أرْبعينيَّة اَلحُسين (ع): المعْنى والدَّلالة
د . محمد خضير الانباري
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
د . محمد خضير الانباري

تعدّ مسيرةُ الأربعينَ التي تعرفا بــــــ (المشاية) تظاهرةً إسلاميةً ينطلقُ خلالها الملايينُ منْ المسلمينَ في العشرينَ منْ شهرِ صفرِ الهجريِ في كلِ عام، صوبَ مدينةِ كربلاءَ المقدسةِ لزيارةِ الإمامْ الحسينْ (ع ) ، وأداءُ الطقوسِ الدينيةِ المفروضة، لقد، سميتْ بالأربعينَ لمرور أربعينَ يوما على استشهادِ الإمامْ الحسينْ (ع) بعدٌ معركةِ الطفْ الخالدة، معركةُ الكرامةِ والبطولةِ والدفاعِ عنْ الحقِ ضد جلاوزة الدولةُ الأمويةُ في مدينةِ الكوفةِ في العامِ 61 ه، وما ارتكبوهُ منْ مجازرَ بحقٍ آلَ بيتُ رسولِ اللهِ دونَ أيِ اعتبارِ منْ هو: ( الحسين، جده، أبيه، أمه، و. . .- رحمهمْ الله- جميعا ) . ورجوعَ عوائلِ الإمامْ الحسينْ (ع) منَ الشامُ إلى كربلاءَ بقيادةِ الإمامْ زينْ العابدين (ع) لتواسيَ شهيدها، ومنْ معه من الشهداءُ منْ حاملي رايةِ الإسلام.
بدأتْ زيارةَ الأربعين، التي تتكررُ كلَ عام، ويزدادَ جموعها، بتأثيرٍ روحيٍ وليسَ بشريا، إذ؛ تحولتْ هذهِ الشعيرةِ إلى تجمعٍ جماهيريٍ عالميٍ ذي بعدٌ إنساني، تلقى فيهِ الخطبُ والمواعظ بكلِ لغاتِ العالم، تدعوا إلى رفضِ الظلمِ والعبوديةِ والتحرر، والتحلي بالشجاعةِ منْ أجلِ إعادةِ الحقوقِ المغتصبة، وليسَ بالشعاراتِ الفارغة، التي تكتبُ بمعنى، وباطنها المخبأُ يحملُ معنى ثانيا، فهي، ليستْ مجردَ زيارةٍ دينيةٍ عاديةٍ لضريحِ سيدِ الشهداءِ (ع ) ، بل؛ استذكارا وقراءةٌ للمعاني والقيمِ التي حملها هذا الثائرِ الشهيدِ في طريقهِ إلى جنةِ الخلد، ورسالتهُ العالمية، رغمَ قلةٍ منْ ساندهُ في وقتها، بسبِ بطشِ ومغرياتِ السلطةِ الزائلةِ لبعضٍ منْ خانِ العهدِ والأمانة.
وصل عدد الذين يحي هذهِ الأربعينيةِ في بقاعِ الأرض، إلى ملايينِ البشرِ منْ محبي الحريةِ والتحرر، من خلال المشاركةَ الكبيرةَ لجموعِ الناسِ منْ المسلمينَ وغيرهم، لإحياءِ الزيارة، التي تؤكدَ على أنَ ثورةَ الحسين، تجاوزتْ مرحلة القضيةُ الدينيةُ إلى القضيةِ الإنسانية، التي يقاتلُ منْ أجلها أحرارَ العالمِ لتحقيقها منْ أجلِ إيجادِ نظامٍ عالمي عادلٍ يحمي البشريةَ منْ شرورِ الأعداء.
ما أحوجنا في هذه الأيام، لهذهِ المعاني والأفكار، لنزيلِ الظلمِ والمحسوبية، وتحقيقَ السلمِ والأمانِ لشعوبنا، بعدُ أنْ سيطرَ الأغرابُ على بلدانِنا بغطاءِ الديمقراطيةِ الكاذبِ المزيف. لقدْ طغى ظلمُ بعضِ الخارجينَ على القانونِ المدعومينَ بالمالِ والسلاحِ على شعوبنا، بمساعدةِ عددٍ منْ المنتفعين، رغمَ توجيهاتِ وتحذيراتِ الحكماءِ والعقلاء، ولكنَ المستمعينَ لهمْ همْ القلة.
إنَ خطب زيارةَ الأربعين، تحملُ العديدِ منْ المعاني ووسائلِ الدلالة، التي تشيرُ إلى اتباعِ الصراطِ المستقيم، والتحلي بالشجاعةِ عندَ الإقدامِ على عملِ خير، وإحقاقَ الحق، حتى ينتصرَ على الظلم، إنها صرخةٌ انطلقتْ منْ كربلاءَ العراق، وترددَ صداها في كلِ أنحاءِ المعمورة.
لمْ تعدْ المسيرةُ الأربعينيةُ ، مقتصرةً على المشيِ إلى كربلاءَ المقدسة، بل، أصبحتْ ظاهرةٌ عالميةٌ وإنسانيةٌ واجتماعيةٌ ودينيةٌ فريدةٌ في شكلها ومضمونها، للسيرِ في هذا اليومِ في غالبيةِ مدنِ العالم، للتعبيرِ عنْ رفضِ الظلمِ والطغيان ماأحوجكمْ يا أهلَ غزةِ الأبطالِ لمنْ يحملُ رايةَ الحسينْ أمامكمْ ويقودُ الجمعُ المؤمن. . .! ليتذكركمْ كلُ يوم، ويتلونَ على البشريةِ مضامينَ مسيرةَ الحسينْ (ع ) ، وكشفَ جرائمَ الكيانِ الصهيونيِ المغتصبِ لأرضِ فلسطينَ الحبيبة، وقدسها الشريفة. فقدْ قالَ الزعيمُ غاندي بعدَ عشراتٍ منْ القرونِ بعدَ استشهادِ الحسينْ (ع) : عندما يكون التمسكُ بالحقِ أقوى منْ الخوف، يصبح النصرُ حليفك.
نخْتم، مقالتنا، بِقوْلِ الله- سُبْحانه وتعالى- ( ولَا تَحسبَن اَلذِي قُتلوا فِي سبيل اَللَّه أمْواتًا بل أَحيَاء عِنْد رَبهِم يُرْزقون) . صدق اَللَّه العلي العظيم.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat