What is in your mind ?
د . مسلم بديري
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
د . مسلم بديري

-1-
في كل مرة أدخل فيها عالم (( الفيس بوك )) يواجهني بذلك السؤال (( بماذا تفكر )) أو (( what is in your mind)) , وصرت أسال نفسي مرارا وتكرارا , كيف ينظر لنا (( الفيس بوك )) , أترانا على هذا القدر من الأهمية ؟ وهل ذلك ما يدعوه لسؤالنا عند كل دخول لنا عمّا يدور في خلدنا ؟ أيحبنا الى الدرجة التي يستعطفنا لنسامره ؟ أم ان له في سؤاله مآرب أخرى ؟
وأنا اكتب حديثي هذا وأذيعه عليكم , يدور في فكري من الأحاديث ثلاثة , منها ما يتصل نسبا ومنها ما يتصل سببا , ومنها ما يقترب في معناه من الآخر رغم البعد بين قائليه ,
فأول حديث كان للرئيس الأمريكي (( باراك أوباما )) عند اجتماعه مع مجموعة من طلبة الجامعات الأمريكية , فقال لهم بلهجة ملؤها التحذير مما يقولون وما يكتبون , وخص بالذكر واحة الفيس بوك فقال لهم
- قد تكتب ما يدور في نفسك اليوم بعفوية تامة , وقد تكتب ما يتصل بشخصيتك وقد تذيع ما تراه الآن امرا عاديا , لكنه يوما سيصبح بالنسبة اليك بمثابة السر , وربما ستتقلد منصبا مرموقا , وقد يستخدم ما كتبته اليوم كوثيقة ضدك في الغد ,
وربما يقترب معنى ما قاله (( أوباما )) كثيرا من الحديث الثاني الذي يدور في نفسي , وهو عنوان مقال الشاعر (( ياس السعيدي )) " الكتابة وثيقة أبدية " على اختلاف الموضوع والمبغى الذي طرح به واليه كل منهما ما يريد ,
واليوم نرى الكارثة الحقيقية التي نطالعها في صفحات من يكتب , فكل يدلو بدلوه , دون اتخاذ منهجية واضحة وتكتيك في الطرح , فالكل ضد الكل كما يقول (( اداموف )) وكل في نفسه شيء كتبه وجاهر به دون ان يعلم ما قد يؤول اليه حديثه , فالكتابة سياسة وليست مجرد تقنيات ودراية في الاصول الكتابية أو عدمها , وقد قرأ البعض عن مقال (( احسان عبد القدوس )) الذي تناول فيه قضية الاسلحة الفاسدة , ذلك المقال الذي فتح قضايا وادخل البعض المحاكم, واجتمعت اثره الحكومات وفعل ما فعل , ربما يكون خير دليل على ما قلت وما سأقول ,
وكما يقولون " البيوت اسرار " أو كما يقول المثل المصري اللطيف " مفيش داعي ننشر غسيلنا الوسخ" أي القصد ان اليوم اصبح المنشور يأخذ حيزا واسعا في الانتشار وقد يكون كاتبه تحت تأثير معين ساعة كتابته , وعند زوال التأثير لن يزول ما كتبه , وما كتبه قد يكشف أمراً , تافها , مهما , لا فرق في ذلك بالنسبة لفلسفة الحديث المراد ايصاله ,
وثالث الاحاديث التي دارت فيّ هو قول الاستاذ علي الخباز فقد قال لي يوما , عندما كنت على خلاف مع احد اخوتي في الله والمسرح , قال لي بلهجة يختلط فيها الغضب مع طيبته المعهودة " بابا شبيكم , الكاتب نبيّ معقولة هيج !! " والأحاديث جميعا وربما ثالثا على وجه الخصوص تثير في نفسي ألما عميقا حين أرى " مثقفينا " لا يعرفون ان الدور الملقى على عاتقهم هو أكبر بكثير من الكتابة عن الحب , وأكبر بكثير من نشر صورهم بأوضاع مختلفة , هو أكبر بكثير من أن يعبروا للناس عن " تعاستهم الآنية " وأكبر بكثير من ان يكتبوا عن مذاق " الشوربة " التي تناولوها عند الافطار وأكبر بكثير من اعلان نبأ دخولهم الحمام أو خروجهم منه وربما يستغرب أحدٌ ما استشهد به عند مقارنتي كتاباتهم بالدور الافتراضي الواجب عليهم تحمله , ولكن والله كل ما قلته رأيته وقرأته من أناس " شعراء " و " كتاب " وووو , والله قبل أيام خجلت من نفسي حين ما كتب أحد الشعراء المعروفين " يلا شتريدون بعد السوريات اجنكم لبيوتكم " وهذا المنشور وما على شاكلته جاء اثر قرار الحكومة السماح للاجئين السوريين بدخول الاراضي العراقية , وصرت خجلا أكثر مما مضى حين وجدت رسالة وصلتني من المخرج السوري الكبير (( نوار بلبل )) قال فيها
" استودعكم الله في اهلكم واهلي الذين لجأوا اليكم " .......
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat