كتاب الامام الصادق لمؤلفه الجندي والقرآن الكريم (ح 6)
د . فاضل حسن شريف
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
د . فاضل حسن شريف

جاء في کتاب الإمام جعفر الصادق عليه السلام للمؤلف عبد الحليم الجندي: عن الامامة: وفقه المذهب غزير في الإمامة مذ فتق الكلام فيها التلاميذ في حياة الإمام وبعد مماته. مستندين إلى أحاديث للنبي، صلى الله عليه وسلم وعلى آله، وردت في كتبهم وفي كتب أهل السنة ذاتها - ويرتبون عليها نظرية الإمامة. أما أهل السنة فلهم في شأن هذه الأحاديث وجهات نظر أخرى حول السند وحول المعنى اللازم. إليك (بعض) الأحاديث: يقول عليه الصلاة والسلام (يا أيها الناس. إني تركت فيكم ما إن أخذتم به لن تضلوا. كتاب الله وعترتي، أهل بيتي) ويقول (إني تركت فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي: كتاب الله حبل ممدود من السماء وعترتي أهل بيتي. ولن يفترقا حتى يردا على الحوض. فانظروا كيف تخلفوني فيهما) ويقول (إني تارك فيكم خليفتين كتاب الله. وعترتي أهل بيتي) ويقول (إني تارك فيكم الثقلين كتاب الله عز وجل وعترتي. فانظروا كيف تخلفوني فيهما) أو (إني تارك فيكم الثقلين كتاب الله وأهل بيتي. وانهما لن يفترقا) ذلك أنه لما رجع عليه الصلاة والسلام من حجة الوداع نزل بغدير خم يوم 18 ذي الحجة في السنة العاشرة - والشيعة تعتبره عيدا يسمى عيد الغدير - وكان قد نزل عليه الوحي (يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس" (المائدة 67)، فأمر بدوحات فقممن فقال (كأني دعيت فأجبت. إني قد تركت فيكم الثقلين، أحدهما أكبر من الآخر، كتاب الله تعالى وعترتي. فانظروا كيف تخلفوني فيهما فإنهما لن يفترقا حتى يردا على الحوض. ثم قال: إن الله عز وجل مولاي. وأنا مولى كل مؤمن. ثم أخذ بيد على وقال: اللهم وال من والاه وعاد من عاداه). وابن حجر في صواعقه يقرر أن لهذا الحديث طرقا كثيرة وردت عن نيف و عشرين صحابيا مع اختلاف في المكان أهو غدير خم أم الطائف أم المدينة. أما طرقه عن أهل البيت فنحو ثمانين طريقا. وفي علي قوله صلى الله عليه وسلم (من أحب أن يحيا حياتي ويموت ميتتي ويدخل الجنة التي وعدني ربى فليوال عليا وذريته من بعده. فإنهم لن يخرجوكم من باب هدى ولن يدخلوكم في باب ضلالة). وفي أهل البيت قوله صلى الله عليه وسلم (ألا إن مثل أهل بيتي فيكم مثل سفينة نوح. من ركبها نجا ومن تخلف عنها غرق. وإنما مثل أهل بيتي فيكم مثل باب حطة في بني إسرائيل. من دخله غفر له) وقوله (النجوم أمان لأهل الأرض من الغرق وأهل بيتي أمان لأهل الأرض من الاختلاف) والشيعة مؤمنون بأنه لا ينقض حجة هذه الأحاديث على منزلة أهل البيت ومكانة على، تأويلها من بعض أهل السنة أو التشكيك فيها من البعض الآخر. والآخرون يرونها سندا صحيحا في تكريم على ولا يرونها سندا في الإمامة بالمعنى الذي يريده الشيعة.
وعن خلاف الشيعة مع السنة يقول عبد الحليم الجندي: وفي ما يلي أنواع خلاف بينهم وبين أهل السنة، لعلها تبين الإطار تبين الإطار العام أو المعالم المهمة. للوفاق وللخلاف بين الفريقين. 1 - الجمع بين الصلاتين: المسلمون مجمعون على جواز الجمع في الحج في جبل عرفة بين الظهر والعصر وفي المزدلفة بين المغرب والعشاء للحجاج خاصة - اما غير ذلك فمحل خلاف. فالشيعة يجيزون الجمع مطلقا جمع تقديم وتأخير. لعذر وغير عذر. في السفر والحضر. وإن كان التفريق عندهم أفضل - إلا إذا حدث حرج وحجة الشيعة مشتقة من صحاحهم ومن تفسير الإمام الصادق لقوله تعالى: "أقم الصلاة لدلوك الشمس إلى غسق الليل وقرآن الفجر إن قرآن الفجر كان مشهودا" (الاسراء 78). فالغسق هو تراكم الليل واشتداد الظلمة. بهذا تكون أوقات الصلاة الأربعة ممتدة من الزوال إلى نصف الليل. فالظهر والعصر ينتهيان في الغروب. والمغرب والعشاء إلى نصف الليل. أما الصبح فقد اختصها الله بقوله "وقران الفجر إن قرآن الفجر كان مشهودا" (الاسراء 78). 2 - الاذان: كان بلال مؤذن الرسول يؤذن لصلاة الصبح فيقول بعد (حي على الفلاح) (الصلاة خير من النوم). وأقره الرسول على ذلك. والشيعة يقولون إن الاذان كان فيه (حي على خير العمل) حتى عهد عمر كما قال الإمام الباقر. وسبب رفعها من الأذان أن المؤذن وجد عمر نائما عند أذان الصبح فأضاف - الصلاة خير من النوم) - كما أورد الزرقاني في تعليقه على الموطأ - فاستحسنها عمر فأمر أن تضاف إلى أذان الصبح. وأخرج ذلك ابن أبي شيبة. وعلماء الشيعة متفقون على أن قول (أشهد أن عليا ولى الله) ليس من فصول الأذان وأجزائه. وأن من يأتي به بنية أنه من الأذان فقد أبدع في الدين، أي أدخل فيه ما هو خارج عنه. ويقول الشيعة إن إسقاط (حي على خير العمل). كان بأمر من أولي الأمر في عهد عمر، حرصا منهم على أن تفهم العامة أن الجهاد في سبيل الله هو خير العمل، وأن النداء على الصلاة بخير العمل مقدمة لفرائضها الخمسة ينافي التحريض المطلوب للجهاد. فخطب عمر فنهى عنه.
ويستطرد المؤلف الجندي في كتابه عن خلاف الشيعة مع السنة قائلا: 3- المسح على الرجلين: يختلف الناس في أن مسح القدمين هو الفرض أو الغسل هو الفرض، لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم توضأ و مسح على قدميه. والشيعة تستدل بمسح الرسول على قدميه على أن المسح هو الفرض ومروي عن ابن عباس أنه قال: ما صح عن رسول الله الا غسلتين ومسحتين. و يفسرون الآية "وامسحوا برءوسكم وأرجلكم" (المائدة 6) بما يسعفهم في المسح. 4 - الزواج والطلاق: في الزواج: - المهر لا يقدر قلة ولا كثرة: إلا أن يقصر عن التقويم كأن يقول حبة قمح أما الكثرة ففيها قول الله "وآتيتم إحداهن قنطارا" (النساء 20)، وإن كان يكره تجاوز مهر السنة الذي أصدقه النبي زوجاته وهو خمسمائة درهم. - ويجوز النظر إلى وجه المطلوب زواجها دون استئذان ومع الوجه الكفين. وينظرها قائمة وماشية. وللمرأة أن تنظر إلى الرجل - ولا يجوز العزل عن المرأة إلا بإذنها. وللمرأة بكرا أو ثيبا أن تزوج نفسها ممن تريد إذا بلغت رشدها. وإن كان من المستحسن أن تستأذن وليها في ذلك. في الطلاق: أما الطلاق الثلاث بفم واحد: فجعله عمر ثلاثا زجرا للناس. وبقى الأمر كذلك ثلاثة عشر قرنا ظهر فيها ما أحوج إلى العودة إلى الأمر الأول. والشيعة لم يقبلوا عمل عمر من بادئ الأمر. فالطلاق الثلاث في مجلس واحد يقع مرة واحدة. ولا حلف عندهم بالطلاق على عمل. وهذان إصلاحان أحدثتهما مصر في سنة 1929. - وهم يوجبون حضور شاهدين للطلاق، في حين لا يوجبون حضور شاهدين للزواج. فالزوجية تنشأ دون شهود. لكن الطلاق واجب له الشهود. والمتفقهة الآن من أهل السنة في مصر يستحسنون إيجاب حضور شاهدين للطلاق، بل هذا تعديل مطلوب في مشروع قانون للأحوال الشخصية. - وهم يمنعون طلاق المغضب. والمنهج والمنزعج. ويقررون أن الطلاق الذي أمر به الله ورسوله هو الذي يقع إذا حاضت المرأة وطهرت من حيضتها، فأشهد الرجل شاهدين عدلين قبل أن يجامعها على تطليقة. ثم هو أحق برجعتها ما لم تحض ثلاثا. فإن مضت ثلاثة قروء قبل أن يراجعها فهي أملك لنفسها. فإن أراد أن يخطبها مع الخطاب خطبها. فإن تزوجها كانت عنده. - وليس للمريض أن يطلق. وله أن يتزوج. فإن تزوج ودخل بها فجائز. وإن لم يدخل ومات بطل الزواج. ولا مهر ولا ميراث للزوجة. فلن لا حظ اليسر في الزواج عندهم. والتشدد في الطلاق. ورعاية المرأة. في كل حال. والحرص على الأسرة.
وعن خلاف الشيعة مع السنة على زواج المتعة يقول عبد الحليم الجندي: 5 - زواج المتعة: (إلى أجل معين): والشيعة يسمونه الزواج المؤقت. ويرجعونه إلى قوله تعالى: "فما استمتعتم به منهن فآتوهن أجورهن" (النساء 24). والمفسرون متفقون على أن جماعة من الصحابة العظماء أفتوا بإباحتها منهم ابن مسعود وأبى بن كعب وابن عباس وجابر بن عبد الله وعمران بن حصن. بل كانوا وهم يتلون الآية ينطقون بتفسيرها فيقرأون "فما استمعتم به منهن" (النساء 24) (إلى أجل مسمى). فالمشروعية ثابتة والعمل بها ثابت. وإنما يجزم أهل السنة بأنها أبيحت لدواعيها ثم نسخت بأحاديث جازمة. والشيعة لا يرونها أحاديث ثابتة. ويقولون إن الحلال القطعي الثبوت لا ينفيه تحريم غير قطعي. وهم يقولون إن المتعة سائغة في السفر لطلب العلم والتجارة والجهاد، فلقد كانت مشروعيتها للسفر وللجهاد. وإنه زواج عادى، لولا أنه إلى أجل. فالزوجة في زواج المتعة تعتد إذا انتهى الأجل، ككل طلاق. ولا بد من المهر. والابن من الزواج هو ابن عادى، له الميراث والنفقة. اما الزوجة فلا نفقة ولا ميراث لها، إلا إذا اشترطت. وليست النفقة من لوازم الزوجية، لناشز زوجة ولكنها بلا نفقة. ومن النساء من ترث وليست زوجة. كمن طلقت في مرض الموت ومات زوجها قبل مضى سنة. والثابت أن عمر أعلن تحريم المتعة إذ خطب الناس فقال (متعتان كانتا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى عهد أبى بكر. رضي الله عنه، وأنا انهى عنهما) وأنه حرمها وهو بصدد قضية لعمرو بن حريث ثم أطلق النهى. وأهل السنة يقررون أن نهى عمر عنها كان إعلانا لتحريم ثابت قبل ذلك. ولم تقبل الشيعة نهى عمر من بادئ الأمر بل قال علي (لولا نهى عمر عن المتعة ما زنى إلا شفا (قليل أو مشف على الهلكة) أو شقي). وثبت عن الإمام الصدق قوله (ثلاث لا أتقى فيهن أحدا متعة الحج ومتعة النساء والمسح على الخفين). ومن نوادر يحيى بن أكثم قاضي المأمون أنه سأل شيخا من أهل البصرة بمن اقتديت في جواز المتعة ؟ قال بعمر. قال كيف وكان من أشد الناس فيها؟ قال: إنه صعد المنبر فقال: أيها الناس. متعتان أحلهما الله ورسوله لكم. وأنا أحرمهما عليكم وأعاقب عليهما. فقبلنا شهادته ولم نقبل تحريمه.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat