(محاوره مع كاتب وكتاب) 485 // (موقف الإمام عليه السلام من ثورة زيد بن علي عليهم السلام)
علي حسين الخباز
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
علي حسين الخباز

الكثير من أمور التاريخ تحتاج إلى معرفة تفاصيل كل حدث، فكل حدث له ظروفه وله مفاهيمه وله أساليبه وله قاعدته الفكرية، والسؤال الذي يواجهنا دائما هو ما علاقة الإمام الصادق عليه السلام بثورة زيد بن علي عليهم السلام.
الدكتور محمد حسين الصغير:
ـ أولا علينا أن نعرف أن زيد بن علي كان يخطط لثورته مع رجال أهل الكوفة من زمن وجود الإمام محمد الباقر عليه السلام الذي أشار عليه ألا يركن لأهل الكوفة إذ كانوا أهل غدر فأني أخاف عليك يا أخي أن تكون غدا المطلوب بكناسة الكوفة، هذا الحوار موجود في مروج الذهب الجزء الثالث صفحه 206 للمسعودي.
وكان هذا التحذير يعني قبل وفاه الإمام الباقر عليه السلام عام 114 هـ كانت ثورته سنه 122 هـ
وكان هشام بن عبد الملك طاغية العصر يستهدف زيدَ في لواذع الكلام وقوارص القول هناك تضاد علني بين زيدَ الذي لا يسكت على الإهانة وبين الطاغوت.
زيدُ يقول لجابر بن يزيد الجعفي:
ـ يا جابر لا أستطيع أن أسكت، شاهدت هشام وعنده رجل يسب رسول الله ورأيت قبولا من هشام على سب رسول الله، يا جابر والله لو لم يكن إلا أنا ويحيى ابني لخرجت عليه وجاهدته حتى أفنى.
&&
صدى الروضتين:
ـ نحن أمام تاريخ استغل هذه الثورة استغلالا بشعا، هناك من يصور لنا أن ثورة زيد أتت بعد خمودٍ أصاب طليعة أهل البيت عليهم السلام، وهدوء حاصره دعاتهم، فلجأوا إلى الإمامة العلمية والالتزام بعقيده الصبر، هذه واحدة، أما الثانية فهناك من خلق فارقا مذهبيا عن الأئمة عليهم السلام
الدكتور محمد حسين الصغير:
ـ لو ذهبنا إلى نتيجة هذه الحرب نجد أن القوى كانت غير متكافئة واندفع أهل الكوفة وراء زيد اندفاعا جيدا ثم تفرقوا عنه بصورة مذهلة وأخمدوا ثورتهم وأصيب المجتمع بكابوس من الخوف والذعر واهتزت شخصية الفرد المسلم.
وكاد يلوح له النصر لولا أن أتاه سهم طائش أودى بحياته فكانت النهاية، وسكر أصحابه الماء في نهر يعقوب ودفنوه وأجروا الماء عليه، ودلت عيون يوسف بن عمر على قبره فنبشه واستخرج جثته وقطع راسه وبعث به إلى هشام.
النقطة المهمة أن زيد عليه السلام لم يدع إلى نفسه ولم يسع إلى طلب الخلافة وإنما كان يتحدث عن دفع المظالم وإغاثة المستضعفين وإنكار المنكر، ولم يصرح أو يلمح ولا مرة لاستحقاقه لمنصب الإمامة.
كان زيد الشهيد يعتبر الإمام الصادق عليه السلام هو الحجة على الخلق، وأي تفسير آخر لهذا المعنى هو محرف
&&&
صدى الروضتين:
ـ لماذا لم يخرج الإمام الصادق عليه السلام معه؟
الدكتور محمد حسين الصغير:
ـ الجو مشحون ضد شيعة أهل البيت عليهم السلام، والإمام مشغول بتربية الأوضاع الرسالية، والتهم تثار ضد الشيعة تارة بالخروج على السلطان وأخرى بالزندقة، وجواز سب الخلفاء.
هناك أمور كثيرة حافظ عليها الإمام كي لا يتم تصفية الشيعة، خليفة يوصي خليفة بحقد الشيعة وتصفيتهم، من هشام بن عبد الملك الطاغية الجبار إلى الوليد بن زيد الفاسق الذي لم يكن في بني أمية أكثر استخفافا بأمر الأمة منه، السلطة الحاكمة تريد الانتقام من الشيعة وتصفية أمورهم تصفية تامة لولا وجود الإمام الصادق عليه السلام ووجود ثقله في الساحة السياسية والاجتماعية وإلا فلا وجود للشيعة اليوم.
والموقف السياسي الذي خطه الإمام عليه السلام هو تحذير الشيعة من الموقف الانفعالي والانجراف وراء الأحداث فقد رفض كل عروض الثورات.
يرى أن العمل المسلح لا ينفع إذا كانت نوازع الثائرين لا تختلف عن مباني نوازع الأمويين في الحكم، ولهذا شخص الإمام عليه السلام لهؤلاء الداء الذي سبب تلك العواقب والانحرافات التي المت بالمجتمع الإسلامي
إن رسول الله صل الله عليه وآله قال من ضرب الناس بسيفهم ودعاهم إلى نفسه وفي المسلمين من هو أعلم فهو ضال متكلف، فهلا مع اعتراف بفضل الإمام عليه السلام والتقدم على سواه كيف كانوا يفكرون في مبايعة غيره ويتوقعون تأييد الإمام عليه السلام، ولقد دعاهم إلى أمر معقول ومشروع فلا بد من إعادة النظر فيما يريدون، فالإمام أكد على التثبيت والتحقيق وعدم التسرع في الاستجابة لكل من يرفع شعار الثورة حتى لو كان شعاره شعار أهل البيت وإلا كانت الخسارة عظيمة جدا، لأنه سوف يخسر الحياة التي يحاسب على صغيرها وكبيرها وسوف لا ينفعه الندم والتوبة إن قتل لا على بينة أو دليل قوي وهذا خير تحذير من الاختراقات السياسية التي كانت تحاول توظيف الوجود الشيعي لصالحها وتدعي بأن لها صلة بالإمام، لكنها في الحقيقة كانت تريد استغفال الحقيقة والقفز عليها لبناء إمبراطورية بديلة وهذا ما حدث عندما استولى العباسيون على الدولة الأموية لم يتغير شيء سوى أسماء الطغاة وإلا الجور نفسه
أنا أعرف كيف استغل البعض الموضوع وأنشأ قراءات خاطئة قسرا من باب التمويه على الحقيقة، من ضمن أكاذيبهم أن حكومة الأموين كانت في منتهى
ضعفها وهذا أول الدس بل كانت في قمة طغيانها واستعدادها لتصفية الشيعة عن بكرة أبيهم ، ومثل هذه الاستهلالية تريد أن تصل إلى أن الإمام عليه السلام رفض طلب الشيعة بالثورة وقد اتخذ التقية منهجاً له تجاه حكام عصره، وأوصى أصحابه بذلك أيضاً، وكان ذلك بسبب المضايقات السياسية التي واجهها من قبل الأمويين، وليس خوفا على نفسه وأهل بيته لكن خوفا على الأمة والأئمة من بعده، ورغم التزامه التقية إلا أنه لم يداهن أي حكومة من حكومات الطواغيت
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat