صفحة الكاتب : بكر ابوبكر

الشباب والانخراط بالسياسة
بكر ابوبكر

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

الشعب الفلسطيني صاحب هذه الأرض العربية أرض فلسطين شعب مسيّس، مسيّس في الوطن وفي خارجه.

وفي الوطن تخصيصًا فكل حياته منذ ولادته متوقفة على قرار سياسي! غالبًا ما يكون من المحتل الغاشم الذي يستطيع أن يقلب حياته رأسا على عقب بجرة قلم، أو بصرخة عضو كنيست فاشي، أو بطلقة مسدس من إرهابي يرديك او اخيك قتيلًا، أو بقذيفة ملعونة من جيش الاحتلال تحطم بيته فوق راسه.

والاحتلال الى ذلك يستطيع أن يغير طبيعة الأرض التي يعيش عليها العربي الفلسطيني من شوارع أو مباني أو أشجار دون إذن من صاحب الأرض. ولا حول ولا قوة له (أي صاحب الأرض) مما هو شأن الاحتلال المسيطر على البلاد والعباد يذيقهم الويلات ويمارس ضدهم الحرب اليومية والسرقة وعملية الفصل العنصري والأبارتهايد.

لذا فكل أمور الفلسطيني حتى الأكل والشرب والنَفَس، والحركة مهما صغرت خاضعة للسياسة وخاصة السياسة الإسرائيلية العنيفة، وخاضعة لمنطق ضرورة الثبات والرباط والصبر والصمود وبالتالي الثورة والمقاومة.

لا يحتاج الشاب الفلسطيني لأن يتم تحفيزه أوحثه على مقاومة المحتل فعوامل الحثّ والتحريض والتحفيز تأتي من ذات المحتل نفسه يوميًا. حيث يقوم الاحتلال بإلهاب مشاعر العداء له بأفعاله القبيحة، ويقوم هو بتحريض الشباب (بل بالحقيقة وكأنه يستجديه) على مقاومته بانتهاكاته اللانسانية.

وكيف لا والشاب يتم اعتقاله صغيرًا ليتعرض لكل الممارسات العدوانية ضده في المعتقل. أووهو يرى أخاه أو أباه، أو أخته تعتقل أو لربما تقتل أمام عينيه....ويرى بيته من (تحويشة العمر) يهدم، فلا يوجد شاب فلسطيني اليوم لم يتعرض لاعتداء من جيش الاحتلال أو من عصابات المستعمرين الإرهابيين بشكل مباشر، أو بشكل غير مباشر، لذا فالعربي الفلسطيني مسيّس بطبعه.

الإجراءات اليومية (العدوانية الروتينية) التي يقوم بها الإسرائيلي في قطاع غزة، أو في الضفة الغربية (ومثلها وإن بشكل آخر بالداخل، أوضد الفلسطينيين أيضًا بالخارج) من قتل أو حصار أو تضييقات لا تنتهي وهي موكل اليها أن تجلب الثورة الشعبية والمقاومة للاحتلال. ويقع على عاتق هذه الإجراءات أن تنشيء جيلًا متمردًا سيكون أكثر عنفًا وقسوة مما سبقه، فلكل فعل رد فعل وقد لا تتتساوى القوى، ولكن ردة الفعل قد تكون كامنة وعندما تجد فرصتها تثور بما لا يتوقعه المحتل المطبق على الصدور والكاتم للأنفاس.

السياسة لدى الطالب أو الشاب الفلسطيني تبدأ مع صحوِه صباحًا وهو يترقب ويحسب ويتوجس من الذهاب الى مدرسته أو جامعته! فلا الطريق آمن ولا المدرسة أو الجامعة آمنة! ولا حياته بمأمن بالطبع، ولا الشارع متاح الحركة فيه كما حالة أي انسان عادي غير فلسطيني في بلده، لأن عشرات الحواجز الدائمة بالضفة الغربية التي تقسم الأرض وتحمي المستعمرين تقوم بعملها التحريضي اليومي كما تقوم به المجندات والمجندون فاقدو الانسانية، وعصابات المستعمرين المنظمة بما يمارسونه من اعتداءات متكررة (يرونها روتينية، بل ويتعاملون مع الاعتداءات والقتل كنزهة تحت رعاية قوات الجيش) بالشوارع وضد الحجر والبشر والبهائم وضد الأشجار. لذا فالطالب والشاب الفلسطيني يحقق ثورته الداخلية المتنامية ليس من أدبيات أو كتب أوتصريحات أوممارسات الفصائل الفلسطينية أساسًا، بقدر ما يحصل على ثورته من أعمال الاحتلال العدوانية.

لا يستطيع الطالب عندما يصحو من نومه أن يتيقن بامكانية أن يصل الى مدرسته أو جامعته سليمًا أبدًا (نفسيًا او جسديًا) أو أحد أصدقائه. كما أن المدارس أو الجامعات بذاتها (كما كل بقعة في فلسطين) ليست محصنة من اعتداءات الاحتلال، وقِس على ذلك كافة مناحي الحياة الاخرى. لذا فالشاب الفلسطيني متفرد عن كل شباب الدنيا قاطبة، إنه مسيس منذ الولادة.

السياسة لدى الشباب العربي الفلسطيني لها 3 أشكال للمارسة الأول أنه يمارس السياسة بمعنى الكفاح والمقاومة الميدانية سواء برفض الاحتلال بالحجر أو رفع الصوت أو التظاهر أو تحدى اعتداءاته أو بالصمود الراسخ على الأرض، وفي جامعته وكل نشاطاتها، وهو يمارس السياسة ثانيًا بالانتماء لفصيل هنا أو فصيل هناك فيكتسب الى تحريض الاحتلال أداة قياس وأساليب تعامل وثقافة جديدة وفكر يركز ويثبت الهدف السياسي الذي يجب ألا يحيد عن الايمان المطلق بعدالة القضية وحقنا  الأبدي على المستوى التاريخي والديني والقانوني والسياسي ومن هنا تنشأ الرغبة لدى الشاب بالاستزادة فمزيد من الفهم يعني مزيد من العمل لتحقيق الفهم.

أما ثالثًا فإن الانخراط بالسياسة لدى الشباب يُفهم عمليًا بالممارسة وليست بالبعد الثقافي النظري فقط، ويتم ذلك من بوابة المدرسة أو الجامعة أساسًا والانتماء للفصائل على قاعدة الانتماء والالتزام والانخراط بالفعل الطلابي أو خدمة الجماهير والمقاومة الشعبية، وفي الحياة السياسية العامة من بوابة المشاركة بالجهد الطوعي، والمشاركة بالوقت والمشاركة بالقرار، وإلا فلا.

يعود الفضل الأكبر لتنامي وعي الشباب وانخراطهم بالسياسة والعمل الميداني الى ممارسات الاحتلال الصهيوني أولًا ثم الى تجارب الشباب ومحيطهم القريب الذي يغذي الى ما سبق فعل تكاثف الرفض للصمت أوالضعف. أو الاعتراف بالهزيمة التي تأتي أعمال الاحتلال لتحقيقها فترتد الى نحره بالحقيقة. ويظل طموح الشبل او الطالب مرتبطًا بعقل أبوإياد  الرفضوي الصارم، أو بإقدام أبوجهاد أو حراكية وكاريزما الخالد ياسر عرفات او تنظير خالد الحسن، فلا يتوه من أيهم اقتبس، أو على درب من سبقهم من الأصدقاء.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


بكر ابوبكر
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2023/08/30



كتابة تعليق لموضوع : الشباب والانخراط بالسياسة
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net