الشعائر الحسينية .. بين الاستثمار والتضييع
وليد المشرفاوي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
جاءت رسالة الإسلام العظيم امتدادا للرسالات الإلهية السابقة والى خط الأنبياء (ع) ووفق التصور الإبراهيمي للتوحيد الأصيل وستبقى إلى قيام الساعة بعد رسول الله(ص) بقيادة الأئمة الأطهار إلى ظهور الإمام المنتظر(عج) ليقيم حكومة العدل الإلهي على هذه المعمورة بعد أن تهدم وتفنى كل قلاع الظلم والاستبداد والديكتاتورية الحاكمة بالجور والاستعباد ويتم عدل الله سبحانه وتعالى وتشرق الأرض بنور ربها . لقد كان الرسول الأعظم (ص) يبلغ البشرية بما أمره الله به فكانت أطروحته الرسالية كاملة (هي الكتاب والسنة وتوجيهات الوحي المباشرة) فكان المنهج والقانون بإشراف الرسول (ص) , فهو القائد والموجه والمبلغ أمانة الله في الأرض , فكان المجتمع المثالي مجتمع المدينة حيث أشيع العدل والمساواة والحرية , وفكت الأغلال عن رقاب المحرومين والمظلومين , ودخلت السعادة الروحية والمعنوية إلى النفوس المكبوتة بالجور والعنت. وعندما اقترب رحيل منقذ البشرية من هذه الدنيا أمر بإكمال الدين بولاية علي بن أبي طالب (ع) والأئمة من ولده فكبر على المشركين والمتكبرين والطغاة الرضوخ لهذا الأمر , فجمعوا كيدهم وقعدوا له في المرصاد واعدوا عدتهم , ومجرد أن غابت عين الرسول (ص) نقض العهد ونحي علي(ع) جانبا وقامت المؤامرات وعاد التحارب في ساحة الإسلام من جديد كسابقته في أول نشره , ولكن الأولى كانت حربا على التنزيل والثانية حرب على التأويل, وكانت كارثة كبيرة راح ضحيتها أول فدائي بالإسلام الصديق الأكبر علي بن أبي طالب (ع) ثم تلاه الحسن (ع) ثم جاءت فاجعة ألطف والمصيبة الراتبة في مقتل الحسين(ع) وأهل بيته وصحبه الكرام , وسبيت عياله فكانت حوادث مرة لا تصدق وذهب القائمين عليها بعيدا .....مما يدل على هدفها وحسب التخطيط التآمري المرسوم لها القضاء على الإصلاح في الإسلام وخط علي (ع) الذي هو منهج الإسلام الأصيل , ثم بعد ذلك القضاء على الإسلام نهائيا , ولكن الله تعالى تعهد بحفظ دينه( نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون) فكان دم الحسين (ع) هو دم إسماعيل (ع) الذي لا تثبت الكعبة إلا به وكذلك الإسلام , فجرى ما جرى لمحو الدين وأهله ولكن مدرسة أهل البيت وتعاقب الأئمة , أعطوا لهذه الفاجعة وإحيائها الدور الفاعل في نصرة الدين وتثبيته , وجعلها من شعائر الإسلام العظيم , حيث يتفاعل معها أتباعهم ومحبيهم , وذلك بإحياء المجالس الحسينية وزيارة الأئمة ذات التحشيد الجماهيري الغفير النابض بالحيوية والانفعال الايجابي , المهم لدفع سيرة الإسلام إلى الأمام خدمة لأهداف متعددة الجوانب والمحاور , ولقد صمم الأئمة هذه الفعالية وخططوا لها الشكل والمضمون , لكي تؤدي دورها وبما ينسجم مع الواقع وحياة الأمة بالقيم والمبادئ , وأدت إلى حفظ الإسلام من مخاطر الانحراف.وكما يقول شهيد المحراب (قدس)((إن الشعائر الحسينية لها دور مكمل لثورة الحسين(ع) )). إن للشعائر الحسينية اثر بالغ في المحافظة على الحدث حيا من ناحية الخلفيات والأسباب والنتائج , وهي كأطروحة إلهية تحفظ الإسلام من الضياع , وتحرك ضمير الأمة , وترفع وعيها الثقافي , والتعمق في معرفة أسرار كربلاء وما جرى فيها لأهل بيت العصمة (ع) , كما أنها تصنع موقف لدى الجماهير من الحكام الجائرين واستنكار حكمهم وظلمهم وتصرفاتهم , كما أنها تقوي أواصر الإخوة والمحبة بين جماهير الحسين , التي تمارس الشعائر الحسينية , وطبيعي كلما كانت الشعائر في الإطار الصحيح تحققت الأهداف المرجوة منها , فهي كأي عبادة أخرى حين تمارس على النهج السليم تأتي ثمارها جيدة وممتازة وعلى العكس حين تكون شأن أخر.لذا يجب أن لاتكون سببا في هتك حرمة الإسلام , وتشويه الرؤية السليمة له, أو تشويه مذهب أهل البيت (ع) حينما تكون غير منسجمة مع أهدافهم ورغباتهم. نعم توجد ممارسات ينفر منها الذوق السليم , والتي لايوجد لها تفسير منطقي ينسجم مع الفطرة الإنسانية , لأنها لاتعبر إلا عن انفعالات صاخبة وعواطف هوجاء وتصورات لاتستند إلى أمر شرعي,طبعا هذه الممارسات يقوم بها نفر قليل , إذا ما قيست إلى جماهير الشعائر الحسينية , وقد تصدر الممارسات غير المنضبطة من الناس البسطاء وقد يستنكرها البعض بقلوبهم , حيث لم يسمع كلامهم , والبعض الأخر يرى فيها وسيلة لتجمع الناس , كما أنهم يقولون لايوجد من قال بحرمتها , لكن يبقى شئ بالنسبة لفائدتها هل هي مضرة أم إن فائدتها اقل من ضررها لذا قالوا أنها شبه بدعة . ونقول إن هؤلاء البسطاء لهم حقهم علينا ويجب أن نوجههم ونرشدهم ونعقد لهم الندوات واللقاءات والنصح النابع من القلب , لا أن نقرعهم ونذمهم أو نستهزئ بهم (لاسامح الله) ونوجه لهم الكلام اللاذع الذي يجدد بأنفسهم التحدي لإقرار ممارساتهم أو نكران مواقفهم السابقة التي قاموا بها سابقا ضد الطاغوت ألبعثي الكافر حيث كانوا يوم من الأيام جبهة مضادة ومعادية وبكل شراسة للعفالقة المجرمين . إن اللطم والتماثيل والتشابيه وحرق الخيم , هي أعمال تحفز الروح الإسلامية ضد بني أمية وأعوانهم والسائرين على نهجهم على طول التاريخ , وتدفع الناس للعمل بإخلاص وانتظار الحجة بن الحسن (عج) للأخذ بثار الحسين (ع) وأصحابه وتغيير منهج العالم المنحرف في الحياة إلى نهج الله ورسوله ونهج أهل البيت(ع) الذي هو الطريق المستقيم .
قناتنا على التلغرام :
https://t.me/kitabat
وليد المشرفاوي

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat