التسول .. ظاهرة لجني الأموال أم حاجة ناتجة عن الفقر؟

تشكل ظاهرة التسول في العراق ظاهرة سلبية لاسيما في محافظتي كربلاء والنجف حيث يصبح هناك تشوه بصري أمام المراقد الدينية المقدسة، وتعود لأشخاص يمتهنون التسول لجني الأرباح الطائلة بسهولة ويسر دون حاجة وفقر، فيما يرجع مختصون استمرار هذه الظاهرة إلى عدة أسباب أبرزها الفقر

وكانت وزارة التخطيط العراقية قد كشفت في نيسان الماضي، عن أن نسبة الفقر في البلاد تبلغ 22 بالمائة، (أي ما يعادل نحو 10 ملايين نسمة) في بلد يربو عدد سكانه على 43 مليوناً.

أعداد ممتهني التسول في العراق
تعرب المواطنة أم أحمد من محافظة ميسان، عن استغرابها لما رأته عند زيارتها إلى محافظة كربلاء من كثرة المتسوّلين خصوصاً قرب مرقد الإمام الحسين وضريح الإمام العباس.

تقول أم أحمد، “تحدثت مع إحدى المتسوّلات الشابات للاستفسار عن سبب لجوئها إلى الاستجداء، لمساعدتها في حال أقنعت بظروفها، لكن المفاجأة أنها رفضت الإفصاح عن أي معلومات وابتعدت مسرعة، خشية كشف حقيقتها على ما اعتقد”.

تحوّلت من الطابع الإنساني إلى التجاري
وفي هذا السياق، يقول الناشط المدني، علي الخطيب، من محافظة النجف، إن “ظاهرة التسوّل تحوّلت من طابعها الإنساني إلى طابع تجاري مسيطر عليه من عصابات تستخدم الأطفال وذي الاحتياجات الخاصة وغيرهم لاستحصال الأموال”.

ويؤكد الخطيب أن “التسوّل مستهجن اجتماعياً لكثرة مضاره واستخداماته السيئة، حيث بات المتسوّلين يستخدمون لتجارة المخدرات والجرائم المختلفة، كما يستغلون أيضاً في جانب الاتجار بالأعضاء البشرية وغيرها”.

اياد خفيّة خلف التسول في العراق
من جهته، لا يستبعد أستاذ القانون الدولي، الدكتور حميد الهلالي، من محافظة كربلاء، “وجود أياد خفية تقف خلف ظاهرة التسوّل في ظل الأعداد الكبيرة لهم وبأعمار متنوّعة من الأطفال الصغار إلى المسنين الكبار، وتجد منهم السليم والمعاق، ينتشرون في الساحات والتقاطعات وعموم محافظة كربلاء”.

ويعزو الهلالي، انتشار ظاهرة التسوّل في كربلاء إلى “الهجرة غير المنتظمة إليها، فهي أكثر محافظة جاذبة للمتسوّلين لتوفر فرص العمل والزيارات الدينية فيها، فضلاً عن استغلالهم لغايات أخرى من قبل عصابات الجريمة المنظمة”.

إجراءات قانونية لردع التسول في العراق
بدوره، يؤكد مدير إعلام قيادة شرطة النجف، المقدم مفيد سالم محمد، أن “التسوّل يعد من الظواهر السلبية الخطيرة، وأعدادهم داخل محافظة النجف لا تختلف عن باقي المحافظات”.

ويضيف محمد ، أن “الأجهزة الأمنية تطبق الإجراءات القانونية بحق المخالفين حسب توجيه قائد شرطة المحافظة، اللواء محمد سامي مظلوم”.

وفي هذا الصدد، يقول مدير مكافحة الاتجار بالبشر، العميد مصطفى الياسري، إن “وزير الداخلية رئيس اللجنة المركزية لمكافحة الاتجار بالبشر، عبدالأمير الشمري، أوعز في آذار الماضي – عندما تحوّل قسم مكافحة الاتجار بالبشر من وكالة شؤون الشرطة إلى وكالة الاستخبارات لكون جريمة الاتجار بالبشر جريمة عابرة للوطنية – بإجراء حملة للقضاء على ظاهرة التسوّل التي تمس أمن المجتمع”.

ويضيف الياسري ، “وبناءً على ذلك، تم الشروع بالحملة بإسناد من مجلس القضاء الأعلى، للقضاء على هذه الظاهرة في أول يوم من شهر رمضان الماضي، وكانت الحصيلة 579 متسولاً في بغداد والمحافظات، وتم الحكم على أغلبهم بالحبس لمدة 3 أشهر وبغرامة مالية، وبعدها تم تنفيذ حملة أخرى في بغداد وبقية المحافظات أسفرت عن القبض على 350 متسولاً”.

ويشير، إلى أن “أغلب المتسوّلين يمتهنون التسوّل وليس عن حاجة، نظراً للأموال الكبيرة التي يحصلون عليها من الاستجداء، وهناك توجيهات بصرف رواتب اعانة من قبل وزارة العمل والشؤون الاجتماعية للمتسوّلين الفقراء المحتاجين فعلاً”.

ويوضح، أن “المتسوّلين الأجانب يدخلون أحياناً – في أوقات الزيارة – إلى محافظتي كربلاء والنجف، ويبقون في البلاد حتى بعد انتهائها، أما في بغداد فإن أعدادهم قليلة نظراً لوجود حملات مركزة عليهم، وتم الحد بنحو 70 بالمائة من حالات التسوّل، والحملة مستمرة”.

عقوبة التسول
يوضح الخبير القانوني، علي التميمي، عقوبة تجنيد الأطفال لأغراض التسول وقانون مكافحة الاتجار بالبشر بالقول: “يعاقب قانون العقوبات العراقي في المواد 390. 391. 392 منه بالحبس البسيط والغرامات على التسوّل أو الإيداع في دور الدولة في حالة التكرار”، منوهاً إلى أنه “عند التمعن في نص المواد أعلاه تجدها تجيز التسوّل لمن لا عمل له، هكذا يفهم النص”، مؤكداً “لست مع العقوبات، لكن عند إيجاد البدائل يمكن إيقاع العقاب”.

ويضيف أن “قانون الاتجار بالبشر 28 لسنة 2018، عاقب بالحبس إلى الإعدام والغرامات من 5 إلى 10 ملايين دينار على الاتجار بالبشر”، وأجاب على تساؤل: هل يمكن اعتبار تجنيد الصغار والاستجداء بهم للاتجار بالبشر؟، قائلاً: “اتفق مع ذلك لأنه تجارة بأدوات صغيرة غير قابلة لاتخاذ القرار، وهو قتل لمستقبلهم، وهذه لو طبقت لأنهت الكثير من مافيات التسوّل”.

ويشير إلى أن “قانون رعاية الأحداث العراقي 76 صدر عام 1983، وهو يحتاج إلى تعديل بهذا الجانب لمعالجة مشكلة الطفولة التي تحتضر في العراق”، لافتاً إلى أن “تطبيق قانون مكافحة الاتجار بالبشر يحتاج الى جهد استخباري عالي وتعاون مجتمعي وتفعيل البلاغات، ويحتاج إلى تعديل بهذا الجانب”.

المصدر: شفق نيوز


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2023/12/11



كتابة تعليق لموضوع : التسول .. ظاهرة لجني الأموال أم حاجة ناتجة عن الفقر؟
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net