القضية الفلسطينية و الثلاثي المشؤوم
د . شامل محسن هادي مباركه
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
د . شامل محسن هادي مباركه

بعد أن شعر بالخطر على نتائج الانتخابات الرئاسية الأمريكية في تشرين الثاني القادم، حاول الرئيس الأمريكي جو بايدن الدفع باتجاه ايقاف الحرب المدمرة في قطاع غزة مرات عديدة، كان آخرُها في شهر آيار. تنص الاتفاقية على ايقاف الحرب نهائيًا في مراحل ثلاث. رفضها رئيس وزراء الكيان الصهيوني الغاصب و حركة حماس على حدٍ سواء. يرى القاتل نتنياهو الالتزام بهذا الشرط تهديداً لانهيار حكومته بسبب تحذير اليمين المتطرف بالانسحاب من حكومته فيما إذا وافق على انهاء الحرب دون القضاء على حماس.
كذلك، حركة حماس رفضت مقترح بايدن، لانها ترى عدم انسحاب جيش العدو من غزة كاملاً في مرحلتها الاولى يُعد تهديداً للقضية الفلسطينية، و قد يؤسس إلى بقاء جيش العدو في غزة، بالإضافة إلى غياب تصريح واضح بإنهاء العمليات القتالية نهائياً.
اليوم تغيرت المعادلات متأثرةً بالمستجدات على المستوى الاقليمي والدولي.
بادرت حماس بعرض اتفاقية لوقف الحرب مع بعض التنازلات في ٤ تموز، والتي تلقّفها بايدن بسرعة قصوى لِيُجري إتصالاً مطولاً مع القاتل نتنياهو للضغط عليه في قبول طرح حركة حماس. تُعتبرُ هذه الفرصة هي الأخيرة لإحياء بايدن سياسياً حتى الانتخابات الرئاسية.
على المستوى الاقليمي، ترى حماس أن هناك تناغم بين دونالد ترامب و ولي عهد مملكة ال سعود محمد بن سلمان، وقد يكون هناك اتفاق خفي، حيث يرى ترامب انهاء القتال سيُفضي إلى الضغط على محمد بن سلمان في قبول التطبيع مع الكيان الغاصب، ليكون طوق نجاةٍ لبايدن المتعثر، لذلك يدفع بعدم انهاء الحرب. كانت شروط محمد بن سلمان في التطبيع ثلاثة: بناء مفاعل نووي سلمي في مملكة ال سعود، اتفاقية امنية مع واشنطن على غرار الاتفاقية بين واشنطن وكوريا الجنوبية، و السماح بشراء السعودية اسلحة أمريكية متطورة. وافق بايدن على جميع الشروط. (راجع مقال صحيفة وول ستريت جورنال "الولايات المتحدة تعرض على السعودية معاهدة دفاعية تاريخية في محاولة لتحفيز اتفاق التطبيع مع إسرائيل"، U.S. to Offer Landmark Defense Treaty to Saudi Arabia in Effort to Spur Israel Normalization Deal، في ٩ حزيران ٢٠٢٤)
بعد ذلك، بسبب ضغط الشعوب العربية ضد الحرب، زاد محمد بن سلمان شرطاً رابعاً؛ ايقاف الحرب في غزة و حلّ الدولتين، حتى لو كان "تعهداً خطياً من قبل نتنياهو"، لامتصاص غضب الشارع العربي، و ليفسح المجال للتطبيع بين إسرائيل و السعودية.
من هنا لا يريد ترامب ايقاف الحرب، لكي لا تستمر عجلة التطبيع، فيُسحبُ إنجازاً لبايدن.
كما أن اليمين المتشدد من ائتلاف حزب الليكود المتمثل بوزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتس، و وزير الأمن إيتمار بن غفير، يرفضون انهاء الحرب دون القضاء على حماس، والذي، إن انتهت الحرب، سينسحبون من حكومة نتنياهو، وفي نهاية المطاف ستُحّل حكومته. لا نستبعد بوجود تنسيق بين اليمين المتشدد و محمد بن سلمان برفض التطبيع الذي يتبناه بايدن.
نشرت صحيفة نيويورك تايمز تقريراً بتاريخ ١ تموز تحت عنوان "منظمة ترامب توقّع لوضع علامتها التجارية على برج سعودي جديد"، Trump Organization Signs Up to Put Its Brand on a New Saudi Tower.
يذكر التقرير: يعد البرج السكني الأعلى إرتفاعاً في المنطقة المزمع بناءه في جدة أحدث التطورات التي خططت لها شركة الرئيس السابق دونالد ترامب في الشرق الأوسط، ليؤكد على شراكة استراتيجية بين السعودية و ترامب.
تم التوقيع بعد مناظرة مساء الخميس، التي مُنِيَ بها بايدن بهزيمة ساحقة أمام نظيره ترامب، ليفتح تبويب جديد من العلاقة بين ترامب و محمد بن سلمان.
أما على الصعيد الدولي، فقد رسمت مناظرة مساء الخميس بين بايدن و ترامب مستقبل الرئاسة الأمريكية. فبعد ان تفوق ترامب على بايدن في استطلاع للرأي بمقدار ٤٦ بالمئة مقابل ٤٣ بالمئة لصالح بايدن في شهر نيسان، يُبيّن الاستطلاع الذي أُجري بعد يومين من المناظرة أن نسبة ترامب قفزت إلى ٤٩ بالمئة في قبال ٤١ لبايدن.
قد يسأل البعض عن توقيت طرح حركة حماس خطتها في انهاء الحرب في غزة وتنازلها عن بعض الشروط التي وضعتها سابقاً.
ترى حماس أن مناظرة مساء الخميس كشفت، حتماً، خسارة بايدن في الانتخابات القادمة، و رجوع ترامب إلى البيت الأبيض سيقضي على القضية الفلسطينية برمّتها، حيث اعلن جميع أعضاء الحزب الجمهوري الدعم الكامل والغير مشروط للعدو الاسرائيلي، كما طالب جميع الجمهوريين في الكونغرس بايدن بإطلاق شحنة الأسلحة التي منعها البيت الأبيض في إرسالها للعدو الاسرائيلي. علاوة على ذلك، دعا رئيس الكونغرس الجمهوري نتنياهو لالقاء كلمة في الكونغرس هذا الشهر ستكون ضربةً موجعةً لبايدن الذي سيقاطع حزبه كلمة نتنياهو، و تأكيداً على وقوف الجمهوريين مع العدو الاسرائيلي.
نرى أن نتنياهو سيرفض عرض حماس، لكي يرى بايدن مذبوحاً يرفرف بقدميه، لا يستطيع القيام بعملٍ ينقذه من مأزق مناظرة مساء الخميس، و ستستمر الحرب القائمة حتى الانتخابات الرئاسية الأمريكية.
الثلاثي المشؤوم؛ ترامب، اليمين المتشدد من حزب الليكود و محمد بن سلمان، سيقضون على أحلام بايدن بالرجوع إلى البيت الأبيض. على حركة حماس أن تضع نصب أعينها القادم أسوء بكثير مما عانت وتعاني منه منذ ٧ تشرين الاول.
اللهم أنصر الإسلام والمسلمين وأخذل الكفار والمنافقين.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat