صفحة الكاتب : د . الشيخ عماد الكاظمي

شقشقة الميلاد .. إنها عين أمي
د . الشيخ عماد الكاظمي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 
جلستُ بين يديها أنظر إلى وجهها وأتأمَّله .. أنظر إلى عينَيها الغائرتين وأستذكرُ تلك الفرحة الكبيرة التي كانت تنظر فيها إلى وليدها ذلك اليوم، وقد امتلأت وفاضت سرورًا ودموعًا، فتنظر فيه أمَلها وحياتها وآمالها، تتباهى بنظرتها إلى وجهي فتملؤ عينيها مني في كل دقيقة، وتنظر إلى الآخرين وهم يقدِّمون لها التهاني بولادتي .. 
فتذكَّرتُ تلك العينين اللتين طالما لم تنم الليالي ساهرة لأجل أنْ أنام براحة وأمان، وإنْ كان في ذلك مشقة عليها، ولكنه سرورها أنْ ترى وليدها ينعم براحة نومه العميق..
وتذكَّرتُ تلك العينين وهما يجريان دموعها ألمًا على وليدها إنْ أصابته ليلة حرارة شتاء، أو وجع ضرس فتبقى دموعها تجري حتى تحمرَّ عيناها على ما أصابني..
وتذكَّرتُ عينيها عندما كانت تنظر إلى وليدها وهو يتقدم في عمره يومًا بعد يومٍ، بل ساعةً بعد ساعةٍ، مثل زرع تسقيه دومًا وترعاه؛ لتراه مثل شباب القرية تفخر به وبطوله وجماله، وتملؤ عينيها من ذلك المنظر الذي كانت تنتظره الليالي والأيام..
وتذكَّرتُ عينيها الجميلتين وهي ترقب النظر إلى وليدها وهو يأتي بشهادة تخرجه، بعد أنْ أتعبت جسدها لتحافظ عليه من كل عادية؛ لترى ثمرة فؤادها اليوم، فتملأ جوانحها سرورًا، وتحتضنه وتبكي عيناها سرورًا حيث تحتضن روحَها بين راحتَيها..
وتذكَّرتُ عينيها وهي تنظر إلى حبيب قلبها؛ لتبحث له عن حبيبة يقترن بها، فتراهما عصفورين جميلين تحتضنهما، وتنتظر بفارغ صبرها وحنانها أبناءه وهم يلعبون بين يديها، فتملأ عينيها من هذه اللوحة الجميلة..
وتذكَّرتُ عينيها اليوم بعد ٥٦ عامًا وقد فقدت إحداها بعد جهاد تلك السنين، وسهر الليالي، ومشقة الأيام، والبكاء والنحيب، ولكنها لا زالت تنظر إليَّ ذلك الوليد الجميل الذي ملأ قلبها وبيتها في مثل هذا اليوم  وهي تحتضنه بين يديها   فتسقيه من دموع عينيها، وتُطعمه من حنان قلبها، وتُكسيه من حرارة محبتها ..
 أخيرًا..
اليوم تنظر عينايَ تلك العينين التي احتاجت إلى زجاجتين لترى من خلالهما وليدها  بعد أنْ أتعبها وأرهقها كثرة ما تنظر إليَّ، وترسم الذكريات الجميلة، حيث بين هذه الذكريات أعوام وأعوام، فهل أستطيع أنْ أحافظ على سرور عينيها؟!
وهل تستطيع عيناي أنْ تسهر لأجلها، فتبقى تنظر إلى أملها المنشود يرعاها ويتحسس حوائجها وآلامها وسرورها؟!
وهل تفي قطرات دموع عيني لساعات قصيرة جريان دموع عينيها لسنوات طوال؟!  
كلَّا وألفٌ .. تحية وسلام ورحمة لكِ أمي ولتلك العينين، ولكل أم في الوجود .. يا رب 🤲🏻!!


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


د . الشيخ عماد الكاظمي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2025/01/17



كتابة تعليق لموضوع : شقشقة الميلاد .. إنها عين أمي
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net