دليل لإدارة السلوك الثرثار في المؤسسات الحساسة
احمد حبيب السماوي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
احمد حبيب السماوي

الثرثرة ليست مجرد سلوك مزعج، بل قد تشكل تهديدًا للأمن الداخلي، وقد تؤدي إلى تسريبات غير مقصودة للمعلومات الحساسة في المؤسسات الأمنية، فهي اولاً واخرً سلوك اجتماعي سلبي، بل هي قنبلة موقوتة تمشي على قدمين، فأي زلة لسان لسر معين قد تؤدي إلى ثغرة أمنية كارثية ربما يصعب غلقها، ويجب على الموظفين في المؤسسات الحساسة أن يكونوا واعياً بأهمية الحفاظ على السرية والمهنية في كل محادثة.
ماهي المخاطر الأساسية للثرثرة الأمنية؟
1. تسرب المعلومات الحساسة: الموظف الثرثار قد يُفشي، دون قصد، تفاصيل عن العمليات الجارية، هويات العملاء، أو حتى طبيعة التحركات الميدانية.
2. تغذية عمليات التجسس: أجهزة الاستخبارات المعادية تبحث عن الموظف الثرثار وتعتبره كنز معلوماتي لا يحتاج إلى تجنيد رسمي بل فقط إلى جلسة قهوة ودودة.
3. تفكك الانضباط الداخلي: الثرثرة تضعف ثقافة السرية والانضباط، مما يخلق بيئة رخوة وهشّة تصلح لكل شيء إلا الأمن.
4. خلق بيئة إشاعة وتضليل: الكلام الفارغ يملأ الفراغات، والفراغات في المؤسسات الأمنية تتحول سريعاً إلى ألغام تفجر الروح المعنوية والثقة المتبادلة.
كيفية التعامل مع للموظف الثرثار؟ (المعالجات)
اولاً: التقييم الاولي، هل هو ثرثار أم خطير؟
لتحديد مدى خطورة السلوك الثرثار، يجب ان يكون هناك تقييم اولي للموظف الثرثار بناءً على الأسئلة التالية:
1. هل يتحدث الموظف عن العمل خارج المؤسسة؟ (إنذار واضح يستدعي تدخل فوري).
2. هل يشارك الأسرار أو المعلومات الحساسة التي لا ينبغي نشرها؟ (مهدد لتماسك المؤسسة).
3. هل يسعى للظهور أو لزيادة علاقاته الاجتماعية على حساب سرية المعلومات؟ (قد يكون قابلًا للتوجيه).
4. هل يثير البلبلة أو يؤثر على الموظفين الاخرين؟ (هنا يجب مراقبته عن قرب).
ثانيًا: أساليب التعامل مع للموظف الثرثار؟
1. التوجيه غير المباشر (في البداية): من خلال إرسال نشرات توعية داخلية عن أهمية الحفاظ على السرية والمهنية، وكذلك عقد ندوات حول السلوكيات المسموحة في التعامل مع المعلومات الحساسة.
2. جلسة توجيه فردية: عقد اجتماع فردي مع الموظف بأسلوب هادئ وشرح أهمية "ضبط الكلام"، وتوجيه رسالة ودية بأن المؤسسة تراقب مستوى "الانضباط الكلامي".
3. الإنذار الإداري الرسمي: إذا استمر السلوك، يجب إعطاء الموظف إنذارًا مكتوبًا "تنبيه"، وتضمين الملاحظات في اضبارته الشخصية.
4. إعادة التقييم: إذا استمر الموظف في التصرفات غير المقبولة، يمكن اتخاذ قرار بنقله إلى وظيفة لا تحتوي على معلومات حساسة، وفي حالة تكرار المخالفات، يمكن أن تكون هناك تدابير أكثر قسوة مثل الفصل الاداري.
ثالثًا: الاستراتيجية الوقائية
1. اختيار الموظفين بعناية: في الوظائف التي تحتوي على معلومات حساسة، يجب مراعاة الشخصيات قبل المهارات.
2. التدريب المستمر: إجراء تدريب دوري على أهمية الحفاظ على السرية، وكيفية التعامل مع المعلومات داخل بيئة العمل.
3. تطبيق سياسة "المعلومات للحاجة": تقديم المعلومات فقط لمن يحتاج إلى معرفتها لأداء عمله.
الخلاصة
الثرثرة داخل المؤسسات الأمنية تشكل تهديدًا حقيقيًا. ومن خلال التعامل الحذر والمراقبة الدقيقة، يمكن تجنب المخاطر الناتجة عنها، وضمان الحفاظ على بيئة عمل آمنة وسرية.
تعامل المؤسسة الأمنية مع موظف ثرثار يختلف تمامًا عن بيئة مدنية عادية، لأن "الكلام الزائد" قد يؤدي إلى تسريب غير مقصود لمعلومات حساسة أو إضعاف الانضباط والسرية.
احمد حبيب السماوي
Alsamawe99@gmail.com
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat