ذكر القرآن والمصطفى في كتاب زيارة الأربعين للمؤلف تاج الدين (ح 5)
د . فاضل حسن شريف
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
د . فاضل حسن شريف

جاء في کتاب النور المبين في شرح زيارة الأربعين للمؤلف مهدي تاج الدين عن اَلسَّلامُ عَلىٰ خَليلِ اللهِ وَنَجيبِهِ: وأما معنى الخليل فهو من الخُلّة بالضم وهي المودّة المتناهية في الاخلاص والصداقة كما في المنجد مادة (خل) والدليل على كون الإمام الحسين عليه السلام خليل الله قوله تعالى "وَاتَّخَذَ اللَّـهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا" (النساء 125) ولا يخفى أن إبراهيم الخليل عليه السلام ما ألبسه الله تاج الخلّة إلّا لكونه من شيعة أمير المؤمنين كما قال "وَإِنَّ مِن شِيعَتِهِ لَإِبْرَاهِيمَ" (الصافات 83) وكفاه ذلك فخراً وشرفا، وروي عن الإمام الصادق عليه السلام في قوله "وَإِنَّ مِن شِيعَتِهِ لَإِبْرَاهِيمَ" (الصافات 83) أي إن إبراهيم عليه السلام من شيعة علي عليه السلام ويؤيّد هذا ما رواه السيد شرف الدين الاسترآبادي من علماء القرن العاشر في كتابه تأويل الآيات الظاهرة ص 484 عن أبي بصير قال: سأل جابر بن يزيد الجعفي من الإمام الصادق عليه السلام عن تفسير هذه الآية فقال : إن الله سبحانه لما خلق إبراهيم كشف له عن بصره فنظر فرأى نوراً إلى جنب العرش فقال: إلهي ما هذا النور؟ فقيل له: هذا نور محمد صلى الله عليه وآله وسلم صفوتي من خلقي ، ورأى نوراً إلى جنبيه، فقال: إلهي وما هذا النور؟ فقيل له: هذا نور علي بن أبي طالب ناصر ديني ، ورأى إلى جنبهم ثلاثة أنوار فقال: إلهي وما هذه الأنوار؟ فقيل له: هذا نور فاطمة فطمت محبيها من النار، ونور ولديها الحسن والحسين عليهما السلام، فقال: إلهي وأرى تسعة أنوار قد احدقوا بهم، قيل: يا إبراهيم هؤلاء الأئمة من ولد عليّ وفاطمة فقال إبراهيم: بحق هؤلاء الخمسة إلّا عرفتني مَن التسعة؟ قيل: يا إبراهيم أولهم علي بن الحسين وابنه محمد وابنه جعفر وابنه موسى وابنه علي وابنه محمد وابنه علي وابنه الحسن والحجة القائم عجل الله فرجه ابنه، فقال إبراهيم : إلهي وسيدي أرى أنواراً قد احدقوا بهم لا يحصى عددهم إلّا أنت قيل: يا إبراهيم هؤلاء شيعتهم شيعة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام ، فقال إبراهيم: وبما تعرف شيعته؟ قال: بصلاة إحدى وخمسين والجهر ببسم الله الرحمن الرحيم، والقنوت قبل الركوع والتختم في اليمين، فعند ذلك قال إبراهيم: اللهم اجعلني من شيعة أمير المؤمنين، قال: فاخبر الله تعالى في كتابه فقال "وَإِنَّ مِن شِيعَتِهِ لَإِبْرَاهِيمَ" (الصافات 83). ثم إن الخُلّة مقام فوق مقام الرسالة فليس كُلّ رسول يصل إلى مستوى أن يكون خليلاً لله تعالى وإبراهيم خرج من كل الامتحانات بنجاح ولم يصدر منه حتى ما يسمى بترك الأولى على ما يبدوا من قوله تعالى "وَإِذِ ابْتَلَىٰ إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنّ" (البقرة 124) وفي الأخبار ان الله اتخذ إبراهيم عبداً قبل أن يتخذه نبياً ونبيّاً قبل أن يتخذه رسولاً ورسولاً قبل أن يتخذه خليلاً وخليلاً قبل أن يتخذه إماماً فلما جمع له هذه الأشياء، "قال إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا" (البقرة 124) وهذا يدل على أن الخُلّة أرفع من مقام الرسالة وقد اتصف بها أبو عبد الله الحسين عليه السلام في هذه الزيارة حيث يقول الإمام الصادق عليه السلام : اَلسَّلٰامُ عَلىٰ خَليلِ اللهِ وَنَجيبِهِ.
وعن الاصطفاء يقول مؤلف الكتاب مهدي تاج الدين: ويكيفك في بيان اصطفاء نور الحسين عليه السلام وأنوار محمد وآله صلى الله عليه وآله وسلم ما رواه في(رياض الجنان) عن جابر بن عبد الله قال: قلت لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أول شيء خلقه الله ما هو؟ فقال: (نور نبيك يا جابر خلقه الله ، ثم خلق منه كل خير، ثم أقامه بين يديه في مقام القرب ما شاء الله تعالى، ثم جعله أقساماً: فخلق العرش من قسم، والكرسي من قسم، وحملة العرش وخزنة الكرسي من قسم، وأقام القسم الرابع في مقام الحبّ ما شاء الله، ثم جعله أقساماً، فخلق القلم من قسم، واللوح من قسم، والجنة من قسم، وأقام القسم الرابع في مقام الخوف ما شاء الله، ثم جعله أجزاء: فخلق الملائكة من جزء والشمس من جزء والقمر من جزء والكواكب من جزء، وأقام القسم الرابع في مقام الرجاء ما شاء الله ثم جعله أجزاء: فجعل العقل من جزء والعلم والحلم والعصمة والتوفيق من جزء، وأقام القسم الرابع في مقام الحياء ما شاء الله، ثم نظر إليه بعين الهيبة، فرشح ذلك النور وقطر منه مائة ألف قطرة وأربعة وعشرين ألف قطرة، فخلق الله من كل قطرة روح نبي ورسول، ثم تنفست أرواح الأنبياء فخلق الله من أنفاسها أرواح الأولياء والشهداء والصالحين). ونظير هذا الحديث كثير كما في البحار، فإذا تأملنا في هذا الحديث الشريف يتضح لنا صفاء نور الإمام الحسين عليه السلام وأهل بيت النبوة بالنسبة إلى سائر الأنوار لأن نورهم واحد، وإلى ذلك أشار الإمام الصادق عليه السلام في هذه الزيارة: (اَلسَّلامُ عَلىٰ صَفِيِّ اللهِ وَابْنِ صَفِيِّهِ).
وعن اَلسَّلامُ عَلىَ الْحُسَيْنِ الْمَظْلُومِ الشَّهيدِ يقول مهدي تاج الدين: من هو الإمام الحسين عليه السلام؟ الحسين عليه السلام هو أشرف إنسان في الدنيا من حيث النسب فهو الإمام ابن الإمام أخو الإمام أبو الأئمة صلوات الله عليهم أجمعين. أبوه الإمام أمير المؤمنين علي بن أبيطالب عليه السلام، أخوه الإمام الحسن الزكي عليه السلام سيد شباب أهل الجنة، وابنه الإمام علي السجاد زين العابدين عليه السلام ومن ذريته ثمانية أئمة معصومين: أما أُمه فهي فاطمة الزهراء عليها السلام بنت محمد المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم سيدة نساء العالمين، وجده لأبيه هو شيخ البطحاء وكافل رسول الله وناصر الإسلام أبو طالب عليه السلام. وأما جده لأُمه فهو خاتم الأنبياء والمرسلين وحبيب إله العالمين محمد بن عبد الله صلى الله عليه وآله وسلم. هذا نسب الإمام الحسين عليه السلام فأي إنسان في العالم جمع نسباً شريفاً كهذا النسب الشريف. أضف إلى هذا النسب الشريف مقامه الراقي عند الله تعالى ومنزلته العليا في الإسلام فهو عليه السلام: أولاً: ثالث أئمة أهل البيت الاثني عشر الذين عناهم الله تعالى بقوله "وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْرَاتِ وَإِقَامَ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءَ الزَّكَاةِ وَكَانُوا لَنَا عَابِدِينَ" (الانبياء 73)، وثالث أُولي الأمر الذين أمرنا الله تعالى باطاعتهم فقال "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّـهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنكُمْ" (النساء 59) وفي إمامته وإمامة أخيه الحسن نص نبوي متواتر وهو قوله صلى الله عليه وآله وسلم: (الحسن والحسين إمامان قاما أو قعدا). ثانيا: فهو عليه السلام أحد أهل البيت الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيراً كما هو صريح اية التطهير. أي أنه عليه السلام خامس المعصومين الأربعة عشر: محمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين والأئمة التسعة من ذرية الحسين صلوات الله عليهم أجمعين. ثالثاً: هو عليه السلام أحد العترة الذين قرنهم رسول الله بكتاب الله العزيز وأحد الثقلين اللذين خلفهما في هذه الاُمة حيث قال إني مخلف فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي. رابعاً: انه عليه السلام أحد الأربعة الذين باهل بهم النبي صلى الله عليه وآله وسلم نصارى نجران وهو أحد المعنيين بقوله تعالى "وأبنائنا وأبنائكم" (ال عمران 61). وهكذا إلى غير ذلك مما لا يسع المقام إحصائه من فضائله ومناقبه عليه السلام.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat