقدرة بعدل، وفق مواقيت مقدرة. فتهب رياح التغيير القسري، بعد أن يكون قد سبقها الكثير من التململ المغفل. وعن همس كثير، يتم عن عدم الرضا، تم تطنيشه والاستخفاف به.

فالناس، بين فكي كماشة، شوقهم للاسهام بايجابية. في رسم مسار حياتهم ومصالحهم، وبين عصبة من أولئك المصابين بعدي وتعلم مزدوج في البصر والبصيرة لا يحسون استشراف الأمور فيسارعون قبل هبوب العواصف من تلقاء انفسهم، إلى إعادة ربط ما انقطع من أواصر، مع من يدعون تحميلهم، قبل أن تعصف بهم زوابع التغيير القسري وعواصف فالتاريخ ومنطق التطور الحيوي والخبرة البشرية تثبت أن غير القادر على التكيف افرادا أو جماعات او نظم او كيانات يكون بالتأكيد مكشوفا امام الموات والفتاء السريع والمحتم.

 

الحل، لا يكون بتمزيق الكيانات، ولا في التلاعب بأدوارها أو التقليل منها، أو في محاصرتها، أو في تحويلها إلى احاجي. وفضائح متنقلة، وأسى يهدر الوقت والمال والفرص وإنما 

اولا - بنبذ المزيفين المتلفعين بعباءة من كفاءة منقوصة وبرامج وهمية للتغيير لم يتحقق شيئا منها، اضاعت الكثير من المال والفرص وهدرت الوقت.

 

ثانيا - باختيار صحيح للقوي الأمين بعيدا عن كل ما يشوب عملية الاختيار تعيينا او انتخابا، وما يقال عن تشوهات مالية وعصبوية وإلغاء للآخر ومأدب انتخابية موسمية وجعجعة من حول الكثير من صناديق الانتخاب، التي قد يرتقي بعضها الى مرتبة الاحتيال نريد تداولا للمواقع حقيقي وصحيح وسليم وفق كل معايير النزاهة والشفافية والموضوعية.

ثالثا - بإعادة ربط ما انقطع من أواصر بين المحتلين الكراسيهم في قاطرات القيادة وبين باقي سكان عربات تلك القطارات.

رابعا - نريد أن تبقى العيون ساهرة حارسة للمسار والمسيرة. حتى لا يحرفها متسلق أو متسلل عن مسار تختطه الاغلبية صاحبة المصلحة.

فلا يمكن البناء على الانقاض المتداعية، دون حركة تطهير وتنظيف شامل وبعدها تلتف جميعا حول الطرنا العامة. مواقع العمل العام النزيه تتسع للجميع، ومن حق الجميع. فقط اختاروا المناسب في المكان المناسب. فدوام الحال من المحال، وبالتأكيد ليس في المنظور نهاية للتاريخ.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


د . سمير ايوب
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2025/05/24



كتابة تعليق لموضوع : رسالة ، لكل متصدر لصف امامي عام : التغيير حاجة وضرورة البدء بالنفس اولى
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net