المتمرجع... من يقصي نفسه؟ وكيف؟
الشيخ ابو علي رضا التميمي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
الشيخ ابو علي رضا التميمي

هو ليس صراعًا على الأدوار بقدر ما هو امتحان في الصدق والنية، وميزانٌ تضعه السماء في يد الناس، ليروا به من كان أهلاً للقيادة ومن تنكّر لدوره قبل أن يُنكِره الآخرون. المتمرجع ليس ذلك الذي طمح للمنزلة فخسرها، بل هو الذي تهيّأ لها فلم يكن عند شروطها، فكان إقصاؤه منبثقًا من ذاته، قبل أن يصدر من غيره.
- من يقصي نفسه؟ هو الذي يرى المرجعية تاجًا لا مسؤولية، صدى لا صمتًا، وجاهًا لا وجعًا، قيادة لا خدمة. هو الذي يخلع عن المرجعية قدسيتها ليصنع منها سلّماً لمجدٍ شخصي أو موقع اجتماعي أو وجاهة سياسية. لا يفهم أن المرجع هو ضمير الأمة وصوت الحق في زمن الضجيج، فيلبس عباءتها لأجل الصورة، لا لأجل الرسالة.
-من يقصي نفسه؟ هو الذي إذا ما وُضع على المحك، نطق بلغة السوق لا بلغة السماء، وحين تُستصرخ المرجعية صمت أو راوغ أو التمس الأعذار. المرجع الحق يقدّم رأسه قبل فتواه، أما هو، فيبحث عن الأمان قبل البيان، وعن الموقف الذي يرضي لا الذي يُرضي الله.
- وكيف يقصي نفسه؟ يقصيها حين يختار الظهور على حساب العمق، والتصفيق على حساب التفقّه، والاتباع الأعمى على حساب التصدّي المدروس. يقصيها حين يفرّط في الحوزة لأجل الإعلام، ويستبدل محراب الدرس بمنصات الشهرة، ويقيس نفوذه بعدد الأتباع لا بعدد الأرواح التي أنقذها من الجهل والضياع.
والمتمرجع لا يُقصى بفتوى ولا يُعزل بقرار، بل يُقصى حين لا يراه الناس مرجعًا وإن ارتدى كل ملامحه، ويُعزل حين تعزله السماء من قلوب المؤمنين وتُسقط عنه الهيبة التي لا يصنعها منصب ولا إعلان.
والمرجعية ولاءٌ للحق، لا ولاية على الخلق، فمن لم يحمل همّها بصدق، فإن أول من يرفضه هو هذا الطريق نفسه، لأنه لا يسلكه إلا من ذاب في مشروع أهل البيت (عليهم السلام)، لا من لبس شعاراتهم ليصنع منها سُلّمًا لمآربه.
فيا من تتزيّى بالمرجعية... انتبه، فإن الناس قد لا تراك، لكن الله يرى، والتاريخ لا يرحم، وميزان السماء لا يخطئ.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat