الكون كله يتجلى في الحسين عليه السلام
علي حسين الخباز
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
علي حسين الخباز

الكثير من الأسئلة تطرح على كل من يحاول الكتابة عن نهضة الإمام الحسين عليه السلام، التي انتهت بفاجعة الطف، وقد يرى البعض عمق التساؤل الذي أخذ حيزا كبيرا في تفكيره، ما الذي نريد أن نضيفه للواقعة وقد كتبوا عنها الكثير من البحوث، والعروض، والتقييمات، حتى وصل الأمر أن ليس هناك واقعة حظيت ما حظيت فيه واقعة الطف، فهل هذا مبرر حقيقي للسؤال الذي يواجهنا كلما نكتب عن الواقعة المباركة.
عدم إمكانية أي إضافة إلى الواقعة وفكرها الوقاد، ويرى أغلب من يسأل أن ما نكتبه اليوم هو مجرد تكرار لأفكار سابقة واجترار مفاهيم مطروحة. أجاب الكثير من علمائنا الشيعة على مثل هذه الأسئلة ومنهم سماحه السيد محمد سعيد الحكيم قدس سره، يرى أن بعض جوانب هذه النهضة لم يأخذ حظه المناسب من البحث والتقييم.
السؤال كان افتراضيا لا واقعا له، ومن الطبيعي أن يسأل مثل هذه الأسئلة من لا يدرك جوهر الواقعة الحقيقي، والحكم يحتاج إلى التواصل ليكون منطقيا، ونحن ننطلق من الهوية، حيث كانت هذه النهضة المقدسة حسب عقيدتنا التي نستمد تعاليمها من أئمة أهل البيت عليهم السلام، قد تكون لها من الأهداف والثمرات في علم الله عز وجل ما لم يدركه الناس بعد.
نحن نرى أن العالم مخضب بالحسين عليه السلام، ويشكل المعنى الحياتي المؤثر، ونحمله في التصور الذهني إنّ الحسين بن عليّ في السماء أكبر منه في الأرض، الحقيقة الحسينية تستند إلى واقع إيماني تحمله فطرة إنسانية بوصفه حجر الأساس لمنطلق الدين والعلم والحياة، لهذا اهتم علماء الشيعة يرحم الله الميت منهم ويحفظ الحي على تركيز معنى الآية الكريمة ﴿وَلاَ يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِّنْ عِلْمِهِ إِلاَّ بِمَا شَاء﴾ يثابرون لقراءة واقعة الطف بأكثر من وجهة نظر وبأكثر من واقع، هناك واقع وجداني، واقع إيماني وواقع سماوي وواقع رمزي، نحن ننظر إلى أن الكون كله يتجلى في الحسين عليه السلام، بذرة الرسالة المحمدية هو وجه الحكمة
كان العلماء الأفاضل يتحدثون عن العالم عبر الحسين سلام الله عليه والطاقة الكامنة في محبة الحسين، ويعود بعد كل هذه المقدمة ليسالني من هو الحسين سلام الله عليه؟
وما أهمية نهضته؟
وما هو موقعها المتميز بين الأحداث في خلودها؟
وما أحدثته من هزة في المجتمع الانساني، لهذا يشعر المخالفون والمرتدون عن الاسلام خطورة مواجهة الحسين عليه السلام في كل عصر، لهذا ضمروا المسالك إليه بالزيف والانحراف الوجداني، وضببوا القضايا الفكرية، وبعضنا استسهل أن يقرأ الحسين سلام الله عليه من خلال المقاتل وغفل عن الأثر الفكري بوصفه من البُنى الفاعلة في قضية النهضة الحسينية.
النظر إلى أبي عبد الله الحسين عليه السلام منهجا وفكرا لا بد أن يمر من أثر الواقعة نفسها، عرض الفجيعة.
هناك فئة من المؤرخين والمفسرين والعلماء من يرى أن التخطيط بواقعة الطف للإمام الحسين عليه السلام وللنهضة كان وفق قناعاته وحساباته المادية، من أجل الاستيلاء على السلطة، وكان لمزاجيته في التعامل مع الأحداث وموقفه الحدي من خصومه عامة ومن يزيد بن معاوية بشكل خاص, ومثل هذه المقاربات لم تكن باجتهاد يبحث عن الحقيقة والواقع وإنما يذهب إلى منهجيات معدة سياسيا وسلطويا ومضامين بعيدة كل البعد عن المنهج الفكري الداعم للمواقف والبصيرة حتى أنهم صوروا للعالم أن موقفه الانفعالي من الأحداث أفقده النظرة الموضوعية في تقييم الظروف المحيطة به، والموازنة بين القوى التي له والتي عليه، ولد في كتاب تاريخ دمشق ج 14 وفي كتاب تهذيب الكمال اج 6 وطبقات ابن سعد ص 86 إن الحسين عليه السلام تأثر بمواعيد من كتب له من أهل الكوفة أو انخدع بنصيحة ابن الزبير له بالخروج ليخلو له الحجاز.
والجميل في الأمر أن سماحه السيد محمد سعيد الحكيم وبقيه العلماء الشيعة أدركوا خيبة أهل هذا الخط وعرفوا مقدار تفكيرهم وسذاجة الرؤية والنظر إلى الحسين من خلال إمكانيات عقولهم الفارغة، النظر إلى محتوى أهل هذا المشروع أنهم يعملون على تمجيد قوة آل أمية وحزبهم وسلامتهم وقوتهم، ويظهرون خيانة الولاء الكوفي وضعف الحكمة عند الإمام عليه السلام بهذه الدلالات الماسخة، ينظرون إلى نهضه كربلاء على أنها من الأخطاء التي حاول أهل الراي والمعرفة نصيحته لعدم الخروج، وبهذه النظرة البائسة ينظرون إلى رمز شغل الدنيا عبر كل تلك القرون، وغطى مساحة واسعة في عالم الفكر والمعرفة
وأصبح منهج الطف الحسيني من المناهج الثورية الفاعلة، وبرز إلى العالم أصحاب نظرية التخطيط للواقعة إلهي وليس شخصيا، وإن الله سبحانه وتعالى عهد للإمام الحسين عليه السلام عن طريق النبي صلى الله عليه وآله وسلم بتنفيذ مشروع ينتهي باستشهاده واستشهاد من معه وجميع ما حدث من ماسي وفجائع ينظر أئمة أهل البيت عليهم السلام إلى مؤهلات الحسين والدور الحسيني المتميز في تنفيذ المشروع المذكور وفاعليته لمصالح عظمى تناسب حجم التضحية، وأهميتها نجح مشروع الطف، وحقق ما أراد وتكلل سعيه بالنجاح والفتح المبين
ومن اشار عليه بعدم الخروج لا أثر له وخفى عليه وجه الحكمة
كما خفى عن المسلمين في صلح الحديبية، فاستنكروه على النبي صلى الله عليه وآله وسلم وكما خفي على كثير من أصحاب الإمام الحسن في هدنته لمعاوية، إلى غير ذلك من الأمور الغيبية، فنحن الشيعة نؤمن بعصمة الحسين عليه السلام وبقية الأئمة، ومن الطبيعي أن نتبنى تفسير الثاني بأن واقعة الطف كانت بإرادة الهية.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat