صفحة الكاتب : مير ئاكره يي

محمد ؛ الرسالة والرسول ( 1 ) الجزء الأول
مير ئاكره يي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 

بقلم ؛ الدكتور نظمي لوقا (2) 
أعده وعلّق عليه وكتب الملاحظات له ؛ مير عقراوي / كاتب بالشؤون الاسلامية والكوردستانية 
                            مقدمة ؛ 
{ من يغلق عينيه دون النور يضير عينيه ولايضير النور . ومن يغلق عقله وضميره دون الحق ، يضير عقله وضميره ولايضير الحق . فالنور منفعة للرائي لا المصباح ، والحق منفعة وإحسان الى المهتدي به لا الى الهادي اليه . 
وما من آفة تهدر العقول البشرية كما يهدرها التعصب الذميم الذي يفرض على أذهان أصحابه وسرائرهم ما هو أسوأ من العمى لذي البصر ، ومن الصمم لذي السمع . لأن الأعمى قد يبقى بعد فقد البصر إنسانا ، والأصم قد يبقى بعد فقد السمع إنسانا ... 
أما من آختلّت موازين عقله ، أو موازين وجدانه ، حتى ما يميز الخبيث من الطيب ، فذلك ليس بإنسان ، بالمعنى المقصود من كلمة إنسان . وبهدي من هذا النهج وجدت من واجبي أن أكتب هذه الصفحات ، موقنا أن الإنصاف حلية يكرم بها المنصف نفسه قبل أن يكرم بها من ينصفهم . 
وليس الإنصاف مزيّة لصاحبه إلاّ حينما يغالب الحوائل ، كالعقائد الموروثة ، والتقاليد السائدة ... أما حين يوافقها فما أهون الإنصاف ، [ ولولا المشقة ساد الناس كلهم ] ، كما يقول أبو الطيب . وأوشك أن أقول على غراره ؛ [ لولا العصبية أنْصَفَ الناس كلهم ] . 
فما أحودنا في هذا العالم المضطرب الذي تقسّمت فيه الناس معسكرات متقاتلة متلاحية من المذاهب والعقائد التي صبغت كل منحى من أنحاء الحياة أن نسعى للقضاء على آفة العصبية ، ونتعَوّدَ الإنصاف  . إنصاف الخصم وكأنه صديق ، فالمنصف إنما يعنو للحق ، ويعنو لنوره في العقل ، فيشهد لنفسه بالفضل وحسن الرأي حين يؤدي لذيي الحق حقه مهما آشتجر الخِلاف ، أو لجّ الخصام .. 
وما أرى شريعة أدْعى لِلإنصاف ، ولاشريعة أنفى لِلإجحاف والعصبية من شريعة تقول ؛ 
{ ولآ يَجْرِمَنّكُمْ شَنْآنُ قوم على ألاّ تعدلوا } ! (3)
فأيّ إنسان بعد هذا يكرم نفسه وهو يدينها بمبدإ دون هذا المبدإ ، أو يأخذها بِدَيْدَنِ أقل منه تساميا وآستقامة ...؟ . أجل ! نعدل ولا نجور ! . فذلك حق علينا ، وحق عقولنا علينا ، وحق ضمائرنا علينا ، قبل أن يكون حق هذا من الناس أو ذاك ... 
وما أرى الشانيء يضير خصمه حين يجور في الحكم عليه ، إلاّ كما يفقأ آمرؤ عين نفسه كيلا يرى من يسؤوه مرآه ... ولست أحب ذلك لأِحد ، بل إني أرى مستقبل هذه البشرية منوطا بإحترام العقل وتقصّي العدل وإنصاف الخصم ، حتى يرتد بنو حواء إخوة يختلفون في مودة ، ويتباعدون الى تقارب ، ويفيئون في نهاية كل مطاف الى نور الله الذي كرّمهم به ، وهو الحق والعدل .. 
وإني لأسأل من يستكثر الإنصاف على رسول أتى بغير دينه ، أما يستكثر على نفسه أن يظلمها إذ يحملها على الجحود والجور ؟ .. ولست أنكر أن بواعث كثيرة في صباي قرّبت بيني وبين هذا الرسول ، وليس في نيتي أن أنكر هذا الحب أو أتنكر له ، بل إني لأشرف به وأحمد له بوادره وعُقباه . 
ولعل هذا الحب هو الذي يَسّرَ لي شيئا من التفهّم ، وزيّن لي من شخص هذا الرسول الكريم تلك الصفات المشرقة ، وجعلني أعرض بوجداني عن تلك النظرة الجائرة ، أو المنجنية التي نظر بها كثيرون من المستشرقين وغيرهم الى الرسول العربي (4) ، ولكني حين أحتكم الى العقل ، أرى الخير كل الخير فيما جنحت اليه . فلخير من يُشَوِّه المشوهون كل جميل وكريم من مفاخر البشرية المثخنة بالقروح والمخزيات ؟ ، ولخير من يثلب الثالبون كل مجيد من هداة هذا الجنس الفقير الى المجد ، الثقل بالخساسة والحقد ؟ 
ألا إن كل محب للبشر ينبغي أن يكون شعاره دواما ؛ 
مزيدا من النور ! ، ومزيدا من العظمة ! ، ومزيدا من الجمال ! ، ومزيدا من البطولة والقدوة ! 
وبدافع من حب البشرية أقدمت على تسطير هذه الصفحات ، وسيّان بعد هذا أن يقول عنها القائلون ؛ إنها شهادة حق ، أو رسالة حب ، أو تحية توقير وتبجيل ، فما كان كآحاد الناس في خَلاله ومزاياه ، وهو الذي آجتمعت له آلاء الرسل ، وهمة البطل ، فكان حقا على المنصف أن يكرم فيه المثل ، ويحيي فيه الرجل .. ] 
الدكتور نظمي لوقا 
10 ش إبن سينا / مصر الجديدة / 1948 – 1959
التعليقات والملاحظات ؛ 
1-/ المصدر ؛ كتاب / [ محمد / الرسالة والرسول ] لمؤلفه الدكتور نظمي لوقا ، مقدمة بقلم السيد كمال الدين حسين وزير التربية والتعليم للجمهورية العربية المتحدة . ملزم الطبع والنشر ؛ دار الطتب الحديثة ، طبعة خاصة بوزارة التربية والتعليم ، ط 2 ، أغسطس 1959 ، القاهرة ، مطابع دار الكتاب العربي بمصر ، ص 25 – 28 
2-/ الدكتور نظمي لوقا / 1920 – 1987 فيلسوف وعالم وكاتب ومترجم ومؤلف مصري مسيحي معروف ، له الكثير من المؤلفات والترجمات في متختلف حقول العلم والمعرفة ، منها : 
- نحو مفهوم إنساني للإنسان . 
- الحقيقة عند فلاسفة المسلمين . 
- الله أساس المعرفة والأخلاق عند ديكارت . 
- الله وجوده ووحدانيته بين الفلسفة والدين . 
- عمر بن الخطاب ؛ البطل والمثل والرجل . 
- أبو بكر حواريّ محمد . 
- محمد في حياته الخاصة . 
- أنا والاسلام . 
- الله ، الانسان والقيمة . 
- أشباح المقبرة / ديوان شعر . 
- كنت وحدي / ديوان شعر . 
3-/ إن الآية الحكيمة التي أشار اليها المرحوم الدكتور نظمي لوقا بتمامها هي ؛ { يا أيها الذين آمنوا كونوا قَوَّامين لله شهداء بالقسط ، ولايجرمنكم شنآن قوم على ألاّ تعدلوا ؛ إعدلوا هو أقرب للتقوى ، وآتقوا الله ، إن الله خبير بما تعملون } المائدة / 08 . فهذه الآية هي عظيمة الأبعاد والمفاهيم على مستوى تقرير العدالة ، حيث هي أساس لها لأنها تحض على مبدأ العدالة كقيمة عامة لاتتعلق بالصداقة والخصومة ، أو غيرها من العلاقات والفروقات . 
4-/ للأسف الشديد فإن الكثير من المستشرقين وغيرهم أيضا من أتباع الديانات لم ينهجوا في تقويمهم لرسول الاسلام والمسلمين العظيم محمد صلى الله عليه وآله وسلم منهجا موضوعيا وعلميا ونقديا محايدا ، وذلك بسبب التزمّت والتعصب الديني وغيره . لكن بالرغم من ذلك فقد نهضت جماعة من المستشرقين والعلماء في الشرق والغرب نهضة محايدة فأزاحوا ودحضوا كل الإتهامات والإفتراءات والشبهات والأكاذيب عن الاسلام ورسوله وكتابه ، منهم فيلسوفنا هذا الدكتور نظمي لوقا فجزاه الله تعالى خير الجزاء ورحمه رحمة واسعة وأدخله فسيح جناته . 
 

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


مير ئاكره يي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2012/07/26



كتابة تعليق لموضوع : محمد ؛ الرسالة والرسول ( 1 ) الجزء الأول
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net