دعوة الفيلسوف المجري عبدالكريم جرمانوس لزيارة كربلاء المقدسة
محمد محمود
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
محمد محمود

عالِم مَجَرِي، وصفه العقَّاد بأنه (عشرة علماء في واحد)، أتقن ثمانيَ لغات، وألَّف بها؛ وهي: العربية، والفارسية، والتركية، والأوردية، والألمانية، والمجرية، والإيطالية، والإنجليزية، وكان عضوًا في مجامع اللغة العربية في دمشق، والقاهرة، وبغداد، والرباط، وله أكثر من مائة وخمسين كتابًا.
تتلمذ على يد أستاذيه المستشرقين فامبيري، وأجنس غولد تسيهر، اللذين ورث عنهما ولَعهما بالشرق الإسلامي
ولد” في مدينة بودابست، عاصمة المجر، عام 1884م، ونشأ فيها نصرانيا. إثر تخرجه من جامعة بودابست رأى القائمون على أمرها أن يتخصص في دراسة اللغة التركية، فبعثته الجامعة سنة 1903م إلى جامعة إستانبول ليتعلم اللغة التركية، وقد استطاع خلال عامين أن يجيد اللغة التركية قراءة وكتابة ومحادثة
وقرأتفسيرا للقرآن الكريم باللغة التركية فقد جذبه التفسير إلى معرفة حقائق الإسلام من مصدره الأول بعد أن رأى في ضوء التفسيرات التي طالعها باللغات المختلفة مغالطات المبشرين ممن يحمِّلون الإسلام ما ليس فيه ويحملون عليه.، واصطدم بأساتذته الكبار من المستشرقين ، واصر حينها على تقديم محاضرة تبين وجهة الإسلام الحقيقية
وبعد تلك الحادثة قرر جرمانوس تعلم اللغة العربية من منابعها بعد أن وجدها لغة تملأ مفرداتها اللغة التركية، فدرسها إلى أن حذقها بعد أن أتقن الفارسية التي لا تبعد كثيرا عن التركية. وكان تفوقه سببا في أن يعين عام 1912م أستاذ اللغات العربية والتركية والفارسية وتاريخ الإسلام وثقافته في المدرسة العليا الشرقية ببودابست، ومن ثم في القسم الشرقي من الجامعة الاقتصادية هناك.،
سؤال :ـ :ـ: ما قصة إسلامك يا حاج عبد الكريم؟
:ـ لحظة من لحظات الإشراق؛ لأن الإسلام دين الذهن المستنير، وإن أصحاب التفكير الحر ليجدون في هذا الدين السمح -عقيدة وشريعة- ما يستولي على الإعجاب، وما يهدي إلى الإقناع، وعندي أنه سيكون معتقد الأحرار كلما تخلصوا من ربقة النشأة، ووطأة التقليد، وأنا أعرف كثيرا من المستنيرين يجلون الإسلام دينا ويكنون في سرائرهم إيمانا وإذعانا”.
س:ـ ما الذي حبب إليك الإسلام؟
ج:ـ “حببه إلى شيء واحد هو جوهر كل شيء أنه دين الطهر، دين النظافة؛ نظافة الجسم والنفس والسلوك الاجتماعي، والشعور الإنساني”.
: ومما، يذكر في هذا المجال، أن الكاتب الكبير “محمود تيمور” قد ألف ثلاث مسرحيات باللغة المصرية العامية وكان قد سارع بإهدائها إلى “جرمانوس” ليعلن له في خطاب رقيق أنه ألف بالعامية ليثقف الشعب المصري ويرتفع بمستواه. فرد عليه قائلا: “إن العامية لغة حديث فقط ولا تتسع إلى تصوير الخلجات العميقة، وكشف السرائر الغائرة في الأعماق كما تتسع الفصحى ،
وقد أعجب محمود تيمور بشخصية جرمانوس واستوحى منه قصته “المستعين بالله” في المجموعة القصصية التي سماها “خلف اللثام” وهي قصة جوال سائح يأتي إلى القاهرة فيسكن في حي الحسين ويلتحف بعباءته البيضاء حتى يطوف بالحي في ملابس العربية الفضفاضة حريصا على أن يصلي الفجر بالمسجد وأن يرتشف صوت المؤذن في سكون الليل!.
كما استجاب الله تعالى لدعاء جرمانوس فأسلمت زوجته على يد الأستاذ الأديب “أحمد عبد الغفور عطار”.
وقد كتب جرمانوس في صحف أوربا عن الإسلام فقال في بعضها وقد سما الإسلام بالأفراد من وحدة الحيوانية إلى آفاق إنسانية فسيحة وأني لأؤمل بل أتوقع أن يكون الإسلام قادرا مرة أخرى على تحقيق هذه المعجزة في الوقت الذي تحيط بنا فيه ظلمات كثيفة”. ولجرمانوس مؤلفات عدة نذكر منها: “الرومي”، “الأدب العربي في المهجر”، “أضواء الشرق”، “اكتشاف الجزيرة العربية”، “بين المفكرين”، “تاريخ الأدب العربي”، “تاريخ العرب”، “التيارات الحديثة في الإسلام”، “دراسات في التركيبات اللغوية العربية”، “الرحالة العرب”، “الشعر الجاهلي”، “شوامخ الأدب العربي”، “على هدى نور الهلال” وهو بمثابة مذكراته الشخصية، “غرام في الصحراء”، “القومية العربية”، “الله أكبر”، “محمود تيمور والأدب العربي الحديث”، “منتخب الشعراء العرب”، “نهضة الثقافة العربية”. وقد توفي رحمه الله تعالى في 7 نوفمبر عام 1979م بعد أن قضى قرابة الخمسين عاما في خدمة الإسلام والمسلمين.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat