تفاسير القرآن الكريم عن الأم (ح 7) (أمهاتهم)
د . فاضل حسن شريف
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
د . فاضل حسن شريف

جاء في تفسير الميسر: قال الله تعالى عن الام "النَّبِيُّ أَوْلَىٰ بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنفُسِهِمْ ۖ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ ۗ وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَىٰ بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ إِلَّا أَن تَفْعَلُوا إِلَىٰ أَوْلِيَائِكُم مَّعْرُوفًا ۚ كَانَ ذَٰلِكَ فِي الْكِتَابِ مَسْطُورًا" ﴿الأحزاب 6﴾ أُمَّهَاتُهُمْ:أمَّهَاتُ اسم، هُمْ ضمير. أزواجه أمّهاتهم: مثلهنّ في تحريم نكاحهنّ و تعظيم حُرمتهنّ. النبي محمد صلى الله عليه وسلم أولى بالمؤمنين، وأقرب لهم من أنفسهم في أمور الدين والدنيا، وحرمة أزواج النبي صلى الله عليه وسلم على أُمَّته كحرمة أمهاتهم، فلا يجوز نكاح زوجات الرسول صلى الله عليه وسلم من بعده.
عن تفسير مجمع البيان للشيخ الطبرسي: قوله جل جلاله "النَّبِيُّ أَوْلَىٰ بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنفُسِهِمْ ۖ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ ۗ وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَىٰ بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ إِلَّا أَن تَفْعَلُوا إِلَىٰ أَوْلِيَائِكُم مَّعْرُوفًا ۚ كَانَ ذَٰلِكَ فِي الْكِتَابِ مَسْطُورًا" ﴿الأحزاب 6﴾ "وأزواجه أمهاتهم" المعنى إنهن للمؤمنين كالأمهات في الحرمة وتحريم النكاح ولسن أمهات لهم على الحقيقة إذ لوكن كذلك لكانت بنتاه أخوات المؤمنين على الحقيقة فكان لا يحل للمؤمن التزويج بهن فثبت أن المراد به يعود إلى حرمة العقد عليهن لا غير لأنه لم يثبت شيء من أحكام الأمومة بين المؤمنين وبينهن سوى هذه الواحدة أ لا ترى أنه لا يحل للمؤمنين رؤيتهن ولا يرثن المؤمنين ولا يرثونهن ولهذا قال الشافعي وأزواجه أمهاتهم في معنى دون معنى وهو أنهن محرمات على التأبيد وما كن محارم في الخلوة والمسافرة وهذا معنى ما رواه مسروق عن عائشة أن امرأة قالت لها يا أمه فقالت لست لك بأم إنما أنا أم رجالكم فعلى هذا لا يجوز أن يقال لإخوانهن وأخواتهن أخوال المؤمنين وخالات المؤمنين قال الشافعي تزوج الزبير أسماء بنت أبي بكر ولم يقل هي خالة المؤمنين. "وأولو الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله من المؤمنين والمهاجرين" وهو مفسر في آخر الأنفال "وأولو الأرحام" هم ذوو الأنساب. لما ذكر سبحانه أن أزواج النبي صلى الله عليه وآله وسلّم أمهات المؤمنين عقبه بهذا وبين أنه لا توارث إلا بالولادة والرحم والمعنى أن ذوي القرابات بعضهم أولى بميراث بعض من المؤمنين أي من الأنصار والمهاجرين أي الذين هاجروا من مكة إلى المدينة وقيل معناه من المؤمنين والمتواخين والمهاجرين فصارت هذه الآية ناسخة للتوارث بالهجرة والمؤاخاة في الدين دالة على أن الميراث بالقرابة فمن كان أقرب في قرباه فهو أحق بالميراث من الأبعد.
وعن تفسير الميزان للسيد الطباطبائي: قوله جل جلاله "النَّبِيُّ أَوْلَىٰ بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنفُسِهِمْ ۖ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ ۗ وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَىٰ بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ إِلَّا أَن تَفْعَلُوا إِلَىٰ أَوْلِيَائِكُم مَّعْرُوفًا ۚ كَانَ ذَٰلِكَ فِي الْكِتَابِ مَسْطُورًا" ﴿الأحزاب 6﴾ قوله: "وأزواجه أمهاتهم" جعل تشريعي أي أنهن منهم بمنزلة أمهاتهم في وجوب تعظيمهن وحرمة نكاحهن بعد النبي صلى الله عليه وآله وسلم كما سيأتي التصريح به في قوله: "ولا أن تنكحوا أزواجه من بعده أبدا". فالتنزيل إنما هو في بعض آثار الأمومة لا في جميع الآثار كالتوارث بينهن وبين المؤمنين والنظر في وجوههن كالأمهات وحرمة بناتهن على المؤمنين لصيرورتهن أخوات لهم وكصيرورة آبائهن وأمهاتهن أجدادا وجدات وإخوتهن وأخواتهن أخوالا وخالات للمؤمنين. وله عز وعلا "الَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنكُم مِّن نِّسَائِهِم مَّا هُنَّ أُمَّهَاتِهِمْ ۖ إِنْ أُمَّهَاتُهُمْ إِلَّا اللَّائِي وَلَدْنَهُمْ ۚ وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنكَرًا مِّنَ الْقَوْلِ وَزُورًا ۚ وَإِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ" ﴿المجادلة 2﴾ نفي لحكم الظهار المعروف عندهم وإلغاء لتأثيره بالطلاق والتحريم الأبدي بنفي أمومة الزوجة للزوج بالظهار فإن سنة الجاهلية تلحق الزوجة بالأم بسبب الظهار فتحرم على زوجها حرمة الأم على ولدها حرمة مؤبدة. فقوله: "ما هن أمهاتهم" أي بحسب اعتبار الشرع بأن يلحقن شرعا بهن بسبب الظهار فيحرمن عليهم أبدا ثم أكده بقوله: "إن أمهاتهم إلا اللائي ولدنهم" أي ليس أمهات أزواجهن إلا النساء اللاتي ولدنهم.
وعن التفسير المبين للشيخ محمد جواد مغنية: قوله جل جلاله "النَّبِيُّ أَوْلَىٰ بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنفُسِهِمْ ۖ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ ۗ وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَىٰ بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ إِلَّا أَن تَفْعَلُوا إِلَىٰ أَوْلِيَائِكُم مَّعْرُوفًا ۚ كَانَ ذَٰلِكَ فِي الْكِتَابِ مَسْطُورًا" ﴿الأحزاب 6﴾ "وأَزْواجُهُ أُمَّهاتُهُمْ". ان لأزواج النبي صلى الله عليه وآله وسلّم من الاحترام وحرمة الزواج بهن من بعده تماما ما للأمهات، وما عدا ذلك فهن والأجنبيات سواء "وأُولُوا الأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللَّهِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ والْمُهاجِرِينَ". تقدم في الآية 75 من سورة الأنفال ج 3 ص 516 "إِلَّا أَنْ تَفْعَلُوا إِلى أَوْلِيائِكُمْ مَعْرُوفاً". قوله عز وعلا "الَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنكُم مِّن نِّسَائِهِم مَّا هُنَّ أُمَّهَاتِهِمْ ۖ إِنْ أُمَّهَاتُهُمْ إِلَّا اللَّائِي وَلَدْنَهُمْ ۚ وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنكَرًا مِّنَ الْقَوْلِ وَزُورًا ۚ وَإِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ" ﴿المجادلة 2﴾ الظهار محرم في دين اللَّه لأنه كذب مخالف للواقع، وكيف تكون الزوجة اما "إِنْ أُمَّهاتُهُمْ إِلَّا اللَّائِي وَلَدْنَهُمْ".
جاء في موقع موضوع عن فضل بر الأم للكاتب محمد مروان: يُعدُّ البرُّ من أفضل الأعمال التي يقدّمها المسلمُ بين يدي الله عز وجل، قال تعالى: "وَقَضى رَبُّكَ أَلّا تَعبُدوا إِلّا إِيّاهُ وَبِالوالِدَينِ إِحسانًا" (الاسراء 23) وقد نال برُّ الأم حظَّاً وفيراً من هذه النُّصوص تأكيداً على فضلها ومكانتها، ونذكرُ من فضائل برِّ الأمِّ ما يأتي: أوَّلاً: يُقَدَّمُ برُّ الأم على برِّ الأبِ وغيره من النَّاس: فقد جاءَ في السُّنَّة الشَّريفة قول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم للرَّجلِ السائل عن أحقِّ النَّاس بالبرِّ، فقال له النبيّ: (أمَّك قال: قلت ُ: ثمَّ من؟ قال أمَّك قال: قلت: ثمَّ من؟ قال: أمَّك قال: قلتُ: ثمَّ من؟ قال ثمَّ أباكَ، ثمَّ الأقربَ، فالأقربَ). ثانياً: شُكر الأم مرتبطٌ بشكر الله عزَّ وجل: إذ قَرَنَ الله عزَّ وجل شكره بشكر الوالدين في الآية التي أوصى فيها الإنسان على والديه، وذلكَ في سورة لقمان، حيث قال تعالى: (وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ" (لقمان 14) ثالثاً: برُّ الأمِ من أحبِّ الأعمالِ إلى الله عزَّ وجل: وقد بيَّنَ ذلك رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، حيث جاء في الصَّحيحين عنه لمَّا سُئِلَ عن أحبِّ الأعمال إلى اللهِ عزَّ وجل، فقال: (الصَّلَاةُ لِوَقْتِهَا، وبِرُّ الوَالِدَيْنِ، ثُمَّ الجِهَادُ في سَبيلِ اللَّهِ). رابعاً: برُّ الأم أفضلُ من الجهاد في سبيل الله: إذ جاءَ في صحيحِ مسلم أنَّ رجلاً راحَ يُبايعُ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على الجهاد، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (فَهلْ مِن وَالِدَيْكَ أَحَدٌ حَيٌّ؟ قالَ: نَعَمْ، بَلْ كِلَاهُمَا، قالَ: فَتَبْتَغِي الأجْرَ مِنَ اللهِ؟ قالَ: نَعَمْ، قالَ: فَارْجِعْ إلى وَالِدَيْكَ فأحْسِنْ صُحْبَتَهُمَا). خامساً: بِر الأمِ يُنَجّي من الكروبِ. سادساً: برُّ الأم سببٌ في غفرانِ الذُّنوبِ: روي أنَّ رجلاً أتى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وقد فعل ذنباً ويقصدُ التَّوبة منه، فقال له رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (هل لَكَ مِن أمٍّ؟ قالَ: لا، قالَ: هل لَكَ من خالةٍ؟ قالَ: نعَم، قالَ: فبِرَّها). سابعاً: برُّ الأم سببٌ في زيادة الرِّزقِ ودفع ميتةِ السُّوءِ: فعن أنس بن مالك أنّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: (مَن سَرَّهُ أنْ يُمَدَّ له في عُمُرِه، ويُزادَ في رِزقِه، فلْيَبَرَّ والِدَيهِ، ولْيَصِلْ رحِمَه)، ثامناً: برُّ الأم بابٌ من أبوابِ الجنَّة: عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنَّه قال: (الوالِدُ أوسطُ أبوابِ الجنَّةِ، فإنَّ شئتَ فأضِع ذلك البابَ أو احفَظْه). تاسعاً: عقوقُ الأم يجلبُ الذُّل ويمنع دخول الجنَّة: عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنَّه قال: (رَغِمَ أنْفُهُ، ثُمَّ رَغِمَ أنْفُهُ، ثُمَّ رَغِمَ أنْفُهُ قيلَ: مَنْ يا رَسولَ اللهِ؟ قالَ: مَن أدْرَكَ والِدَيْهِ عِنْدَ الكِبَرِ، أحَدَهُما، أوْ كِلَيْهِما، ثُمَّ لَمْ يَدْخُلِ الجَنَّةَ)، ورغمَ أنفه تعني هنا تمريغُ أنفه بالتُّرابِ إذلالاً له على تركه برَّ والديه. عاشراً: رضا الأم مرتبطٌ بِرضا الله عزَّ وجل وسخطها مرتبطٌ بسخط الله عزَّ وجل: عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (رضا الرَّبِّ في رضا الوالدِ وسخطُ الرَّبِّ في سخطِ الوالدِ)، والوالدُ يعني الوالدين وليس الأب وحده. الفضيلة الحادية عشرة: برُّ الأمِّ فضيلةٌ دأبَ عليها الأنبياء والرُّسُل: إذ جاء في القرآن الكريمِ على لسانِ عيسى عليه السّلام: "وَبَرًّا بِوالِدَتي وَلَم يَجعَلني جَبّارًا شَقِيًّا" (مريم 32) وكذلك باقي الأنبياء.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat